الإنتخابات الرئاسية والأمراض النفسية !

حمدى البصير Ýí 2012-04-09


 

 

أغلق باب التقدم للترشح لإنتخابات رئاسة الجمهورية أمس الأحد  8ابريل، وسوف تنتقى اللجنة العليا الخاصة بإنتخابات الرئاسة ، من بين ألف وخمسمائة مواطن سحبوا أوراق شروط الترشيح ، حوالى 24 مرشحا فقط ، أستوفوا شروط الترشيح ، سواء فى نجاحهم فى جمع ثلاثين ألف توكيل ، أو أيدتهم أحزابا وأعضاء فى مجلسى الشعب والشورى ، وقد يقل هذا العدد فى مرحلة الفرز الحالية التى بدأت اليوم الإثنين ، بعد تقديم الطعون القانونية ضد بعض المرشحين.

ولكن يبقى السؤال : ماتفسير تقدم هذا العدد الضخم لسب أوراق الترشح ، والسعى إلى خوض إنتخابات رئاسة الجمهورية ، رغم علم الغالبية العظمى منهم ، إنهم لايصلحون لتولى هذا المنصب لأسباب سياسية وقانونية ومنطقية ؟

الجواب بالطبع هو ، من حق أى مواطن مصرى ممارسة حقوقه السياسية وخوض الإنتخابات البرلمانية والرئاسية ، سواء بالترشيح أو الإنتخاب ، فذلك حق دستورى له ، ولاسيما أننا نعيش فى مرحلة مابعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ، ولكننى أرى أن هناك أسباب " نفسية " وراء تهافت بعض المواطنين ، للترشح لمنصب رئيس الجمهورية ، بل ومن وجهة نظرى المتواضعة وبعد متابعتى لأغلبية من سحب أوراق شروط الترشح ، ورؤيتهم أمام كاميرات الفضائيات المختلفة وهم يتحدثون عن أحلامهم وأسباب ترشحهم وبرامجهم الرئاسية ، وتصريحاتهم فى بعض الصحف ... أرى أن بعض هؤلاء مرضى نفسيين ، وهذا ليس تقليل من شأنهم أو سبهم أو السخرية منهم ، فأنا لا أقصد ذلك إطلاقا وأحترمهم جميعا ، بل المصابين بالأمراض النفسية ، مثلهم مثل من يصاب بالأنفلونزا والقولون العصبى والضغط والسكر والصداع النصفى ، وكلها أمراض نطلب من الله أن يشفينا منها جميعا.

فحالة الهوس الشعبى للوصول إلى كرسى الرئاسة وممارسة شهوة السلطة وحب الظهور والتفاخر ، والتحدث عن إمكانية تحقيق أحلام جماهيرية وحل مشاكل " مصرية " مزمنة ، دون مؤهلات علمية وسياسية وقدرات شخصية قيادية ، تعطى إنطباعا بإن بعض هؤلاء المرشحين - مع إحترامى الشديد لهم - قديكونون مصابين بالشيزوفرينيا السياسية ، ويعانون من الإفراط فى أحلام اليقظة و "الهلاوس " والفصام الذهنى ، فهناك من ذهب إلى مقر اللجنة العليا للإنتخابات للإستعلام عن شروط الترشح وسحب الاوراق الخاصة بذلك ، وهو يرتدى " شبشب " فى قدميه ، وأخر كان يحمل مخدرات فى جيبه ، وثالث ضبطت معه مطواه " قرن غزال " بين طيات ملابسه.

ومع إحترامى لكل المهن والحرف الشريفة ، فقد سحب " المظروف " الذى به الأوراق اللازمة للترشح ، "حانوتى " والذى تعهد بالقضاء على الجوع فى مصر ، ومصور - غير متعلم - وقد وعد بأن يكون المهمشين " أسياد " المرحلة القادمة ، وفلاح وعد بإصلاح حال الفلاحين المظلومين ، ونجار تعهد أنه فى حال فوزه بمنصب الرئيس بأنه لن يتخل عن مهنة النجارة لأنه يعتز بها ، وميكانيكى أقسم بأنه سيكون صوت كل الصنايعية فى مصر ، وسائق تاكسى ، وعد بتوفير وسيلة نقل مريحة لكل المصريين وحل مشاكل المرور وتقنين وضع " التوك توك "، وسيدة طالبت فى برنامجها بضرور أن يكون هناك " كتكوت لكل مواطن " ، وكهربائى أكد أنه لديه برنامج رئاسى يتضمن إصلاح التعليم وكيفية إسترداد الاموال المنهوبة وتحقيق العدل ، ومأذون شرعى وعد بإنشاء وزارة للزكاة والقضاء على المشكلات العائلية ، ولص تائب أقسم أنه سيحقق العدالة الإجتماعية ، إذا فاز بكرس رئاسة الجمهورية

ومن بين الذين سحبوا أوراق الترشيح للرئاسى أيضا من إدعى أنه من أقارب الملك فاروق ، وإنه سيعيد النظام الملكى فى مصر ويقضى على " الضباط الأحرار وكل حكم " العسكر " الحالى ، فى حين وعد عضو بارز سابق فى الحزب الوطنى المنحل بمدينة سنورس فى الفيوم بأنه إذا أنتخب رئيسا للجمهورية سيبقى على المجلس العسكرى من أجل معاونته فى إدارة شؤن البلاد ، كما وعد مهندس زراعى جاء من الدقهلية الى مقر اللجنة الإنتخابية راكبا دراجة بخارية ، بتحويل مصر إلى بلد زراعى مرة أخرى ، وأكد أنه فى حال وصوله إلى منصب رئيس الجمهورية سيقوم بإعداد قانون يمنع الحرفيين من التقدم للترشح لمنصب رئيس الجمهورية ، لأن كل من " هب ودب" يطمح فى أن يكون رئيسا للجمهورية ويتقدم لإنتخابات الرئاسة بل هناك شخصيات تقدمت للترشح للرئاسة وإدعت إنها قامت بذلك بناء على تكليف

إلهى ورؤية منامية ، وإنهم شاهدوا الرسول صلى الله عيه وسلم فى منامهم وربت على أكتافهم ، بل هناك مرشح إدعى النبوة ، وأخر قال أنا المهدى المنتظر ومرشحكم للرئاسة.

وهناك شخصيات مشهورة سحبت أوراق الترشح ، ولاتختلف عن النماذج السابقة ، منها " الفنان " سعد الصغير الذى زعم أنه يحمل ألاف التوكيلات ن وجاء إلى مقر اللجنة فى زفة راقصة ، ولكنه تراجع بعد ذلك بحجة أنه يحمل دبلوم صنايع ولايصلح لقيادة مجلس محلى.

والسفير عبدالأشعل الذى تنازل عن ترشيحه لصالح مرشح الإخوان خيرت الشاطر ، وأعلن ذلك فى مؤتمر صحفى فى مقر الإخوان ، ثم قرر بعد يومين من هذا التنازل إنه سيترشح للرئاسة بدعم من حزب الأصالة  .

بل إن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية فى النظام السابق ، والذى توارى عن الأنظار بعد إلقاء خطاب التنحى الشهير، فقدأعلن فى بيان رسمى إنه لن يترشح لرئاسة الجمهورية ، ولكن بعد يوم واحد تراجع عن قراره وقرر الترشح بعد ضغوط شعبية - حسب ماصوره له خياله - والغريب أنه جاء إلى مقر اللجنة الإنتخابية للإستعلام عن أوراق الترشح ، فى موكب رسمى ومحاطا بالشرطة العسكرية ولم يتحدث إلى الصحفيين ونظر إليهم بإستعلاء ، وقد شاهدت على قسمات وجه نفس تعبيرات الغطرسة وجنون العظمة والتعالى والإستخفاف بالأخرين ، وكإن لم تقم ثورة فى مصر يوم 25 يناير ، بل ونظراته تعبرعن مرشح رئاسى " عاد لينتقم "

نعم من حق كل مواطن أن يحلم ويطمح أن يكون رئيسا للجمهورية ، فتلك هى الديمقراطية ، التى نسعى إلى تحقيقها جميعا ، والتى يجب أن يمارسها أفراد الشعب دون تمييز ، فقد عشنا على مدى أكثر من ستين عاما فى ظل حكم عسكرى شمولى ، منها ثلاثين عاما كانت قهرا وإستبدادا وتهميشا ، بل أن نظام مبارك البائد قتل الأحلام السياسية داخلنا ، وعندما سقط فجأة ذلك النظام "وكشف غطاء " الإستبداد وغمرتنا شمس الحرية أصيب بعضنا بالأمراض السياسية الناتجة عن الحرمان والكبت السياسى ، ولكن ليس معنى ذلك أن نخدش قدسية أعلى منصب فى مصر ونستخف به ونحدث شروخا فى كرسى الرئاسة الذى يجب أن يكون رمزا لهية مصر ، وبالتالى لابد أن تتوافر شروط موضوعية فى المرشح بجانب مؤهلاته السياسية وتوافر الشروط القانونية به ، وهى أن يكون صحيح الجسم وخالى من الامراض المزمنة ، خاصة الامراض النفسية .  

حمدى البصير

elbasser2@yahoo.com 

اجمالي القراءات 10501

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الإثنين ٠٩ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65699]

مدرس اللغة الإنجليزية .

 



أخى الكريم الأستاذ حمدى البصير . معك حق ربما يكون أحد تفسيرات كثرة أعداد من تقدموا لسحب اوراق الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية هو حب السلطة . ولكن .ربما تكون من التفسيرات المقبولة الأخرى أن تكون فرصة للترجمة الحية عن صرخة عالية لرفع ظلم عن طبقة ما مُهمشة ولم يلتفت إليها أحد فى الماضى وخوفهم من الا يلتفت إليهم احد فى المستقبل ... ولو كان لى الحق فى إبداء رأى لمن سيفوز بمنصب الرئيس المصرى القادم لأشرت عليه بعمل جلسات إستماع لكل من تقدم وسحب ملف الترشيح ولم يُحالفه الحظ فى أن يكون ممن هم داخل حلبة السباق الرئاسى ، ليستمع إليهم وإلى طبيعة شكاوى نوعيات المواطنين والحرفيين الذين يمثلونهم من ناحية ،وليتعرف على المُفيد من برامجهم فى كيفية التغلب على بعض المشكلات التى جاءوا يصرخون ويستغيثون منها .وكما تعلم ربما تكون هناك فكرة بسيطة جدا جدا هى مفتاح الخروج من أزمة كبيرة للغاية . ولنتخذ من تفاحة نيوتن المثل فى هذا ،عندما سقطت تفاحة على عالم الفيزياء الشهير إسحق نيوتن تفاحة من شجرة كان يجلس تحتها ،فوثب عاليا فرحا وقال وجدتها وجدتها ، وكان هذا الفعل البسيط (سقوط التفاحة من أعلى الشجر عليه  ) هو المفتاح لتفسير قوانين الجاذبية الأرضية ،وحل الغاز الكثير من قوانين الكون ،بل ربما كان لها الفضل كمقدمة لإكتشاف ثغرات وحلول وتفسيرات علم الفيزياء (الطبيعة ) بأكمله ،ومن هنا فالجلوس مع أولئك الصارخين مفيد جدا جدا للخروج من أزمة مصر الراهنة ..


 


وبهذه المناسبة .أعتقد أن من المُرشحين الذين يستحقوت التقدير والإعجاب  هذا المرشح الذى يعمل مدرسا للغة الإنجليزية ،والذى جمع اكثر من 30 الف توكيل ،بعيدا عن مُساندة أى من الأحزاب أو أية جهة له ..فتحية إعجاب وإعزاز له .. وتحية تقدير لك على مقالتك القيمة .


2   تعليق بواسطة   فتحي مرزوق     في   الإثنين ٠٩ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65708]

حملة أنا الرئيس ,, يا للعار والسخرية من هذا المنصب..

 أستاذ حمدي السلام عليكم ورحمة  الله .. مقال ممتاز كعهدنا بك يرصد نبض الشارع والمواطن المصري..


 ومما لفت نظري مانشتات أعمدة الكباري المتسخة بهباب السيارات ومكتوب عليها بطريقة مهينة (حملة أنا الرئيس) ..


 إنها لعبة الأمن وجهاز المخابرات الهمام .. أن ينحدر وينحط منصب الرئيس  وتقديم فرص للمرضى النفسيين الذي عبّرْتَ عنهم في مقالك ..


 ولكن الأخطر ان جهاز الأمن الوطني وجهاز المخابرات العامة المصري التابع للمجلس .. هما من يخطط لتشويه هذا المنصب والاستهانة بمتطلبات المرشح لهذه المنصب .. حتى يضيع الدم بين القبائل المتصارعة.. المتصانعة لحب مصر ومصر منهم بريئة..


 شعار مهين مكتوب على اعمدة كباري مصر في عبود وشبرا والمؤسسة واحمد حلمي وميدان الجيزة (أنا الرئيس)


ومثل ما كان يقولها  فؤاد المهندس في الفيلم (  انا المدير)


 أصبح كل مرشح لمنصب الرئاسة يقول بينه وبين نفسه (أنا الرئيس)


 هكذت خطط الأمن والوطني وجهاز المخابرات قدجندوا صغار اللصوص والمسحجلين خطر والمرضى النفسيين للتقدم للترشح لمنصب الرئاسة لأكبر وأثقل دولة عربية واسلامية بمنطقة الشرق الأوسط


3   تعليق بواسطة   اسماء السيد     في   الإثنين ٠٩ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65709]

نحن من نصنع فرعون جديد بتقديسنا لهذا المنصب

في الاسلام وفي دولة محمد كل فرد من الدوله له حق الترشح لهذا المنصب وليس شئ غريب في ان يترشح هؤلاء لهذه الوظيفه ولماذا هذه الضجه الاعلاميه الكاذبه


حول تضخيم الحدث لماذا نصف ناس بسطاء عندما مارسوا  حقهم بانهم مرضى نفسيون على رأي المثل الكعكعه في أيد اليتيم عجبه


المشكله ليست في ترشح هؤلاء بل على العكس لقد سعدت بترشحهم فهذه هي الديمقراطيه من حقي أن أترشح وأتقدم الى أي وظيفه في المجتمع


وان اتقبل فكرة وجود أناس أكفاء مني لهذه الوظيفه


المشكله في فكر المجتمع لقد جعل من هذا المنصب منصب ألوهيه وقدسه ولكنه في الواقع مجرد منصب لكن من يسعى اليه يجب أن يعرف ان سيكون مسئول عن اكثر


من 80 مليون شخص سوف يساله الله عن اي شخص نام من غير اكل او سكن لقد كان عمر بن الخطاب حافيا يلبس جلباب قديم ولكنه كان الفاروق من شدة عدله


نحن لا نبحث على البدل او العربيات نحن نبحث عن راجل تربى على فكر محمد رجل كالفاروق


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2010-07-24
مقالات منشورة : 165
اجمالي القراءات : 1,795,258
تعليقات له : 13
تعليقات عليه : 223
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt