ضريبة معاداة أمريكا ومكاسب صداقتها
للولايات المتحدة الأمريكية، ثقل سياسي، وإقتصادي، وإجتماعي، كبير جداً، بل أكبر من أي دولة أخرى.
والدولة الصديقة لها، تنعم بامتيازات كثيرة، لدرجة أنها تُحسد من دول أخرى تعادي #أمريكا أو أن درجة علاقتها بها ذات مستوى منخفض، بسبب غياب الحرية أو #الديمقراطية ..
فأي دولة تتمنى أن تكون مثل كندا أو بريطانيا، أو فرنسا، أو كوريا الجنوبية، أو أستراليا.
فهي دول تقع في مرتبة صداقة متقدمة مع أمريكا، ولهذا هي ذات وضع متميز جداً، بسبب أنها دول ديمقراطية.
أما الدول التي تعادي أمريكا مثل كوريا الشمالية، أو إيران، أو فنزويلا، فإنها تعاني إقتصادياً، وإجتماعياً، وسياسياً.
ولابد من سؤال يتبادر للذهن تلقائياً وهو :
إذا كانت كل الدول تعلم علم اليقين، مكاسب علاقات طيبة مع أمريكا، فلماذا لا تبادر جميعها بذلك بشكل مباشر، وبدون تدخل وسطاء ...
وحتى نعلم إجابة هذا السؤال، فعلينا بإلقاء نظرة على التاريخ العربي القريب، من خلال دولتين هما (مصر والعراق) :
أولاً/ مصر وأمريكا :
عندما خسرت مصر الحرب مع إسرائيل (حرب الأيام الستة)، والمعروفة بنكسة ١٩٦٧م، لم تكن أمريكا لتقيم علاقات طبيعية معها، حتى مات جمال عبدالناصر، وتولى أنور السادات الحكم.
وكان السادات بطبعه رجل سياسة، وكان شغوفاً بحب أمريكا، لذا حاول التقرب إليها كشخص، وليس بصفته رئيس مصر، وحاول حينها بكافة الطرق تقريب مصر من أمريكا، إبان هزيمة مصر مع إسرائيل، إلا أن الأخيرة دائماً ما كانت ترفض، وفشلت كافة محاولات المباشرة، أو الغير مباشرة عن طريق الوسطاء.
حتى قامت حرب ١٩٧٣م، وتحقق إنتصار مبدئي لمصر في عمق ١٦ كيلومتر داخل سيناء، وفي تلك اللحظة فقط، إنتبهت أمريكا لوجود دولة إسمها (مصر).
لكن ... أمريكا ظلت على مصرة على رفضها الجلوس أو التفاوض مع مصر، بالرغم من الإنتصار المبدئي الذي حققته !.
.. حتى كانت ثغرة الدفرسوار، وحققت #إسرائيل نصراً موازياً على #مصر، وبعد تلك اللحظة تحديداً، إتصل وزير الخارجية الأمريكي/ #هنري_كيسنجر بالسادات وقال له التالي :
(الآن يمكننا الجلوس والتفاوض)، وما كانت غاية #كيسنجر، إلا غاية #أمريكا، فهي الدولة التي إن جلست، فلا تجلس إلا وهي في موضع القوة، وليس موقع الضعف، وكانت تعتبر هزيمة إسرائيل هزيمة لها.
حتي نشأت فيما بعد العلاقات الطيبة فيما بعد بين #مصر و #أمريكا والتي ظلت قائمة حتى وقتنا الحاضر.
ثانياً/ العراق وأمريكا :
بعد إنتهاء حرب الخليج الأولى طلب الرئيس العراقي/ صدام حسين من الرئيس/ مبارك، أن يتوسط له لإعادة العلاقات مع أمريكا، لأنه كما سبق وأشرنا، فإن أمريكا دولة ثقيلة، ليس من السهل إقامة علاقات معها.
وكان مبارك وسيطاً قوياً لدى أمريكا، ونفذ ما طلبه منه صدام، ولولا مكانة مصر في ذلك الوقت، ما كان صدام سيقدر على إقامة تلك العلاقة مهما قدم من عروض مباشرة.
..............
فخامة العلاقات مع أمريكا، ليس بالأمر اليسير، فهناك مؤسسات يجب أن توافق على مثل تلك العلاقات، وأهم تلك المؤسسات :
١- وزارة الدفاع .
٢- جهاز المخابرات CIA.
- جهاز الأمن الداخلي FBI.
- وزارة الخارجية.
وبعد موافقه تلك المؤسسات بقي أن تقنع مؤسستين أخريين وهما :
- البيت الأبيض.
- الكونجرس بغرفتيه (الشعب والشيوخ).
وحتى تتحقق تلك الموافقات، فإن الدول تتكبد أموالاً طائلة، وتنازلات باهظة الثمن أيضاً.
مزايا العلاقات مع أمريكا :
- يكفي أن نعرف مثلاً أن أي دولة تحصل على معونة من أمريكا، أنها أصبحت مؤهلة للإقتراض الدولي، سواء من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، أو غير ذلك.
- كما أن وجود علاقات طيبة مع أمريكا، يفتح مجالات إقتصادية متعددة خاصة في التجارة الدولية، وإن كانت الدولة ذات نظام ديمقراطي، فإنها تحظى بإستثمارات أمريكية أيضاً.
- كما أن العلاقات القوية مع أمريكا، تحقق إستقرار وأمن، من أية مخاطر خارجية، وإن حدث أي إعتداء، يكون للدولة العظمى كلمتها.
مخاطر الخصومة مع أمريكا :
- بالنسبة للدول التي فقدت صديقتها معها، تلك الدول تفقد كافة الإمتيازات التي كانت تتمتع بها.
- بالإضافة إلى فقدانها لعلاقات دولية أخرى، مع دول صديقة للدولة العظمى، ستقطع هي أيضاً علاقاتها بالتبعية !.
- أما الدول التي ليس لها علاقات معها، فإنها تظل في حالة التربص الدولي، إقتصادياً، وإجتماعياً، وسياسياً.
في النهاية :
لا توجد دولة ذات علاقات سيئة مع أمريكا، إلا وتعاني إقتصادياً، والأثر المترتب على ذلك، خلل إجتماعي وسياسي خطير.
لذلك تخشى كافة الدول من الدولة العظمى، وتسعى جميعها إلى تأسيس علاقات معها، فكلمة واحدة منها بإعلان الغضب على دولة ما، يعني الخلل والضرر.
أسأل المولى الحكمة والهداية
شادي طلعت
اجمالي القراءات
1944