من وحى الموقع:
كانوا رجال دولة

مصطفى اسماعيل حماد Ýí 2023-06-05



كانوا رجال دولة

تأسيس الدول يحتاج إلى قادة محنكين أولى عزم وبأس وفطنة يقرءون ملابسات الأمور فيعدون لكل أمر عدته ويصنعون الأحداث ويوجهونها إلى حيث يريدون ولايتركون أنفسهم كالريشة فى مهب الرياح تدفع بهم حيث تشاء.

ولتأكيد هذه الفكرة نستقرئ أحداث الفترة التى تلت وفاة الرسول عليه السلام لنتأكد أن الصحابة رضوان الله عليهم جميعا كانوا رجال دولة من الطراز الأول.

عندما توفى الرسول عليه السلام اضطرب بعض الصحابة وكبر عليهم موته واكتنفهم الحزن والغم والشعور بالضياع حتى أن صحابيا من السابقين الأولين من المهاجرين–عمر بن الخطاب رضى الله عنه-هدد بالقتل كل من يزعم أن محمدا قد مات لينبرى أبوبكر رضى الله عنه موجها إلى الناس خطبته الشهيرة بأن من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حى لايموت،وبهذاأثبت أنه رجل الساعة ورفع أسهمه كثيرا فى أحقيته بخلافة الرسول عليه السلام.

سارع الأنصار إلى سقيفة بنى ساعدة ليقينهم أنهم أحق الناس بخلافة الرسول عليه السلام فهرع إليهم أبوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح فى لفيف من المهاجرين واحتدم بينهم الخلاف حتى تذكر أحدهم –فجأة- رواية تقول بأن الأئمة من قريش وهنا أسرع عمر قائلا لأبى بكر مد يدك وهلم لأبايعك فمد يده ليبايعه عمر ثم ليندفع بعده أبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان فى جمع من المهاجرين أما على وطلحة والزبيررضى الله عنهم فلم يحضروا البيعة إذكانوا مشغولين بتكريم جثمان النبى عليه السلام غير أنهم جميعا بايعوا فى وقت لاحق، وكان أول من بايع من الأنصار بشير بن سعد بن ثعلبة والد النعمان بن بشير الأنصارى صنيعة معاوية فيما بعد.

فى خضم هذه الأحداث وانشغال الصحابة رضوان الله عليهم باختيارمن سيحكم بعد رسول الله بقى الجثمان النبوى مسجى منسيا بدون دفن لمدة يومين ،ولاغضاضة فى ذلك لأنهم كانوا يعلمون- كما حدثنا عنهم الثقات -أن أجساد الأنبياءلاتجيف ولا تبلى ولاتتحلل ولايعمل فيها الدود ولاتأكلها الأرض، لهذا لم يكن يهمهم فى سبيل عرش الخلافة أن يظل الجسد النبوى دون تكريمه بالدفن ولو تطلب الأمر أشهراوليس فقط يومين.

وتجنبا لحدوث قلاقل واضطرابات فى مسيرة جنازة الرسول تذكر أحدهم أيضا رواية تؤكد بأن الأنبياء يُدفنون حيث يموتون والحمدلله أن الرسول عليه السلام قد مات فى فراشه ولم يمت على قارعة الطريق وإلا مثلت عملية دفنه مشكلة كبيرة.

ومنعا لأى تجمهر لاتؤمن نتائجه، لم يسمح للجميع بالصلاة عليه جماعةً فى وقت واحد بل صلوا أرسالا أى جماعات متفرقين لم يؤمهم إمام واحد  بحيث تدخل جماعةٌ من الناس تصلّي عليه فرادى وتخرج  ثم تدخل جماعة أخرى ، وهكذا

وأخذا بالأسباب وتجنبا للقلاقل وإرهابا لمن تسول له نفسه أن يعترض تصادف وجود ألفى مقاتل من قبيلة بنى سليم حلفاء قريش وهى ذات القبيلة التى ألبها أبوسفيان-مع قبيلة غطفان- لغزو المدينة إبان هزيمة قريش فى معركة بدر ولكن الرسول عليه السلام بادر بمهاجمتهم فى عقردارهم فهزمهم وفل شوكتهم.

ولضمان استقرار الأمورأصر أبو بكررضى الله عنه على تسيير جيش أسامة بن زيد وإبعاده عن المدينة  ليكون الوضع الأمنى تحت السيطرة الكاملة لمقاتلى بنى سليم حلفاء قريش.

ولما ادعى النبوة  بعض زعماء القبائل وقامت  قبائل أخرى  بمنع إرسال الزكاة إلى المدينة بحجة توزيعها على فقرائهم بمعرفتهم سارع أبوبكررضى الله عنه إلى إخضاعهم بمنتهى القسوة إذلاهوادة مع من يحاولون النيل من هيبة دولة مازالت فى طور النشأة ،وهذا طبعا ديدن الأفذاذ من القادة المضطلعين بتأسيس الدول، فكان قائده خالد بن الوليد يبادر بالقتال دون إنذارأو تحقق لموقف من يقاتلهم كماكان يبالغ فى سفك الدماء وسبى النساء ردعا لمن تسول له نفسه الوقوف فى وجه الدولة القرشية الناشئة،ورغم اعتراض عمربن الخطاب-الذى أقاله فيما بعد- والكثير من الصحابة على تصرفات خالد إلاأن أبا بكرأصر عليه قائدا لجيشه ، وكانت نتيجة تلك المعارك-التى عُرفت فيما بعد بحروب الردة-أن توحدت القبائل العربية -بعد هزيمتها وانصياعها  لقريش - لأول مرة فى تاريخها تحت قيادة مركزية مقرها المدينة المنورة حاكمها الخليفة وشعارها الإسلام ،ولينضم مقاتلوالبدوالأشداء إلى الجيش العربى تحت إمرة قادة وولاة معظمهم إن لم يكن كلهم من بنى أمية وحلفائهم  ،وبدلا من الغارات المتبادلة وسفك الدماء بين البدو واتخاذهم السلب والنهب  منهاجا لحياتهم ومصدرا لرزقهم ،اتخذ الخليفة قرارا عبقريا لايصدر إلا عن ذوى العقول الجبارة  إذ وجه بدهاء شديد طاقاتهم القتالية الهائلةإلى خارج الجزيرة ليأمن شرهم و فى نفس الوقت يسَخِّر قوتهم لصالح الدولة الناشئة لتبدأ فورا معارك طاحنة ضد الفرس والروم وغيرهم من أعداء العرب لتتوالى الإنتصارات ولتمتلئ خزائن كبار الصحابة بالقناطيرالمقنطرة من الذهب والفضة المجلوبة من البلاد المهزومة ولتعج دورهم بالجوارى الحسان والغلمان المرد الذين وقعوا سبايا وأسرى نتيجةً لهزيمة حُماتهم،ولتأخذ الدولة الناشئة فى الإتساع حتى صارت امبراطورية ثرية مترامية الأطراف شعارها المعلن الإسلام وتحكمها قريش من المدينة فى عهد الخلافة الراشدة ثم دمشق فى عهد الدولة الأموية ثم بغداد فى عهد الدولة العباسية.

جدير بالذكر أن هذه المعارك عُرِفت فيما بعد بالفتوحات الإسلامية

حقا كان المهاجرون من الصحابة رجال دولة من طرازفريد،رضى الله عنهم أجمعين.

ملحوظة هامة؛ كل ماجاء فى المقال من معلومات أتيت بها من مراجعنا نحن أهل السنة.
اجمالي القراءات 969

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الإثنين ٠٥ - يونيو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94432]

النقد الساخر .


مقال جميل يا دكتور مصطفى - وقد يتصور القارىء الذى لا يعرفك أنك تكتب مادحا لهم ولما فعلوه ،وربما لا يقرأ ما بين سطوره من نقد ساخر ولاذع ،وبيان مخالفتهم للإسلام وتشريعات القرءان حتى لو لم تذكر هذا صراحة فى المقال .



2   تعليق بواسطة   مصطفى اسماعيل حماد     في   الإثنين ٠٥ - يونيو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94434]

تفسير


لم يكن لدى سوى هذا الأسلوب ليتلقاه أنعام الفيس بالقبول والإستحسان

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2017-09-14
مقالات منشورة : 20
اجمالي القراءات : 68,216
تعليقات له : 474
تعليقات عليه : 50
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt