ردا على تعليقات على مقال ( هل كان من حق الحسين الثورة على يزيد ) ( 1 )

آحمد صبحي منصور Ýí 2013-06-12


 

أولا

1 ـ كما هو متوقع فقد إنهالت الانتقادات الشيعية فى موقعنا تهاجم بسبب مقال (هل كان من حق الحسين الثورة على يزيد ). هذا المقال البحثى ( مُحكم ) من الناحية العلمية ، وهو ملتزم بالاجابة على السؤال المنصوص عليه فى العنوان (هل كان من حق الحسين الثورة على يزيد ). ولم يترك ثغرة تُتيح لأى معترض أن ينفذ منها ، وبالتالى لن يتبفى له سوى الهجوم علينا ، أى يترك الموضوع ويُمسك بالكاتب تجريحا ، فإذا إنبرى بعض أهل القرآن بتوضيح وجهة نظرهم وفق الحوار الدائر إلتفت اليهم أولئك الشيعة  يتهمونهم بتقديس شخصى الضعيف وعبادته .

المزيد مثل هذا المقال :

2 ـ وكنت أتوقع هذا منهم ، لذا ختمت المقال السابق بضرب هذا المثل دعوة لهم للتعقل : فقلت : ( دعنا نتصور حدوث هذا فى الصين ، حيث يبادر زعيم محبوب طيب القلب بالثورة على حاكم ظالم بلا إعداد ، ويقبل أن يضع مصيره ومصير اهله فى أيدى قوم يعرف خداعهم وغشّهم ، ويرفض نصح الناصحين ويصمم على أن يخرج بأهله فى حركة إنتحارية معروف نتيجتها مقدما . ودعنا نطلب رأى أى شيعى فى هذا الزعيم الصينى .  لا ريب أن الأخّ الشيعى سينهال سبّا وشتما لهذا القائد الصينى الفاشل الغبى الذى تسبّب فى قتل نفسه وأهله وأنصاره، ولا بد أن الأخ الشيعى سيستنكر أن يصلح هذا الزعيم الصينى للقيادة ، لأنه لو كان قائدا لدولة الصين لأورد أهل الصين مورد التهلكة . فإذا قيل لهذا الشيعى إن هذا بالضبط ما فعله الحسين بنفسه وأهله وأنصاره فى كربلاء .. عندها سيثور الشيعى فى وجهك ، وسيتهمك بالكفر ومّناصبة ( اهل البيت ) العداء .) . لم يتعقّلوا . ودخلوا فى السبّ والاتهامات الظالمة لنا ، وهذا أيضا توقعته فقلت فى نهاية المقال : ( وفى النهاية ، وكالعادة ، ننتظر السّب والشتم ممّن يعبد الحسين وآل الحسين ..ولا بأس . نحن نعفو مقدما ونصفح فى سبيل التنوير ..لعلّ وعسى .!!  ) .

ثانيا :ونورد بعض ما قالوه ، وبعضا ما قيل فى الرد عليهم .

1 ـ بعضهم إتهمنى بالاستبداد ، وبأن أحبتى من أهل القرآن يقدسوننى . وقدر ردّ عليه الاستاذ عماد بن عبد الكريم فقال له تحت عنوان  : اتق الله :( 1 ـ لا أدري ما هي العلاقة بين تعقيبك و ما جاء بالمقال. 2- لم يفرض عليك أحد رأيه. فالدكتور منصور قال أكثر من مرة:" أحترم حق المخالفين فيما يختارون لأنفسهم ، وأتمنى أن يحترموا حقى ايضا فى أن أكتب ما أومن به". 3- أرجو أن لا تنغص علينا ).

2 ـ ولم يتق الله جل وعلا ولم يرتدع بل استمر يتهمنى بالاستبداد ، ويتهم  الأحبة الذين يدافعون عن رأيي بأنهم يقدسوننى، ويقول (من يعبد عليا أو الحسن أو الحسين أو أحمد صبحي سيحاسبه مالك يوم الدين .  ). وقد ردّ عليه الاستاذ عادل بن أحمد فقال : (كيف تطلب من الدكتور ان ينقد الافعال و يترك الاشخاص . انا مجرد طالب علم متواضع لا اقدس البشر و لا الحجر و لكن اعرف ان نقد الافعال سيؤدى بضرورة الى نقد من قام بهذه الافعال . الدفاع عن افكار الدكتور احمد صبحي منصور لا تعني بضرورة تقديسه . انا لا ازور المكان الذي ولد فيه الدكتور ، و لا احج للمدينة التي ولد فيها ، و لا اقيم مراسيم خاصة بيوم الذي ولد فيه . انا اعتبر الدكتور احمد صبحي منصور انسان مفكر و مصلح  و ان شخصيا معجب بافكاره الاصلاحية و لا اقدس سوى الله سبحانه و تعالي .  ارجو ان تراجع افكارك قبل فوات الاوان .) .

 3 ـ واضطررت للرد فقلت : ( قلنا ونؤكد مجددا أن هذا الموقع مدرسة للبحث وتعلم البحث فى التراث والتدبر القرآنى , هو مدرسة للعلم وليس مصطبة للثرثرة والرغى . وقلنا إننا لا نفرض رأينا على أحد ولا نفرض أنفسنا على أحد ، وأننا نرحب بالنقد الموضوعى ونطلب التصحيح لأن الوصول للحق والحقيقة هى غايتنا كباحثين . وبعض رواد الموقع ناقشنا وأظهر أخطاءا لنا فبادرنا بتحيته وإعلان خطئنا ، وهذا مشهور ومتواتر هنا وفى الفتاوى . ونرد الحجة بالحجة كما نفعل فى هذه السلسة من المقالات ، وردودنا موجودة ، ونقتطع من وقتنا الثمين وجهدنا الكليل لنردّ بالحجة على من ينقدنا ، ونرى أن أنه يجانبه الصواب ، ونرد برفق ، نوضح الحقائق من وجهة نظرنا . وهذا كله فى الإطار المسموح به فى هذا الموقع .غير المسموح به هو تضييع وقتنا فى لجاج عبثى لا فائدة منه ، وافظع منه أن يعجز أحدهم عن الرد فيدخل فى الهجوم والغمز واللمز بالإثم والعدوان يتهمنا بالاستبداد وبالتاله . إى إننا معه بين امرين إما أن نسلّم بحجته أو أن نكون مسنبدين متألهين . منطق عجيب وغريب . !!. إن الكثير مما يُنشر على هذا الموقع لا يتفق مع وجهة نظرى ، ومع ذلك أقوم بوضعه مقالا رئيسا لأن من حق قرّاء الموقع معرفة كل الآراء طالما تلتزم بشروط النشر المعروفة . ولا أكتب معلقا عليها موضحا وجهة نظرى ، طالما لا تخدش عقيدة الموقع . مع تسليمى بينى وبين نفسى أن وجهة نظرى هى الأصوب . ولكن بعضهم يعلّق ويحاول فرض وجهة نظره ، ويتهم أهل القرآن بالوقوع فى الشّرك وتأليه ( احمد صبحى منصور ) المستبد برأيه . هذا مع كل ما سبق التنبيه عليه من منهجنا . نحن لا زلنا فى إطار التسامح ..ولكن للتسامح مدى ..وارجو ألا نصل الى نهاية المدى . ) .

4 ـ وإنزعج الاستاذ محمد دندن ، وهو المشرف على التعليقات على الموقع ـ من هذا اللجاج فى الخصومة ومحاولة فرض الرأى علينا والتسليم لهم ومثلهم بتقديس (على ) و ( الحسين ) و(آل بيتهم ) وإلا الاتهام لى بالاستبداد وللأحبة بالكفر وتقيس شخصى الضعيف وعبادتى . و أرهق الاستاذ محمد دندن نفسه ـ جزاه الله جل وعلا الخير فى الرد ، وقد كتب يقول : (دكتور: لا نريد مناوشات مع أحد . لقد أعطيتهم أكثر من فرصة ليعبروا عن رأيهم . حان الوقت أن تقطع دابر "الخرّاصون". من فضلك أبقي على التعليقات السخيفة و لكن، من فضلك كمان مرة ،ألغي صلاحية التعليق. ).

5 ـ وكتب د عثمان محمد على : ( .. حقيقة نحن ننادى بالحرية الفكرية وإحترام الفكر الآخر وندافع عنه ،ولكن  حينما يتحول إلى نوع من (الغلاسة ) كما نقول فى مصر ،ومحاولة لرمى كرسى فى الكلوب لإنهاء المؤتمر فلا يمكن أن نقول له  افعل ماشئت وقل ما شئت تحت زعم حرية الرأى .. لالالالا .  فأرجوك أن تقول رأيك بمنطقية وموضوعية وإحترام وإختيار للألفاظ ومرة واحدة أو مرتين على الأكثر إحتراما لوقت القراء وعقليتهم ...كما ارجوك أن تقرأ الخبر المنشور عن عبدة الحسين وما فعلوه فى قرية القصير السورية وتشاهده ، لتتأكد أن أولئك الناس لا يعبدون سوى الحسين وهو إلاههم وربهم ..فيا أخى أكرر لك مرة أخرى : هذا الموقع المبارك موقع نبتغى فيه ومنه أن يُصلح من شأن المسلمين بالقرآن الكريم وحده ،وأن يعيدهم إلى علم  أنه لا قدوس إلا الله الواحد الأحد ،ولا قداسة هنا لملك من الملائكة ولا لنبى ولا بشر ولا لحجر .فإذا كانت سياستنا هذه لا تروق لك فبكل أريحية تستطيع أن تغادرنا وتبحث عن مواقع أخرى تتماشى مع ما تُحب  وتتركنا نُعلن كلمة التوحيد لله الواحد (القدوس )وحده جل جلاله .... وشكرا على سعة صدرك .)، وقال ردا على شيعى آخر أتى حديثا  ليهاجم نا: (أهلا بك... نحن لا ندافع عن الدكتور منصور لمجرد الدفاع . نحن ندافع عن العلم ،وعن قول الحق ،وعن عدم التقديس لغبر الله جل جلاله . وقلنا كثيرا لإخواننا نحن مع إحترام حرية الرأى والتعبير والنقد وندافع عنها بحياتنا ،ولكن على ان تكون مرة واحدة أو مرتيين على الأكثر فى الموضوع الواحد ،وليس لإجترار الماضى ومحاولة تعطيل الموقع ومسيرته العلمية . أخى الكريم نحن نركب قطارا يسير بسرعة معتدلة لا نريد كل من يأتى إليه أن يُعطلنا ويعيدنا إلى المحطة الأولى ، وبكل رفق نقول له نرجوك أن تقرأ ما سبق اولا للدكتور وللكتاب الكرام من اهل الموقع ،وسيجد بالتأكيد الإجابة على ما يجول بخاطره .. أخى الكريم لا يمكن أن نُعيد مجهود ثلاثة عقود كل مرة لكل وافد جديد  .. نحن فى سباق مع الزمن فى البحث والقراءة والكتابة والنشر .فلا يوجد لدينا مُتسع أو ترف من الوقت الذى يجعلنا نُعيد ونزيد ونكرر ما قيل عبر ثلاثة عقود وأكثر .. فرجاءا ثم رجاءا من الإخوة الكرام القراء القادمين والمتعرفين على الموقع منذ وقت قصير أن يكون لديهم الصبر على قراءة ما سبق مع متابعة ما يُكتب  ،وسيجدون إجابات لكل ما يريدون معرفته ...مع الوضع فى الإعتبار أن هذا الموقع الكريم لا يُقدس أهله إلا الله الواحد الأحد ..اخى الكريم .. سريعا .ارجو أن تُعيدوا قراءة المقالات من وجهة نظر سياسية بحتة ،لتتعرفوا من خلالها على المضمون ..وشكرا لسعة صدرك..) .

