تدوين الأحاديث
هناك من يرى بأن الأحاديث كانت تدون فى عهد النبى عليه الصلاة والسلام , وأنه كان هناك عدة صحف كتبت فى عهده, وان بعض الناس أوصى لهم الرسول عليه الصلاة والسلام بكتابة الاحاديث .
وهناك اتجاه آخر يرى أن الرسول عليه الصلاة والسلام منع كتابة الاحاديث وقال لا تكتبوا عنى غير القرآن ومن كتب غيره فليمحه .
فما هو صحة أى من هذه الآراء.؟؟ ويقودنا هذا إلى العديد من التساؤلات
هل سمح الرسول عليه الصلاة والسلام بكتابة غير القرآن ثم منع ذلك؟
أم العكس هو الصحيح ,اى منع كتابة غير القرآن ثم سمح بكتابة غيره؟
أم منع كتابة غير القرآن مطلقا؟
أم سمح بكتابة غير القرآن على المطلق؟
هذه هى أربع تساؤلات لا بد للوصول الى أجابه حاسمة ومقنعة فيها.وسنعطى بعض التوضيحات التى ستساعد فى الوصول الى إجابة مقنعة
1-هناك كتب الصحاح وهى البخارى ومسلم و موطأمالك والنسائى و الترمذى وابن ماجه , هذه الكتب جميعا تم كتابتها بعد عهد الرسول بما يقرب من القرنين من الزمان واعتمد كتابها الست على الرواية من فرد الى فرد آخر إلى أن يصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وذلك عن طريق ما يعرف بسلسة الرواة والتي تمتد إلى حوالي 6 أجيال تقريبا
2- لم نر في هذه الكتب وخاصة البخارى ومسلم توقف فى سلسة الرواة عند اى صحيفه من الصحف السابق ذكرها .
بمعنى آخر لو أن هناك صحف كتبت فى عهد الرسول عليه الصلاة والسلام( غير الصحف السياسية والتنظيمية) وتوارثتها الاجيال حتى وصلت الى كتاب الاحاديث لاعتمدوا عليها لأنها فى هذه الحاله أصدق من الرواية الشفهية عن طريق سلسلة الرواه
3-اى أنه طبقا للمثل القائل (إذا حضر الماء بطل التيمم) فبذلك يكون علم الروايه والجرح والتعديل.......الخ غير ذى أهمية لأن بين ايديهم الصحف التى كتبت عن طريق من سمعوها من النبى عليه الصلاة والسلام بطريق مباشر (وكفى الله المؤمنين شر القتال) فى علم الجرح والتعديل وغيره ...
4-هناك من يرى أن منع الرسول لكتابة غير القرآن حتى لا يختلط القرآن الكريم بغيره وهى حجه بها عور شديد وظلم للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ولذكائه وفطنته والذى يقال عنه من أحد علماء الغرب أنه يستطيع أن يحل مشاكل العالم وهو يشرب فنجان من القهوة .
وبالمقارنه اليوم اذا عرضت هذه المشكلة على تلميذ بالإعدادي الأزهري لاستطاع بذكائه المحدود أن يحل هذه المشكله عن طريق تخصيص فريق عمل لكتابة القرآن وفريق عمل آخر لكتابة غير القرآن وبعد ذلك يتم مراجعتهم من قبل الرسول عليه الصلاة والسلام
5-هناك تساؤل فى علم الروايه أنه تم الاعتماد فى علم الجرح والتعديل فى تحديد مدى صدق الراوى عن الرسول ومدى قواه العقليه وسيرته الشخصيه . واعتمد علم الجرح والتعديل على آراء المعاصرين في الراوي
فهل هذا المقياس للحكم على الأشخاص يعتبر مقياسا إسلاميا قرآنيا؟
وللإجابة على هذا السؤال نرجع للقرآن الكريم حيث يقول الله عزوجل فى كتابه العزيز للرسول الكريم (ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى فى الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل فحسبه جهنم ويئس المهاد )صدق الله العظيم
فى هذه الآية الكريمة يقرر الله عز و جل بما لا يدع مجالا للشك أن هناك نوع من الناس فى كل زمان و مكان يستطيع خداع جميع البشر بما فيهم الأنبياء لدرجة أن خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام يعجب بقوله وهو ألد الخصام بنص القرآن الكريم أى أن جميع البشر يمكن خداعهم من أنبياء وغير أنبياء.
