آحمد صبحي منصور Ýí 2016-01-31
القاموس القرآنى ( إثم )
مقدمة : من مشتقات ( إثم ) :
1 ـ (أثاما ) : وهو العذاب الأخروى المترتب على من يقع فى كبائر الإثم ، يقول جل وعلا ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) الفرقان ) أى إن ( الإثم ) فى الدنيا يصبح فى النار عذابا أو (أثاما ) مترتبا على الاثم . هذا لمن يموت بلا توبة مقبولة.
2 ـ ( تأثيم ) ، أى الوقوع فى الاثم بقول الإثم ، وقول اللغو . وفى الجنة لن يكون فيها لغو ، بل سعادة مرتبطة بالمحبة والسلام ، يقول جل وعلا عن أصحاب الجنة : ( يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ (23) الطور)( لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (25) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (26) الواقعة ) . ندخل بعدها فى معنى مصطلح الإثم ومشتقاته :
أولا : معنى الإثم
1 ـ ( الإثم ) عموما يأتى بمعنى المؤاخذة على مخالفة لأمر الله جل وعلا ، كما فى قوله جل وعلا : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة ), أى هناك مؤاخذة وإثم على من يأكل الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير والأطعمة المقدمة للقبور المقدسة والأولياء الأحياء ، يأكل منها عالما بتحريمها معتديا على أمر الله جل وعلا وشرعه . ويستثنى من ذلك حالة الاضطرار والجهل ، فهنا لا إثم أى لا مؤاخذة عليه لأن الله جل وعلا غفور رحيم .
2 ـ ونفس الحال فى موضوع الوصية الشفهية عند الموت . فمن يسمع الوصية ويبدلها ويغيرها يكون آثما مؤاخذا بعمله . وإذا سمعها ورأى فيها ظلما وقام بإصلاحه فلا إثم ولا مؤاخذة عليه . يقول جل وعلا : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182) البقرة )
3 ـ ويمكن تأدية فريضة الحج خلال أربعة أشهر ، بدءا من إفتتاح موسم الحج فى أوائل شهر ذى الحجة والمسمى بالحج الأكبر ، الى نهاية الشهر الرابع ( ربيع الأول ) . وقد يتعجل أحدهم فيبدأ مراسم الحج فى 29 و 30 ذى القعدة ويكمل فى مطلع شهر ذى الحجة ، ولا إثم أى لا مؤاخذة عليه. ونفس الحال من يأتى متأخرا للحج فى 29 و 30 ربيع الأول ، ويكمل مراسم الحج فى مطلع ربيع الآخر ــ أيضا لا إثم ولا مؤاخذة عليه ، يقول جل وعلا : ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203) البقرة )
ثانيا : أنواع الإثم
الإثم اليسير الصغير :
منها الظن السىء فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) (12) الحجرات ) . ومنها اللم وسنعرض له فيما بعد .
الاثم الكبير :
1 ـ هناك آثام تزداد بالكفر حين ينخدع الكافر بإمهال رب العزة له فيزداد فى آثامه غير مدرك أن الله جل وعلا للظالمين بالمرصاد . يقول جل وعلا :( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178) آل عمران ) وفى نفس المعنى يقول جل وعلا : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (11) المزمل ) (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17) الطارق )
2 ـ الكفر أفظع الاثام ، والكفر والشرك بمعنى واحد ، ومن يموت كافرا مشركا فلا غفران له ، بينما يمكن أن يغفر الله جل وعلا الآثام الأخرى، يقول جل وعلا:( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً (48) النساء )
3 ـ ومن ملامح الشرك تزكية النفس والغير بالصلاح والولاية ، وأنه أو أنهم المُختارون من الله من دون البشر ، وهذا ما وقع فيه الضالون من اليهود ومن الصوفية وغيرهم . هذه التزكية إفتراء على رب العزة بالكذب وإثم مبين فظيع ، يقول جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (50) النساء )
4 ـ والآثام الكبيرة هى ( كبائر ) ، ومن يجتنب الكبائر فإن الله جل وعلا يغفر له الصغائر من الآثام والسيئات فيدخل الجنة ، يقول جل وعلا: ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (31) النساء ). وموعد الغفران هو يوم الحساب وليس فى هذه الحياة الدنيا . يقول جل وعلا عن بعض صفات المفلحين يوم القيامة:( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) الشورى )
5 ـ ومن الكبائر الواجب إجتنابها الخمر والميسر ( القمار ) والقبور المقدسة وخرافات العلم بالغيب التى تمتلىء بها كتب المشركين، يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) المائدة ) ويقول جل وعلا : ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) الحج ).
وعن الإثم الكبير فى الخمر والميسر يقول جل وعلا : ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) البقرة )
6 ـ وهناك كبائر فى الإثم وكبائر فى الفواحش . ومنها ما جاء فى قوله جل وعلا : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) الفرقان )، أى الشرك والقتل للنفس البريئة والزنا . والذى يموت بلا توبة صادقة من هذه الكبائر سيكون مخلدا فى النار ، أما الذى يتوب ويجدد إيمانه ويعمل صالحا فإن عمله الصالح يغطى على آثامه فيتغير وصفه من ( كافر / قاتل / زان ) الى تائب ، ويمنحه رب العزة الغفران يوم الحساب .
7 ـ وهناك آية قرآنية تجمع بين الاثم الصغير والكبير ، يقول جل وعلا : ( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى (32) النجم ). الزنا أكبر الفواحش . وهناك مقدمات للزنا ، هى أيضا محرمة لأن الله جل وعلا حرّم الزنا وكل ما يقرّب الى الزنا فى قوله جل وعلا : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (32) الاسراء )، وحرّم جل وعلا الإقتراب من كل الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ما خفى منها وما ظهر فقال:(وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) (151) الانعام ) فكل ما يقرّب للفواحش فهو حرام .ولكن تختلف درجة التحريم ، فالزنا من كبائر الفواحش ، أما ما يوصل اليه من التفكير والنظر واللمس والاستمناء، وكل فعل دون الزنا المعروف فهو إثم قليل وليس من الكبائر . ويأتى التعبير عنه ب ( اللمم ) لأنه لا يخلو إنسان من أن ( يُلمّ ) بهذا ( اللمم ) لأنه غريزة . ولذا فمن يقتصر على هذا اللمم بدون الوقوع فى نفس الفاحشة يكون أقرب للتوبة ، والله جل وعلا يغفر له يوم الحساب ، وهو جل وعلا واسع المغفرة ، وهو الأعلم بنا من أنفسنا.
8 ـ وهناك إثم القلب وإثم الجوارح .
8 / 1 :عن إثم القلب ـ ولا يعلمه إلا الله جل وعلا ، فهو الأعلم بخفايا القلوب ، يقول جل وعلا فيمن يكتم الشهادة ـ : ( وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283) البقرة ). وعن مُساءلة الفرد عن آثامه القلبية يقول جل وعلا : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36) الاسراء ) وعن إحتمال عقاب الفرد عن آثامه القلبية يقول جل وعلا : (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) البقرة ) ونُذكّر هنا أن ( القلب ) و( الفؤاد ) و ( النفس ) كلها بمعنى واحد . والذى يحاسبنا هو الله جل وعلا عالم الغيب والشهادة:(إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (54) الاحزاب ) ، وهو الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ )(20) غافر).
8 / 2 : وهناك آثام ( جسدية ) تقوم بها الجوارح بأمر من ( النفس ) التى تتحكم فى الجسد ، يقول جل وعلا ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (112) النساء ) هنا ( من يعمل ) والعمل بالجوارح . وفى الآيتين إشارة الى اثم عملى مزدوج ، من الذى يرتكب إثما ثم يلفقه لشخص برىء ، وبالتالى يحتمل بهتانا وإثما مبينا .
ثالثا : أنواع الآثمين :
1 ـ ( آثم ) : هناك ( آثم ) على وزن (فاعل ) لمن يقع فى الإثم ، ويلتصق به الإثم فيصبح آثما . يقول جل وعلا ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (24) الانسان )
2 ـ ( أثيم ): هو صيغة مبالغة من إرتكاب الإثم ، أى ذلك المتطرف فى الإثم ، أو الذى يرتكب كبائر الإثم مستمرا بها مُداوما عليها بحيث تتنوع آثامه ، مثل ذلك الذى وصفه رب العزة بالمساوىء الآتية : ( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) القلم ) ( الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (13) المطففين )
3 ـ ويأتى وصف ( الأثيم ) قرينا لوصف ( الكفور ) أى المتطرف فى الكفر ، يقول جل وعلا فى بعض الصحابة من مدمنى إقراض الفقراء المحتاجين بربا : ( يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) البقرة ) . وكل من يفعل ذلك فهو كفار أثيم . أعطاه الله جل وعلا نعمة المال ، فكفر بالنعمة ، وبدلا من أن يعطى حق الفقراء المستحق على ماله فإنه يقرضهم بربا ، لذا فهو كفار أثيم لا يحبه رب العالمين .
4 ـ ويأتى وصف ( الأثيم ) قرينا لوصف( خوّان ) أى المتطرف فى الخيانة،أى( كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً ). وقد وصف الله جل وعلا بعض الصحابة بهذا الوصف حين لفقوا تهمة لبرىء ، أى جريمة وقع فيها مجرم منهم فلفقوها لبرىء من غيرهم ، وخدعوا النبى عليه السلام فدافع عن المجرم وصدّق إتهام البرىء ، فنزل قوله جل وعلا له ( إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً (105) وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (106) وَلا تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً (107) يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108) النساء ) . وكل من يلفق تهمة لبرىء فهو ( خوّان أثيم ). وهنيئا للأمن العامل فى خدمة المستبد الشرقى والذى يتخصص فى تلفيق التهم للابرياء ، بحيث تكتظُّ السجون بالمظاليم ويرتع المجرمون خارجها يفسدون فى الأرض .
5 ــ ويأتى وصف ( الأثيم ) قرينا لوصف ( أفّاك ). و(الأفّاك ) هو المتطرف فى الإفك . والإفك فى حد ذاته هو أفظع الكذب لأنه كذب على رب العزة جل وعلا بنسبة وحى كاذب اليه والى رسوله ، وإعتبار هذا الافتراء الكاذب دينا . وتتأسس الأديان الأرضية على هذا الافك ، وينشره شياطين الانس والجن ، ويرضاه الناس ، ويقترفون على أساسه الإثم والعدوان ( الأنعام 112 : 115 ) .
وليس فى القرآن الكريم كلمة ( آفك ) ( على وزن فاعل )وإنما ( أفّاك ) بصيغة المبالغة ( فعّال ) ليدل هذا اللفظ على المبالغة فى الإفك من حيث ( الكم ) اى الاستمرار فيه ، ومن حيث النوع أى أنه كذب على رب العزة ذاته ، وهذا إثم من أكبر الكبائر . وبالتالى فالنوعان مرتبطان ، فالأفاك الذى يكذب على الله جل وعلا لا أمل فى هدايته لأنه يقوم بإضلال الناس ، وبإضلال الناس يكتسب مكانة ونفوذا ويستحيل أن يضحى به ويعلن أنه كان كاذبا مفتريا ،فيظل مستمرا فى إفكه لا يهتدى أبدا. لذا يقول جل وعلا للنبى عليه السلام ( إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ ) (37) النحل ) . وبهذا يظل الأفاك الأثيم مستمرا فى إضلال الناس الى نهاية عمره . وهذا أمر واضح فى عصرنا . هو لا يتوب لأنه تتنزل عليه الشياطين توحى اليه بالأضاليل فينشرها بلا خجل وهو يحسب أنه يحسن صنعا . يقول جل وعلا عن الأفاك الأثيم : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) الشعراء ) .
هذا الأفاك الأثيم لا يؤمن بحديث رب العزة فى القرآن وحده ، بل يؤمن بحديث البخارى ومسلم والشافعى وابن حنبل وسائر أئمة الإفك . ومن أجل تلك الأحاديث المفتراة يكذّب بحديث القرآن الكريم ، يقول جل وعلا : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9) الجاثية ). لأنه قد حقق مكانة وجاها ونفوذا بهذا الضلال ، لذا يتولى مستكبرا مُعرضا. هذا المخلوق يجب تبشيره بعذاب أليم ينتظره فى جهنم : (فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)) .
والله جل وعلا يقول عن نوعية خاصة من العذاب لهذا الأفاك الأثيم : ( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) الدخان ) . كان فى الدنيا ذا جاه ، يقال له صفات التكريم :( فضيلة الشيخ ) ( قداستك ) ( شيخ الاسلام ) ( الامام الأكبر ) ( حجة الاسلام ) ( روح الله ) ( آية الله ) . فى الجحيم سيأكل طعام الزقوم الذى يغلى فى بطنه كغلى الحميم ، ثم تأخذه ملائكة الجحيم الى أعلى ، الى سقف جهنم فتقذف به الى قعر الجحيم ، وفى قعر الجحيم يصبون فوق رأسه ماء الحميم الملتهب وهم يقولون له ساخرين :( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) الدخان ).
يجب تبشير كل أفاك أثيم بما ينتظره من عذاب أليم .. وهذا أمر الاهى ، وهذا ما نقوم به الآن .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5118 |
اجمالي القراءات | : | 56,905,292 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
تدبر آيات 32 : 34 من سورة الشورى
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
برجاء قراءة ما نكتب: ---------- ---------- ---------- ---------- ---------- عزيز ي ...
التجسس من تانى : انا صاحبه (السؤ ل التجس س على والدي ) ولم...
ليس صحيحا .!!: هل صحيح أن القرآ ن يذكر أن الرجل الذي لم ينجب...
مجاملات اجتماعية: اني ملتزم بصلات ي واحاو ل ان اخشع بقدر ما...
أهل مصر والقرآنيون: ما حكم القرا نين على اهل مصر ؟...
more