6 ـ وقال الاستاذ منير الرمضانى: (ألف ألف ألف سلام للاستاد الفاظل احمد منصور تمنية لو عرفنا كم من زمان .أود أن أقول انه لا داعي التعليق  على أصحاب المنطقالعجيب فإنهم حتى و لو جاءهم البرهان من عند رب العزة لن يتخلو على معتقداتهم . فلا تضيع وقتك الثمين أرجوك . علق فقط على من يناقظك بالحجة أما العوالم فلا داعي للرد عليهم ،فلا وقت لدينا ،فإنني رغم ضعف عقلي استوعبت ،و فهمت منهجك واستغرب لهؤلاء المفكرين وأصحاب الشواهد  كيف لم يستيقظون بعد من نومهم بعد (ناموا ثم ناموا فالشمس لم تشرق بعد) شيخنا الفاظل أنا مغربي مقيم في فرسا ولقد اكتشفتكم حوالي3أعوام ، و يا له من اكتشاف ، بطوال حياتي كنت أردد لماذا ؟ لماذا؟ ولم اجد الجواب عند العوالم حتى تعرفت على موقعكم المبارك . أن كل من يتابع  هادا الموقع سيجد الجواب لكل سؤال  فلقد أجبت عل كل الإسئلة التي يمكن لأي مسلم عادي مثلي أن يسألها . لدا عليك أستاذي الفاظل من اليوم فصاعدا و هادا أمر من شخصي الضعيف أن لا تعلق و لا تجاوب  على أصحاب المنطق العجيب لأني استنتجت أنهم لا يريدون الهداية لان كل شئ موضح في موقعكم لمن يقرأ . ان 10 دقائق التي تكلفك للإجابة عليهم اتمنا لو تكتبون فيها مقالا آخر نستفيد منه . أعانكم الله وألف ألف وألف وألف تحية . ) .

ثالثا : الفارق بيننا قرآنيا

1 ـ فى توضيح الفارق بيننا وبينهم قلت فى المقال السابق : ( الحسين عندنا ـ وفى الحقيقة ـ هو شخصية تاريخية بشرية إنسانية نحكم عليها بالمكتوب عنها وفق منهج تاريخى صارم موضوعى بارد لا مجال فيه للتقديس. أما الحسين عندهم فهو ( سيد شباب أهل الجنة ) وهو اله مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ، ولا يمكن نقده أو مناقشة ما حدث منه . ولهذا ظل التأريخ للحسين مقصورا على البكاء والعويل لما حدث له ، وتحميل يزيد وحده المسئولية . وفى خضم أنهار الدموع ارتقت شخصية الحسين الى علياء التقديس . ثم جئنا لنهبط به وبغيره الى مستوى البشر نحاسبه ونقيّمه بالروايات المكتوبة فى تاريخه ..).

2 ـ وفى مزيد من التوضيح القرآنى نقول :

 2 / 1 ـ نحن جميعا بشر متساوون فى الخلق ، فجميعنا من أب واحد وأم واحدة ، وأكرمنا عند الله جل وعلا هو أتقانا ، وهذا هو الذى سيحكم عليه رب العزة يوم القيامة : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)  ( الحجرات ). نحن جميعنا متساوون فى أستحقاق الموت وفى المسئولية وفى الحساب يوم القيامة .يقول جل وعلا للنبى محمد عليه السلام عنه وعن خصومه فى عصره (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) ) ( الزمر )، ويقول له عن مسئوليته هو  قومه : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) ( الزخرف ) . ويوم القيامة سيؤتى بكل فرد منا للحساب أمام الواحد القهار جل وعلا ، سواء كان نبيا أو مؤمنا أم كافرا : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95)  ( مريم ) . من ناحيتى ، أرجو أن يتوفانى ربى جل وعلا مسلما وأن يُلحقنى بالصالحين بعفوه ، أدعو ربى جل وعلا : (أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)  ( يوسف ). لا أُزكّى نفسى على الله جل وعلا ، بل أرجو مغفرته وعفوه يوم القيامة .وأُمنيتى أن أتزحزح عن النار وأدخل الجنة .

2  / 2 ـ لا يؤمن الشيعة و أصحاب الديانات الأرضية من ( المسلمين ) بهذه المساواة بين البشر ، فلكل منهم آلهته المقدسين الذين يستحيل فى عقيدتهم أن يتساووا ببقية البشر . عند الشيعة مثلا لا يمكن أن يتساوى أى شيعى مهما بلغت مكانته مع الحسين بن على أو مع (على ) ، وعند السّنيين فلا يمكن لأى بشر من السنيين أن يتساوى مع أبى بكر وعمر وعثمان ..وأبى هريرة . وعند الصوفيىن يستحيل أن تكون أنت مثل السيد البدوى أو عبد القادر الجيلانى أو الغزالى ..الخ . وبالتالى فهم فى عقيدتهم تلك يكفرون بكل الآيات القرآنية التى تؤكد المساواة بين البشر فى عبوديتهم لله جل وعلا ، وفى مسئوليتهم أمامه فرادى يوم القيامة . ومن هنا فإن أبحاثنا عن الصحابة والآلهة المقدسة توجع السنيين والصوفيين وأخيرا الشيعة . يوجعهم أننا نراهم شخصيات تاريخية ، وبشرا مثلنا . ويوجعهم اكثر أننا بالاحتكام للقرآن الكريم نثبت كفرهم السلوكى بما أرتكبوه من قنل وسلب ونهب واسترقاق وإغتصاب لشعوب بأكملها . يوجعهم أكثر أننا نستشهد بكتبهم التاريخية وبالقرآن الكريم . وعندما لا يجد بعضهم حُجة علينا يلجأ الى الهجوم الشخصى علينا ، حتى فى داخل موقعنا ، بلا خجل .

رابعا : الفارق بيننا ( تاريخيا )

وفى مزيد من التوضيح للمنهج البحثى التاريخى للصحابة والأئمة وسائر الآلهة المقدسين ، نقول :

 1 : هناك فارق بين المؤرخ والباحث التاريخى الذى يبحث تلك الروايات التاريخية . لقد حفلت الروايات بأساطير وخرافات وأحاديث كاذبة وضعوها على لسان النبى زورا وبهتانا ، وألصقوا له العلم بالغيب وما سيحدث فى المستقبل ويوم القيامة ، ومنها أحاديث تمدح الحسن والحسين وعليا وآل بيته ، ومنها ما يمدح أبا بكر وعمر أو عثمان ومعاوية وعائشة وأباهريرة وابن عباس . بل إن منها ما يمدح الشافعى وأباحنيفة ، ومنا ما يبشّر بالدولة العباسية وخلفائها . ومنها ما يقوم بتحريف معانى الآيات القرآنية لتنطبق على (آل بيت على ) . وقد تأسس على هذه المفتريات تيار كامل من المؤلفات ، هى ( كتب المناقب ) ، ومنها ما يتخصص فى تقديس الأئمة الأربعة للدين السّنى وشريعته الفقهية ، ومنها ما يتخصص فى تمجيد الصحابة ، وخصوصا الخلفاء منهم،ومنها كتب عن مناقب الأئمة من العلويين والشيعة ، ومناقب الأولياء الصوفية . وبمرور القرون تتم إضافة المزيد من الخرافات والأساطير، وكلها لا شأن لها مطلقا بالشخصيات التاريخية التى تتحدث عنها . الباحث التاريخى يلقى بكل هذه الروايات الخرافية فى أقرب مقلب زبالة ، ويعتبرها صادقة فقط فى تصوير عقليات مؤلفيها وعصرهم .

 2  : على أن بعض الروايات فى الحوليات التاريخية وكتب الطبقات الأولى تحوى بعض الصدق وبعض الكذب ، وهى التى تحتاج الى التمحيص ، سواء فى كل الروايات المتضاربة فى الموضوع الواحد ، أو ما يتداخل منها ، أو حتى فى نفس الرواية الواحدة التى تضم فى أجزائها بعض الحقائق وبعض الأكاذيب .

مع ملاحظة أن الحقيقة التاريخية هنا نسبية ، أى هى فى أحسن حالاتها تحتمل الصدق والكذب ، أى هى ظنية مكتوبة بيد البشر ، وليست حقائق إيمانية مطلقة الاهية كحقائق القرآن الكريم . ثم إن ما يصل اليه الباحث مهما بلغت عبقريته البحثية فهى مجرد وجهات نظر تقبل الخطأ والصواب ، لأنها تعتمد على روايات تحتمل الصدق والكذب . والعبرة فى صحة البحث التاريخى هى فى التعامل مع كل الشخصيات على أنها كلها لبشر ، وليست آلهة مقدسة ، وفى مدى صدقيته وموضوعيته وحياديته فى التعامل مع هذه الشخصيات التاريخية ، وتناسق التسلسل فى أحداث الروايات وتمشيها مع ثقافة العصر والفهم لشخصياته ودوافعها ، وجذورها الاجتماعية والعشائرية والقبيلية .

3  ـ  كل ما نقرؤه من تاريخ للبشر هو كلام بشر . أمّا الحقائق المطلقة عن كل فرد منا فستكون مُعلنة يوم القيامة بأعماله وأقواله وخطرات قلبه  ، يوم يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ،عندئذ ، فمن عمل مثقال ذرة من خير سيراها  ومن عمل مثال ذرة من شرّ سيراها . (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) ( الزلزلة ). يومها ترى كل أمة عملها فى كتاب الأعمال الجماعى الذى يتم نسخ نسخ فردية منه لكل فرد : (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29) ( الجاثية ). وينظر المجرمون الى كتاب أعمالهم نادمين متعجبين من هذا الكتاب الذى لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وأحضرها ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49) ( الكهف ). وبينما يسجل تاريخ البشر ما يظهر من الأعمال والأقوال، أو ما يُحكى عنها ، ولا يستطيع أن ينفذ الى النوايا وخطرات القلوب فإن يوم العرض على الله جل وعلا لا يخفى فيه منّا شىء : ( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)الحاقة ) . هنا يكون ( علم اليقين ) و ( عين اليقين )، وليس الظّن والتخمين .

 4 ـ لا يعنى هذا أن نهمل (علم التاريخ  البشرى) ، كما لا يعنى ايضا أن تتحوّل شخصيات التاريخ عندنا الى آلهة مقدسة ، يحرم الاقتراب منها إلا بالتقديس والتحميد والتبجيل .

( علم التاريخ ) و ( العلم بالتاريخ ) ضرورى للتقدم الانسانى ، فالانسان هو ( حيوان تاريخى ) قدم حديثا لهذا الكوكب الأرضى مزودا بعقل وذاكرة تاريخية يستطيع بها التعلم من تجاربه السابقة فلا يكرّر نفس الخطأ . ومن هنا يختلف الانسان عن الحيوان . فالحيوان يعيش الحاضر فقط ، لذا تظل البقرة بقرة والجاموسة جاموسة والأسد اسدا والحمار حمارا ، لا فارق بينها وبين اسلافها من ملايين السنين . أما الانسان الذى جاء متأخرا عن هذه الحيوانات وهو أقل من بعضها قوة فقد استطاع بناء حضارة ، وأن يسخّر هذه الحيوانات لنفسه . إستطاع هذا بذاكرته التاريخية ، بتذكر الماضى ليستفيد منه فى الحاضر والمستقبل . هذه هى فائدة ( علم التاريخ ) أو ( العلم بالتاريخ ) . وهذا العلم التاريخى يستخلص الحقائق التاريخية من ركام الأكاذيب ليأخذ منها الموعظة والعبرة .

بدون ذلك البحث التاريخى الذى يستهدف العظة والعبرة يتحول التاريخ الى أساطير دينية أرضية مقدسة ، وكل الأديان ألأرضية مؤسسة على تاريخ مزيف ، يتحول به التاريخ الى اساطير الأولين ، وتتحول شخصياته التاريخية البشرية الى آلهة مقدسة ، وهذا هو التراث المقدس للكاثولوكية والارثوذكسية والسنة والتشيع والتصوف ..الخ .

5 ـ ويظل الفارق بين مدى سيطرة هذا أو ذاك . فإذا سيطرالعلم التاريخى الذى يستخلص الحقائق التاريخية من ركام الأكاذيب ليأخذ منها الموعظة والعبرة فإن المجتمع يتقدم ويزدهر ولا يكرر أخطاء وخطايا السلف . أما إذا سيطرت الأديان الأرضية وكتبها ( المقدسة ) وأساطيرها وخرافاتها وأكاذيبها وظلت عبادة الأبطال  سائدة ومسيطرة فإن المجتمع يظل يجترّ خطايا وأخطاء السلف ( البائس ) ويتخذها دينا .

وهنا يكمن الفارق بين الغرب الذى تحرّر من سيطرة الكنيسة وبين العرب المسلمين الذين لا يزالون فى الفتنة الكبرى يعمهون ، يقتلون انفسهم شيعة وسُنّة فى نفس الزمان والمكان . لا يزال الشيعة يذهبون الى كربلاء فيتعرضون للقتل من السنّة من العصر العباسى وحتى الآن ، ولا ينزالون يمارسون فى يوم عاشوراء التطبير فيتعرضون للسخرية والتحقير .!. فإذا تصدّى مفكر  ـ مسلم مسالم حريص على الاصلاح وحقن الدماء ـ وبمنهج العلم التاريخى والبحث التاريخ تناوشته السهام من كل جانب .

ونكمل الحوار فى مقال لاحق بعون الله جل وعلا ..

اجمالي القراءات 11000

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   حسين الشهري     في   الخميس ١٣ - يونيو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[72223]

ميزان معطوب

تكفير أبوبكر وعمر وعثمان وعلي والحسن واتهام عمر بقتل أبوبكر = رأي حر من ينتقده يتهم تلقائيا بتقديس هؤلاء الصحابة .


بينما


انتقاد رأي أحمد صبحي واتهامه بالاستبداد وهو دون الكفر بمراحل = يجب عليك أن تتقي الله وإن لم تسمع كلامنا فأنت لم تتقي الله . والدفاع عن أحمد صبحي هو حق لا يقبل الجدال وليس تقديس .


إلى أي مدى ستصل بكم نرجسيتكم ؟؟


هل ما تقوم به هو ردة فعل للاستبداد الذي لقيتموه في الدول العربية وبالذات في مصر ؟؟





ملاحظة : بالنسبة لي بعد أن كنت أريد الدفاع عن علي والحسن بسبب اختلاف في النظرة التاريخية أصبحت الآن أريد الدفاع عن مباديء العدل والمساواة وحرية الرأي التي انتهكتموها بزعمكم الكاذب تطبيقها .


2   تعليق بواسطة   كمال محمدي     في   الخميس ١٣ - يونيو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[72226]

يا حسين الشّهري: ميزان معطوب أم عقل مسلوب؟

 

سلام عليكم وبعد.

1- آلهة المسلمين كثيرة وإن ادّعوا أنّهم يعبدون الله وحده. وأكثرهم بالله مشركون وإن ادّعى الوحدانيّة الخالصة لله. وكثيرون يظنّون أنّ الإسلام دين أشخاص. بهم جاء وعليهم بني وبنقدهم ينقد الإسلام وهذا صحيح في دينهم.




2- ولهذا تجدهم يتخوّفون من مجرّد الحديث عن هؤلاء الأشخاص لأنّ دينهم ارتبط بهم ويهدم إذا هدمت هذه الشّخصيّات.




3- وقد سبقهم في هذا المضمار قوم الرّسول عندما انبرى الملأ منهم للدّفاع عن آلهتهم التّي يعبدون من دون الله.




4- والدّين السّائد هو دين بشريّ بامتياز القداسة فيه للبشر دون الله والمكانة فيه لفلان وعلان دون كلام الله. يكفي أحدهم أن يقول قال الصّحابيّ أو قال الشّيخ حتّى ترى الجموع خاشعة خاضعة أكثر من خشوعها وخضوعها لكتاب الله.




5- وقد حذّر الله تعالى من شخصنة الإسلام ورفعه بعيدا عن المنازعات الفرديّة حين قال يخاطبنا" وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرّسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم؟". هذا الخطاب يظلّ صالحا إلى يوم الدّين لأنّ مّن يدّعي عبادة الله يعبد محمّدا.




6- ومنهاج القرآن هو الحكم على أفعال الأشخاص إيجابا أو سلبا دون الدّخول في النّوايا التّي علمها عند الله. ولكنّ الذّين اعتادوا أن يحكموا على نوايا النّاس ورصفهم في المبشّرين بالجنّة أو النّار لا يستسيغون أن تقول شيئا عن مقدّسيهم. الله تعالى حكم على عديد أنبيائه بالخطأ حتّى يعلّمنا أنّه لا قداسة لبشر وحتّى لا يرتبط دينه العالي بالبشريّ السّفلي مهما علا.




7- الدّين عندنا لله من الله بلّغه رسوله البشر في مجتمع بشريّ يعتريه الصّعود والنّزول كأيّ مجتمع. والدّين عندهم منتوج بشريّ من أجله يقدّس البشر ومن أجله يقتل البشر وهذا الفارق بيننا.




8- يا حسين الشّهري لا ألومك لأنّك اعتدت التّقديس ولعلمك لا قدسيّة عندنا لأحد مهما كانت مكانته لأنّنا متيقّنون أنّ دين الله لا مجال فيه لقدسيّة البشر وكلّهم يخضعون لمشرط النّقد أمّا قدسيّة الحسين أو غيرهم التّي يأكل بها عبّاد السّلطان والمال فمكانها غير هذا الموقع.




9- وعندما نقول هذا فنحن نبحث عن ميزان قرآنيّ فاصل بين أعمال البشر لا مكان فيه لمفهوم الآل والصّحب إنّما المكان فيه للعمل الصّالح ممّن جاء او الطّالح ممّن أتى به. هذا هو الميزان غير المعطوب أمّا العقل المسلوب فهو من ألف تقديس الأشخاص ويحاول أن يرمي غيره بدائه على عادة العرب في قولهم رمتني بدائها وانسلّت.

سلام.


3   تعليق بواسطة   أبو أيوب الكويتي     في   الخميس ١٣ - يونيو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[72235]

الى الأخ كمال محمدي

اسمحلي أن أبدي اعجابي الشديد والمتواضع بمضمون ومحتوى نقاطك التسع


فقد فهمت من ردك أن الدين لله وليس للرجال بغض النظر عن العظمة ((التاريخية)) لهؤلاء الرجال فيبقى الأمر كله لله الواحد القهار  


جزاك الله خيرا


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,340,501
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,622
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي