سيظل هذا السؤال يقلقك ويستفزك طوال مشاهدتك مسلسل «المسيح»، الذى بثّته منصة «نتفلكس»، مع بداية ٢٠٢٠، هل هذا المسلسل عن مسيح جديد عائد سيُخلص العالم، أم هو عن الدجال، الذى سيخدع العالم ويقوده إلى حتفه؟، هذا المسلسل المثير للجدل، والذى يحتل معظم تويتات وبوستات ومقالات نقاد الدراما حول العالم الآن، قفز بالدراما إلى منطقة مختلفة تماماً على مستوى الشكل والمضمون، وهذا سر الصدمة والاستفزاز والتفرّد وحالة الجدل، مسلسل لن يترك لك دقيقة إلا وفى ذهنك علامة استفهام مؤرقة ومتحدية، البداية مع هجوم داعشى، والسوريون والفلسطينيون المهاجرون فى حالة فرار، فجأة يظهر شخص، مطالباً إياهم بالثبات، تأتى العاصفة لتمنع «داعش»، فتهتف الجموع «المسيح.. المسيح»، فهو الذى أتى بالعاصفة، يأخذ معه اللاجئين إلى حدود إسرائيل فى رحلة جنونية، هذه القافلة ستضم شابين سيكونان محوراً مهماً فى ما بعد، هما جبريل وسامر، يتم القبض على هذا المسيح، أو من أطلقوا عليه المسيح، أو كما ينطق «المسايا»، وهنا تظهر شخصية محورية أخرى، وهى أفرايم المحقق الإسرائيلى القاسى، ولاحظ دلالات الأسماء (إبراهيم وجبريل وسامر.. إلخ).
فجأة يختفى السجين بعد أن كشف للمحقق تاريخه القديم، وعقدة الذنب التى يعيش بها بعد أن قتل صبياً كل جريمته أنه ابن إرهابى قتل شقيقه وأمه، ظهر المسايا فى القدس، حيث أنقذ صبياً من الموت برصاص الإسرائيليين، ثم فجأة يظهر فى مجتمع مسيحى بعد أن ترك المسلم ثم اليهودى، مجتمع تكساس، وبدلاً من صنع العاصفة لكى يحمى اللاجئين المسلمين العرب، فإنه يمنع العاصفة ليحمى المشرّدين الأمريكان، ويمنع تدمير الكنيسة التى يشرف عليها القس الذى كان على وشك إحراقها، وينقذ ابنته ريبيكا، وهنا تظهر الشخصية المحورية الثانية إلى جانب أفرايم الضابط الإسرائيلى، وهى إيفا ضابط المخابرات الأمريكية، مدمنة العمل التى تظهر برودتها وقسوتها من على السطح وهى تتألم من الداخل مثل أفرايم، كلاهما متألم، كلاهما ما زال يرتدى خاتم الزواج. رغم موت زوج إيفا، وانفصال زوجة أفرايم، تجمع إيفا وأفرايم فى نهاية المسلسل علاقة جنسية عابرة محبطة، تنضم إلى قائمة إحباطات الاثنين، من إجهاض إيفا المتكرر إثر تلقيحها بحيوانات زوجها المجمّدة، ومن حرمان أفرايم مدمن الخمر من ابنته، تصل ذروة الإيقاع إلى أقصاها مع رحلة قافلة تكساس بالمسيح لاقتحام واشنطن، بالتزامن مع اقتحام جبريل عارياً لإسرائيل.
هناك فى واشنطن يعلن المسيح الجديد عن معجزته الجديدة، وهى السير على الماء، وهناك فى القدس يلقى «جبريل» بخطابه فى المسجد، تكشف إيفا عن شخصية هذا المسيح، فنكتشف أنه إيرانى، يعانى من مرض نفسى، هو من خليط يهودى مسيحى، قتل الأب والأم فى أحداث العراق والغزو، وتكفل به عمه الساحر، يتم التسويق له من خلال قسيس تكساس، ليخرج إلى الناس فى برنامج على شبكة تليفزيون شهيرة، فيختفى المسيح والجمهور يترقب ظهوره على المسرح، فى الوقت نفسه الذى يتم فيه التسويق لجبريل، الذى ما إن يبدأ خطابه حتى يفجّر المسجد بحزام ناسف يرتديه رفيق رحلته وصديقه سامر، الذى تطرّف وغسل دماغه بكوكتيل الدين والعزلة، فى نهاية هذا الجزء الذى حتماً سيتلوه جزء آخر، يختطف المسيح بواسطة المخابرات الإسرائيلية، بالاتفاق مع البيت الأبيض بعد أن انكشف أمره، تسقط الطائرة، لكن لا تسقط معجزات هذا الإيرانى الغامض الذى استراح المشاهد لتعريته وكشفه، فبعد سقوط الطائرة، إذا به يوقظ الضابط الإسرائيلى، ويعيده للحياة، ويظل السؤال هل هو المخلص أم الدجال حتى الحلقة الأخيرة.