ضد التعذيب من زمان

الثلاثاء ٢١ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
من أروع ما قرأته لك هو مقالان ضد التعذيب فى موقع (اهل القرآن ) . كنت أتمنى أن تنشر مثل هذا وأنت فى مصر مهما كلفك الأمر . لماذا لم تهاجم التعذيب وانت فى مصر ؟ طبعا عذرك مقبول ، ولكن أتمنى لو تجيب سؤالى بصدق فى ضوء ما أعرفه عنك من جرأة ..
آحمد صبحي منصور :
أخى العزيز
كتبت ضد التعذيب فى مقالات منشورة فى الأحرار ، منها هذا المقال الذى نشرته الأحرار فى عام 1992 على ما أذكر ، وهو تحت عنوان ( ولقد كرمنابنى آدم ) قلت فيه : ( ركب سيارته نصف النقل وانطلق بها إلي إحدى محافظات الصعيد ، استوقفه الأمن الذي كان يحاصر المنطقة بسبب حادث إرهابي ، ولأنه كان ملتحيا ولأن الأعصاب كانت مشدودة فقد قبضوا عليه ، ومرت عليه عدة أيام لم تعلم عنه أسرته شيئا ، بينما كان هو تحت الاستجواب والتعذيب حتى تأكدوا من أنه لا غبار عليه وأطلقوا سراحه ، ولكنه خرج شخصا أخر بالتأكيد ، أصبح مشروعا إرهابيا يمشي علي قدميه ولن يمر وقت طويل حتى تحتل صورته الصفحة الأولي في الجرائد..
لقد مللنا من التنبيه علي خطورة التعذيب ولم تتوان المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، التي أتشرف بالانتماء إليها من الدعوة بصيانة حقوق الإنسان المصري داخل السجون وخارجها . ومع ذلك فإن التعذيب قائم علي قدم وساق . وبرغم التأكيدات الرسمية فإن قضاء مصر الشجاع قد أهدر اعترافات المتهمين في قضية المحجوب لأنها صدرت عن إكراه ، وقد أصبح الأمر محتاجا إلي وقفة جريئة لأن الخطر أصبح يتناول الجميع ولأن الانتقام المتبادل بين الشرطة والجماعات دخل مرحلة خطيرة أصبح فيها الشباب يفجر نفسه في سبيل اغتيال وزير الداخلية .

إن الشباب المتطرف ضحية لعنف الدولة وتعذيبها وفسادها ، وهو ضحية أيضا لعجز الدولة عن توفير المستوي الإنساني له في الحياة ، ثم هو ضحية للجناح المدني للتطرف الذي يسيطر علي أجهزة الإعلام والذي نشر التطرف والتعصب والتكفير والذي يتصدى لكل مفكر يحاول تبرئة الإسلام من النصوص غير المقدسة التي يقوم عليها التطرف .
هذا الشباب إذا حاول ممارسة السياسة وجد أحزاب المعارضة مجرد صحف ووجد الحزب الوطني موصدة أبوابه علي الصفوة وعلي أصحاب المصالح ، وإذا حاول التحرك في سبيل لقمة العيش واجهه الكساد والغلاء والفساد والروتين ، إلا أنه يجد دائما سراديب التطرف مفتوحة له يغذيها له علماء الدين الرسميون الذين لا يفرقون بين التطرف والتدين . فإذا آثر التدين وسعي لأكل عيشه بعيدا عن السياسة فإن الشبهات تلاحقه لمجرد انه متدين أو صاحب لحية ، وربما يوقعه سوء حظه في استجواب يفقد فيه كرامته فيخرج إرهابيا يقتل نفسه والأبرياء في سبيل أن يقتل قادة الشرطة ..
نحن نعرف أن الشرطة تعيش في إرهاق عصبي "24" ساعة في اليوم ، ونعرف إنها أصبحت مستهدفة للانتقام العشوائي ، ولا يستطيع إنسان طبيعي أن يعايش تلك الضغوط كل ساعات النهار وكل أيام العام ، ونعرف أيضا أن جهاز الشرطة هو الذي يتحمل الآثار السلبية لعجز الحكومة ودورها في تحويل الطاقة الإنتاجية للشباب إلي قوة تخريب تهدد حاضرها ومستقبلها ..
ولكن ذلك كله ليس مبررا لوقوع عناصر من الشرطة في خطيئة التعذيب لإنسان كرمه الله تعالي حين قال " ولقد كرمنا بني آدم :" فادني ظلم يقع من الشرطة علي إنسان بريء أو متدين أو متطرف لابد أن يؤدي به إلي الوقوع في براثن الإرهاب ، وفي عصرنا الراهن أصبحت وسائل الإرهاب والتدمير الشامل متاحة للجميع ، ولا تحتاج إلا إلي مبرر ومسوغ شرعي ونفسي يبيح للإنسان أن يهد الدنيا علي من فيها ، والمتطرف يجد ذلك المسوغ الشرعي فيما تقوله له أجهزة الإعلام التي يسيطر عليها الجناح المدني للتطرف ، أما المسوغ النفسي فهو جاهز إذا وقع التعذيب ، حينئذ تتحول كل المشاعر الطيبة إلي حقد اسود ويتحول المصري المشهور باعتداله وتسامحه إلي قنبلة موقوتة تنفجر في وجوهنا جميعا .. وحينئذ تنشط أجهزة الشرطة فتعتقل العشرات والمئات بحثا عن ثلاثة أو أربعة ن ويتعرض المئات إلي التعذيب وقد يصلون إلي الثلاثة أو الأربعة ، وقد لا يصلون إليهم ، ولكن الشرطة تنجح بالتأكيد في تحويل المئات الذين تعرضوا للتعذيب إلي جيش للإرهاب ، وبينما يقوم القضاء بتبرئة الثلاثة أو الأربعة لأن اعترافهم وقع بالإكراه والضغط ، وهكذا تدور طاحونة التدمير بين الحكومة والبوليس والجماعات تأكل الأرض ومن عليها ..
كلمة أخيرة .
لا أعتقد أن فن التعذيب من ضمن المقررات الدراسية في كلية الشرطة ، إنهم يدرسون القانون وفنون الإيقاع بالمجرم والوصول للحقيقة بدون ضغط فلماذا لا يمارسون ما تعلموه ؟.
أقول هذا حرصا علي الشرطة صمام الأمن لنا جميعا..)
أخيرا
أعتقد أن ما قلته منذ 16 عاما لا يزال صالحا للاستهلاك الادمى.
وشكرا
)

مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 9820
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   الخميس ٢٧ - أغسطس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[41741]

كدت اعتقد أن التعذيب مادة تدرس في كليات الشرطة.

من فرط التعذيب الذي نراه باستمرار من قبل رجال الشرطة للمواطنين ، اعتقد البعض - وأنا من بينهم - أن التعذيب مادة يدرسها طلبة الشرطة ولن ينجح منهم إلا من يقوم بتعذيب أعداد كبيرة من المواطنين ، فمتى نرى رجال الشرطة الشرفاء يدافعون عن الشعب وعن حقوقه بدلاً من ممارسة عمليات التعذيب والتعامل مع الناس بطريقة لا إنسانية .


2   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الخميس ٠٨ - أكتوبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[42809]

المعطيات والمطلوب ثم البرهان

   المعطيات: إن الشباب المتطرف ضحية لعنف الدولة وتعذيبها وفسادها ، وهو ضحية أيضا لعجز الدولة عن توفير المستوي الإنساني له في الحياة ، ثم هو ضحية للجناح المدني للتطرف الذي يسيطر علي أجهزة الإعلام والذي نشر التطرف والتعصب والتكفير والذي يتصدى لكل مفكر يحاول تبرئة الإسلام من النصوص غير المقدسة التي يقوم عليها التطرف .


المطلوب فإذا آثر التدين وسعي لأكل عيشه بعيدا عن السياسة فإن الشبهات تلاحقه لمجرد انه متدين أو صاحب لحية ، وربما يوقعه سوء حظه في استجواب يفقد فيه كرامته فيخرج إرهابيا يقتل نفسه والأبرياء


البرهان  :هذا الشباب إذا حاول ممارسة السياسة وجد أحزاب المعارضة مجرد صحف ووجد الحزب الوطني موصدة أبوابه علي الصفوة وعلي أصحاب المصالح ، وإذا حاول التحرك في سبيل لقمة العيش واجهه الكساد والغلاء والفساد والروتين ، إلا أنه يجد دائما سراديب التطرف مفتوحة له يغذيها له علماء الدين الرسميون الذين لا يفرقون بين التطرف والتدين


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,371,757
تعليقات له : 5,324
تعليقات عليه : 14,623
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي