د. شاكر النابلسي Ýí 2010-06-10
من هو الرابح، ومن هو الخاسر من تلكؤ بعض السياسيين العراقيين، في تسليم السلطة للفائزين الأكثر حظاً، في الانتخابات التشريعية الأخيرة؟
وهل سيشهد العراق المزيد من ضياع الوقت، وتعطيل مشاريع التنمية والإنماء والإعمار، وهو البلد الذي أشد ما يكون حاجة لمثل هذه المشاريع، بعد سنوات طويلة أهملت فيها العهود السابقة، مثل هذه المشاريع، والتفتت إلى بناء القصور الفخمة، وخوض حروب طويلة، ومهلكة، وخاسرة، ومجانية؟
مقتل الديمقراطية بدم بارد
وهل ستصبح أقوال بعض الزعماء السياسيين العراقيين واقعاً سياسياً أليماً، أم كلاماً لغواً لا معنى له، كقولهم في فندق الرشيد ببغداد، وأمام زعماء عشيرة بني مالك: "أخذناها وبعد ما ننطيها"، و"الهاء" تعود هنا على السلطة، أو كرسي الحكم، أو رئاسة الوزراء، التي ظنَّ الدكتاتوريون الجُدد في العراق أنهم مخلدون فيها، وأنهم من القصر إلى القبر، كما كان يظنّ من قبلهم صدام حسين، الدكتاتور السابق.
أو قولهم كذلك: "لا يستطيع أحد أن يأخذها حتى نعطيها" أو كما قيل في 2/3/2009: "نعطيها للشيطان ولا نعطيها لهم" و"هم"، تعني هنا من سيفوز في الانتخابات التشريعية القادمة 2010.
إذن، رائحة الدكتاتورية الكريهة والنتنة، التي تفوح الآن من العراق، واضحة، وصريحة، وتزكم الأنوف، وتبعث على التقيؤ والقرف، وتقول للمؤمنين: اطلبوا الغوث، والرحمة من الله.
من هم الخاسرون والرابحون؟
الجواب على السؤال السابق، هو بكل بساطة ووضوح، الشعب العراقي والوطن العراقي هو الخاسر. أما الرابحون فهم كُثرُ في داخل العراق، وخارجه. أما في داخل العراق، فهم الدكتاتوريون الجُدد، الذي اقسموا قبل الانتخابات، أنهم لن يسلِّموا السلطة لأحد! وتعهدوا أمام العشائر، وعناصر حزبهم، أن لا أحد يستطيع نزع مُْلكَهم منهم. وكنتُ انتظر من هؤلاء، إعلان العراق دولة ملكية، وملوكها هم ملوك الطوائف الحالية، غير المتوجين، الذين يتناحرون على السلطة، تناحر الكواسر الجائعة على الفريسة.
وأما الرابحون خارج العراق، فلا شك أنهم هؤلاء المستفيدون مادياً، وعسكرياً،ً وسياسياً، ونووياً، من "ضياع الطاسة"، وفوضى الحكم، والفراغ السياسي، في العراق، وانشغال العراقيين والأمريكيين في التوفيق بين ملوك الطوائف العراقية، وإيجاد "صيغة حل" و "ترضية" تحول دون استيلاء الدكتاتوريين الجُدد على السلطة العراقية، وقَسَمُهم بأنهم سوف يعطون السلطة للشيطان، قبل أن يعطوها لصاحب الحق الدستوري والوطني.
بعض الخسائر المنظورة
لقد كانت، وستكون، خسارة الشعب العراقي كبيرة، تُضاف إلى جملة خسائره السابقة، من جراء هذا التلكؤ السياسي الذي يمارسه الدكتاتوريون الجُدد في العراق، ورفضهم تسليم السلطة لمن يستحقها، وتفضيلهم الشيطان (ومعروف هنا من هو الشيطان في هذه الحالة) على من يستحقها. وقد أجمل الزميل والأستاذ الباحث، والمحلل السياسي العراقي، غالب حسن الشابندر هذه الخسائر المنظورة في التالي:
1- مضاعفة تداعيات التجاذب الطائفي والعنصري.
2- تقوية دور العشائرية أكثر، وترسيخ هذا الدور بشكل أعمق، مما يساهم في ازدياد فرص ومجالات تمزيق اللُحمة الوطنية، حيث يضطر الناس الى اللجوء أكثر لعشائرهم، لمعالجة مشاكلهم، وحماية حقوقهم، وفضِّ خصوماتهم.
3- حصول فراغ أمني، وقضائي، وإداري. وسوف يُضطر المواطن نتيجة لذلك، إلى اكتشاف البديل، الذي يُسيِّر له أمور حياته، وشؤون يومه. وهنا يبرز دور الطائفة، والعشيرة، بشكل واضح.
4- ازدياد نزعة الانفصال القومي، والطائفي. فمن المعلوم أن العراق يعاني من شبه انقسام إثني وطائفي. ولا شك أن غياب الحكومة، يُسبب مزيداً من شحن هذه النزعة، ويساعد على تبلورها.
5- توسيع شقة الخلافات بين الكتل الفائزة. وهذا من شأنه أن يخلق خلافات جديدة داخل الائتلاف الواحد. وبالتالي، تتضاعف وتتزايد التناقضات بين الكيانات السياسية، وفي داخلها أيضاً. مما يوفر المزيد من فرص الفوضى السياسية، وما يمكن أن يلحق بذلك من فوضى أمنية، وإدارية، واقتصادية.
6- سوف تتوفر فرص مواتية أكثر، للدول الإقليمية صاحبة المصلحة في العراق. وسوف تعمل هذه الدول على تقوية نفوذها داخل العراق، نتيجة للفراغ السياسي القائم.
7- نشوء علاقة سلبية بين المواطنين العراقيين وبين الكثير من صُنّاع القرار السياسي، خاصة المُتصدين للعملية السياسية مباشرة.
خسائر أخرى مُحقَقة
ونضيف على هذه الخسائر التالي:
هل أصبحت مصر دولة "مدنية" لأول مرة ؟
هل مستقبل مصر السياسى فى ( الشوقراطية )
دعوة للتبرع
عن خُطب النبى: قلتم أن هناك الكثي ر من خطب كانت للنبى عليه...
تضييع الصيام: يلح علينا الإعل ام بتوصي ات من المذه ب ...
الاقتراب من الموت : فوجئت بمرض السرط ان ، ودخلت فى العلا ج ....
لميس ؟ أرجوك لا ..: زوجتى أمريك ية وولدت بنت ، أردت أن أسميه ا ...
احلام ومنامات: سمعت من احد الشيو خ الكبا ر عندنا ان الكذب فى...
more
تلك المقالة تمثل رؤية ثاقبة وعميقة لواقعنا العربى عامة والعراقى بشكل خاص بأسلوب المختصر المفيدالذىيشخص الداء الذى تمكن من حكامنا وشعوبنا معا
فمن يصل الى السلطة والحكم من تلك الشعوب بعد المعاناة من سابقيه من المستبدين يتملك منه فورا فيروس الإستبداد الذى أصاب من سبقه
والسبب ببساطه أن الإثنين الحاكم والمحكوم نتاج بوتقة ثقافية ودينية واحدة
ولا أمل فى الإصلاح إلابتغيير هذا الإنسان ثقافيا ودينيا للأفضل والأقوم والأعدل
حتى نستطيع إيجاد وإنتاج تلك النوعية من البشر التى تتعلم كيف تحكم وتحكم ( بفتح وضم التاء ) بالديمقراطية وحقوق الإنسان
وشكرا للدكتور / شاكر النابلسى على هذا التشخيص العميق الصائب
مع خالص الحب والتقدير