الفصل الثاني : استفادة الصوفية سياسياً:
استغلال الصوفية نفوذهم السياسي في إضطهاد الفقهاء السنيين

آحمد صبحي منصور Ýí 2015-06-17


كتاب : أثر التصوف السياسى فى الدولة المملوكية

الفصل الثاني : استفادة الصوفية سياسياً

استغلال الصوفية نفوذهم السياسي في إضطهاد الفقهاء السنيين  

1 ـ ألمحنا في التمهيد إلى ما قاساه أوائل الصوفية من اضطهاد في القرن الثالث الهجري وما تلاه إلا أن تقرير التصوف – بجهد الغزالي – قد حول وجهة الإنكار على التصوف إلى مجرد إنكار على المتطرفين من الصوفية. وبانتشار التصوف واحتلال الصوفية لأماكن النفوذ السياسي أتيح لهم الثأر من أعدائهم التقليديين (الفقهاء السنيين) وهو مكسب لا بأس به للحركة الصوفية. ومن قبل أدرك الشافعي وابن حنبل بوادر ظهور التصوف الفردي وإنكراه وإن لم يعطياه أهمية ، إذ كان وقتها لا يستحق الاهتمام يدلنا على ذلك أقوال الشافعي مصوراً نظريته في التصوف ورجاله : ( أُسّس التصوف على الكسل )( لو أن رجلاً تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق) ( ما لزم أحد الصوفية أربعين يوماً فعاد إليه عقله أبداً)[1]       

وبتسلط التصوف وتسيده الحياة العملية حولها إلى مجرد حفظ خالٍ من العقل ، فأخذ مستوى الفقهاء في الضعف المتزايد بتزايد التصوف وتأثيره ، حتى إن العصر المملوكي ـ على طوله ـ لم يشهد إلا شخصية فقهية واحدة – هو ابن تيمية- في عصر أنجب كثير من مشاهير الصوفية دونه علماً وفضلاً . وازداد الأمر سوءاً بعده فلم تضم مدرسته بعده شخصية على نفس مستواه ، وقد انصب إنكار الفقهاء المملوكيين على متطرفي الصوفية وأتباع ابن عربي خاصة. ومع كثرة المتطرفين ونفوذهم إلا أن جهد الفقهاء كان أقرب إلى دعوة لإصلاح الطريق الصوفي تأسياً بأبي حامد الغزالي ..

2 ــ والواقع أن شخصية الغزالي قد فرضت نفسها على مجريات الصراع الصوفي/ الفقهي بحكم تقدير الطرفين له ولفكره في العصر المملوكي . ودليلنا أن ( إحياء علوم الدين) قد ضم بين دفتيه أقاويل و شطحات للغزالي لا تختلف من حيث الكفر والخروج عن جادة الإسلام[2]ـ عن أقاويل ابن عربي وعفيف التلمساني والمدرسة الاتحادية التي جهد ابن تيمية في حربهم في العصر المملوكي . . إلا أن الغزالي قد اكتسب قداسة في العصر سرت على آرائه وتصوفه فتوجه جهد الفقهاء في العصر المملوكي إلى العودة بالصوفية إلى طريق الغزالي . ومن أجل ذلك قاسى الفقهاء من نفوذ الصوفية واضطهادهم مما سنعرض له .

3 ــ ولا نجد للصوفية عذراً في اضطهادهم (مصلحيهم) من الفقهاء . وإن كان العذر قائماً بالنسبة للفقهاء الذين أضاعوا جهدهم في عبث الإنكار على أشخاص الصوفية مع الحفاظ على المبدأ نفسه ، وعذر الفقهاء أنهم أبناء العصر المملوكي ، والعصر المملوكي يدين للتصوف عقيدة ومذهباً ويرى في الخروج عليه خروجاً على الدين يعتبر بدعة تستحق العقاب .. إنه العصر الذي أصبح الاعتقاد في الصوفي حياً و ميتاً شهادة لا تجدي بدونها شهادة التوحيد .. إنه العصر الذي أصبح فيه الإيمان بالأولياء ثالث الشهادتين كما جاء في نص شهادة الإسلام التي أرسلها ابن هلاوون إلى قلاوون وفيها أنه يقر بأنه لا إله إلا الله (والشهادة بمحمد عليه أفضل الصلاة والسلام..وحسن الاعتقاد في أوليائه الصالحين )[3] أي صارت شهادة ثلاثية وليست شهادة واحدة بالتوحيد لاإله إلا الله وحده ، ولكن احمد بن هلاوون يعبّر عن عقيدة التصوف فى تثليث الآلهة . وهذا لا يكون إلّا شركاً .

الفقهاء السنيون في العصر المملوكي: ـ

1 ــ يقول ابن تيمية ــ عدو الصوفية ــ عن الصوفية ( إن الصوفية مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم ففيهم السابق بحسب اجتهاده وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين  .. وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج مثلاً فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه وأخرجوه عن الطريق مثل الجنيد سيد الطائفة وغيره)[4] ، فابن تيمية ـ لا ينكر التصوف من حيث المبدأ .

2 ـ وقد أنجبت مدرسة ابن تيمية في القرن التاسع علماً مجهولاً هو البقاعي الذي أنكر على الاتحادية وأتباع ابن الفارض ومع ذلك يقول عن المتصوفة السنيين الأوائل (إن المحققين منهم بنوا  طريقهم على الإقتداء بالكتاب والسنة )[5] ،واحتج بأقوالهم في صراعه مع الاتحاديين فيقول( وقد قال أهل الله كالجنيد وسرى السقطي وأبو سعيد الحراز وغيرهم ..كذا [6] . وسنعرض لصراع هؤلاء مع صوفية عصرهم وكيف تمكن النفوذ الصوفي من وأد تلك الحركات الإصلاحية .

3 ـ وانتشار التصوف أثر على القضاء ـ وهم رؤوس الفقهاء بل إن بعضهم انحاز للصوفية أو كان منهم أو وصل بالتصوف إلى منصب القضاء وانعكس ذلك كله على مسيرة الصراع بين الفقهاء والصوفية .

4 ــ والأزهر  كان في العصر المملوكي مؤسسة صوفية أسوة بسائر المعاهد العلمية والدينية في العصر ..فقد أطلق على طلبة الأزهر لقب الفقراء قياساً على الصوفية، وأقام بالأزهر طائفة من الصوفية المعتقدين مثل الصوفي عفيف الدين الطفاري الذي( سكن بالجامع الأزهر إلى أن مات وقد أقام مع الفقراء )[7]

وأشهر الصوفية المعتقدين الذين أقاموا بالأزهر قنبر العجمي السيرامي[8]، و الجزرى [9] ، وولى الدين الرومي[10]واللحفي [11]، و  الغمري [12] وجمال الدين الأصفهاني[13]وابن المجدي [14]، وقد زار برسباي الشيخين المغربيين خليفة وسعيد في الجامع الأزهر وقد كانا معتقدين  [15]..

 ولإقامة بعضهم في الأزهر لقب  بالأزهري مثل سليمان العسقلاني الأزهري[16]وابن جامع البحيري ثم الأزهري[17]وسليم الجناني الأزهري[18] ، وكان ابن يوسف إمام الجامع الأزهر: ( مُعتقداً فيه ويتبرك الناس بدعائه [19].. وعليه اتخذ الصوفية من الأزهر حصناً ضد المنكرين عليهم من الفقهاء . وفي واقعة البقاعي مع الصوفية انضم للصوفية أهل الجامع الأزهر وامتنع أحد أصحاب البقاعي من مصاحبته لأن ( أهل الجامع الأزهر هددونا بأنهم يحرقون بيوتنا )[20]. أى كان من فى الأزهر وقتها من متعصبى الصوفية .

5 ــ ولتأريخ الصراع بين الفقهاء والصوفية ــ سياسيا ــ نتوقف عند ابن تيمية ومدرسته وصراعه مع الصوفية وانعكاس ذلك على الرؤية السياسيةن ثم واقعة البقاعي مع أتباع ابن الفارض ثم نقدم لمحات للنزاعات المتفرقة بين أفراد الصوفية والفقهاء السنيين بترتيب القرون وسيظهر من خلال ذلك كله كيف كانت الغلبة  إلى جانب الصوفية وكيف أضر النفوذ السياسي للصوفية بالفقهاءالسنيين ..

صراع ابن تيمية مع الصوفية

بدأ ابن تيمية فقيهاً يحارب البدع فاصطدم بالمتصوفة . وانتصر في الجولة الأولى على الفقراء الأحمدية بالشام وألاعيبهم من أكل الحيّات والدخول في النار . ( وكادت تقوم فتنة، واستقر الأمر على العمل بحكم الشرع ونزعهم هذه الهيئات)  [21]..

والطريقة الأحمدية طريقة صوفية مصرية . ولم يكن صوفية مصر ليسمحوا لابن تيمية بانتصار آخر في الجولة التالية ، خاصة وأنه تشجع بجولته الأولى فكتب رسالة في الرد على ابن عربي بعنوان (النصوص على الفصوص) ووجهها إلى زعيمي الاتحادية في عصره الشيخين نصر المنبجى وكريم الدين شيخ الشيوخ بسعيد السعداء، وفيها لعن ابن تيمية الاتحاديين في شخص ابن عربي . وانتهى الأمر بطلب ابن تيمية إلى مصر متهماً بالقول بالتجسيم[22]، دون أن يحاكموه لإنكاره عقيدة الاتحاد الصوفية. وحاكمه أعداؤه القاضي ابن عدلان والقاضي ابن مخلوف، ومنعوه من الدفاع عن نفسهز واعتقل بالقاهرة مع أخيه وأرغم الحنابلة ـ أتباعه ـ على الرجوع عن عقيدته وأهين بعضهم واعتقل آخرون في بلبيس والقاهرة والشام [23].

وتشجع الصوفية بدورهم ـ والدولة في أيديهم وهو معتقل ـ فكشفوا عن بعض أغراضهم في الحصول على موافقته ورجوعه عن آرائه عن طريق الضغط ، وكان ابن تيمية ينهى في مصر عن تعظيم المشاهد .

وأفتى تلميذه ابن الجوزية بأن قبور الأنبياء لا تُشدُّ لها الرحال، أى لا تُزار ولا يُحجٌّ اليها . فعُقد له مجلس للتحقيق معه ،فأصرّ على أنه لا يُزار قبر النبي إلا مسجده، وثارت فتنة بالشام، وأفتى القاضيان الشافعي والمالكي بتكفير ابن القيم الجوزية واعتقلوه  [24]. ويبدو أن ابن تيمية كان هدفهم الأول فيما فعلوه مع ابن الجوزية ، لأن الخطوة التالية اتجهت نحوه في حبسه يتزعمهم ابن عطاء وابن يعقوب البكري[25]ويرعاهم نصر المنبجى . وهكذا تغيرت الأدوار فكان خصوم ابن تيمية في المجلس الأول قضاة يعملون لصالح التصوف فأصبحوا في الجولة التالية صوفية لحماً ودماً ، ووزعوا فيما بينهم الأدوار حيث بدأ نصر المنبجى يدعوه للصلح ويحصل على موافقته ثم يرفض الصلح معه إلا بعد أن يتنازل عن آرائه منتهزاً فرصة اعتقاله. وجاءت رُسُل المنبجى لابن تيمية فى السجن . وفي مخطوطة تكسير الأحجار، يقول مؤلفها وهو تلميذ لابن تيمية وكان معه فى السجن : ( قالوا: يا سيدي قد حملونا كلام نقوله لك وحلفوا إلينا أنه ما يطلع عليه غيرنا: أن تتنزل لهم عن مسألة العرش ومسألة القرآن ونأخذ خطك بذلك نوقف عليه السلطان ونقول له هذا الذي يحبس ابن تيمية عليه قد رجع عنه ونقطع نحن الورقة ، فقال لهم : بيدعوني أن أكتب خطى إن ما فوق العرش رب يعبد ولا في المصاحف قرآن ولا لله في الأرض كلام ، ودق بعمامته الأرض وقام واقف ورفع رأسه إلى السماء اللهم إني أشهدك على أنهم بيدعوني أنى أكذبك ...[26]). وتوسط الأمير حسام الدين بن مهنا لدى السلطان في ابن تيمية وتوجه بنفسه فأطلقه[27] ، كنوع من التكريم له ، ولم يسكت الصوفية وتزعمهم ابن عطاء فأثاروا على ابن تيمية الغوغاء وامتدت أيديهم له بالضرب فتجمع أهالي الحسينية ليثأروا للشيخ فألح عليهم ابن تيمية بالرجوع لأنه لا ينتصر لنفسه . وفى نفس هذا الشهر رجب 711 اعتدى آخر عليه بالقول المقذع . وأخيراً لجأوا للسلطان وتجمهروا حول القلعة فاضطرب السلطان وعقد له مجلساً أعاده للحبس باختياره.  وفي الحبس كان الشيخ يُزار ويُستفتى فضاق الصوفية به ، فنقلوه للإسكندرية لعل أحد الاتحادية يقتله هناك[28].

لم يكن التصوف في مثل سطوته في نهاية العصر المملوكي ومع ذلك أرهق ابن تيمية الذي دفع كثيراً من سني حياته معتقلاً في سبيل جهاده لبعض انحرافات المتصوفة في عصر دان بالتصوف. ومع أنه ابن لهذا العصر إلا أنه تمرد عليه في نواحي كثيرة،  فقد اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها ، كما اعترف بذلك خصمه القاضى كمال الدين الزملكاني، وقال ابن الوردي عنه (أعان أعداءه على نفسه بدخوله في مسائل كبار لا يتحملها عقول أبناء زماننا)[29].

مدرسة ابن تيمية وصراعها مع الصوفية : ـ

أثمرت حركة ابن تيمية مدرسة كان روادها من تلاميذه الأوائل وسارت تلك المدرسة على نهج زعيمها من تحمل المصاعب في سبيل المبدأ والاستمرار في الإنكار على المتصوفة وكونوا مجموعات متفرقة في مصر والشام  .

ففي أثناء اعتقال ابن تيمية ضُرب ابن القيم وحُبس لأنه أنكر الشفاعة والتوسل بالأنبياء وزيارة القبر النبوي وزيارة قبر الخليل. وحُبس مع شيخه ابن تيمية في المرة الأخيرة بالقلعة منفرداً عنه . ولم يفرج عنه إلا بعد موت الشيخ[30].

وكان ابن مري البعلبكي منحرفاً عن ابن تيمية ثم اجتمع به فأحبه وتتلمذ له ، ( وكتب مصنفاته وبالغ في التعصب له وقدم  القاهرة فتكلم على الناس بجامع الأمير حسين وبجامع عمرو وهاجم الصوفية وأنكر التوسل بالنبي والزيارة على طريقة ابن تيمية فأراد الصوفية قتله فهرب ، فطلبه القاضي المالك الإخنائي ، ومنعه من الوعظ ، وعقد له مجلس، وتعصب عليه الصوفية بالباطل، وكادت تقوم فتنة، وآل الأمر إلى تمكين المالكي منه ، فضربه بحضرته ضرباً مبرحاً حتى أدماه ، وأشهره على حمار مقلوباً، ونودي عليه: " هذا جزاء من يتكلم في حق رسول الله" ، فكادت العامة تقتله ثم أعيد للسجن ثم شفع فيه فسافر من القاهرة للخليل .

وحضر ابن شاس درساً ( فصوّب ما نُقل عن ابن مري في مسألة التوسل فوثب به الصوفية وحملوه إلى المالكي ليفعل معه ما فعل مع ابن مري فلم يفعل، فنسبوه للتعنت) [31] .

وفى سنة 726 أبان حركة ابن تيمية حكم عبد الله بتكفير من قال من مؤذني الجامع :" يا رسول الله أنت وسيلتي" ، فعُقد له مجلس بتكفيره أمام قاض حنبلى ، فتاب ورجع ( فردّ الحنبلي إسلامه وحقن دمه وقبل توبته . ) وهنا نرى قاضيا صوفيا ينتمى للمذهب الحنبلى ـ نفس مذهب ابن تيمية ومدرسته ـ ولكن التصوف هو الذى ساد وسيطر حتى على أغلب الحنابلة ، إذ أصبح التصوف حرفة لا تلتزم بالانتماء المذهبى .  وأُدُّعى على الصلاح الكتبي أنه قال : "لا فرق بين حجارة جيرون وبين حجارة صخرة بيت المقدس" ، وأيده آخر ، وعُزّر الاثنان معاً ، وعزر معهم آخر قال : كل من قال عن ابن تيمية شيء فهو كذب[32].

وبعد موت ابن تيمية ازداد أنصاره يواصلون مسيرته خلال القرن الثامن وحدثت بينهم وقائع مع الصوفية ومحن تعرضوا لها من القضاة . وقيل في المؤرخ ابن كثير( كانت له خصوصية بالشيخ ابن تيمية ومناضلة عنه وأتباع له في كثير من آرائه .. وامتحن بسب ذلك وأوذي)[33].

 ونظر ابن البرهان المصري في كلام ابن تيمية ( فغلب عليه بحيث صار لا يعتقد أن أحداً أعلم منه)[34]، وتخرج ابن سعد بابن تيمية( ورأى رأيه في المسائل التي تفرد بها فتألم منه قاضى القضاة تقي الدين السبكي ونازعه عدة مرات ولم يرجع )[35].

وكان يوسف بن حسين الكردي ( يميل إلى ابن تيمية ويقول بآرائه في الأصول والفروع و ينكر على الأكراد في عقائدهم وبدعتهم وكان من يحب ابن تيمية يجتمع إليه)[36]

وكان يوسف بن ماجد شديد التعصب لابن تيمية ، وسجن بسبب ذلك ولا يرجع . وبلغه أن ابن المصري يحط على ابن تيمية في درسه فجاء إليه وضربه وأهانه [37].

وكان أبو بكر الهاشمي نزيل القاهرة يميل إلى مذهب ابن تيمية وامتحن بسبب ذلك مرة وكان يحفظ كثيراً من كلام ابن تيمية  [38].

وقيل شبه هذا الكلام على إبراهيم الأمدي [39] وابن المنصفي [40] وابن عبد الله الناسخ  [41]وابن المحب الحافظ [42] وابن الأعمى المصري[43] والصدر اليوسفي [44] وكان الغزل( يحب أهل الحديث وأصحاب ابن تيمية )[45].

وأنكر ابن العز الحنفي على قصيدة لابن أيبك الصفدي يعارض فيها (بانت سعاد) وشاع الأمر بفعل بعض المتعصبين إلى أن انتهت القضية إلى السلطان فكتب مرسوماً طويلاً منه : بلغنا أن على بن أيبك مدح النبي صلى الله عليه وسلم بقصيدة وإن على بن العز اعترض عليه وأنكر أموراً منها التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والقدح في عصمته وغير ذلك ) وطالب المرسوم بتعزيره وقال المرسوم ( وبلغنا أن جماعة من الشافعية والحنابلة والمالكية يظهرون البدع ومذهب ابن تيمية )[46] .أى صار مذهب ابن تيمية من ( البدع ) تبعا لثقافة العصر المملوكى وتدينه بالتصوف . وترتب على هذا أن  ( صارت فتنة عظيمة بين الحنابلة والأشاعرة ، وبالغ الصوفي علاء الدين البخاري في الحط على ابن تيمية ، وصرّح بتكفيره ،  فتعصب جماعة لابن تيمية. وصنف الحافظ شمس الدين جزءاً في فضل ابن تيميةن وسرد أسماء من أثنى عليه ، وأرسله للقاهرة ، فكتب عليه بالتصويب غالب المصريين. وخرج مرسوم السلطان بأن ( أحداً لا يعترض على مذهب بلده ومن اظهر شيئاً مجمعاً عليه سمع منه )[47].

 وفي سنة 863 أُستفتى القاضي سراج الدين الحمصى في حكم من كفر ابن تيمية وقد اتفق على تخطئته، فأعلن الحمصي أن من كفر ابن تيمية هو الذي يكفر ، فقام عليه ابن  زهرة ، وقال:" كفر القاضي" ، وتعصب لابن زهرة أهل طرابلس ، ففر الحمصي إلى بعلبك، وكاتب المصريين، فجاء المرسوم بالكف عنه واستمراره على قضائه [48].

 وكان ابن السكري من المغالين في محبة ابن تيمية ( متعصباً على من يخالفه ، وقد جدد المدرسة السكرية وهى في يد ابن رجب) ( لكون تلك المدرسة كانت لابن تيمية محبة له. وقد فهم ابن السكري من ابن رجب بعض المخالفة لابن تيمية ، فأخذ في معاداته وأراد إخراجه من المدرسة لكونه عمرها من ماله )[49]..

واجتذبت مدرسة ابن تيمية لصفها بعض أمراء المماليك، كالأمير بران أمير أخور، الذي كان كثير الحب في ابن تيمية وأصحابه ، ووصفوا الأمير جنكلى ابن البابا بعدم ( الميل إلى المُرد ، والمحافظة على العبادات ، والميل لابن تيمية ، والتعصب له، والرد على من يهاجمه )[50]  . وقبل ذلك ( لازم الأمير سيف الدين قديدار ابن تيمية في مقامه بمصر ، فتأثر به ، وظهر ذلك في ولايته على مصر، فكان شهماً فأراق الخمور وأحرق الحشيشة واستقامت به أحوال مصر والقاهرة )[51]

  وضمت مدرسة ابن تيمية بعض المثقفات المتدينات مثل الناسكة فاطمة بنت عباس التي كانت تحضر مجلس ابن تيمية، وكانت تنكر على الفقراء الأحمدية ( مؤاخاتهم النساء والمردان ، وتنكر أحوالهم ، وتفعل من ذلك ما لا يقدر عليه الرجال )[52]، أي أن أتباعه وقفوا ضد انحرافات الصوفية الخلقية مع تمسكهم بالشرع .

وقد كان ابن تيمية حنبلياً وكان الحنابلة أهم أنصاره فأصبحت ( الحنبلية) علماً على الاعتقاد المضاد للتصوف بالنسبة للعقيدة أو المتشدد في السلوك، ولا تزال تعيش بيننا بالمعنى الأخير. ويقول ابن حجر في ترجمة ابن أبى حجلة ( كان حنفي المذهب حنبلي المعتقد ، وكان كثير الحط على الاتحادية ، وصنف كتاباً عارض فيه قصائد ابن الفارض ، حتى بأنه أمر عند موته بأن يوضع الكتاب الذي عارض به ابن الفارض ـ وحط عليه فيه ـ في نعشه ويدفن معه في قبره ففعل به ذلك)[53].  وسُمّي الأمير الكبير سيف الدين أقتمر الصاحبي بالحنبلي ( لكثرة مبالغته في الطهارة والوضوء)[54] ، وهذا التشدد رد فعل لانحلال المتصوفة الخلقي والديني .

ولكن مع ذلك عوملت مدرسة ابن تيمية فى إطار دين التصوف السائد في العصر المملوكي، فقيل عن أربابها مثلما يُقال عن المتصوفة المقدسين المعتقدين، فكان على الغزي منتسباً لابن تيمية ومع ذلك ( كان مباركاً ، فيه ذوق وتأمل في كلام أرباب الطريق) على حد قول ابن حجر الذي يصف الزرعي أحد أصحاب ابن تيمية بأنه (طار صيته وقصد للتبرك)[55]، مع أن أستاذهم ابن تيمية نهى عن ذلك ...

السياسة المملوكية  بين ابن تيمية والصوفية.

وسنعرض لحركة ابن تيمية من واقع الرؤيا السياسية مع احتسابها ـ جملة ـ لصالح الموقف الصوفي وجهد الصوفية الذي أحسن استغلال عناصر اللعبة لصالحه .وحتى تتضح الصورة كاملة نقول أن حركة ابن تيمية يمكن تقسيمها إلى مرحلتين سياسيتين، الأولى: في سلطنة المظفر بيبرس الجاشنكير الذي اغتصب الحكم من صاحبه الشرعي الناصر محمد بن قلاوون .الثانية : حين عاد الناصر محمد وهزم خصمه بيبرس الجاشنكير.

على أن جهد الصوفية في مقاومة ابن تيمية قد سبق هذين المرحلتين  وقد تحرك في اتجاهين: الأول : في إثارة الأمراء المماليك على ابن تيمية في الشام وقد كانوا يميلون إليه ـ في وقت قد كانت لهم في الشام السلطة بسبب ضعف السلطان الناصر محمد في القاهرة ـ وقد حيكت مؤامرة صوفية اتهم فيها ابن تيمية بمعاونته لأحد الأمراء ليكون نائب السلطنة وحقق في الأمر وظهر التزوير وعوقب الصوفية أصحاب المؤامرة[56].

والاتجاه الثاني: هو محاولة التأثير على العامة ـ وهم أميل للصوفية وعُدتهم في الشدائد ـ وقد اعترف كمال الدين الزملكاني أحد أعداء ابن تيمية بأنه (حُبّب للناس القيام عليه)[57] يعنى على ابن تيمية .

 ثم نعود إلى  المرحلتين السابقتين : ـ

المرحلة الأولى : في سلطنة المظفر بيبرس الجاشنكير .

وعلى عادتهم وقف الصوفية مع الجاشنكير المغتصب للحكم، وكان رأسهم نصر المنبجى، وهو  من أتباع ابن عربيز نصر المنبجى هذا كان شيخاً للجاشنكير . والجاشنكير كان العدو الأكبر لابن تيمية في نفس الوقت. لذا فإن السلطان لم يكن بحاجة إلى جهد صوفي لإثارته على ابن تيمية ، لأن ابن تيمية وقف يناوئ الجاشنكير ــ الحاكم المغتصب ــ  رغم أن ابن تيمية كان فى الاعتقال وقتها ، فقد استحضره من الحبس ليوافق علماء مصر على مبايعته بالسلطنة فأبى ، ولم يعترف بتنازل الناصر محمد عن السلطنة، وكذّب الشهود الذين جاء بهم الجاشنكير، وأعلن أن البيعة ـللجاشنكير باطلة ( فاغتاظ الملك المظفرن وقال : " ردُّوه إلى الموضع الذي كان فيه".  فردُّوه إلى حبس الإسكندرية.  ولم ينقطع ابن تيمية عن مهاجمة الجاشنكير في سلطنته فكان يهاجمه :( ويقول: زالت أيامه وانتهت رياسته وقرب انقضاء أجله، ويتكلم فيه)  [58] ) .

 وانتهز الصوفية الفرصة فعقدوا له مجلساً بمحاكمته بإشارة نصر المنبجى ، وادعى عليه فيه ابن عطاء السكندري بأشياء لم يثبت عليه منها شيء . وانتهى الاجتماع بأن خيرته الدولة بين السير إلى دمشق أو الإسكندرية بشروط أو الحبس،  فاختار الحبس.  ومع أن السلطة كانت للصوفية إلا أنهم لم يستطيعوا النيل من ابن تيمية أكثر من ذلك. وقد اشتوروا في أمره ، واتفقوا على إرساله للإسكندرية، وهى  معقل الصوفية وحيث لا نصير له هناك، فيقتله أحد أتباع ابن عربي ـ ( فيتخلصون منه دون مشاكل فانقلبت عليهم مقاصدهم الخبيثة وصار له أتباع فيها )[59].

وانتهت هذه المرحلة بسقوط السلطان بيبرس الجاشنكير وعودة الناصر محمد إلى السلطنة . وكان ابن تيمية في المعتقل. وكان الصوفية ــ  وهم أعوان السلطان الغالب ـ أي سلطان غالب ــــ يعدون العدة لاستقبال السلطان الناصر الذى تخلوا عنه من قبل ، كما تخلوا عن الجاشنكير فى محنته .

المرحلة الثانية: فى السلطنة الثالثة للناصر محمد بن قلاوون

1 ــ وكسب الصوفية هذه الجولة أيضاً على حساب ابن تيمية الذي نال من الإيذاء في عصر صديقه الناصر أضعاف ما قاساه في عهد عدوه بيبرس الجاشنكير. وإذا كان الجاشنكير قد بنى للصوفية خانقاه لهم فإن خانقاه سرياقوس التي بناها لهم الناصر محمد أكثر شهرة ومكانة إذا قيس نفوذ الصوفية في العهدين بالمقياس المعماري. وهذا الوضع المقلوب يستدعى وقفة للتأمل..

حقيقة لقد بدأ الناصر محمد عهده بالنيل ممن تألب عليه من القضاة الصوفية ـ إلا أنه ما لبس أن عفي عنهم بتأثير صديقه ابن تيمية [60]  الذي خرج من الحبس معززاً مكرماً إلى فترة من الزمان . ثم ما لبث أن خسر ابن تيمية لأنه كفقيه حنبلى يؤمن بتغيير المنكر باليد والتدخل فى السّلطة لا بد أن يصطدم بالسلطان . ثم ،  لقد حملت شخصية ابن تيمية في داخلها عوامل إخفاقها السياسي بما تمتع به من قوة التأثير في الأتباع وإفراطه فى التكفير لمن يخالفه حتى فى التفصيلات الفقهية الفرعية ، ومواجهة المخالفين له حتى بالسيف، أى يُنازع العقيدة المملوكية فى إحتكارها السلاح واستعماله . لذا كان من المتوقع أن يخشى السلطان منه على نفوذه ، وكان الناصر محمد عائداً إلى سلطنته الثالثة وقد ذاق الأمرّين من تجارب الحكم ، وهو حريص أشد الحرص ألا يعلو رأس في مملكته وأن يقضى في حكمه مستبداً بالأمر، والصوفية من ناحيتهم خير مطية للحاكم المستبد ولا يخشى منهم مناوئاً، فتهيأ الجو لإنجاح مساعيهم ضد خصمهم ابن تيمية.

ونعود إلى التاريخ لترتيب الحوادث.

2- عندما وصل الناصر إلى الحكم لم يكن له دأب إلا طلب الشيخ ابن تيمية من المعتقل فأحضره وأحسن استقباله وأراد قتل من آذاه ولكن الشيخ مازال بالسلطان حتى صفح عنهم .. وزاد نفوذ الشيخ في الدولة حتى عين الأفرم في نيابة طرابلس بإشارته ، وعزل نائب دمشق لأنه شتم بعض فقهاء المدينة [61]، واستفحل خطر الشيعة بالشام فقاتلهم ابن تيمية ، وكتب إلى أطراف الشام يحث على قتالهم، واستمر في حصارهم حتى أجلاهم . وكتب بذلك للسلطان فخشي نفوذه ( لأن الناس اجتمعوا عليه ولو طلب الملك ما بَعُد عنه) وأشاع أعدائه أنه يسعى في الإمامة الكبرى وأنه كان يلهج بذكر ابن تومرت ويطريه)[62].

