عن التوبة

الأربعاء ٢٤ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
لماذا لم يرد تفصيل في الشرع عن توبة السارق وعن كيفية ارجاع الأموال ؟
آحمد صبحي منصور :

المعنى فى مفهوم التوبة نفسها ، فلايمكن أن يتوب شخص ويستمر فى ارتكاب نفس الجريمة  .

على أن الله جل وعلا أوضح معنى التوبة المقبولة فى القرآن الكريم ، وهى نوعان : توبة ظاهرية يسقط بها العقاب الدنيوى أو ما يسمى ( الحد ّ ) ، وتعنى الاعتراف بالذنب وتقديم الصدقة ورد المال المسروق فى حالة السرقة ، ويكون المجتمع حكما على هذه التوبة .

عن التوبة من الاعتداء الحربى قال جل وعلا : ( (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (38) الانفال ) ، ( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) التوبة ) (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) التوبة ). إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة هنا بالمعنى السلوكى الظاهرى والذى يعنى الكف عن الاعتداء وإلتزام الاسلام بالمعنى السلوكى وهو السلام .

عن الذنوب الأخرى فإن التوبة تستلزم الاعتراف وتقديم الصدقة للتطهير ، قال جل وعلا  : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) التوبة ) ولأن المجتمع هو الذى يراقب هذه التوبة إن كانت الذنوب فيما يشمل حقوق البشر ، فإن الله جل وعلا يقول : (  وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)  التوبة ). المؤمنون يرون ، ولكن يوم القيامة هو الفيصل .

  هذا عن التوبة الظاهرية .

التوبة القلبية ليس شرطا فيها التعامل مع الناس ، فربما لا يتم ضبط الجانى متلبسا ، ويكون يريئا من الناحية القانونية الظاهرية ، ولكنه عند الله جل وعلا آثم . هنا لا يشترط فى التعامل مع الله جل وعلا الاعلان عن الذنب . ولكن لهذه التوبة شروطا حتى تكون مقبولة ، ويدخل بها صاحبها الجنة وينجو من النار . الشروط هى تصحيح الايمان ، وتكثيف العمل الصالح إبتغاء مرضاة الله جل وعلا . قال جل وعلا عن هذه التوبة القلبية : (  وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى (82) طه  ) (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (60) مريم   (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُفْلِحِينَ (67) القصص  ).

 يلاحظ هنا إقتران التوبة بالايمان وبالعمل الصالح . ولا يوجد مؤمن معصوم من الخطأ ، لذا فإن النجاة من الذنوب تكون بتكثير العمل الصالح حتى تغطى أى تكفر أو تغفر السيئات ، قال جل وعلا : ( إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71) الفرقان ).

و(غفر ) و ( كفر ) بمعنى  (غطّى ). من هنا يرتبط تلازم الايمان والعمل الصالح بتكفير الذنوب ، قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) العنكبوت) وبالغفران ، قال جل وعلا : ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) سبأ ) ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) فاطر) ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) المائدة ) ( فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) الحج )( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29) الفتح ).



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 5672
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5326
اجمالي القراءات : 65,902,119
تعليقات له : 5,522
تعليقات عليه : 14,921
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


أحسن تفسيرا: هل كل كلمات ومصطل خات القرآ ن تفهم من داخل...

الأوثان: ما معنى أوثان ا في قوله تعالى {وَقَ لَ ...

العروس ليست عذراء: ليلة الدخل ة أكتشف أن عروسة ليست عذراء ....

امريكا ..امريكا .!!: أمريك اوغير ها لايري دون أن تسير دول الشرق...

أربعة أسئلة: وردت هذه الأسئ لة فى رسالة خاصة من أخى...

سؤالان : السؤا ل الأول : ما معنى ما جاء فى قصة ذى...

الدولة الاسلامية : تقول أن الدول ة الاسل امية قائمة على حرية...

عائشة قائدة المعركة: فى بحث لك عن حق المرأ ة فى رئاسة الدول ة ...

جاهل أحمق: ما المقص ود في ايه فاتو بسوره من مثله قد ياتي...

لا نعرفهم : السلا عليكم لو سمحت انا مسلمه عندي تحفظا ت ...

سؤالان : السؤا ل الأول البخ ارى وكتاب البخا رى ...

أسس الدعوة لله : تكلمت مع بعض المقر بين في عدة قضايا مهمة منها...

النسيان والغفران: أعاني من مشكله رهيبه وهي عدم قدرتي علي أن...

الرقية : أحبب ت ان اسأل عن موضوع الرقي ه الشرع يه ...

ذكر الله فى كل وقت: هل يجوز أن اذكر اسم الله فى التبو ل والتب رز ؟...

more