أسامة قفيشة Ýí 2019-01-18
الخُلاصة
خلاصة المطلب الإلهي العام و جوهره في الرسالات يتبلور في ( يا أيها الناس ) ,
تكرر النداء الشامل للناس كافة في الذكر الحكيم عشرون مرة , سواء بالنداء المباشر من الله جل وعلا أو بالنداء الغير مباشر على لسان رسله , و كما نعلم فالدين هو نداءٌ و دعوةٌ من الخالق جل وعلا للناس كافة , فالدين لا يقتصر على فئة معينه بذاتها , فيحق لأي إنسان أن يلتحق بالدين , و هو وسيلة التواصل بين العبد و المعبود , من أجل معرفة الناس بان هناك خالق لهم , و بأن جودهم ليس بعبث , و يعلمهم بيوم الحساب هذا في المقام الأول ,
و في المقام الثاني يعمل الدين على تنظيم العلاقة بين الناس على أساس العدل و الإحسان ,
و في المقام الثالث يبين للناس سبل طاعتهم لربهم و خالقهم , بالأمر و النهي بالفرائض و الواجبات ,
في هذا المقال سنتعرف على جوهر هذا النداء , و كيفية شموله على الغايات و المقامات الثلاث في إيصالها للناس كافه , و هذا في حد ذاته إعجاز ٌ و بلاغةٌ في غاية الدقة و الشمول :
النداء الأول :
( يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون )
الدعوة لعبادة الخالق جل وعلا بأنه ربٌ واحد , و بأنه رب جميع الخلائق , فلا معبود غيره و لا ربٌ سواه , و الهدف من ذلك هو التقوى .
النداء الثاني :
( يا ايها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين )
الدعوة و التصريح بأن الأصل في الأكل و الشرب هو الإباحة و التحليل , و الإعلان بان الشيطان سيمارس التحريم على أتباعه , و هنا وجب التحذير من خطورة التحريم في هذا الجانب , فبما أن الشيطان سيمارس هذا النهج , فهذا يؤكد بان هناك أيضاً تحريم جزئي من قبل الخالق جل وعلا , و يقتضي ذلك بيانه بشكل واضح و صريح في كتاب الله جل وعلا , و هو كما نعلم تحريم اختبار لا أكثر , و تحريم الاختبار يكون بإباحة الكل و تحريم جزء بسيط لا يذكر و لا أثر له , تماما كاختبار آدم عليه السلام حين أباح له الأكل من جميع الشجر إلا شجرة واحده , و هذه الشجرة في حقيقتها لا تختلف عن غيرها , و لكن لمجرد الاختبار , و ما يسري على المأكل يسري على المشرب .
النداء الثالث :
( يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا )
الدعوة و الإعلان بان جميع الناس من نفسٍ واحدة , أي لا ينبغي التفريق بينهم لا بالرجال و لا بالنساء فلا تفاضل بينهم جميعا , و الإعلان بأنه جل وعلا قد خلق منها زوجها , و نتج عن هذا التناسل و الأرحام , و جميع ما نتج من رجالٍ و نساء هم مثل بعضهم البعض , فهم يَحِلّون لبعضهم البعض كأزواج كونه جل و علا قد أزال أي اختلافٍ أو تفاضل بين هؤلاء الرجال و النساء فيما يختص بمسألة الزواج و الأرحام , و بأنه جل وعلا هو الرقيب على الجميع , فلا يجوز أن يكون بعضنا رقيباً على بعض بأن يقف في وجه هؤلاء و يعيق الزواج و يمنع التناسل بين الناس جميعا , و جاء التعبير عن التناسل بالأرحام .
و تكرر هذا النداء بصيغةٍ أخرى بقوله :
( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ) .
النداء الرابع :
( يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وانزلنا اليكم نورا مبينا )
الإعلان بأنه لا حجة للناس في كفرهم , فلقد برهن الله جل وعلا لهم وجوده في كل النواحي و الأزمان , و البرهان هو الدليل القاطع الذي أنزله الخالق جل وعلا كبرهان لنا , و برهانه الخالد سبحانه و تعالى الذي أنزله للناس كافه هو هذا القرآن , و هو النور المبين , و هو الحجة عليهم جميعاً , و هو رحمةٌ بهم و لهم .
و قد تكرر هذا النداء بقوله جل وعلا :
( قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا الذي له ملك السماوات والارض لا اله الا هو يحيي ويميت فامنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ) ,
و في قوله أيضاً :
( يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) ,
و قوله :
( قل يا ايها الناس انما انا لكم نذير مبين ) .
النداء الخامس :
( قل يا ايها الناس ان كنتم في شك من ديني فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن اعبد الله الذي يتوفاكم وامرت ان اكون من المؤمنين )
الإعلان بأنه لا إكراه في الدين , و في حال إنكار البعض لهذا البرهان و الشك فيه - على الرغم بأنه برهانٌ لا يدع مجالاً للشك - فله حريته في ذلك و ليعبد ما يشاء دون إكراه , فعبادة الله لا تكفي بل يتوجب أن تكون من المؤمنين , أي لا تكون من المعتدين .
و قد تكرر هذا النداء بقوله جل وعلا :
( قل يا ايها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها وما انا عليكم بوكيل ) .
النداء السادس :
( يا ايها الناس انما بغيكم على انفسكم متاع الحياة الدنيا ثم الينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون )
الإعلان بأن أي بغي أو اعتداء سواء كان على الله جل وعلا أو على الناس بكافة اختلافاتهم الدينية ينعكس على الباغي نفسه , لأن الحياة الدنيا قصيرة و مجرد متاع إلى زوال , و في النهاية سيرجع الجميع لله جل وعلا , و سيعاقب الباغي على بغيه و عدوانه , و يكون من الخاسرين .
النداء السابع :
( يا ايها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم )
التحذير من قيام ساعة الحساب و التنبيه بضرورة التقوى و عدم التغافل أو التهاون بما سيكون .
و قد تكرر هذا النداء في قوله سبحانه :
( يا ايها الناس ان كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء الى اجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الارض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج ) ,
و في قوله أيضاً :
( يا ايها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) .
النداء الثامن :
( يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد )
الإعلان بأن جميع الناس يفتقرون لخالقهم جل وعلا , و هم في حاجته على الدوام , و لا يستغنون عن تشريعه العادل و الإحسان الذي جاء فيه , هذا الافتقار هو دليل عجزٍ و نقص في هذا المخلوق , فمهما تقدم و تطور هذا المخلوق يبقى في حالة عجز و على هذا المخلوق أن لا يغتر بأي قوة , سواء كانت قوة مادية أو غير مادية .
و تكرر هذا النداء في قوله جل وعلا :
( يا ايها الناس ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) ,
و تكرر أيضاً في قوله سبحانه لهذا المخلوق بأن يعترف بأن ما يمتلكه ما هو إلا من نعم الله جل وعلا التي أنعمها عليه :
( يا ايها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والارض لا اله الا هو فانى تؤفكون ) .
كلام الله جل و علا فيه من العظمة و الإعجاز ما لا نتصوره , و كلما كان التدقيق كلما توصلنا لنتائج تبهرنا , و علومه لا تتوقف أبداً ,
نسأله جل وعلا أن يثبتنا و يعيننا و يهدينا للحق , و أن يجعل هذا العمل خالصاً له جل وعلا و يمنحنا الأجر و الثواب عليه ,
شكراً جزيلا لك د منصور على كل شيء .
لا يوجد تحريم على هذا الأساس ، و التحريم هنا هو تحريم اختبار ،
تحديد الضرر و السوء يقره الانسان بالاكتشاف و التجربة ،
و الاكل و الشرب هو ثقافة كسائر الثقافات ، و الثقافات لا تناسب الجميع و لا يتفق عليها الكل ،
لو كان التحريم هنا بناءا على الضرر الذي يلحق الانسان لكان هناك تحريم الكثير من النباتات التي تعتبر ليس مجرد ضرر ، بل تعتبر قاتله لاحتوائها على السموم ، و لكن هذا لم يحدث ، و ترك هذا الشأن ليكتشفه الانسان بنفسه ،
و هو حينها يقرر ما هو ضار او نافع ،
شكرا لك و حفظك الله جل و علا .
هذا التحريم الجزئي و البسيط ، و الذي هو لمجرد الاختبار ،
يقول جل و علا عنه ( فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا اثم عليه )
لا تبحث للمحرمات عن تبرير أو سبب عضوى لتحريمها .وإنما التحريم للإبتلاء فى السمع والطاعة . فمثلا هناك تحريم للأكل من موائد (الأوثان والأنصاب == موالد القبور والأضرحة ) حتى لوكان من أفخر وأغلى وأجود وأطيب أنواع الطعام ..... وهناك تحريم أكل الخنزير وهو من أطيب انواع اللحوم والعالم كُله يأكله منذ الاف السنين ولم يتسبب فى وفاة أو إمراض شخص واحد بسبب أنه نجس أو لحمه خبيث وملوث ....وهناك تحريم الزواج من الأمهات والأخوات والبنات م‘ انه هناك حالات (زنا المحارم وينتج عنها مواليد ذكور وإناث ) ... وهناك تحريم الزواج من المطلقات والأرامل قبل تمام عدتهن مع أن هناك طرق أكيدة 100% لإثبات خلوها من حمل من زوجها السابق ، أو حتى لو كانت قد أجرت عملية لإستئصال الرحم .. المهم يا صديقى أن المؤمنين بالله جل جلاله لا يبحثون عن تبرير للتحريم ، وإنما يقولوا ( سمعنا واطعنا )) لأن التبرير له الف جواب وجواب عليه ، فماذا ستفعل ....... وتكمن مصلحة الإنسان المؤمن فى إجتناب المحرمات فى أنه سيكون قد اطاع الله فى أوامره وتشريعاته ،وهذا هو أسمى أمانيه ورجاءه أن يكون عبدا مُطيعا لخالقه سبحانه وتعالى ، ليفوز برضوانه ورحمته يوم الدين .... جعلنا الله جميعا منهم ..
. مقال ممتاز استاذ اسامة وننتظر المزيد بمزيد من التوضيح ... تحياتى لكما .
يلتبس مفهوم الخبيث و الطيب عند الناس بحصره في الأكل و الشرب و هذا غير صحيح ,
الخبيث هو كل قولٍ أو فعلٍ فيه سوء أو فساد , ( ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث ) ,
و الطيب هو كل قولٍ أو فعلٍ فيه خير أو صلاح , ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) ,
و لا يوجد طعام أو شراب خبيث بل كله من الطيبات , يأتي التحريم في الطعام و الشراب فقط من أجل الاختبار , هذا التحريم الجزئي في الطعام و الشراب يجعله خبيثاً , لأن كل من يأكل او يشرب تلك المحرمات يكون قد ارتكب فعلاً خبيثاً تحت وطئ التحريم ,
و هذا واضح في قوله ( وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ) , فهل كان ما حرم عليهم في أصله خبيثاً ! أم أن التحريم هو الذي جعله خبيث !
فإن كان في أصله خبيثاً فكيف يصبح من الطيبات بعد أن أحل لهم !
الطعام و الشراب كله دون استثناء يقع ضمن نِعم الله جل وعلا على المخلوقات كافه و لا يقتصر على الإنسان نفسه , تلك النِعم لا يمكن قطعاً بأن تكون من الخبائث , فعلى سبيل المثال الميتة ُ و الجيفة تعتبر من الطيبات عند الحيوان و عند الجراثيم و البكتيريا و الديدان , فهي من نِعم الله جل وعلا على تلك المخلوقات ,
و ما حرم من طعام و شراب على الناس كان ارتكابا لفعلٍ فيه سوء نظراً للتحريم فكان من الخبائث ( فعلاً خبيثاً ) .
أرجو بأن تكون الصورة قد اتضحت لك أستاذ سعيد بشكلٍ أفضل مع خالص الشكر ,
و لا يسعني سوى تقديم الشكر الجزيل على مداخلة و بيان الدكتور عثمان .
وماذا لو امتلكت فلسطين قنبلة نووية !
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً
دعوة للتبرع
خلق عيسى: يود أن يطرح موضوع اً يتمثل في قضية خلق سيدنا...
أم مريم العدراء : من هى أم مريم العدر اء رضي الله...
هجوم علينا: استاذ أحمد, ذه سلسلة مقالا ت هجوم علي...
ديانة الأولاد : لو سمحت كنت عايزة أسأل عن حكم زواج المسل مة ...
خروف العيد: بمناس بة عيد الأضح ى أسأل : هل يشتري...
more
مقال رائع يصلح أن يكون تمهيدا لكتاب ، فيه تحقيق مصطلح الناس ، لأنه يأتى أحيانا للبشر جميعا وأحيانا للبشر وقت وبعد نزول القرآن وحينا يأتى ليدل على مجموعة قليلة من الناس ، ثم لتوضيح الفارق بين الخطاب المباشر من رب الناس جل وعلا وبين الخطاب ب (قل يا ايها الناس ) ثم تفصيل فى فحوى الخطاب طبقا للتنويعات السابقة. ثم سيأتى التدبر القرآنى بأفكار جديدة.
وكلما أعطيت القرآن من قلبك وعقلك أعطاك رب العزة جل وعلا هداية وعلما.
أكرمك الله جل وعلا استاذ اسامة قفيشة.