هل ربنا أهان يونس

الأحد ٢٦ - مايو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
هل ربنا أهان النبى يونس ؟
آحمد صبحي منصور :

1 ـ وقعت عليه الإهانة حين فرّط فى مهمته وهرب من قومه خوفا ، وركب سفينة وانتهى أمره بالإلقاء فى البحر فإبتلعه الحوت ، وهو فى بطن الحوت إستغاث بربه جل وعلا واستغفر وسبّح وتاب وأناب فأنقذه الله جل وعلا وأنجاه ، وتاب عليه وإجتباه وأرسله الى قوم فدعاهم ومات من الصالحين . إذن هناك مرحلتان فى حياة يونس عليه السلام : حين هرب فتعرض للإهانة ، ثم حين تاب وأناب فإجتباه ربه جل وعلا وجعله من الصالحين .

2 ـ قال جل وعلا عنه ( وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٩﴾إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿١٤٠﴾ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ﴿١٤١﴾ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴿١٤٢﴾ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴿١٤٣﴾ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴿١٤٤﴾  فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴿١٤٥﴾ وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ ﴿١٤٦﴾ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴿١٤٧﴾ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ﴿١٤٨﴾ الصافات )

نلاحظ ملامح الإهانة فى قوله جل وعلا عنه : ( إذ أبق ) . (ابق ) يعنى ( هرب ). ويقال فى العبد الهارب خصوصا . لم يقل جل وعلا عنه (إذ هرب ). ثم تعبير (فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ  ) ( دحض ) بمعنى زلقت رجله ، وهنا وصف لإلقائه فى البحر ليس فيه تعاطف معه ، و( دحض ) تفيد إبطال الحجة والكافرون حجتهم داحضة عند ربهم جل وعلا. وأيضا ليس فى هذا التعبير أى تعاطف معه وهم يلقون به فى البحر.

ثم عن إنقاذه قال جل وعلا : (فَنَبَذْنَاهُ  ) وهو تعبير قيل عن فرعون وقومه فى غرقهم : (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴿٤٠﴾ القصص  )  

ثم وصفه جل وعلا بأنه ( مليم ) أى مستحقُّ للّوم الشديد ، وهو أيضا نفس التعبير عن فرعون   ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴿٤٠﴾ الذاريات )

3 ـ بعد توبته أصبح له وضع جديد . قال جل وعلا عنه ( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٧﴾ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴿٨٨﴾ الانبياء )  ( ذا النون ) أى صاحب الحوت . إعترف بذنبه وأنه كان من الظالمين ، فأنجاه الله جل وعلا وهو الذى ينجى المؤمنين .

وقال جل وعلا للنبى محمد يحذره مما وقع فيه يونس ويأمره بالصبر : ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ ﴿٤٨﴾ لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ﴿٤٩﴾ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿٥٠﴾ القلم ) أى إجتباه ربه وجعله من الصالحين . وقال جل وعلا : ( وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ۚ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٨٦﴾ الانعام ) أى أصبح يونس ممن فضلهم الله جل وعلا على العالمين .

4 ـ والعبرة أن الأنبياء غير معصومين من الوقوع فى الخطا ، وأن الله جل وعلا يقبل التوبة الصادقة . يعصى الفرد فيستحق التحقير ، فإذا تاب توبة صادقة ومات مؤمنا تقيا إستحق التكريم .

5 ـ وقصص الأنبياء هو للعظة والإعتبار .  



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 3134
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الإثنين ٢٧ - مايو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[90918]

الحزم و الجزاء .. سبحانك يا ربي ما أحلمك .


رائع و أكثر من رائع .. حفظكم الله جل و علا الدكتور أحمد و أقول : لم يعظم أتباع الأنبياء تبيهم كما يعظم المسيحيون عيسى عليه السلام و المحمديون محمد عليه السلام .. أين صحابة الأنبياء السابقين و ما هو دورهم فيما يخص ( تقديسهم لأنبيائهم ! ) كيف كان يتعامل صحابة الأنبياء بأنبيائهم - الصحابة المؤمنين برسالات أنبيائهم - ؟ أين كتب السيرة لكل الأنبياء السابقين و هل دونها صحابتهم ؟ و أتخذوها دينا كما اتخذ المحمديون سيرة و تاريخ خاتم النبيين - المغلوط - دينا !!



يونس عليه السلام .. ذا النون .. صاحب الحوت نبي الله  الذي فضله على العالمين لم يشفع له عمله قبل ( التهور و الهروب و عدم تحمل المسؤولية ) لذا فإن الله عز و جل له مقاييس في العدل و هو العدل جل و علا و مقاييسه لا يمكن أن يدركها عقل بشري ! فسبحانه سبحانه العدل .


2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الإثنين ٢٧ - مايو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[90919]

إضافة رائعة ابنى الحبيب استاذ سعيد عيد


عقلك ينبض بالعبقرية فى رمضان.

رمضان كريم.!!

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4782
اجمالي القراءات : 49,348,001
تعليقات له : 5,026
تعليقات عليه : 14,192
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


جمال البنّا: هل لديكم موقف تجاه مشروع المفك ر الكبي ر ...

تكفير تارك الصلاة : هل يجوز تكفير المسل م التار ك للصلا ة ؟...

لعنة التجليد ..!!: الدكت ور أحمد كتب مقال( عنة ...

مثل الطبيب : إذا قدمت لكلية الشري عةوقو بلت فيهاك طالب ...

لعنة التجويد: يا استاذ ي انا قرات مقالة لعنة التجو يد ...

ما أروع المحن .!: دكتور احمد السلا م عليكم رحمة الله بركات ة ...

أهلا بك إبنى الحبيب: استاذ احمد تحية طيبة و بعد، انا مصطفي الذي كنت...

إنفجار البعث : من الداع ي في قوله تعالى :(يَوْ مَئِذ ٍ ...

للقرآن أوصاف كثيرة: لماذا يقع تسمية الذكر الحكي م مرة بالكت اب ...

زواج الشذوذ: ما رأيك فى زواج المثل يين وهم قد جعلوه...

عبد النبى: ـ ما قولك فى أن من يتسمى بعبد الرسو ل وعبد...

هجص ابن كثير: في قرأتي لتفسي ر ابن كثر الايا تان 85 , 86 هنالك...

الوسوسة الشيطانية: • أنا مؤمن بكل ما بين دفتى المصح ف ,ولا أعتقد...

قتل ثلث الرعية.: في مقالك \"ديمق راطية الإسل ام\" كتبت عن...

بعض شتائم ترد الينا!: انت جاهل يا صبحي منصور صبحي صرصور...

more