قياسا إلى ما ينسب إلى الفترات التاريخية من أحداث ، يمكن القول
بدأت الألفية الثالثة بتكثيف محاولات إيقاظ وعي منطقتنا العربية ، خاصة بعد احداث سبتمبر 2001 ، وما نتج عنها من تهديد لكياننا بل لوجودنا وديننا ، وأيضا للسلام العالمي .
فهل ستنجح محاولات إيقاظ الوعي وتتغلب القوى الفاعلة على قوى التمسك بالجمود التي لا تعلم غيره فثبتت عنده ، أو لتحقيق مصالحها الآنية تحت مسمى الاستقرارالذي يريح من عناء الفعل والمجاهدة للحاق بالعالم المتقدم فيؤدي إلى الموت أوالتهميش للشعوب المستكينة ، في حين لا يبالي حكامنا طالما عاشوا كما يريدون ولوعلى حساب السواد الأعظم من الجماهير، لذا فقد ظهر من بيننا جماعات تتخذ العنف سبيلا حاسبة أن هذا يرضى عنه الله بما فيه من إراقة دماء أبرياء دون جريرة ولا تملك حولا ولا قوة ، كما ظهرت أيضا جماعات معارضة سلمية لا تجد مقابلا سوى الإضطهادات والإعتقالات والمطاردات من جانب النظم الحاكمة .
فكان الجزاء عادلا فيما نعيشه حكاما ومحكومين من إذلال واستغلال وفرض الوصاية بل وإبادة الضار منا بالمسيطر .
ولكن ماذا بعد أن إهتز الجمود ووجدنا طوفانا يغمرنا وأصبح الاضرار بنا واقعا حتما حتى ولو تداركنا بعض مواقفنا كمحاولة لتقليل نسبة الاضرار هذا على الجانب الآني أما الجانب التاريخي .
فقد قام أسلافنا قبلا بالعديد من المحاولات على مدى التاريخ الإسلامي كله للخروج من هذا الهوان سواء الداخلي أو الخارجي الذي عاشوه بصورة مطردة ولم يفلحوا .
فهل يمكن أن نفلح نحن في إعادة النظر إلى منظومتنا الفكرية وخاصة ونحن في عصر المعلومات .
ومؤخرا وصلتنا رسالة تهنئة في يونية 2003 بمناسبة إعادة إفتتاح مركز ابن خلدون من كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة يقول فيها "....ولكن التاريخ يخبرنا بأنه في بعض الأحيان يمكن فقط للرؤى الراديكالية جدا أن تتخطى العوائق القائمة أمام التحول السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، ... لقد آن الاوان للعالم العربي لكي يمتلك مثل هذه الرؤية ويحولها إلى واقع ، وأن الأمم المتحدة سوف تستمر في كونها شريكا لصيقا من أجل هذا الهدف ، ...وفي روح هذه الشراكة أرجو أن تتقبلوا أصدق أمنياتي بالنجاح في عملكم" .
والرؤية الراديكالية تعني النابعة من جذور المجتمع وتكون فطرية وأصيلة ، وثورية على الأخطاء التي تعيق المسار .
فهل هذه الصفات تنطبق على ما يسمى بالراديكالية الإسلامية ( الحركات الراديكالية ) ؟ .
الحقيقة أن هذه الحركات في حالة ارتباك عملي ، نابع من اللامنظومة الفكرية الإسلامية ، والناتجة عن التفاسير المتعددة والتي تصل إلى حد التضاد لأساس معتقدهم والذي هو دعامة الحركة على أرض الواقع ، لذا فقد أضاف إليها جدا " بمعنى موغلة في الأصالة والفطرية " أكثر صحة ، حتى تتعرف على الأخطاء التي تثور عليها .
ولأنه لايعرف مجرد شكل هذه الرؤية ونحن أيضا لذا أهملنا هذه الرسالة ولم يتطرق إليها أحد .
