آحمد صبحي منصور Ýí 2012-02-07
أولا :
1 ـ جاءنى هذا السؤال فى باب الفتاوى فى موقعنا ( فاسألوا أهل الذكر ). ونظرا لأهميته أكتب الرد عليه مقالا .
2 ـ السائل الكريم يقول : ( أنا أقرا هذه الأيام كتابك الرائع (القرآن و كفى)، ولدي سؤال أرجو أن تجيبني عليه بخصوص الفرق بين معنى النبي و الرسول . فليست كل الآيات القرآنية تتفق مع التعريف الذي حددته : أمثلة : (الرسول) :قوله تعالى (إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة)و (يسألونك عن الانفال قل الانفال لله و الرسول) و قوله تعالى (و الذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم) و قوله تعالى (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ).
أمثلة : (النبي): قوله تعالى:(يا ايها النبي قل لازواجك و بناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن)(يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى ). هل هذه الآيات تتفق مع تعريفك للنبي و الرسول ؟ )
ثانيا :
أبدأ الرد بنقل موضوع الفرق بين الرسول والنبى كما جاء فى كتابنا ( القرآن وكفى ) للتوضيح.. ثم نتابع الرّد على القارىء الكريم .
( الفرق بين الرسول والنبى :
يخطئ الناس فى فهم الأمر بطاعة الرسول واتباع الرسول، وذلك لأنهم يخطئون فى فهم الفارق بين مدلول النبى ومدلول الرسول..
"النبى" هو شخص محمد بن عبد الله فى حياته وشئونه الخاصة وعلاقاته الإنسانية بمن حوله، وتصرفاته البشرية.
ومن تصرفاته البشرية ما كان مستوجباً عتاب الله تعالى، لذا كان العتاب يأتى له بوصفه النبى، كقوله تعالى ﴿يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك؟ تبتغى مرضات أزواجك؟!..﴾ (التحريم 1) . ويقول تعالى فى موضوع أسرى بدر ﴿ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة﴾ (الأنفال 67). ويقول له ﴿وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأتى بما غل يوم القيامة﴾ (آل عمران 161). وحين استغفر لبعض أقاربه قال له ربه تعالى ﴿ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم﴾ (التوبة 113). وعن غزوة ذات العسرة قال تعالى ﴿لقد تاب الله على النبى والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه فى ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم..﴾ (التوبة 117).
وقال تعالى يأمره بالتقوى واتباع الوحى والتوكل على الله وينهاه عن طاعة المشركين ﴿يا أيها النبى اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيماً. واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا. وتوكل على الله..﴾ (الأحزاب 1: 3). كل ذلك جاء بوصفه النبى.
وكان الحديث القرآنى عن علاقة محمد عليه السلام بأزواجه أمهات المؤمنين يأتى أيضاً بوصفه النبى ﴿يا أيها النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلا﴾ (الأحزاب 28). ﴿وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثاً..﴾ (التحريم 3). وكان القرآن يخاطب أمهات المؤمنين، فلا يقول يا نساء الرسول وإنما ﴿يا نساء النبى لستن كأحد من النساء.. يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين﴾ (الأحزاب 32، 30).
وكان الحديث عن علاقته بالناس حوله يأتى أيضاً بوصفه النبى ﴿يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن﴾ (الأحزاب 59) ﴿النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم﴾ (الأحزاب 6) ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم﴾ (الأحزاب 53) ﴿ويستأذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة﴾ (الأحزاب 13). وهكذا فالنبى هو شخص محمد البشرى فى سلوكياته وعلاقاته الخاصة والعامة، لذا كان مأموراً بصفته النبى باتباع الوحى.
أما حين ينطق النبى بالقرآن فهو الرسول الذى تكون طاعته طاعة لله ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله..، .. وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله﴾ (النساء 80، 64) والنبى محمد بصفته البشرية أول من يطيع الوحى القرآنى وأول من يطبقه على نفسه.. وهكذا ففى الوقت الذى كان فيه (النبى) مأموراً باتباع الوحى جاءت الأوامر بطاعة (الرسول) أى طاعة النبى حين ينطق بالرسالة أى القرآن ﴿قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول..﴾ (النور 54). ولم يأت مطلقاً فى القرآن "أطيعوا الله وأطيعوا النبى" لأن الطاعة ليست لشخص النبى وإنما للرسالة أى للرسول. أى لكلام الله تعالى الذى نزل على النبى والذى يكون فيه شخص النبى أول من يطيع..كما لم يأت مطلقا فى القرآن عتاب له عليه السلام بوصفه الرسول.
ولكلمة النبى معنى محدد هو ذلك الرجل الذى اختاره الله من بين البشر لينبئه بالوحى ليكون رسولاً. أما كلمة الرسول فلها فى القرآن معان كثيرة هى:
• الرسول بمعنى النبى: ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين﴾ (الأحزاب 40).
• الرسول بمعنى جبريل ﴿إنه لقول رسول كريم. ذى قوة عند ذى العرش مكين. مطاع ثم أمين. وما صاحبكم بمجنون. ولقد رآه بالأفق المبين﴾ (التكوير 19: 23).
• الرسول بمعنى الملائكة: ملائكة تسجيل الأعمال ﴿أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم؟ بلى ورسلنا لديهم يكتبون﴾ (الزخرف 80). ملائكة الموت ﴿حتى إذا جاءت رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله﴾ (الأعراف 37).
• الرسول بمعنى ذلك الذى يحمل رسالة من شخص إلى شخص آخر، كقول يوسف لرسول الملك "ارجع إلى ربك" فى قوله تعالى: ﴿وقال الملك ائتونى به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك..﴾ (يوسف 50).
• الرسول بمعنى القرآن أو الرسالة، وبهذا المعنى تتداخل معنى الرسالة مع النبى الذى ينطلق بالوحى وينطبق ذلك على كل الأوامر التى تحث على طاعة الله ورسوله.. فكلها تدل على طاعة كلام الله الذى أنزله الله على رسوله وكان الرسول أول من نطق به وأول من ينفذه ويطيعه.
والرسول بمعنى القرآن يعنى أن رسول الله قائم بيننا حتى الآن ، وهو كتاب الله الذى حفظه الله إلى يوم القيامة، نفهم هذا من قوله تعالى ﴿وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله؟ ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم﴾ (آل عمران 101) أى أنه طالما يتلى كتاب الله فالرسول قائم بيننا ومن يعتصم بالله وكتابه فقد هداه الله إلى الصراط المستقيم . ينطبق ذلك على كل زمان ومكان طالما ظل القرآن محفوظا ، وسيظل محفوظا وحجة على الخلق الى قيام الساعة..
وكلمة الرسول فى بعض الآيات القرآنية تعنى القرآن بوضوح شديد كقوله تعالى ﴿ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله﴾ (النساء 100).
فالآية تقرر حكماً عاماً مستمراً إلى قيام الساعة بعد وفاة محمد عليه السلام. فالهجرة فى سبيل الله وفى سبيل رسوله- أى القرآن- قائمة ومستمرة بعد وفاة النبى محمد وبقاء القرآن أو الرسالة.
وأحياناً تعنى كلمة "الرسول" القرآن فقط وبالتحديد دون معنى آخر. كقوله تعالى ﴿لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا﴾ (الفتح 9)
فكلمة "ورسوله" هنا تدل على كلام الله فقط ولا تدل مطلقاً على معنى الرسول محمد. والدليل أن الضمير فى كلمة "ورسوله" جاء مفرداً فقال تعالى ﴿وتعزروه وتقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا﴾ والضمير المفرد يعنى أن الله ورسوله أو كلامه ليسا اثنين وإنما واحد فلم يقل "وتعزروهما وتوقروهما وتسبحوهما بكرة وأصيلا". والتسبيح لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى وحده . ولا فارق بين الله وتعالى وكلامه، فالله تعالى أحد فى ذاته وفى صفاته ﴿قل هو الله أحد﴾.
ويقول تعالى ﴿يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه﴾ (التوبة 62)
ولو كان الرسول فى الآية يعنى شخص النبى محمد لقال تعالى "أحق أن يرضوهما" ولكن الرسول هنا يعنى فقط كلام الله لذا جاء التعبير بالمفرد الذى يدل على الله تعالى وكلامه.
إذن فالنبى هو شخص محمد فى حياته الخاصة والعامة، أما الرسول فهو النبى حين ينطق القرآن وحين يبلغ الوحى ﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك﴾ (المائدة 67)
وفى الوقت الذى يأمر الله فيه النبى باتباع الوحى فإن الله تعالى يأمرنا جميعاً وفينا النبى- بطاعة الله والرسول، أى الرسالة. ولم يأت مطلقاً "ما على النبى إلا البلاغ"، وإنما جاء ﴿ما على الرسول إلا البلاغ﴾ (المائدة 99) فالبلاغ مرتبط بالرسالة كما أن معنى "النبى" مرتبط ببشرية الرسول وظروفه وعصره وعلاقاته. )
ثانيا : متابعة الرد
1 ـ لم يتسع كتاب ( القرآن وكفى ) للافاضة فى توضيح الفارق بين مصطلحى النبى والرسول ، لأن منهج الكتاب ومقصده كان الايجاز والبساطة فى توضيح الفكرة الأساس ، وهى الاكتفاء بالقرآن مصدرا للتشريع فى الاسلام وبيان عوار المصدر الآخر وهو الحديث. وبالتالى فالكثير من القضايا التى تناولها هذا المبحث الموجز تحتاج فعلا الى أبحاث تفصيلية ، وقد قمنا ببعضها لاحقا فى بحوث عن النسخ والرجم وحد الردة و عذاب القبر و الاسناد والتأويل ..الخ .
2 ـ : منهج التدبر القرآنى كما كررنا وأكّدنا كثيرا ، هو تحديد المصطلح القرآنى من خلال السياق الخاص بالآية داخل السورة والسياق العام للمصطلح فى بقية آيات القرآن الكريم ، بعد تجميع كل الآيات الخاصة بالموضوع مباشرة والقريبة منه ، وبالدخول فى البحث بلا فكرة مسبقة ، بل بقلب صاف يرجو الهداية ويبحث عنها مستعدا لترك اى اعتقاد يخالف القرآن الكريم ، أو فكرة متوارثة يظهر بالبحث مخالفتها للقرآن الكريم .ولقد تم الالتزام بهذا المنهج من اول بحث قرآنى لنا وحتى الآن . وظهر فى كتاب القرآن عام 1990 . وعليه فإن مصطلح النبى فهو ما يخص علاقاته بمن حوله والتشريعات الخاصة به والمحددة بالمكان والزمان ، أما مصطلح الرسول فهو النبى حين ينطق بالقرآن ، والتشريعات المصاحبة لمصطلح الرسول سارية بسريان الرسالة أو القرآن ، ولذا يأتى اللوم لمحمد بصفته النبى أو بالخطاب المباشر له . أما الأمر الطاعة فيأتى بصفته الرسول ,مقترنا بالله جل وعلا (الله ورسوله ). أى إن محمدا النبى هو أول المطالبين بطاعة الرسول أو القرآن كما أوضح كتاب ( القرآن وكفى ) .
3 ـ هناك تفصيلات أخرى عن النبى والرسول لم يذكرها الكتاب لأنها لا تتناسب مع منهج الكتاب فى إيجاز الحقيقة القرآنية بالاكتفاء بالقرآن وحده.
الاجابة على السائل الكريم تتمحور فى قضيتين : ذلك التداخل بين مصطلحى (النبى والرسول ) من حيث إجتماعهما فى شخص واحد ، وبه يتميز رسل الله وأنبياؤه عن بقية البشر، فكل منا له شخصية واحدة ، ولكن للنبى شخصية مزدوجة فهو النبى المختار والمصطفى لتبليغ الرسالة ، وهو الناطق بهذه الرسالة عن ربه جلّ وعلا ، وحين ينطق بها فهو الرسول الواجب إتباعه ، ويكون هو نفسه أول من يتبع هذه الرسالة التى ينطق بها.وبالتالى ينتج عن هذا ما يعرف بالالتفات ، وسنعرض له . الثانى هو محلية الحدث وقابليته للتكرار أو عدم قابليته للتكرار ، وهذا يتجلى فى التشريع بالذات. فهناك تشريعات خاصة بالنبى وأزواجه ، وأخرى خاصة بمن هم حول النبى ، وهناك تشريعات يمكن سريانها بعد النبى وأخرى لا يمكن . وهذا يتداخل مع الالتفات المشار اليه آنفا مع تداخل معنى النبى والرسول . ونعطى أمثلة للتوضيح .
3 / 1 : ـ الالتفات : ونعنى به الانتقال من تعبير النبى الى تعبير الرسول لتوضيح المراد فى القصص وفى التشريع المرتبط به . مثلا : هل كان المنافقون فى المدينة يكرهون النبى محمدا ويؤذونه لشخصه ( محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى ) أم كانوا يكرهونه ويؤذونه بسبب دعوته ورسالته أى القرآن الكريم ؟ الاجابة : لم تكن الكراهية شخصية ولكن كانت موضوعية ،أى بسبب القرآن الكريم . لهذا فالعلاقة هنا معقدة ، فالايذاء الذى صدر منهم نحوه كان محددا بالزمان والمكان والأشخاص (أى للنبى ) ، ولكنه فى الحقيقة كان كراهية وإيذاء للرسول أو الرسالة ( وهى ممتدة وسارية بعد موت النبى ) . والله جل وعلا أنزل القرآن محكما يضع الكلمة فى مكانها : يقول جل وعلا عن المنافقين فى المدينة :(وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ ) ، هنا الكلام على النبى بأقوال محددة وعلاقات محددة بالزمان والمكان ، فالنبى محمد بشخصه وأخلاقه عليه السلام رحمة للمؤمنين منهم وهو أذن خير لهم وهو يؤمن للمؤمنين أى يثق فى المؤمنين حوله ، ولكن المنافقين يؤذونه ويتهمونه بأنه (أذن ) أى يسمع لكل من هبّ ودبّ من المؤمنين . هذه العلاقات وذلك الأذى كله ( محلّى ) أى محدد بالزمان والمكان أى الخطاب عن النبى . ولكن يأتى الالتفات الى تعميم التشريع ليمتدّ الى كل من يؤذى (النبى )بعد موته ـ كراهية فى الرسالة القرآنية ، هنا يأتى مصطلح الرسول ، فيقول جل وعلا : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ). هنا الالتفات من النبى الى الرسول لتعميم التشريع بالحكم بالنار يوم القيامة على كل من يقع فى هذا الأذى للرسول اى للرسالة والقرآن بعد موت محمد النبى الرسول . وفى إعتقادنا أن هذا الحكم ينطبق على أئمة الحديث وكل من إفترى حديثا كذبا ونسبه لخاتم النبيين عليه وعليهم السلام.
والآيات بعدها توضح أن العداء ليس لشخص محمد أو النبى ، ولكن للرسالة القرآنية ، فالقرآن هو القضية المحورية ، وفيها يأتى مصطلح الرسول:( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ).ولأن الرسالة تعنى القرآن ولأن الرسول يعنى أحيانا القرآن ، ولأن طاعة الرسول ليست طاعة لشخص محمد ولكنها طاعة لصاحب الرسالة وصاحب الدين والقرآن وهو الله جل وعلا فإن الآية الكريمة تقول : ( وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ). لم يقل ( والله ورسوله أحق أن يرضوهما ) لأن الرسول هنا هوالقرآن الكريم ، رسالة رب العالمين ، ولا فارق بين الله جل وعلا وكتابه وكلامه ، لذا عاد الضمير بالمفرد ، لله جل وعلا وحده ليدل على الله ورسالته أو كتابه. وليس لمحمد نصيب هنا . ومن هنا نفهم وجوب الطاعة لله تعالى ورسوله على أنها طاعة للواحد الأحد جل وعلا فى كتابه أو رسالته التى كان ينطق بها محمد رسوله ، فحين كان ينطق بالقرآن وحين كان يعظ بالقرآن وحين كان يذكّر بالقرآن من يخاف وعيد فطاعته هى طاعة لكلام الله جل وعلا أى لله جل وعلا ، وهو عليه السلام أول من يتبع القرآن وأول من يحكم بالقرآن لأنه أول المسلمين . وتقول الآية التالية تقرن الرسول أى الرسالة بالله جل وعلا:(أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ) هنا أيضا التفات من حالة محلية محددة بالزمان والمكان والأشخاص لتعميمها ، فالمنافقون كانوا يحاربون النبى ويعارضونه ، وهذا محدد بالزمان والمكان ، ولكن تم الحكم عليه بالتعميم لينطبق على كل من يعارض الله جل وعلا وكتابه أو رسالته وقرآنه ، فالحكم عليه بالنار يوم القيامة ، أى هو حكم مستمر الى قيام الساعة . وفى التأكيد على لبّ القضية وهى الكراهية والعداء للقرآن الكريم كلام رب العالمين تقول الآيات التالية:( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ)(التوبة 61 ـ )، فالله تعالى وآياته ورسوله تعنى الله جل وعلا فى كتابه ورسالته وآيات كتابه . ومثل ذلك قوله جلّ وعلا فى حكم يسرى فوق الزمان والمكان فيمن يؤذى الله تعالى ورسوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا)(الأحزاب 57 ).
3 / 2 : الالتفات فى التشريع من النبى الى الرسول لبيان سبب التشريع ، وهو فيما يخصّ الرسول أو الرسالة، فمثلا يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا ) ( الأحزاب 53 ). تبدو ( المحلية ) محددة هنا ببيوت النبى وقتها فى المدينة حيث كان يتوافد عليها الصحابة بإذن وبدون إّذن ، يأكلون ويتسامرون مما كان يؤذى النبى عليه السلام . وبسبب خلقه الرفيع كان يستحى من نصحهم وجرح مشاعرهم وهم فى بيته.هذه المحلية فى الزمان والمكان والأشخاص وتصرفاتهم ترتبط بقضية عامة فوق الزمان والمكان ، وهى خصوصية بيت النبى لأنه مهبط الرسالة،ولأن صاحب هذا البيت لا بد أن يجد وقتا للراحة والخصوصية ولأنه صاحب مهمة عظمى أو رسالة. نسى الصحابة الطفيليون هذا كله ، وهو حق .ولأن الله جل وعلا لا يستحيى من الحق فقد أنزل فى هذا الموضوع قرآنا ، بدأت الآية بالنبى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ) ( إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ ) ثم جاء التعليل بالالتفات الى مصطلح الرسول لتوضيح حرمته ومكانته وخصوصيته : ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا).
3/ 3 وقد سبق أن النبى حين يقرأ القرآن أو يحكم به فهو الرسول،فلا صوت يعلو فوق صوت النبى .هنا صوت النبى المادى المسموع ، ولكنه صوت ينطق بالقرآن، فيلحقه التشريع الذى يأمربالاستماع والانصات حين يتلى القرآن:(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)( الأعراف 204 ) والذى يشير الى الى طبيعة المشركين فى التشويش على القرآن حين يتلى لمنع المؤمنين من الانصات اليه : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) ( فصلت 26 ). بهذا نفهم قوله جل وعلا :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ) هنا صوت مسموع للنبى بجسده، ولكنه بالقرآن يكون صوت رسول الله حسبما توضح الآية التالية :(إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)( الحجرات 2 " 3 )
3 / 4 : واللغو والتشويش الذى كان يمارسه المشركون فى مكة أعاده المنافقون بصورة أشدّ مكرا وأضل سبيلا ، وهى المناجاة وتحويل إهتمام المؤمنين فى المدينة الى إشاعات وتهامسات ونجوى بالإثم والزور لصرف المؤمنين عن القرآن أو الرسول ،أى لمنع المؤمنين من التركيز فى الاستماع للرسول ،أى للنبى حين كان يعظ ويذكّر ويقرأ القرآن .هنا نجد التشريع الخاص بوقته ومكانه بالنسبة للرسول أى النبى حين يقرأ القرآن ويحكم بالقرآن ، يقول جلّ وعلا :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) (المجادلة 8 : 13 )
3 / 5: ومن هذا التشريع ما نزل بعد معركة بدر واختلاف الصحابة فى توزيعها ، فجاء التشريع القرآنى مرتبطا بمصطلح الرسول ، فالرسول هو الذى يحكم بالقرآن ، وهو الذى يوزّع الغنائم طبق ما جاء فى القرآن .وقد سألوا النبى عن حكم الأنفال ، فنزل الحكم على لسانه بصفته الرسول : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )، وتأتى الآية التالية تذكرهم بالله جل وعلا وخشيته عند سماع إسمه العظيم أو تلاوة كتابه الكريم : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) ( الأنفال 1 : 2 ). ثم جاء تفصيل تشريع الغنائم :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( الأنفال 41 ). فخمس الغنائم لله جل وعلا ولرسوله ـ أى كتابه ورسالته ودينه ـ ويتم توزيع هذا الخمس على خمس هم الرسول محمد وذوى قربى المؤمنين واليتامى والمساكين وابن السبيل . وبعد موته عليه السلام يكون نصيبه فى الغنائم الى الدعوة بالقرآن ، أى الرسالة ، فالرسول قائم بيننا طالما بيننا كتاب الله جل وعلا نتلوه. نفس الحال فى توزيع الفىء أو ما يفىء الى بيت المال ، يقول جل وعلا : (مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الحشر 7 ). هنا حكم الله جل وعلا ، كان يطبقه رسول الله محمد عليه السلام فى حياته ، وبعد موته يجب تطبيقه وفق ما جاء فى الرسالة أو القرآن القائم مقام الرسول بيننا.
3/ 6 : وطبعا يوجد تشريع خاص بالنبى وزمانه ومكانه ، وينزل الوحى يعلّق ويعقّب على ما حدث ويعطى توجيهات ، كقوله جل وعلا عقب معركة بدر : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )(الانفال 64 : 71 ) . . ومثله تشريع آخر عن الزىّ للمؤمنات خاص بمكانه وزمانه ولا شأن له بعصرنا وهو قوله جل وعلا لخاتم النبيين:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) . وتوضح الآية التاية سبب هذا التشريع الخاص بزمانه ومكانه وظروفه ، وهو وجود المنافقين الآمرين بالمنكر والناهين عن المعروف فى طرقات المدينة ( التوبة 67 ) ، لذا يتوعدهم الله جل وعلا بأقسى تهديد ، يقول : (لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلا) ( الأحزاب 59 : 60 ).
هذا .. والله جل وعلا هو الأعلم ..وهو المستعان ..
شكرا للدكتور وبارك الله فيك على هذا التوضيح المفيد لكل مسلم صالح مهتدى بالقران فقط
والله بشهد انى احبك فى الله يادكتور احمد انت وجميع اهل القران
السلام عليكم ورحمة الله
لقد كتب الدكتور احمد صبحي منصور بارك الله فيه التالي:
""النبى" هو شخص محمد بن عبد الله فى حياته وشئونه الخاصة وعلاقاته الإنسانية بمن حوله، وتصرفاته البشرية."
وهنا حسب رأيي المتواضع لا اتفق بحصر هذا التعريف الذي ارى فيه صحته ولكنه يرى فقط الجانب البشري وربطه بكلمة النبي.وانما يجب اضافة الفارق الرئيسي بين الكلمتين الذي تم عكسه بالموضوع او بالاحرى تم تغيبه بشكل لا ارادي طبعا.
1. اود ان اؤكد اولا ان المصطلحين لا يتناقضان ولكن لكل منهما مهمته المحددة في كلمات الله، هذا من ناحية. اما الناحية الاخرى والذي لا يجب ان ننساه ان النبي او الرسول بشر مثلنا وانما يوحى اليه، وهذا هو الفارق الوحيد بينه وبيننا، فان قلنا نحن البشر الان النبي او الرسول فهذا لا فرق فيه حسب عصرنا الحديث، (حيث هنا استطيع استعمال الكلمتين بدون ان يكون هناك فرق بالنسبة لي انا المتكلم حاليا). لكن اذا اردنا ان نعود الى عصر النبي او الرسول عليه الصلاة والسلام فاننا نرى من الايات القرانية ان كلمة الرسول كانت تخص تعامل الناس او المسلمين او المؤمنين مع النبي وتصرفاتهم اتجاهه، من طاعة او عصيان او مخالفته في بعض الامور او ما شابه. يعني كيفية التعامل مع الرسول مباشرة من قبل البشر او تعامل الرسول مع الناس... اما كلمة النبي فتم استعمالها عندم يتم مخاطبته من قبل رب العالمين سبحانه وتعالى حيث تمت التفرقة بين ما يقوله الله للنبي من كلام( موجة اليه وليس هوى بعض الاشخاص) وبين ما يقوم به الناس من تصرفات مع الرسول .. وهذا واضح من جميع الايات القرانية التي ممكن الرجوع اليها في اي وقت للتأكد من ذلك.
لذا حسب اعتقادي الشخصي قلت انه تم عكس الكلمتين بالموضوع: اي ان الرسول هو ما يخص تعامل الشخص محمد مع الناس وتعامل الناس مع محمد وليس مع الله وهذه النقطة الاولى التي عرفها الدكتور بالنسبة لكلمة النبي بدلا من تعريفها لكلمة الرسول. وان النبي هو ما يخص تعامل محمد مع الله عز وجل او كيفية تكلم الله مع النبي وليس مع الناس (لذلك يقول الله للناس "اطيعوا الله واطيعوا الرسول) ومن ثم يقول مبشارة للنبي/الرسول " يا ايها النبي"..
ولكن يجب ان لا ننسى الشي الاساسي انه يجب علينا كمسلمين اتباع ما علمنا الرسول اي رسالته (وهنا اتفق مع تفسير الدكتور) . لكن في عصرنا هذا مجاز ان نقول ما علمنا الرسول او ما علمنا النبي فلا اختلاف بينهما من ناحية الشخص الذي ادى الرسالة. اما لو كان الرسول/النبي بيننا في هذا الزمن لكان من المفروض ان نقول نتبع الرسول، نكلم الرسول، نؤمن بالرسول، يشهد علينا الرسول , ونترك كلمة النبي ما دام التعامل قائم عن طريق الوحي بين الله ونبيه/رسوله البشر الذي يوحى اليه. والله اعلم والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- { وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } المائدة92
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }التغابن12
كما أن كلمة " رسولنا " في الآيتين بنفس الشكل تؤكد مهمة الرسول في التبليغ أو بلفظ القرآن " البلاغ المبين "
ابدأ تعليقي بشهادة ان لا اله الا الله معلنتا ايماني الشديد والعميق بوجود الله سبحانه وتعالي الذي ميز الانسان عن غيره من المخلوقات بالعقل ولم يكن التمييز هباءا انما كان لهدف الاهي وهو الوصول والتأكد من الوجود الاهي بالعقل والمنطق والاكثر من هذا تقدير المولي عز وجل للانسان وذلك باحترام عقله وتفكيره حيث انزل الله سبحانه وتعالي القران الكريم بكيان بحاجة للتفكير و التدبر فيه واستخدام العقل لفهمه ومن الدلائل علي هذا السؤال المطروح امامنا فمن المعروف لدي كل شخص بان المقصود بالرسول هو محمد والمقصود بالنبي محمد ايضا ولكن اذا دققنا النظر والتفكير والتدبر في ايات القران الكريم لعرفنا ما هو ابعد من ذلك فليس المقصود بالرسول محمد فقط انما يمتد ليصل الي الرسالة الالهية.نعم وهذا هو فائدة العقل؟!!
يكثر الكلام عن هذه الآية باعتبار أنها تأمر بطاعة الرسول عليه السلام ، وقد تناسى من يقولون ذلك انها مقطوعة عن سياقها وسياقها الحقيقي جاء في توزيع الغنائم : {مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7
لم يطلب منهم الرسول الكريم أن يقولوا ما لم يقله ، فلماذا هم يصرون على وصف الرسول بما لم يصفه به رب العزة في كتابه العزيز ؟! إن بعض الناس منهم يتعامل مع الموضوع بحسن نية بلغة العامة ... ولكن جهنم دائما محاطة بحسن النوايا .. أليس كذلك ؟!!!!!
.
شكراً دكتور أحمد على هذا التوضيح الشافي والوافي، ندعوا لكم بالتوفيق
أستاذي الكريم. إذا كانت طاعة الرسول تعني طاعة القرآن أي الرسالة، فكيف إذاً نطيع الله؟ أليس بطاعة القرآن؟ أي كلام الله؟
في هذه الحالة يكون معنى الآية أطيعوا القرآن و أطيعوا القرآن؟ أرجو التوضيح و جازاكم الله خيراً
أستاذي الكريم. يأمرنا الله جل و علا في هذه الآية الكريمة بأمرين "أطيعوا الله و أطيعوا الرسول". أنا كمسلم لا أؤمن إلا بالقرآن (و كفى) كلام الله، أرى طاعة الله تعني طاعة كلامه أي القرآن الكريم. يبقى الأمر الآخر و هو طاعة الرسول. حضرتك تقول طاعة الرسول تعني طاعة القرآن. إذاً لماذا يأمرنا الله تعالى بأمرين و المضمون واحد؟ شكراً سيدي الكريم.
يكفي أن يقرأ السائل الكريم في كتابكم المذهل (القرآن وكفى) العبارة التالية:
أما كلمة الرسول فلها فى القرآن معان كثيرة هى:
• الرسول بمعنى النبى: ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين﴾ (الأحزاب 40).
لفت نظري هذا الشطر من مقالتكم : "وعليه فإن مصطلح النبى فهو ما يخص علاقاته بمن حوله والتشريعات الخاصة به والمحددة بالمكان والزمان" ....... فما رأيكم يادكتوري العزيز في هذه الآية : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا))[الأحزاب:56] صدق الله العظيم
هل هذه الآية أيضا تخضع للتشريعات الخاصة بالنبي والمحددة بالمكان والزمان كما قلتم ؟ أم ان المؤمنون مؤمورون في كل زمان ومكان بالصلاة والتسليم على النبي ؟
اذا التزمنا بمصطلح النبي كما شرحتموه فهل نحن في هذا الزمان نوفمبر 2015 وفي شتى أصقاع الأرض (اختلاف المكان) غير مؤمورين بالصلاة والتسليم على النبي ؟ لو كان الجواب نعم نحن مؤمورون أيضا في هذا الزمان وفي كل زمان وفي كل مكان بالالتزام بأمر المشرع جل في علاه بالصلاة والتسليم على النبي فلقد سقط هذا المصطلح الذي تنظرون له! وان كان ليس الأمر كذلك فلماذا لم يقل رب العزة ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الرسول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) ؟ بما أن الرسول يعني أحيانا القرآن العظيم كما تفضلتم بالشرح في مقالكم القيم ولأن النبي توفاه الله أما الرسول أي القرآن العظيم مازال بين أيدبنا محفوظا !
تحياتي وبارك الله في عمرك وفي صحتك
ملحوظة : أعلم فكرتكم فيما يخص الصلاة على النبي عليه وعلى النبيين والمرسلين أجمعين السلام
هممممممممممممم .... أعتقد أن "الالتفات" يجيب على سؤالي لكم ... فقد قال رب العزة في الآية التالية للآية التي سألتك عنها :
ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ... صدق الله العظيم
شكرا وتحياتي
(( 3 / 2 : الالتفات فى التشريع من النبى الى الرسول لبيان سبب التشريع ، وهو فيما يخصّ الرسول أو الرسالة )) د. أحمد صبحي منصور
السائل الكريم يقول : ( أنا أقرا هذه الأيام كتابك الرائع (القرآن و كفى)، ولدي سؤال أرجو أن تجيبني عليه بخصوص الفرق بين معنى النبي و الرسول . فليست كل الآيات القرآنية تتفق مع التعريف الذي حددته : أمثلة : (الرسول) :قوله تعالى (إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة)و (يسألونك عن الانفال قل الانفال لله و الرسول) و قوله تعالى (و الذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم) و قوله تعالى (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ).
أمثلة : (النبي): قوله تعالى:(يا ايها النبي قل لازواجك و بناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن)(يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى ). هل هذه الآيات تتفق مع تعريفك للنبي و الرسول ؟النبى" هو شخص محمد بن عبد الله فى حياته وشئونه الخاصة وعلاقاته الإنسانية بمن حوله، وتصرفاته البشرية.ومن تصرفاته البشرية ما كان مستوجباً عتاب الله تعالى، لذا كان العتاب يأتى له بوصفه النبى، كقوله تعالى ﴿يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك؟ تبتغى مرضات أزواجك؟!..﴾ (التحريم 1) . ويقول تعالى فى موضوع أسرى بدر ﴿ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة﴾ (الأنفال 67). ويقول له ﴿وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأتى بما غل يوم القيامة﴾ (آل عمران 161). وحين استغفر لبعض أقاربه قال له ربه تعالى ﴿ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم﴾ (التوبة 113). وعن غزوة ذات العسرة قال تعالى ﴿لقد تاب الله على النبى والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه فى ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم..﴾ (التوبة 117).وقال تعالى يأمره بالتقوى واتباع الوحى والتوكل على الله وينهاه عن طاعة المشركين ﴿يا أيها النبى اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيماً. واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا. وتوكل على الله..﴾ (الأحزاب 1: 3). كل ذلك جاء بوصفه النبى.وكان الحديث القرآنى عن علاقة محمد عليه السلام بأزواجه أمهات المؤمنين يأتى أيضاً بوصفه النبى ﴿يا أيها النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلا﴾ (الأحزاب 28).
﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله..، .. وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله﴾ (النساء 80، 64) والنبى محمد بصفته البشرية أول من يطيع الوحى القرآنى وأول من يطبقه على نفسه.. وهكذا ففى الوقت الذى كان فيه (النبى) مأموراً باتباع الوحى جاءت الأوامر بطاعة (الرسول) أى طاعة النبى حين ينطق بالرسالة أى القرآن ﴿قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول..﴾ (النور 54). ولم يأت مطلقاً فى القرآن "أطيعوا الله وأطيعوا النبى" لأن الطاعة ليست لشخص النبى وإنما للرسالة أى للرسول. أى لكلام الله تعالى الذى نزل على النبى والذى يكون فيه شخص النبى أول من يطيع..كما لم يأت مطلقا فى القرآن عتاب له عليه السلام بوصفه الرسول.ولكلمة النبى معنى محدد هو ذلك الرجل الذى اختاره الله من بين البشر لينبئه بالوحى ليكون رسولاً. أما كلمة الرسول فلها فى القرآن معان كثيرة هى: الرسول بمعنى النبى: ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين﴾ (الأحزاب 40). الرسول بمعنى جبريل ﴿إنه لقول رسول كريم. ذى قوة عند ذى العرش مكين. مطاع ثم أمين. وما صاحبكم بمجنون. ولقد رآه بالأفق المبين﴾ (التكوير 19: 23). الرسول بمعنى الملائكة: ملائكة تسجيل الأعمال ﴿أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم؟ بلى ورسلنا لديهم يكتبون﴾ (الزخرف 80). ملائكة الموت ﴿حتى إذا جاءت رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله﴾ (الأعراف 37). الرسول بمعنى ذلك الذى يحمل رسالة من شخص إلى شخص آخر، كقول يوسف لرسول الملك "ارجع إلى ربك" فى قوله تعالى: ﴿وقال الملك ائتونى به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك..﴾ (يوسف 50).الرسول بمعنى القرآن أو الرسالة، وبهذا المعنى تتداخل معنى الرسالة مع النبى الذى ينطلق بالوحى وينطبق ذلك على كل الأوامر التى تحث على طاعة الله ورسوله.. فكلها تدل على طاعة كلام الله الذى أنزله الله على رسوله وكان الرسول أول من نطق به وأول من ينفذه ويطيع والرسول بمعنى القرآن يعنى أن رسول الله قائم بيننا حتى الآن ، وهو كتاب الله الذى حفظه الله إلى يوم القيامة، نفهم هذا من قوله تعالى ﴿وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله؟ ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم﴾ (آل عمران 101) أى أنه طالما يتلى كتاب الله فالرسول قائم بيننا ومن يعتصم بالله وكتابه فقد هداه الله إلى الصراط المستقيم . ينطبق ذلك على كل زمان ومكان طالما ظل القرآن محفوظا ، وسيظل محفوظا وحجة على الخلق الى قيام الساعة..وكلمة الرسول فى بعض الآيات القرآنية تعنى القرآن بوضوح شديد كقوله تعالى ﴿ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله﴾ (النساء 100).فالآية تقرر حكماً عاماً مستمراً إلى قيام الساعة بعد وفاة محمد عليه السلام. فالهجرة فى سبيل الله وفى سبيل رسوله- أى القرآن- قائمة ومستمرة بعد وفاة النبى محمد وبقاء القرآن أو الرسالة.وأحياناً تعنى كلمة "الرسول" القرآن فقط وبالتحديد دون معنى آخر. كقوله تعالى ﴿لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا﴾ (الفتح 9)فكلمة "ورسوله" هنا تدل على كلام الله فقط ولا تدل مطلقاً على معنى الرسول محمد. والدليل أن الضمير فى كلمة "ورسوله" جاء مفرداً فقال تعالى ﴿وتعزروه وتقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا﴾ والضمير المفرد يعنى أن الله ورسوله أو كلامه ليسا اثنين وإنما واحد
3 / 2 : الالتفات فى التشريع من النبى الى الرسول لبيان سبب التشريع ، وهو فيما يخصّ الرسول أو الرسالة، فمثلا يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا ) ( الأحزاب 53 ). تبدو ( المحلية ) محددة هنا ببيوت النبى وقتها فى المدينة حيث كان يتوافد عليها الصحابة بإذن وبدون إّذن ، يأكلون ويتسامرون مما كان يؤذى النبى عليه السلام . وبسبب خلقه الرفيع كان يستحى من نصحهم وجرح مشاعرهم وهم فى بيته.هذه المحلية فى الزمان والمكان والأشخاص وتصرفاتهم ترتبط بقضية عامة فوق الزمان والمكان ، وهى خصوصية بيت النبى لأنه مهبط الرسالة،ولأن صاحب هذا البيت لا بد أن يجد وقتا للراحة والخصوصية ولأنه صاحب مهمة عظمى أو رسالة. نسى الصحابة الطفيليون هذا كله ، وهو حق .ولأن الله جل وعلا لا يستحيى من الحق فقد أنزل فى هذا الموضوع قرآنا ، بدأت الآية بالنبى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ) ( إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ ) ثم جاء التعليل بالالتفات الى مصطلح الرسول لتوضيح حرمته ومكانته وخصوصيته : ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا).
3/ 3 وقد سبق أن النبى حين يقرأ القرآن أو يحكم به فهو الرسول،فلا صوت يعلو فوق صوت النبى .هنا صوت النبى المادى المسموع ، ولكنه صوت ينطق بالقرآن، فيلحقه التشريع الذى يأمربالاستماع والانصات حين يتلى القرآن:(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)( الأعراف 204 ) والذى يشير الى الى طبيعة المشركين فى التشويش على القرآن حين يتلى لمنع المؤمنين من الانصات اليه : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) ( فصلت 26 ). بهذا نفهم قوله جل وعلا :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ) هنا صوت مسموع للنبى بجسده، ولكنه بالقرآن يكون صوت رسول الله حسبما توضح الآية التالية :(إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)( الحجرات 2 " 3 )
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,871,875 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
آل البيت: من هم اهل البيت في آی 33 سورةا لاحزا ب ...
علماء اهل الكتاب: يقول تعالى : وَيَق ُولُ الَّذ ِينَ ...
من إلحاد الى إيمان: أنا عراقي نشأت في عائلة يسمون أنفسه م ...
مسألة ميراث : توفيت إمرأة و لها : و لها ( أخ و أختين أشقاء ) و...
( إن ) الشرطية : قَالَ اللَّ هُ سُبْح َانَه ُ: {الَّ ِينَ ...
more
شكرا دكتورنا الكبير على هذا التوضيح الجميل
فعلا هناك الكثير من الناس يختلط عليهم الفرق بين صفة الرسول وصفة النبي والكثير منهم يرجع العصمة لصفة النبي بينما العصمة تكون للرسول فقط (أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)
محمد عليه الصلات والسلام كان إنسانا يتمشى في الأسواق ويتزاوج ويغضب ويأكل ويمرض شأن أي شخص عادي جدا (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا) لم تكن له أي معجزة مادية سوى القرآن الكريم (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) عكس ما يريد أن يصوره البعض في كتب الثرات لكن جاء القرآن الكريم مبينا لسيرته ولحياته ومن حوله (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ)
الا أننا يجب أن نميز بين الفرق بين صفة الرسول التي تعني المنهج أو الدستور ( إفعل ولا تفعل) وصفة النبوة الأقرب الى الجانب البشري في تطبيقة لأوامر الرسالة , بمعنى أوضح النبي مطالب بإتباع أوامر الرسول ( المنهج) (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) ويمكن للنبي أن يخرج عن أوامر الرسول في بعض الأحيان ويأتيه التبيه للنبي وليس للرسول من الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ..
لذلك كان أمر الطاعة للرسول (المنهج = القرآن) على مجمل النص القرآني (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) , ولن تجد آية واحدة تأمر بإطاعة النبي ذلك الجانب البشري من صفته صلى الله عليه وسلم . عكس ما تروج له الفرق الإسلامية بضرورة اتباع واطاعة ولي الأمر (البشر) ..
مات محمد عليه الصلات والسلام لكن لايزال الرسول موجود بيننا مادام المنهج = القرآن محفوض من لدن رب العالمين (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) لذلك نجد آيات كثيرة صالحة لك زمان تخاطب الرسول بيننا ك (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) و (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم) بمعنى مادامت تتلى علينا آيات الله (القرآن = المنهج = الرسالة) فسيكون فينا رسوله في أي عصر لانه وكما قلنا صفة الرسالة مرتبطة بالمنهج..