حساب الدم .. قصة قصيرة
كان ناشد فنان أثقل موهبتُه بدراسة الفن حتى أتقنه، لكنهُ ليس نجماً، فهو من دولة يحكمها نظام مستبد يوزع الأرزاق، ويعتمد على أهل الثقة لا الكفاءة، حتى كان يوم حفل كبير، وكان ناشد أحد الحضور، وإذا بشخص مريب يجلس معه على نفس الطاولة، فيستنبط ناشد، أنه ضابط بجهاز المخابرات، فيمتدح نظام بلاده المستبد أمامه، ليُعجب الرجل المريب بحديثه.
وفي اليوم التالي، يتصل بـ ناشد منتج كبير، ليعرض عليه بطولة فيلم كبير، بأجر كبير ! وما كان من ناشد إلا أن وافق على العقد الجديد بلا تردد، بيد أن قصة الفيلم كانت خبيثة، فهي تؤيد سلطة بلاده الظالمة المستبدة، ولم يَخفى هذا الأمر على ناشد الشاب المُثقف، إلا أنه ضعُف أمام إغراء المال والشهرة.
حتى أصبح ناشد نجماً سينمائياً، غنياً مشهوراً، وفي يوم جاءته رسالة على حسابه عبر تويتر، تقول له : "ستطاردُك لعنة الدماء"، قرأ ناشد الرسالة وإنتابهُ خوفُ شديد ! فدخل على الحساب الذي أرسل له الرسالة، فوجد إسمه "الدم"، فازداد خوفاً ورعباً، ولم يدرك معنى الرسالة.
مر عامين، وإستطاع ناشد أن يشارك بالبطولة في أفلام آخرى، وكان بعد كل عمل، يعاود النظر على حسابه بـ تويتر، ليرى إن كان "حساب الدم"، يراسله أم توقف، ولطالما تمنى ناشد أن يدور بينه وبين "حساب الدم" حوار، ليعرف ما المقصود بـ جملة "ستطاردك لعنة الدماء".
وفي يوم أثناء عودة ناشد لمنزله، بعد يوم حافل بالنجاح، تصطدم سيارته الفارهة بفتاة في مقتبل العمر، وكانت الطريق خاوية، بيد أن ضمير ناشد أشار عليه بأن لا يترك المسكينة للقدر، فيأخذها لأقرب مشفى، ويفتح حقيبتها ليأخذ رقمها القومي، وتسأله إدارة المشفى عن الفتاة، فيخبرهم أن شخصاً ما أصابها ثم فر هارباً، ويجري إتصاله بالشخص المريب رجل المخابرات، ليتدخل ويمنع عنه أي ملاحقات قد تتهمة بحادثة الفتاة.
ويعود ناشد إلى منزله، وفي صباح اليوم التالي، يكتشف أن حقيبة الفتاة لازالت في سيارته، فيفتحها ويمسك بهاتفها، فيجد أيقونة حساب "تويتر" ليدخل عليها ليجد حساب الفتاة بإسم "الدم" فيدخل على الرسائل، فيجد رسالة الفتاة القديمة إليه، لكنه فوجئ بأن الفتاة كتبت له رسالة أخرى بيد أنها ظلت معلقة لعامين، لعدم توافر خدمة الإنترنت، فالفتاة كانت شديدة الفقر، أخيراً وجد ناشد صاحب "حساب الدم".
يتصل ناشد برجل المخابرات المريب، ويطلب منه معلومات عن "فتاة الحادثة" فيخبره : أنها تنتمي لجماعة إرهابية، وسبق أن قتلت قوات الأمن أباها وأخويها، أثناء تنفيذ قرار إعتقالهم، ثم ماتت أمها حسرة على قتل زوجها وولديها.
أما عن يوم الحادثة فقد كانت الفتاة ذاهبة لتأخذ حسنة شهرية "مبلغ قليل من المال" يقدمه إليها شخص ميسور الحال أول كل شهر، تنفق منه على مطعمها ومشربها، بيد أن القدر تدخل لتتسبب لك في الأرق، بغباءها يوم أن سقطت أمام سيارتك.
ثم يطلب رجل المخابرات المريب من ناشد، الا يحزن حتى وإن ماتت الفتاة، فهي لا تستحق الحياة، مثلها مثل أهلها !.
يذهب ناشد إلى المشفى، ويدفع تكاليف علاج الفتاة، ويطلب لقائها، بيد أن الأطباء يمنعوه، ويفكر ناشد، في أن يتزوج من الفتاة بعد شفائها، وأن يقدم لها ثروته كتعويض عما صنعته معها الحياة، لكن القدر إختار أن تلحق الفتاة بباقي عائلتها في السماء، ويُحرم ناشد من رؤيتها، بل ويجعل القدر ناشد هو قاتلها.
لحظة خبر وفاة الفتاة كانت لـ ناشد قاتلة، فيذهب بسيارته ليقف على قمة جبل يحادث نفسه، حتى يخبره ضميره، أنه قاتل الفتاة، لكن ليس يوم أن أصابها بسيارته، بل قتلها يوم أن قبل بطولة أول فيلم خبيث هدف إلى ترسيخ نظام الحكم المستبد.
ويمر الوقت، والجبل ينتظر قرار ناشد المشارك في إراقة الدماء.
شادي طلعت
اجمالي القراءات
8196
قصة جميلة ومعبرة عن واقع اليم يقع فيه كثير من الناس وخاصة في منطقتنا العربية لفساد الحكام وضعف الاقتصاد وانتشار شيوخ السلفية والوهابية وتخصصها بنشر الخرافات باسم الدين مما جعل المواطن يتيه في بلادة وافكارة وموريثه فغاب العقل واستقر مكانه النقل فاصبحنا لا يعرف لنا راسا من قدم ......... تحياتي لك اخ شادي