ومن زاويه اخرى هل يجوز رد أي خبر لمجرد أن قائله أو ناقله مشكوك فى سيرته او خلقه اوعقله أو أنه تابع لمعسكر الأعداء..؟
للإجابة على هذا السؤال أقرأ معى فى كتاب ربى العزيز الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه لا من خلفه
بسم الله الرحمن الرحيم (يأيها الذين آمنوا اذ جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )صدق الله العظيم
من هذه الاية الكريمة السابقه نستخلص منها الاتى
1 - يأيها الذين آمنوا اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا اى يجب التبين من صحة هذا النبأ
2- وذلك لكى لا يتم عن طريق هذا النبأ الخطأ إصابة قوم بجهالة
3- فتصبحوا على ما فعلتم نادمين
فى تحليل الثلاث نقاط السابقة يتضح لنا أنه لا يجوز رد أى خبر لمجرد أن قائله فاسق (ولمعرفة ما يعنيه لفظ فاسق ارجع الى المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) بل لا بد من التبين والتمحيص قبل القبول او الرد .
وهذه الرؤية القرآنية لشهادة الفاسق تعتبر مخالفة لعلم الجرح والتعديل الذى يعتمد اساسا على معرفة حال الرواة وبالتالى معرفة مدى صدق الحديث من عدمه.
هناك نقطه أخرى مهمة وهى ما هو مفهوم الشهادة؟
فالشهادة كما أوضحها رب العزة فى القرآن الكريم هى المشاهدة والمعايشة والسماع من المصدر نفسه،وليس عن طريق طرف ثانى او ثالث ونستخلص هذا المعنى من القرآن الكريم فى قوله تعالى عن عيسى بن مريم ( وإذا قال الله يا عيسى بن مريم ءأنت قلت للناس أتخذونى وأمى آلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى أن اقول ما ليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك أنك انت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن أعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ
شهيد ) المائدة 116-117
إذ أن مفهوم الشهادة وفقا للآيات السابقة وغيرها هو المعايشة حتى وإن كان الذى يشهد من الأنبياء ( الذين ذكر القرآن لهم علم الغيب) حيث ان الله سبحانه وتعالى اعطى بعض الأنبياءعلم الغيب وليس منهم النبى عليه الصلاة
والسلام يقول الله سبحانه وتعالى فىالكتاب العزيز عن النبى (قل لا أقول لكم عندى خزائن الله ولا أعلم الغيب..)
الأنعام 50 وإقرأ ايضا هود31 ، الأعراف 188 وغيرها .
وهذا الشرط يعتبر غير متوفر فى علم الجرح والتعديل الذى يعتمد على الحكم على الأشخاص ليس فقط من يعايشهم بعض الوقت بل يحكم على الأشخاص الذين ماتوا من وقت طويل يصل الى اربع اجيال .
وهو دخول في منطقة اختص الله سبحانه وتعالى وحده العلم فيها ومن يدعى الوصول إلى الحقيقة المطلقة فى مثل هذه الأشياء فإنما يتقمص دور الله سبحانه وتعالى في علمه للغيب.
اجمالي القراءات
21314
منع الرسول لكتابة غير القرآن حتى لا يختلط القرآن الكريم بغيره
هذا زعم فارغ ..
لأن القرآن لن يضره شيء ..لأن الله قد تعهد بحفظه
وفي الحقيقة هذه فضيحة كبيرة لأهل الحديث أن يقولوا أنه يمكن أن يختلط شيء بكلام الله القرآن ..لأن هذا معناه أنهم يعتقدون بإمكانية تغيير وتحريف القرآن وهذه فضيحة الفضائح
وهناك للأسف حديث صححه البخاري عن عمر يقول فيه :
لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله، ( لكتبت آية الرجم بيدي) !!!!!!!!!!!!!!!.
وهذه طامة ومأساة كبرى أن يعتقد البخاري وأهل الحديث أنه بإمكان مخلوق ( عمر أو غيره) إن رغب فهو يستطيع أن يغير ويحرف في كتاب الله ..ولا يمنعه من ذلك سوى كلام الناس
فهذه وصمة عار واضحة في كتاب البخاري أن يعتقد عبيد البخاري والأسانيد أن القرآن في الإمكان العبث به بإضافة جملة إليه وجعلها من النص القرآني