وكان من الطبيعي أن يستجيب السلطان لدسائس الصوفية ويميل إليهم،  فبنى لهم الخانقاه الشهيرة بسرياقوس وأقيم لافتتاحها حفل عظيم حضره السلطان والقضاة والصوفية وذلك في سنة 725  )[63] ، وفي سنة 726 أمر السلطان باعتقال صديقه السابق بقلعة دمشق بسبب فتوى سابقة عن زيارة القبور[64]،  وتلك أمور يُعنى بها الصوفية ، وذُكرت صريحة في دعوى الاتهام ، مما ينهض دليلاً على ازدياد النفوذ الصوفي.وقد حمل ذلك الاعتقال الأخير كل حقد الصوفية على ابن تيمية ، حيث منعوه من الكتابة ونشر آرائه مما أثر في نفسيته وقد كان يفرح بالحبس حيث يتوفر على العبادة والتأليف) [65] . وجاء ذلك الاعتقال في أخريات حياة ابن تيمية الذي أمضى عمره مكافحاً ضد التتار والصوفية والشيعة ، ولم ترحمه أحقاد الصوفية في شيخوخته، وتناسوا عفوه عنهم في محنتهم . وإن كان ابن تيمية قد مات في حبسه مقهوراً من منعه من الكتابة والدعوة فإن دعوته لم تنته بموته،  بل إن أثرها امتد إلى عصرنا الحديث وما اصطلح على تسميتها بالدعوة الوهابية ما هي إلا امتداد لحركة ابن تيمية . والمستفاد من ذلك أن إضطهاد الفكر لا ينجح إلا فى نشر ذلك الفكر حتى لو كان سلفيا متطرفا كفكر ابن تيمية ن فكيف إذا كان الفكر أقرب الى الحق ؟.

ولكن ما هو الدور السياسي لتلاميذ ابن تيمية في العصر المملوكي..؟

مدرسة ابن تيمية السياسية :

سارت على نهجه وحاولت الحد من ظلم المماليك ومن هنا جأر ابن خلدون بالشكوى منهم ن وجعل يضرب الأمثال بالأمويين على أن للحكومة الحق في استئصال الأموال بالعنف [66] .

ولقد وصف بعضهم بأنه (تيمي الاعتقاد )[67] مثل أبى العباس الزرعي أحد تلاميذ ابن تيمية وقد قدم مصر وكان أماراً بالمعروف نهاءا عن المنكر قوى النفس وله أقدام على الملوك فأبطل بعض المظالم .[68]، إلا أن حركة ابن البرهان المصري أهم آثار تلك المدرسة .

حركة ابن البرهان المصري :

قيل في ترجمته أنه ( نظر في كلام ابن تيمية فغلب عليه حتى صار لا يعتقد أحداً أعلم منه، وكانت له نفس أبية ومروءة وعصبية ، وطمحت نفسه إلى المشاركة في الملكن وليس له قدم فيه لا من عشيرة ولا من وظيفة ولا من مال .. فلما غلب الظاهر برقوق على المملكة وحبس الخليفة غضب ابن البرهان وخرج في سنة 785 إلى الشام وإلى العراق يدعو إلى طاعة رجل من قريش ، فاستنفر جميع الممالك ، فلم يبلغ قصداً ، ثم رجع إلى الشام فاتبعه كثير من أهلها، وكان أكثر من يوافقه ممن يتدين،  لما يرى من فساد الأحوال والمعاصي والرشوة، وأبرز القائمين معه ابن الجبال الطرابلسي وابن قاسم العاجلي ، وبلغ أمرهم إلى بيدمر نائب الشام ، فسمع كلامه إلا أنه لم يشوش عليه ، وقد وجد نائب القلعة ابن الحمصي منافس بيدمر وعدوه الفرصة في الكيد فاستحضر ابن البرهان وأظهر أتباعه وفهم مقالته، وكاتب السلطان بأمره، فبعث برقوق يأمر بيدمر بتسمير ابن البرهان وأتباعه، فتورع بيدمر، وأجاب بالشفاعة فيهم والعفو عنهم وأن أمرهم تلاشى ولا عصبية لهم . فكان أن بعث ابن الحمصي للسلطان أن بيدمر موافق لهم على العصيان ، فأرسل برقوق إليه باعتقال ابن البرهان وصحبه وأن آل الأمر في ذلك إلى قتل بيدمر . ولما حضر ابن البرهان وصحبه موثقين بالحديد متهمين بالسعي في المملكة ، سأله برقوق عن سبب قيامه، فأعلمه أن غرضه أن يقوم رجل من قريش يحكم بالعدل وأن هذا هو الدين ولا يجوز غيره ، وسأله برقوق عمن معه على مثل رأيه من الأمراء فبرأهم وأردف بالمواعظ ، وعدد للسلطان مظالمه ، فأمر السلطان بمعاقبته هو وأصحابه حتى يعترفوا عمن وافقهم من الأمراء ، وسجنوا مع أهل الجرائم ز ثم أفرج عنهم سنة 791 . واستمر ابن البرهان مقيماً بالقاهرة إلى أن مات سنة 808 وحيداً)  [69]، .

وقد قام أبو يزيد الرمادي بجهد منفرد فدخل العراق ومصر ثم تحول إلى البادية  فأقام بها يدعو إلى الكتاب والسنة فاستجاب له حيار بن مهنا فلم يزل عنده حتى مات واستمر ولده نعير على إكرامه ، ولما حدثت حركة ابن البرهان خشي على نفسه فاختفى بالصعيد، ثم قدم القاهرة وبها مات. وقد كان شهماً قوى النفس ، ومن شعره  الذى يهاجم فيه الصوفية :

ما العلم إلا كتاب الله والأثر              وما سوى ذلك لعين ولا أثر

فعد عن هذيان القوم مكتفياً               بما تضمنت الأخبار والسور[70]

حركة البقاعي ت 885

و البقاعي تلميذ متأخر لابن تيمية حيث قام ينازع صوفية عصره في الربع الأخير من القرن التاسع ، وجهد البقاعي في محاربة الصوفية ينحصر في مبدأين : الكتابة والدعوة الإيجابية بنفسه. ووصلنا من تصنيفات البقاعي في ذلك ( تنبيه الغبي في تكفير ابن عربي )( وتحذير العباد من أهل العناد) وفي المصنفين حمل البقاعي على الاتحاديين وزعيمهم ابن عربي وابن الفارض وقام بالرد على أقوالهم معتمداً على فطنة القارئ، ذلك أنه قليلاً ما يعلق على أقوال الاتحاد الصوفية ، بل يكتفي بالإشارة ، ويورد أقوال من كفّرهم دون أن يكثر من الاستشهاد بأقوال أعداء الصوفية كابن تيمية ، بل اعتمد على آراء المحايدين وبعض الصوفية الذين أعلنوا براءتهم من الاتحادية [71]، وبهذه الطريقة استطاع أن يصل إلى غرضه في الصوفية ، لأن القارئ يدرك فظاعة أقوال ابن عربي في الفصوص ويقتنع بتكفير المحايدين له ولفرقته .ودعوة البقاعي الإيجابية في مقاومة المتصوفة أهمها في تكفيره ابن الفارض شيخ الاتحاديين المصريين وهى ما تعرف فى المصادر التاريخية المعاصرة للبقاعى بكائنة البقاعيوابن الفارض.

ويظهر تحامل المؤرخين [72] على البقاعي ــ الذي جرؤ على تكفير ولى مقدس في القرن التاسع كابن الفارض ـــ  تحاملاً وصل إلى حد التجريح والسَّباب ، إلا أن البقاعي في تاريخه عرض لتلك الحادثة ( الكائنة ) بصورة يظهر فيها الصدق والترتيب المنطقي للحوادث، واتفق في بعضها مع ما أورده المؤرخين الآخرون الذين تجاهلوا سياق تلك الحوادث وذكروا نهايتها مبتورة ومشفوعة بالتشنيع على البقاعي ..