وكوفي عنان لم يقدم اختراعا ولكنه جاء بقول من يستقرؤون التاريخ لمثل ما نحن فيه من تردي ، وهو يعلم كما يعلم كل علماء الاجتماع "أن الأمم لا تتطور إلا بأحد وسيلتين" ، فرعية أو أصلية ، الفرعية هى العدوى من الجيران المحيطين بنا ، وهذه لم تفلح بسبب كبت الحريات الذي نعيشه ، ولأن جيراننا مغايرين عنا منهجيا فلا يمكن التمثل بأحدهم إلا بالانسلاخ عن خصوصياتنا والتي يتمسك بها الأكثرية منا - رغم مفاهيمنا الخاطئة لها وبالتالي تطبيقاتنا مما أوجد الارتباك والفوضى التي نعيشها ، وحسب قول ارسطو " إذا وقع الناس في فوضى الفهم وقعوا في فوضى السلوك "- لأن منهم ( جيراننا ) من يأخذ بالمنهج الصورهج الصوري ويأخذ الموضوعات فئويا كل منها على حدة ، ولكنه لجأ إلى الأخذ بأقصي مستويات التجريد حتى تصبح القوانين أكثر شمولا والذي لا نعرفه إلا في إطار التلفيق والترقيع " التأويل " ، ومنهم من لا يأخذ أي موضوع إلا في سياقه العام ، ويقدم اختراعاته بالتجارب المعاشة حياتيا ، ولكن نحن نريد البناء على تربة غير متماسكة وغير مخططة ، ومن غير أن نقيم عليها أعمدة كقاعدة للبناء ، ودون تحديد أولويات . وعليه فبنائاتنا تقام ولا تقوى على الصمود فتنهار دائما ، ونأخذ الأمور بإرتجالية في المجالات العامة ، وتحقيق المصالح الشخصية على حساب مجتمعاتنا ، ويوجد لدينا فصل بين القرارات السياسية والتي تعني إدارة صراع القيم والمجتمع العلمي إلا للحفاظ على كراسي السلطة ،ولا يوجد ربط بين التعليم وسوق العمل فتفشت البطالة ، ونأخذ بالتقليد عن أسلافنا الذين رحلوا منذ أكثر من ألف عام والمشكلة العويصة أننا لم نستطع الإتفاق على الطريق الذي يجب أن نسير فيه كأيديولوجيا ،علاوة على أن جيراننا هؤلاء منهم من فصل الدين عن الدولة " الغرب " ، ومنهم من نعتبره وثنيا مثل شعوب شرق أسيا ، ومنهم من لا يؤمن بالله مثل البلاد الشيوعية ، ورغما من أن هؤلاء الجيران متقدمون إلا أنهم اصيبوا بأمراض مجتمعية خطيرة من تفسخ للقيم وعدم الإلتزام الاجتماعي ، وضعف الانتماء ، ولن نرضى بهذا ثمنا لتقدمنا .
وخلاصة القول أننا أمة لها خصوصيتها الجذرية والتي تغافلنا عن مفاهيمها الصحيحة ، لذا نتجت الفوضوية والتي يكرسها حكامنا ، ولا يمكن للحياة أن تتجزأ .
أما الوسيلة الثانية " الأصلية " والأهم للتطورفتتمثل في الإكتشافات وهي ما تقدم به غيرنا ، فكوفي عنان يدعونا إلى إكتشاف ، ورغما من أن الاكتشاف الذي يدعونا إليه موجود بيننا إلا أن الجمود الذي نعيشة يجعلنا نتغافل متجاهلين آية اكتشافات تظهر لنا ونعمل جاهدين على وأدها لتموت بإبعادها عن وسائل إعلامنا المملوكة للمستفيدين من هذا الجمود حتى لا تحظي بقبول إجتماعي والذي هو شرط أساسي لتحقيقها ، وتظهرالإكتشافات لتموت ، أو يخرج بها أصحابها من مجتمعاتنا لتخدم الآخرين .
ولكي نتعرف على هذه الرؤية الجذرية والفطرية الأصيلة والثورية على أخطاء الواقع ، والتي هى السبيل الوحيد كما يخبرنا التاريخ لإخراجنا مما نحن فيه من هوان ، لابد وأن تكون نابعة من خصوصياتنا لا الفوضوية ولكن الجذرية وهذا لن يتأتى إلا من خلال مرجعيتنا الأساسية والتي تعتبر أعز ما نملك ممثلة في القرآن الكريم "خصوصياتنا " بفهم صحيح ، والذي نجد فيه قول المولى عز وجل " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " .
وهذا يوجب أن نغير ما بأنفسنا حتى يغير الله ما بنا ، ولكن كيف نبدأ ؟ ، وما الذي بأنفسنا يحتاج إلى تغيير؟ ، ونحن شعوب مؤمنه ونؤدي مناسك عبادتنا وما زلنا أحسن كثيرا من الآخرين في مجال الإيمان والالتزام الاجتماعي .
وهذا يجعلنا نبحث عن مدخل للنظر إلى مشكلاتنا ليس بصورة جزئية كما إعتدنا ولكن بصورة كلية تجعلنا قادرين على أن نغير ما بأنفسنا ، مما يعني الاصلاح الشامل .
لذا وجب علينا أن نبحث عن ذلك من خلال مرجعيتنا بروح العصر من مناهج علمية .
وهذا ما أود التأكيد عليه حتى لا تكون لدى أحد حجة منطقية يمكن التعلل بها للخروج عن السواد الأعظم منا عسانا نجد ما نبحث عنه .
اجمالي القراءات
14378
لقد أصبت كبد الحقيقة.. لن ينصلح حالنا إلا بالقرآن فقط ولن يصلحنا إلا القرآن .. مهما تعددت الطرق للوصول لهذا الأصلاح من غربية وشرقية.. الخ أو حتى موزمبيقية.. أى أننا نحاول بعيدا والحل بين أيدينا
لقد صدقت أيضا بذكر آلية التغيير المذكورة فى قوله تعالى " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " .
أى لن تفلح أى محاولات للتغيير تكون فوقية وسيكون مصيرها للفشل الكبير كما يحدث لنا بإستمرار ..
فلابد لنل أن نغير ما بانفسنا .. أى أنه طبفا للقرآن فإن المشكلة هى فينا فى الأساس وليس فى باقى العالم فلابد من تغيير ما فى انفسنا من حقد وكراهية وتعصب وتطرف وكذب ونفاق إلى النقيض .. فى هذه الحالة سيتم التغيير بتوفيق الله سبحانه وتعالى