عن آلام الدنيا

الإثنين ٢٨ - سبتمبر - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
أنا أخاف من المرض والألام المصاحبة له وكذلك الألام التي تصاحب الموت فأنا دائما أفكر في ذلك الأمر _ حيث أن جدتي كانت تعاني من جلطه في المخ وكانت تحتاج إلي رعاية شديدة وكنت أراها تعاني في مرضها لأنها كانت مقيمة معنا وكان أولادها (أبي وأعمامي وعماتي) يعانوا بسبب مرضها وحاجتها إلي العناية المستمرة منهم مما كان يسبب لهم الإرهاق مما دفع كل واحد منهم إلي أن يطلب من الأخر أن يتولي رعايتها فترة من الوقت حتي يستريح من عناء رعايتها هذا بخلاف الأوجاع التي كانت تشعر بها بسبب مرضها _ فكلما سمعت أن شخص ما يعاني من مرض السكر بسبب إفراطه في تناول السكريات أبدأ أنا علي الفور في الإقلال من السكريات وكلما سمعت عن شخص أصابته مشكله في الكلي بسبب الإقلال من شرب المياة أبدأ في تناول المياة بغزارة وهكذا ، فأنا أخاف من تلك الألام وكم تمنيت من الله أنا أموت فجأه دن ألم أو وجع ،،،، هل لديك نصيحة لي .
آحمد صبحي منصور :

1 ـ من دعائى وأنا أُعانى في هذه الشيخوخة : ( اللهم اجعل موتى سريعا وبلا آلام قبله ) وأتمنى أن أموت فجأة و أنا أصلى أو وأنا أكتب . وأدعو الله جل وعلا أيضا أن أكون ممّن يُقتل في سبيل الله لأتجنب آلام مرض مزمن ، ولأعيش حيا مُنعّما في البرزخ . هو جل وعلا يعلم أننى أدعوه بهذا ، وهو جل وعلا يعلم صدقى في هذا ، ولكن لا سبيل ولا مهرب من حتميات المرض .

2 ـ المحن من الأمراض والآلام ضمن الحتميات التي لا مهرب منها ، وأيضا النعم المقدرة سلفا هي من الحتميات التي لا مناص منها . بالتالى على المؤمن الاستعداد لهذا وذاك بالصبر على المحن والشكر على النعم ، لا يفرح بالمحن بمعنى لا يغترّ بها ولا يحزن على المحن بحيث ييأس من رحمة الله جل وعلا . عليه أن يتخذ موقفا محايدا فيه الشكر والحمد و الصبر . قال جل وعلا : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الحديد  ).

3 ـ لا يمكن لشخص ان يتفادى الأمراض ، كما لا يمكن أن يهرب من الموت . الحتميات  الأربع من الميلاد والمصائب والرزق والمون هي إختبارات الحياة . وليس الانسان مسئولا عنها يوم القيامة ، هو فقط مسئول هم موقفه منها. لن يسألك الله جل وعلا يوم الحساب : لماذا كان يوم ميلادك وكذا ولماذا كان ابوك فلانا ولماذا مرضت ولماذا كان رزقك وفيرا أو قليلا ولماذا جاءك الموت . ولكن سيسألك عن أعمالك التي فعلتها باختيارك ، لماذا لم تصبر ، لماذا لم تشكر لماذا لم تؤمن .

4 ـ لا تستطيع أن تنجو من حتميات هذا الدنيا . مكتوب عليك أمراضا وأوجاعا ستواجهها حتما . ولكن كل آلام الدنيا لجميع البشر لا تساوى لحظة عذاب في جهنم ، والعذاب فيها خالد لا نهاية له . لا تستطيع أن تهرب من المكتوب لك من النعم ، ولكن كل نعيم الدنيا لكل البشر لا يعدل لحظة نعيم في الجنة وهى خالدة لا نهاية لها.  

5 ـ  الشىء المهم الذى يغفل عنه الناس الذين غرّتهم الحياة الدنيا أن الانسان لا يملك تغيير الحتميات ، مثلا إذا كان أسود البشرة فهذا قدر مكتوب . لكنه يستطيع بإرادته الحرة أن يدخل الجنة ، وييبيضّ وجهه ، ويمكن أن يختار أن يكون كافرا ويسودّ وجهه . قال جل وعلا :

5 / 1 : (  يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108)  آل عمران)

5 / 2 ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42) عبس ) .

5 / 3 : ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنْ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) يونس )

6 ـ تستطيع أن تقرر مستقبلك في الآخرة ، بأن تكون خالدا في الجنة ، بأن تكون تقيا . إن مُتّ تقيا صابرا شاكرا فالله جل وعلا وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالجنة. والله جل وعلا لا يُخلف الوعد والميعاد .

7 ـ بهذا لا يخشى الانسان من مرض مؤقت أو آلام مؤقته ، فما عند الله جل وعلا للصابرين خير وأبقى .



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 3674
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5326
اجمالي القراءات : 65,897,576
تعليقات له : 5,522
تعليقات عليه : 14,921
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


الحق والباطل: يقولو ن فى مصر عن الذين ماتوا : ( هم فى دار الحق...

اجتهاد رائع: فى سورة يوسف النسو ة الاتى قطعن ايديه ن اى...

الجمعة وطلب الرزق: السلا م عليكم يا استاذ ي عندي سوال اريد منه...

ليسوا من أهل القرآن: انا اردني ومنهج كم في تدبر القرأ ن منتشر...

الصلاة فى الحمام: أعمل فى شركة فى نيويو رك ، وأنا المسل م ...

العلماء الاسلاميون: أريد أن أقول ماتبي ن لي في القرآ ن بخصوص...

أخلاق السنيين .!!: علي عمر سكيف : هل أنت حقير إلى هذه الدرج ة ...

الصلاة وذكر الرحمن : بعض الأوق ات فی التشه د فی الصلا ة ...

محرك البحث يعمل : ارجو الإفا دة هل الموق ع تعرض للتهك ير لأنه...

Salat prayers: Dear Ahmed Mansour I am from Pakistan. with the name of Balaagh-ul -Quran we try our...

الموت السريرى : في حالة الموت السري ري لشخص .. هل طويت صفحة...

قضاء الصلاة: أنا بلغت الخمس ين ، وقررت التوب ة . وبدأت...

صلاة البشر : السلا م عليك يا سيد أحمد صبحي. لقد استفد ت من...

أكرمك الله جل وعلا : أشكرك م على مجهود كم ..لدي تساؤل : كيف...

فرج فودة والأحاديث: اقرا كتاب فرج فودة رحمه الله كم كان شجاعا...

more