ونتابع البقاعي صاحب الواقعة في سرده لواقعته[73].

أ – بعث البقاعي بخطاب مطول يثبت فيه كفر ابن الفارض بالأدلة والحجج وأرسله لابن الديري يطلب رأيه حتى يلزمه بالوقوف معه إلى جانب الحق .

ب- لجأ الصوفية إلى المكر ، وحاولوا الحصول على كتاب البقاعي لابن الديري ـ بحجة أن أبن مزهر الأنصارى ــ كاتب السر ــ يطلبه ـ وفشلوا . ولكن البقاعي من ناحيته طلب منهم ـ وقد اطلعوا على ما في كتابه ـ أن يردوا عليه.

جـ - عجزوا عن الرد بالحجة فلجأوا إلى أساليبهم التي تفوقوا فيها ـ  والتي يتحرج منها البقاعي وأصحابه من الفقهاء ـ فنشروا الإشاعات وأثاروا الجماهير وأصحاب الجاه حتى صاروا يؤذون البقاعى واصحابه في الطرقات .

د- اقترح زعيم الصوفية الفارضية عبد الرحيم أن عقد مجلس ذكر تسبقه مظاهرة صوفية لإثارة الجماهير ويمرون على بيت البقاعي لتنهبه الغوغاء ، وسقط الاقتراح خشية أن تتطور الأمور لغير صالحهم. ولجأوا إلى طريقة أخرى؛ استكتبوا أعوانهم ، وأذاعوا أن البقاعي قد كفّر المساعد لهم والساكت عنهم ، ليثيروا المحايدين عليه ، ونجحوا في إثارة زين الدين الأقصرائي على البقاعي، الذى فهم أن البقاعى أفتى بتكفيره ، وحدثت بينهما مشادة كلامية.

هـ - ضاقت الحال بالبقاعي فحاول الاتصال بالدودار الكبير ليشرح له حقيقة الحال،وبعض (أهل الخير ) بتعبير البقاعى ــ اجتمع بالدودار وأفهمه حقيقة الاتحادية، فخفّف ذلك عن البقاعي بعض الشيء ، إلا أن نفوذ الصوفية مع ذلك كان غالباً . وتزايد الموقف لصالحهم ، وكاتب السر يخيفه ويرهبه ، إلا أنه ظل على سكينة . فقد أرسل ابن مزهر الأنصارى ـ كاتب السّر ــ  للبقاعي بعض أصدقائه يشير عليه بالرجوع عن رأيه لأن السلطان ومن دونه كلهم ضده ، ورفض البقاعي التراجع وعرض من جانبه أن يقبلوا منه أحد حلول ثلاثة : المجادلة أو المباهلة أو المقاتلة بالسيف في حضرة السلطان والعلماء ، وقرأ على الرسولين بعض كتابات ابن عربي فاستمالهما إلى جانبه .

و- بدأ موقف كاتب السر يتغير، إذ سأله الصوفية أن يكتب لهم ضد البقاعي فرفض إلا بعد أن يسمع أدلة البقاعي، وارسل للبقاعى فاشترط البقاعي أن يكون ذلك بخلوة، فسعوا في عدم اجتماعهما خوفاً من أن يستميله البقاعي للحق .

ز- عمل البقاعي ميعاده في الجامع الظاهري ،واستمال الحاضرين فضجوا بالدعاء على أعدائه ، وابتدأ الميزان يتحول لصالحه ، فقد حاول الصوفية استكتاب قاضى الحنابلة معهم ولكنه أفتى بتكفير ابن الفارض وتابعه في ذلك آخرون . ولما رأت العوام أن أمر الصوفية ابتدأ في التراجع وأن البقاعي لا يزال يقرر رأيه وأنهم عجزوا عن مقابلة حجته خف الهرج . وقد اعترف ابن الصيرفي أن جماعة من الفارضيين حضروا ميعاد البقاعي وأساءوا إليه فشكاهم للحاجب فطلبهم ، وجنّد البقاعي من أتباعه فرقة للدفاع.[74]

ح- واستهلت سنة 875 وحاول السلطان عقد مجلس بسبب ابن الفارض وسأله كاتب السر في ترك ذلك وبذل همته لدى العلماء وسعى لتأخير عقد المجلس، مع أن السلطان صمم على عقده، وانتهى المجلس على لا شيء. واقتنع البعض بأن البقاعي على حق.

1-  ويقول ابن الصيرفي عن ذلك المجلس أن الخصوم منعوا البقاعي من حضور المجلس وأنه ادعى على بعضهم أنه حاول قتله (.. وحصل له بهدلة ما توصف وانفصلوا على غير طائل ولم يحصل للبقاعي مقصوده فإنه مخذول سيما أنه يتعرض لجناب سيدي العارف بالله عمر..[75]). ويقول ابن إياس ( كثر القيل و القال بين العلماء  بالقاهرة في أمر عمر بن الفارض وقد تعصب عليه جماعة من العلماء بسبب أبيات قالها في قصيدته التائية .. وصرحوا بفسقه بل وتكفيره ونسبوه إلى من يقول بالحلول والاتحاد، وكان رأس المتعصبين عليه برهان الدين البقاعي وقاضى القضاة ابن الشحنة وولده عبد البر ونور الدين المحلى وقاضى القضاة عز الدين المحلى وتبعهم جماعة كثيرة من العلماء يقولون بفسقه ) . أي أن البقاعي استطاع أن يضم له هذا الرعيل من الفقهاء ..

2-  إلا أنه أخفق في أن يضم له شيخ الإسلام ـ في عهده - زكريا الأنصاري الذي مثل ذروة النفوذ الصوفي على عقلية الفقهاء في أواخر القرن التاسع الهجري. وقد قام زكريا الأنصاري بدور هام في وأد حركة البقاعي وتفريق من اتبعه ،يقول ابن إياس ( ثم أن بعض الأمراء تعصب لابن الفارض.. فكتب سؤالاً وجهه للشيخ زكريا الأنصاري فيمن زعم فساد عقيدة ابن الفارض فامتنع الشيخ عن الكتابة غاية الامتناع فألح عليه أياماً حتى كتب بأنه يحمل كلام هذا العارف على اصطلاح أهل طريقته وأن ما قاله صدر عنه حين استغراقه وغيبته ) فسكن الاضطراب الذي كان بين الناس بسبب ابن الفارض ، وعزل ابن الشحنة عن قضاء الحنفية وتعرض البقاعي لمحاولة قتل أخرى[76]  .

ثم لجأ زكريا للمنامات الصوفية ليحسّن صورة ابن الفارض بعد الذي أثاره البقاعي عنه . يقول ابن الصيرفي المؤرخ المعبر عن خصوم البقاعي ( وقع لي من وجه صحيح أخبرني به الشيخ العلامة الرباني شيخ الإسلام زكريا الشافعي أبقاه الله تعالى إلى الجناب العلائي على بن خاص بك، أنه ركب إلى جهة القرافة ،ورأى أمامه شخصاً عليه سمت وهيئة جميلة ، فصار يحبس لجام الفرس .. إذ وافى الرجل رجل عظيم الهيئة جداً، فتحادثا ،وانصرف الرجل المذكور .. فسأله سيدي على : " من هو هذا الرجل؟ " فقال له: " أنت ما تعرفه؟" ثلاث مرات، وهو يقول : لا . فقال : هذا عمر بن الفارض في كل يوم يصعد من هذا المكان وهو يسعى في أن الله يكفيه في من تكلم فيه)[77] ..

ولم يكن ( شيخ الاسلام ) زكريا الأنصارى رأساً للصوفيةً في تك الكائنة ، وإنما كان لهم تابعاً وقد سبق رفضه في الكتابة في القضية رغم إلحاح الأمير. يقول الشعراني في ذلك ( وامتنع الشيخ زكريا ، ثم اجتمع بالشيخ محمد الاصطمبولى فقال: اكتب وانصر القوم ( أى الصوفية ) وبيّن في الجواب أنه لا يجوز لمن لا يعرف مصطلح القوم أن يتكلم في حقهم بشرِّ ، لأن دائرة الولاية تبتدئ من وراء طور العقل لبنائها على الكشف) يعنى علم الغيب ـ وعموماً فهذا الموقف من زكريا الأنصاري ينسجم مع تصوفه وموقفه من الفقه والفقهاء رغم كونه شيخاً لهم فهو القائل ( إن الفقيه إذ لم يكن له معرفة بمصطلح القوم فهو كالخبز الجاف من غير أدام ) ومنذ كان شاباً استهوته مجالس الصوفية (حتى كان أقرانه يقولون زكريا لا يجئ منه شئ في طريق الفقهاء)[78].

3-  وقد أحدثت حركة البقاعي في هذه الحقبة الراكدة هزة ظهر أثرها بين القضاة فرجع بعضهم إلى الحق وأيد البقاعي فكوّن منهم (جماعة من أهل السنة ) على حد تعبيره يقول في تاريخه( تخاصم شخص من جماعة أهل السنة يقال له محمد الشغري مع جماعة من الفارضيين من سويقة صفية ، فرفعوه إلى قاضى المالكية البرهان اللقان، وادعوا عليه أنه كفر ابن الفارض، فأجاب بأنه قال بأن العلماء قالوا بكفره . فضربه القاضي بالسياط، وأمر يتجريسه بالمناداة عليه في البلد: هذا جزاء من يقع في الأولياء . ثم توسط القاضي الشافعي لدى المالكي حتى أطلقه من الحبس. وقال ( القاضى ) الشافعي : " أيفعل مع هذا هكذا ولم يقل إلا ما قال العلماء ويرفع إليهم حربي استهزأ بدين الإسلام في جامع من جوامع المسلمين ولا يفعلون به مثل ما فعلوا بهذا مع أنه حصل اللوم في أمره من السلطان ومن دونه ولم يؤثر شئ من ذلك".. هذا كله والحال أن البرهان المذكور قال لغير واحد أن له أكثر من ثلاثين سنة يعتقد كفر ابن الفارض) [79] .

4-  وعدا موقفه من ابن الفارضن كانت للبقاعي وقائع أخرى مع الصوفية ، فكان له دور في إبطال المولد الأحمدي بطنطا اعترف به السخاوي وعبد الصمد الأحمدي[80]، وألمح البقاعي بالحطّ على الغزالي في أن قوله : "ليس في الإمكان أبدع مما كان" كلام أهل الوحدة من الفلاسفة والصوفية ، وكذلك حط على ابن عطاء السكندري[81] ـــ وأنكر على زيادة الصوفية في الآذان وأبطله في كل مئذنة له سيطرة علي مؤذنها . وحاربه الصوفية ونازعوه في حوادث كثيرة ذكرها في تاريخه[82]

 وبعد .. فلقد وضح من النصوص مدى ما عاناه رءوس  الفقهاء ( ابن تيمية والبقاعى و أتباعهما) من تسلط الصوفية ونفوذهم ذلك التسلط الذي يعبر عن روح العصر ورأيه العام ـ. وإن لم يمنع ذلك من ثباتهم على المبدأ.

  وفى الوقت الذي تمتع فيه الاتحاديون بحرية الاعتقاد واضطهاد المعترضين من الفقهاء فإن القضاة ــ  وهم رءوس الفقهاء ــــ خدموا المتصوفة في ذلك الصراع ، بل وكان بعضهم صوفية اتحاديين ، مثل السراج الغزنوي القاضي الحنفي الذي ( كان متعصباً للصوفية الاتحادية وله في ذلك تصانيف وعزر ابن أبى حجلة بسبب كلامه في ابن الفارض 9[83]) وكان قاضى القضاة ابن ميلق الصوفي الشاذلي يؤذى الفقهاء [84] ..

كان ذلك في القرن الثامن الذي شهد صراع ابن تيمية مع الصوفية وانتهى بانتصارهم فجاء القرن التاسع ليشهد تحول كثير من الفقهاء عن مواقعهم ودخولهم في دائرة التصوف كما يقول السخاوي عن الفقيه ابن صديق ( وقد كان من المشتغلين بالفقه .. وبلغني أنه في هذه السنين تحول عن طريقته فسلك التسليك والشياخة الصوفية وكأنه لمناسبة الوقت  )[85]..وعبارة السخاوى ( وكأنه لمناسبة الوقت ) تعبير ظريف عن تسيّد التوصف فى القرن التاسع . وزكريا الانصارى شيخ الفقهاء السنيين الرسمي كان مريداً صوفياً يقول عن نفسه ( فأشار على بعض الأولياء بالتستر بالفقه .. فلم أكد أتظاهر بشيء من أحوال القوم إلى وقتي هذا)[86] . أي أنه كان محسوباً على الفقهاء ليعمل ضدهم وذلك ما حدث فعلاً في واقعة البقاعي ..

  ومع الضجة التي أثارتها واقعة البقاعي فإن الأمور عادت إلى ركودها وأشد فاضطُّهد من يقول مقالته كما حدث لفقيه أعلن ـ بعد موت البقاعي ـ أنه يجب إحراق كتاب الفصوص لابن عربي فامسكوه وأرادوا تكفيره  .. وآل أمره إلى أن عزروه )[87]..

أمراء المماليك بين الصوفية والفقهاء :ـ

1-  وأخذ بعض أمراء المماليك بنصيب فردى في ذلك الصراع، وانضم بعضهم إلى جانب الصوفية وأيد آخرون الفقهاء ، إلا أنهم جميعاً تمتعوا بالجهل المفرط . ولعل انضمامهم إلى هذا الفريق أو ذاك  جاء بجهد الصوفية والفقهاء ،بالإضافة إلى الاستعداد الشخصي لكل منهم .

2-  وقيل في ترجمة أزدمر الطويل أنه (كان يقرأ قراء الجوقة وكان يخوض فيما لا يعنيه مع عقيدة واستخفاف بأمور الدين وتنكيل بكثير من الفقهاء وازدرائهم )[88] ، وانضم قاسم ابن قطلبغا للاتحادية في فتنة ابن الفارض [89]، وقبله كان لاجين الجركسى يناضل عن أتباع ابن عربي وله أتباع في ذلك، وكان يطمح للسلطة ووعد بأنه إذا تولى يحرق كتب الفقهاء ،وأول من يعاقب شيخ الإسلام البلقيني [90]، وقال فيه أبو المحاسن ( كان يعد الناس أنه إذا ملك مصر يبطل الأوقاف التي على المساجد والجوامع ويحرق كتب الفقه ويعاقب الفقهاء ويولى مصر قاضياً واحداً من الحنفية .. وكان يتمعقل ويدعى العرفان مع جهل مفرط وخفة عقل) [91] ..

3-  وفي الناحية المقابلة يطالعنا تغرى برمش الذي كان يتعصب للحنفية مع محبته لأهل الحديث وإكثاره الحط على ابن عربي بحيث صار يحرق ما يقدر عليه من كتب الاتحادية ، مع أنه لم يكن بالماهر في العلم ، وقام في هدم البدع الاعتقادية، وكان أعداؤه يقعون فيه كثيراً ، ونالته الألسن كثيراً بسبب ذلك.  وكان السلطان المؤيد شيخ يعظمه ورتبه مدرساً فتخرج به جماعة من الجراكسة [92] ، ونفوذ التصوف واضح هنا أيضاً فمع أن تغرى برمش كان أميراً مملوكياً يتمتع بتعظيم السلطان فإن أعداؤه من الصوفية كانوا (يقعون فيه كثيراً ) وينالونه بألسنتهم لذمّه في ابن عربي ، ولم نلحظ في سيرة لاجين الجركسى الصوفي عدو الفقهاء ـ صوتاً يعاديه .. مع ما كان للأمراء الصوفية من استخفاف بالدين وتنكيل بالفقهاء .



[1]
ـ تلبيس إبليس 309 ، 359 .

[2]- في بحث انتشار التصوف في التمهيد ذكرنا الصفحات التي قرر فيها الغزالي أرائه الصوفية الإلحادية في إحياء علوم الدين .

[3]- سيرة المنصور قلاوون . مؤلف مجهول . مخطوط مصور 1/10  رقمه بدار الكتب 2226 بتاريخ تيمور .

[4]- رسالة الصوفية والفقراء 16 ،17 .

[5]- البقاعي تحذير العباد من أهل الاتحاد 209 وما بعدها تحقيق عبد الرحمن الوكيل ط 1 .

[6]تاريخ البقاعي مخطوط ورقة 18 رقم 5631 تاريخ .

[7]- إنباء الغمر 3/ 259 .

[8]- ذيل الدرر الكامنة مخطوط :11 تاريخ قاضى شهبة مخطوط 2/ 150 .

[9]- المقريزي المقفى مخطوط 43/ 125 .

[10]- حوادث الدهور 124 .

[11]- ذيل ابن البقاعي 236 مخطوط .

[12]- المناوي الطبقات الكبرى 363 مخطوط .

[13]- تاريخ ابن إياس 1/ 2 /199 .

[14]- التبر المسبوك 149 .

[15]- السلوك 4 / 2/ 979 ،إنباء الغمر 3/ 377 ، النجوم 14 /270 ، الضوء اللامع 4/ 255 .

[16]- المناوي الطبقات الكبرى مخطوط 349 ، 350 .

[17]- المنهل الصافي مخطوط 5/ 608، النجوم الزاهرة 15/ 16 التبر المسبوك 169.

[18]إنباء الغمر مخطوط 994 والضوء اللامع 4 /  271 .

[19]- السلوك 2 /2 /315 .

[20]- تاريخ البقاعي مخطوط ورقة 9 ب .

[21]- السلوك 2 /1 /16 .

[22]- ابن أيبك الداوداري سيرة الناصر143 تحقيق ارنست القاهرة 1960 .

[23]- ابن أيبك الداوداري سيرة الناصر 144 ،السلوك 2/1 /17 :18 .

[24]- تكسير الأحجار مخطوط ورقة 146 تاريخ الجزرى مخطوط 1/ 14 .

[25]- شذرات الذهب 6/ 19 ،64 .

[26]- تكسير الأحجار 154 .

[27]ـ سيرة الناصر 150 : 151 ، السلوك 2 / 1 / 39 : 40 .

[28]ـ تاريخ ابن كثير 14 / 46 : 50 ، تكسير الأحجار 156 : 157 .

[29]- تاريخ ابن الوردي 2/ 286 ،288 .

[30]ـ السلوك 1 / 273 ، شذرات الذهب 6 / 168 .

[31]- الدرر الكامنة 2/ 323 وراجع تاريخ ابن كثير 14 /117 ،118 تاريخ الجزوي مخطوط3 /180 :181 السلوك 2/ 1 / 262 .

[32]- تاريخ الجزرى مخطوط 1/ 17 ،18 .

[33]- ذيل ابن العراقي مخطوط 146 .

[34]- الضوء اللامع 2 /96 .

[35]- المنهل الصافي 4 /252 .

[36]- أنباء الغمر 2/ 224.

[37]- شذرات الذهب 6 / 282 .

[38]- أنباء الغمر 2/ 526 .

[39]- الدرر الكامنة 1/27.

[40]- أنباء الغمر 2/ 186 .

[41]- أنباء الغمر 3/ 42 .

[42]- شذرات الذهب 6/ 304 :305 .

[43]- أنباء الغمر 1/ 464 .

[44]- الدرر الكامنة 2/ 262 .

[45]- أنباء الغمر 1/ 187 .

[46]- أنباء الغمر 1/258 :259 أي صار مذهب ابن تيمية " بدعة " ولكن  والعصر المملوكي اعتبر الخروج على سنة الغزالي بدعة ..

[47]- أنباء الغمر 3/ 77 .

[48]- أنباء الغمر 3/ 491 ،التبر المسبوك 113 .

[49]- تاريخ القاضي سهنبة 1 /22 .

[50]- الدرر الكامنة 2/ 6، 76 .

[51]- تاريخ ابن كثير 14 / 113 .

[52]- تاريخ ابن كثير 14 / 72 .

[53]- أنباء الغمر 1/ 81 .

[54]- النجوم الزاهرة 11 / 191 ،تاريخ ابن إياس 1/ 2/ 215 .

[55]- الدرر الكامنة 3/ 219 ، 2/ 344 .

[56]- النويري . نهاية الأرب مخطوط 30/ 5: 6 .

[57]- النجوم الزاهرة 9/ 272 .

[58]- عقد الجمان مخطوط حوادث 708 ، تاريخ ابن كثير 14/ 46 .

[59]- تاريخ ابن كثير 14 /46 ،50 .

[60]- تاريخ ابن كثير 14 / 53: 54 .

[61]- تاريخ ابن كثير 14 /53: 62 .

[62]- الدرر الكامنة 1/ 166 .

[63]- النجوم الزاهرة 9 /83 .

[64]- تاريخ ابن كثير 14/ 123 .

[65]- تاريخ ابن كثير 14 /123 ، 134.

[66]- العبر تاريخ ابن خلدون 5/ 477 ـ 478 نقلاً عن الفكر الشيعي 153 .

[67]- السلوك 3/1 /71 ترجمة ابن الزولي .

[68]- ذيل ابن العراقي مخطوط 6، 7 الدرر الكامنة 344 ،345.

[69]- أنباء الغمر 3/ 332 : 333 ،3/ 420 ، 485 ، عقد الجمان مخطوط وفيات 808 ،  السلوك  4/1/  27 نزهة النفوس 1/144.

[70]- أنباء الغمر 2/472 .

[71]- تنبيه الغبي في تكفير ابن عربي 151: 157 ،161 :168 ،176: 182 تحذير العباد من أهل العناد 214 وما بعدها .

[72]- راجع الضوء اللامع 3/ 236 ، أنباء الهصر 257 بتاريخ ابن إياس ، 2/ 121 .ط بولاق .

[73]- تاريخ البقاعي مخطوط ورقة 8، 9.

[74]-  أنباء الهصر 256، 257.

[75]-أنباء الهصر 256 ، 257.

[76]- تاريخ ابن إياس 2/ 119 ، 120 ،121.

[77]- أنباء الهصر 190.

[78]- الطبقات الصغرى 37 ، 38 ، 39 .

[79]- تاريخ البقاعي مخطوط 134 ب ،135 أ .

[80]- التبر المسبوك 177 ، الضوء اللامع 1/108 ، الجواهر السنية 65 .

[81]- الضوء اللامع 1 /107 .

[82]- تاريخ البقاعي . مخطوط 149 ،150 ،151 .

[83]- الدرر الكامنة 2/ 351 ، شذرات الذهب 6/ 228: 229، 240 :241 .

[84]- تاريخ قاضى شهبة 2/112 مخطوط .

[85]- الضوء اللامع 3/ 144 :145 .

[86]- الشعراني الطبقات الكبرى 2/107 .

[87]- تاريخ ابن إياس 2/219 ط بولاق .

[88]- الضوء اللامع 2/ 273: 274 .

[89]- تاريخ البقاعي 142 ب مخطوط.

[90]- أنباء الغمر 2/ 221 :222 .

[91]- النجوم الزاهرة 13/27 :28 .

[92]- أنباء الغمر 3/227 ،228 ، الضوء اللامع 3/31 ،32 ،33 .

اجمالي القراءات 19744

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5118
اجمالي القراءات : 56,903,823
تعليقات له : 5,451
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي