25 سنة من عهد الملك محمد السادس بين الحصيلة و الافاق المستقبلية ؟

مهدي مالك Ýí 2024-07-22


     

25 سنة من عهد الملك محمد السادس بين الحصيلة و الافاق المستقبلية ؟

 

مقدمة مطولة                                         

سيحتفل الشعب المغربي قاطبة في يوم 30 يوليوز القادم بكل الفخر و الاعتزاز بعيد العرش المجيد أي يوم جلوس امير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله على عرش اسلافه الشرفاء رضي الله عنهم باعتبارهم من اهل البيت النبوي الشريف.

ان من عادات الأجداد الامازيغيين الحميدة و النابعة من ايمانهم القويم بالدين الاسلامي هي الاعتناء باهل البيت النبوي الشريف ورفعهم الى اعلى المراكز الدينية و السياسية كما هو الحال بالنسبة للامارة الادريسية و للدولة العلوية الشريفة..

لكن في الشرق العربي فان الامر يختلف اختلافا جذريا لان الدولة الاموية قد مارست كل أصناف العذاب و الاهانات ضد اهل البيت النبوي الشريف منذ عهد علي بن طالب كرم الله وجه كما يسرد تاريخنا الإسلامي باسهاب حيث يتم لعن هذا الامام الفاضل من اعلى منابر بني امية الخ من هذه الحقائق التاريخية و الدالة  ان الاعراب كانوا لا يحترمون اسباط الرسول الاكرم طيلة العهد الاموي و العهد العباسي بدليل هروب ادريس الأول مع راشد الامازيغي الى المغرب الأقصى حيث الامن و الأمان و ترحاب اجدادنا الامازيغيين بسبط الرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم ..........

ان هذه المناسبة العظيمة في وجداننا الوطني تعتبر فرصة لتجديد الولاء و الإخلاص لملكنا الحبيب و لمسيرته الإصلاحية و التنموية طيلة 25 سنة من الزمان حيث ان مغرب سنة 1999 ليس بمغرب اليوم رغم كل شيء و رغم من وجود المشاكل الكثيرة و الطبيعية بحكم ان السلطة ابان الاستقلال الى سنة 1999 قد تركت ارثا ثقيلا من المشاكل و الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان المختلفة و غزو الأيديولوجيات الأجنبية منذ سنة 1930 من المشرق العربي على الخصوص و من الغرب المسيحي من قبيل الاشتراكية و الشيوعية الخ بمعنى ان هذا الإرث الثقيل لا يمكن تصفيته في ظرف 30 سنة لان من الصعب تغيير العقليات و الذهنيات الجامدة في كل القطاعات الحيوية ذات الارتباط الوثيق بالدين و بتاريخ هذا البلد الكريم و السياسة لان هذه الأشياء قد اساء توظيفها منذ حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956 لصالح الأحادية في كل شيء بغية انخراط المغرب في منظومة المشرق العربي السياسية ذات الصلة بالقومية العربية في اول الامر مع موجة أحزاب البعث و الناصرية ثم ذات الصلة بالإسلام السياسي الذي ادخل الى المغرب مفاهيم متطرفة للدين الإسلامي و مخالفة بشكل كلي مع طبيعة اسلام اجدادنا المساير للعصر و انظمته الناظمة للسياسة و الدين معا حيث يكفي الإشارة هنا ان اجدادنا الامازيغيين كانوا مثالا للاجتهاد الديني و السياسي انطلاقا من ما اسميه بالمرجعية الامازيغية الإسلامية  في مقالاتي أي يصعب تصفية هذا الميراث الثقيل بجرة القلم باعتباره عميق في بعض اطراف المخزن التقليدي التي تدبر الحقل الديني الرسمي او في اذهان أجيال متعاقبة من المغاربة منذ منتصف خمسينات القرن الماضي بحكم التعليم و التاطير الديني....

الى صلب الموضوع                            

و مع هذا الميراث الثقيل فان المغرب تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس طيلة 25 سنة قد حقق مجموعة من المكاسب التاريخية من قبيل المصالحة مع الامازيغية رغم كل المشاكل الجوهرية و النواقص التي نعرفها حاليا .

 ان الحركة الثقافية الامازيغية قد وقعت على ميثاق اكادير صيف سنة 1991 حيث في رايي المتواضع فان هذا الميثاق كان الاطار المرجعي للعمل الثقافي الامازيغي وقتها في ظل حكم الراحل الحسن الثاني القامع للامازيغية بكل ابعادها بصريح العبارة بمعنى ان الحركة الامازيغية كانت مجبرة آنذاك ان تساير تلك المرحلة بخطاب ثقافي صرف لا يتجاوز الى أمور سياسية مثل انتقاد أيديولوجية ما يصطلح عليه بالحركة الوطنية او الدفاع عن الإسلام الامازيغي الخ من هذه الأمور المستحدثة بحكم حيوية الحركة الامازيغية .

لقد جاء العهد الجديد بخطاب حداثي و ديمقراطي في السنوات الأولى من حكم الملك محمد السادس حيث بعد صدور البيان الامازيغي للأستاذ محمد شفيق في فاتح مارس 2000 بدا الحوار من بين القصر الملكي و النخبة الامازيغية استعدادا لقرار تاريخي قد اعلنه الملك محمد السادس في خطاب العرش ليوم 30 يوليوز 2001 الا و هو احداث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية ..

و قد سافر الملك محمد السادس الى قرية اجدير نواحي الاطلس المتوسط في يوم 17 أكتوبر 2001 ليعلن  من هنا ولادة الامازيغية كشرعية ثقافية و لغوية امام المغاربة و امام الأحزاب السياسية و امام النخبة الدينية الرسمية و اعتبر ملك البلاد ان الامازيغية هي مسؤولية وطنية لجميع المغاربة.

 و اعتقد ان ورش الثقافة الامازيغية و التعامل معه رسميا قد انطلق منذ خطاب اجدير التاريخي بخطى بطيئة نوع ما في ميادين التعليم و الاعلام و الوعي الجمعي حتى وصلنا الى مرحلة ترسيم الامازيغية في دستور فاتح يوليوز 2011 حيث ان الملك محمد السادس قد اعلن في خطابه الاستثنائي في يوم 9 مارس 2011 ان الامازيغية هي  صلب الهوية الوطنية بصريح العبارة  ..

غير ان هذا الإقرار الملكي الصريح بان الامازيغية هي صلب الهوية الوطنية لم يعطي أي دافع للأحزاب المعارضة للامازيغية تاريخيا لتغيير مواقفها السياسية و الأيديولوجية نحوها مثل حزب الاستقلال ذو نزعة الى ما يصطلح عليه بالسلفية الوطنية و حزب العدالة و التنمية ذو المرجعية الاخوانية و البعيدة كل البعد عن ما اصطلح عليه بالمرجعية الامازيغية الإسلامية .

ان المغرب في ظل عهد الملك محمد السادس قد فتح ورش حقوق الانسان بالشجاعة و الجراة النادرة عبر احداث هيئة الانصاف و المصالحة سنة 2004 كتجربة نموذجية على الصعيد الإقليمي و على الصعيد الإسلامي لان المغرب قد قرر فتح ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ببلادنا ما بين سنة 1956 و سنة 1999 من خلال تنظيم جلسات الاستماع العمومية تنقل عبر التلفزيون المغربي لضحايا سنوات الرصاص .

قد يقول قائل ان المغرب لم يصبح بعد بلد نموذج في حقوق الانسان بحكم حدوث التراجعات المؤلمة في حقوق الانسان بحكم ميراث الماضي الثقيل حيث ما حدث في منطقة الريف الجريحة منذ مقتل بائع السمك محسن فكري أواخر أكتوبر 2016 الى الحكم ب20 سنة سجنا على رموز حراك الريف في صيف 2018 يدخل ضمن هذا الميراث الثقيل لان الملك محمد السادس زار منطقة الريف عدة مرات و اشرف بنفسه على توقيع برنامج منارة المتوسط  الخ من هذه المؤشرات الدالة على اهتمام الملك محمد السادس بمنطقة الريف باعتبارها صنعت الملاحم و البطولات في بدايات القرن الماضي مع الشريف امزيان الى ثورة عبد الكريم الخطابي في معركة انوال الخالدة ضد الاسبان في يوم 21 يوليوز 1921 ثم تأسيس جمهورية الريف في شتنبر 1921 علما ان عبد الكريم الخطابي ليس انفصالي على الاطلاق بل كان وطني حتى النخاع بحكم وجود معطيات تاريخية مثل زيارة الراحل محمد الخامس اليه بالقاهرة الخ من هذه المعطيات التاريخية ...

و على كل حال على الدولة المغربية ان تجد حلا جذريا لمنطقة الريف و اطلاق سراح رموز حراك الريف في القريب العاجل لطي ملف منطقة الريف بشكل نهائي لان الجزائر بدات تلعب بورقة الريف مؤخرا عبر فتح التمثيلة لما يسمى بجمهورية الريف عندها علما ان المغرب الرسمي لم يعترف الى حد الان بجمهورية القبائل الفدرالية ...

ان المغرب هو بلد إسلامي يحكمه امير المؤمنين حسب الوثيقة الدستورية الحالية و حسب الواقع التاريخي لكن المغرب الرسمي قد ارتكب أخطاء مؤلمة في تدبير حقلنا الديني الرسمي منذ سنة 1956 كما شرحته في كتابي الأخير أي الامازيغية و الإسلام و أيديولوجية الظهير القامعة لهما بشكل مطول و صريح حيث نرى اليوم نتائج هذه الأخطاء المؤلمة على واقعنا الديني الرسمي و غير رسمي من خلال تيارات الإسلام السياسي التي اخذت على نفسها تاطير المؤمنين البسطاء بالمرجعية الوهابية و المرجعية الاخوانية الاجنبيتان عن المغرب كتاريخ و كحضارة استطاعت الملائمة بين هوية الأرض بمختلف تفاصيلها و الإسلام كدين و كمقاصد عليا تدعو الى الخير و اعمال العقل لمسايرة العصر دون التفريط بالدين كشان شخصي بين المؤمن و خالقه و منه لوحده ينتظر التواب او العقاب .

 ان امارة المؤمنين هي كنز من كنوز المغرب العزيز باعتبارها حافظة على الملة و الدين هنا في هذا البلد السعيد....

غير ان ميراث الماضي الثقيل مازال حي بنسب مختلفة في وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية التي تركت المجال العام لكل هيب و ديب ليحلل و ليحرم كاننا في السعودية بصريح العبارة او اننا في الخلافة الإسلامية...

 كما قلته في مقال سابق ان استعادة الوطنية المغربية هو ورش مستمر الى حد الان و اخذ طريقه اليوم بفضل الإرادة الملكية الواضحة و المعبر عنها في ترسيم راس السنة الامازيغية في هذه السنة كانجاز تاريخي يحسب لنضالات الحركة الامازيغية ببعدها الثقافي و السياسي منذ الجذور الأولى لهذه الحركة عبر مقالات الأستاذ محمد شفيق في سنة 1963.

 و عبر بين سطور كتب المرحوم سيدي المختار السوسي لان الإسلاميين و فقهاء الوهابية الجدد سوس اخذوا يتعاملون مع الحركة الامازيغية كانها ابنة الغرب المسيحي الشرعية و تسعى الان حسب منظور هؤلاء السلف  الى فرض مجموعة من القيم الغربية من قبيل العلاقات الرضائية او الالحاد او العلمانية المعروفة لدى الإسلاميين منذ سنة 1928 الى الان الخ من هذا الكلام السخيف و المضحك للاستهلاك الداخلي و لدى قررت عدم الخوض في النقاش العمومي حول مدونة الاسرة منذ شتنبر الماضي اللهم بعض التدوينات القليلة في الفيسبوك ..

لكنني خوضت نقاش اخر منذ شتنبر الماضي في ما اسميه الان بالمرجعية الامازيغية الإسلامية عبر 5 مقالات منشورة في موقع اهل القران حيث حاولت من خلالها التنظير لهذا المصطلح الجديد و المخترع من طرف هذا العبد الضعيف لله لان الكثير من المناضلين الامازيغيين قد تحدثوا كثيرا منذ سنة 2004 عن ما نسميه الان بالإسلام الامازيغي من قبيل المرحوم الأستاذ احمد الدغرني و الأستاذ احمد الخنبوبي و الأستاذ عبد الله بوشطارت و الأستاذ عمر افضن الخ و بالإضافة الى الأستاذ احمد عصيد في العديد من المناسبات  .

ان الإسلام الامازيغي هو اسلام تاريخي للمغاربة في اغلب مناطق المغرب ذات العوائد الامازيغية قبل سنة 1912 باستثناء ارض المخزن المحدودة في مدن المركز على ما اعتقده و فهمته من كلام هؤلاء المناضلين الامازيغيين لان بكل وضوح  ان اجدادنا الامازيغيين هم البناءة الحقيقيون للحضارة الاسلامية المغربية و المغاربية منذ طرد بني امية الغزاة من طرف اجدادنا الامازيغيين المسلمين من مغربنا هذا سنة 740 ميلادية بسبب ان هؤلاء الاعراب اساءوا السيرة مع السكان الأصليين باستباحة الاعراض و ارسال الجدات الامازيغيات الى دمشق باعتبارهن جواري للخليفة للاستمتاع بهن في الفراش ..

و قلت في نفس المقال و الان بعد هذا العرض المتواضع يأتي دوري ككاتب متواضع قد صدر له كتاب تحت عنوان الامازيغية و الإسلام و أيديولوجية الظهير القامعة لهما في صيف سنة 2023 لشرح هدفي من اختراع مصطلح المرجعية الامازيغية الإسلامية الان لان في منطقة سوس العالمة ظهر تيار وهابي خطير منذ سنة 2018 يستهدف تشويه كل معالم الهوية الامازيغية الثقافية و الفنية و الدينية عبر إحالة هذه المعالم الى الالحاد او العلمانية كما قدمها التيار الإسلامي منذ سنة 1928 الى حدود الان أي انها ضد الدين الإسلامي و أنماط تدينه المختلفة و يعتمد هؤلاء الدخلاء الى منطقة سوس على استعمال الامازيغية السوسية للدخول الى البيوت في القرى او في المدن على السواء و بالتالي الدخول الى عائلاتنا المحافظة بمعناه الإيجابي او السلبي لأننا كبرنا جميعا في هذا الوسط الذي يميل الى التدين و هو شيء جميل في حد ذاته لانني متدين كما وجدت عليه اجدادي يفعلون منذ قرون قد خلت .

ان ليس العيب في التدين في حد ذاته و انما العيب كل العيب في

 الفكر الوهابي المكفر لكل معالم هويتنا الامازيغية الإسلامية بسوس بدون اية استثناءات امام وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية و الوصية على توفير الامن الروحي للمغاربة المسلمين في اغلبيتهم الساحقة و المغاربة ذوي الديانات الأخرى دون ادنى شك ..

ان المرجعية الامازيغية الإسلامية  ليست ضد احد من المغاربة بمختلف اصولهم حسب ما يعتقده اغلب الناس على اية حال و دياناتهم الخ حيث هناك من سيقول ان هذا استغلال للدين في السياسة لان استغلال الدين لنتقدم في التنمية و في التقدم هو امر إيجابي بالنسبة لي لان  هذه  المرجعية تهدف في نهاية المطاف الى تمزيغ الدولة و المجتمع في افق 50 سنة قادمة عبر احياء القوانين الوضعية الامازيغية داخل الدولة و احياء نظام الكونفداليات الجهوية و تطويرها لكي تتناسب مع النظام الفدرالي كافق واعد بالنسبة للمغرب في السنوات القادمة و خصوصا عندما يطبق المغرب مخطط الحكم الذاتي في أقاليم الصحراء الغربية المغربية ...

لا شك ان من قرا كتابي الأخير سيلاحظ ان في نهايته اقترحت فكرة إعادة تاهيل حقلنا الديني الرسمي على أساس امازيغية المغرب عبر 10 نقاط جوهرية حيث ان هذا المشروع المستقبلي يحتاج الى حزب ذو المرجعية الامازيغية الإسلامية و يحتاج الى الإرادة العليا بطبيعة الحال لانني ملكي حتى النخاع و الملكية تعد صمان الامان ضد نزعات الإسلاميين الخفية الخ و العاقل سيشاطر راي هذا العبد لله.

ثم ان المرجعية الامازيغية الإسلامية هي دعوة لاعادة روح الإسلام الامازيغي الى حيز الوجود في الملائمة  بين النصوص و الواقع داخل الدولة الحديثة و ليس داخل دولة الخلافة حيث هناك فرق عظيم بين من يسعى الى المستقبل و من يسعى الى الماضي المعسول....

 و استحضر هنا  عندما أسس حزب الاستقلال سنة 1944 أسس على المرجعية العربية الإسلامية أي العروبة العريقة و الإسلام المخزني  حيث ان الاستغلال الإيجابي للاسلام هو امر محمود لاستعادة الوطنية المغربية من المشرق العربي و تمزيغ الدولة و المجتمع.......

و لن انسى ان عهد الملك محمد السادس الزاهر تحققت الرياضة المغربية احلى إنجازاتها

  على الاطلاق حيث يتذكر الشعب المغربي بكل الفخر و الاعتزاز الإنجاز الاعجازي الذي حققه منتخبنا الوطني لكرة القدم في كاس العالم بقطر في شتاء سنة 2022 بوصوله التاريخي الى دور النصف النهائي كاول منتخب افريقي و مسلم يصل الى هذا المستوى العالي.

ان تنظيم كاس العالم لكرة القدم ببلادنا كان حلم منذ اكثر من 30 سنة و الان سيصبح  حقيقة في سنة 2030 مع البرتغال و اسبانيا باذن الله حيث ان المغرب بفضل القيادة الحكيمة للملك محمد السادس يسير بخطى ثابتة نحو الأفضل و الاحسن .........

المهدي مالك 

اجمالي القراءات 452

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-12-04
مقالات منشورة : 276
اجمالي القراءات : 1,370,735
تعليقات له : 27
تعليقات عليه : 29
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco