وائل عبد الفتاح: أكبر مفاجأه فى الحملة ضد التنظيم السرى للتعذيب فى الداخلية:
وائل عبد الفتاح: أكبر مفاجأه فى الحملة ضد التنظيم السرى للتعذيب فى الداخلية
المحرر
في
الأحد ١٠ - ديسمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً
مازالت المفاجات تتوالى فى الحملة ضد التنظيم السرى للتعذيب فى الداخلية.
والحملة التى بدات من عرض تفاصيل الفيديو المصور لوقائع تعذيب فى اقسام البوليس..ومطالبة المحاكمة العاجلة لتنظيم يبدو انه يحمى ضباط التعذيب..ثم فى الخطوة التالية استجاب ناصر امين المحامى و مدير المركز العربى لاستقلال القضاء و المحاماة..وتقدم ببلاغ الى النائب العام ضد وزير الداخلية يطالبه بالافصاح عن اسماء مجرمى التعذيب فى البوليس.
الاسبوع الماضى وصلنا الى اسم بطل فيديو” ضرب الاقلام” فى قسم الهرم..وبالفعل هو الان امام التحقيق الجنائى امام نيابة جنوب القاهرة..بعد ان فشل سيناريو الاكتفاء بالتحقيق الادارى فى الوزارة..واعتبرنا انه اجراء شكلى يقف خلفه التنظيم السرى الذى يحمى التعذيب و ابطاله من رجال البوليس.
لكن مفاجاة هذا الاسبوع اكبر.
اولا انها تضمنت العثور على ضحية فيديو ” العصا فى المؤخرة” ..والاهم انها كشفت ان تنظيم حماية التعذيب يعمل بقوة هذه الايام و مستفز بكامل طاقته لانهاء الحملة التى تتصاعد لاسقاطه.
التنظيم اصطاد الضحيه و بالطبع مارس عليه اعنف اشكال التهديد.
والضحية مازالت مرعوبة.
فى اقوى مواجهة مع التنظيم الذى يريد ان يحول حياتنا الى رعب دائم و يبدو انه يرفع شعار ” لن ينجو احد من التعذيب”..شعار يشبه شعارات الابادة العنصرية و مجرمى الحروب القذرة.
وقبل كل شىء هذه تفاصيل مفاجاة الاسبوع فى حملتنا ضد مجرمى التعذيب فى البوليس.
1. وصلت الينا معلومات من فترة انه ربما يكون فيديو “العصا فى المؤخرة” تم تصويره فى قسم شرطة العمرانية وأن الضحية هو أحد السائقين فى موقف سرفيس العمرانية
2. اعطيت طرف الخيط لزميلنا كمال مراد نهاية الاسبوع الماضى وظل لمدة ثلاث أيام يبحث عن الضحية فى مواقف سرفيس العمرانية بالجيزة ..كان البحث طصعبا و كاد اليأس يتسرب إلينا ونفقد الأمل فى الوصول إلى الضحية.
3. لكن يوم الاربعاء فوجئ كمال باتصال على تليفونه المحمول يخبره بأن الضحية سائق فى موقف ناهيا التابع لقسم بولاق الدكرور وليس العمرانية.
4. فى موقف بولاق الدكرور لم تكن المهمة سهلة… لان كتيبة التعذيب وزعت نسخ الفيلم بين السائقين فى الموقف لاذلال الضحية واظهار القوة والجبروت وحتى لا يتجرأ أحد على فتح فمه أو الاعتراض.
5. كان الجميع يصدم بالسؤال عن الضحية.ولعبة اخفاء الحقيقة لم تكن متقنة بما يكفى..لانه بين الانكار و التردد اكتشفنا الحكاية.
6. حسب الرواية المنتشرة فى موقف بولاق الدكرور الضحية هو سائق رفض أن يدفع رشوة لأمناء الشرطة..فقرروا العقاب بطريقتهم التى ظهرت فى الفيديو المنتشر الان بواسطة تقنية البلو توث و على المواقع الالكترونية و كنا قد نشرنا تفاصيله فى اول ظهوره و اعتبرنا ان هذه جريمة ضد المجتمع كله فى مصر.
7. الجريمة تصور عملية انتهاك جسدى فى قسم شرطة..ابطالها مجموعة من الرجال لاتظهر سوى ارجلهم واصواتهم الخشنة واحذية ليس بينها حذاء انيق او لامع.كلهم يرتدون بنطلونات سوداء واحدهم يحمل فى يده عصا يضعها فى مؤخرة الرجل الذى تبدو رجولته كاملة الاوصاف : شاب فى منتصف الثلاثين..على وجهه شارب و ملامح حادة غير مرفهة.يبدا الفيديو والشاب ملقى على الارض و ساقيه عاريتين و مرفوعتين الى اعلى…وهو فى وصلة استعطاف لمن يهدده بلعبة ادخال العصا فى مؤخرته العارية…يصرخ :” معلهش ياباشا..حرمت..”..لعبة لاتخلو من سادية يستمتع فيها صاحب القوة و الجبروت باذلال الشخص الضعيف الذى يتحول من متهم قد يكون بريئا الى ضحية وفريسة فى مربع جهنمى يشبه محرقة اليهود ايام النازى عندما يتحول وجود انسان لسبب ما و تحت سلطة جبارة لا ترحم الى دمية فى لعبة اثبات الذكورة.اللاعب بالعصا فى مؤخرة الفريسة لم يكن وحده كان هناك متفرجين من نفس فريقه..يصيحون احيانا..وربما كان احدهم هو مصور اللقطات التى انتشرت بصورة كبيرة رغم انها بدات النشر ظهر امس فقط.اللعبة اكتملت بصراخ حاد للفريسة وسط صيحات فاترة من فرقة التعذيب و تهديد بالغ الوضوح:”..عجبتك اللعبة ياابن….ايه رايك بكرة كل الموقف ها يتفرج على اللى عملناه فيك..”.التهديد هنا بالتجريس.وابتزارزه للحصول على معلومات.تجريس ضحية و فريسة.وفرقة سوداء لا تشعر انها ترتكب جريمة (حتى لو كانت مع متهم).
8. زيارة زميلنا كمال مراد لموقف بولاق الدكرور كشفت ان الضحية اسمه :عماد محمد على كبير ..عمره 21 عاما حاصل على الاعدادية ترتيبه الثانى بين تسع أشقاء.
9. عماد يمتلك سيارة أجرة ماركة رمسيس هى مصدر رزقه الوحيد هو وأشقاءه يسكن فى إحدى قرى كرداسة فى بيت متواضع.. والده توفى بعد ما علم بما حدث له">13. تكلم عماد و بدا انه يجتر التفاصيل من منطقة سوداء فى ذاكرته قال أن ما حدث كان منذ عام تقريبا وتحديد13 يناير2006 … كان يومهايستقل سيارته الأجرة وفوجئ بشخصين لا يعرفهما يتعديان بالضرب المبرح علي ابن عمه (اسمه: أحمد السيد على وهو بائع اسطونات بوتاجاز )..عندما سألهما عماد عن سبب ذلك قام أحدهما بسبه وقال له يا ابن “………” ورفع عليه سلاح ميرى وانهال عليه بالضرب واصطحبه إلى نقطة شرطة ناهيا الموجودة وسط موقف سيرفيس بولاق الدكرور .
14. هناك علم أن الشخص الذى كان يعتدى على ابن عمه هو ضابط تموين يدعى أشرف عبد المقصود.
15. استنجد عماد بضابط النقطة “محمد حسانين” على اعتبار ما توهمه من معرفة لكن الضابط تملص منه واخلى مسئوليته.
16. فى حجز نقطة ناهيا اقام العساكر وامناء الشرطة اول وصلة من حفلة التعذيب ..ضربوا عماد ضربا مبرحا باستخدام العصى الغليظة( او الشوم) حتى سقط على الأرض فبداوا بالركل بالاحذية..وشتيمته باقذر الألفاظ (وهذه تعبيراته),, بعدها تم اصطحابه إلى قسم شرطة بولاق الدكرور وهناك تم حجزه لمده سبع أيام فى حجرة الاستيفاء فى المباحث.. فى اليوم الثامن حدثت فضيحة الانتهاك.
17. اصطحبه امناء الشرطة الى غرفة بالقسم ..وهناك بدات الوصلة الرئيسية التى وضعت فيها العصا فى مؤخرة عماد ..الحفلة كانت باشراف معاون المباحث اسلام نبيه وتولى التصوير أمين شرطة فى المباحث اسمه رضا فتحى السيد.
18. والوقائع كما حكاها عماد كبير لزميلنا كمال مراد ..بدأت بضرب مبرح حتى سقط على الارض ..وهنا بدات حفلة الركلات ..قام بها 7 امناء شرطة.. قاموا بعد الركل بربط قدميه بسلسلة حديدية.. ووضعوا كلابشات الحديد فى يده ورفع بواسطة ماكينه على الباب ثم مزقوا ملابسه حتى اصبح الجزء الاسفل من جسده عاريا تماما ..بعد ذلك قاموا بجلده بالكرباج وحين شعروا انه سيغمى عليه و قواه خارت..انزلوه على الأرض بطريقة مهينة وفكوا قيوده وطلبوا منه أن يقول :” انا مرة..(اى امراة)..وانا …..( الكلمة الشعبية للرجل الذى ينام مع الرجال ) ..لم يرحموا توسلاته..واصروا على استكمال حفلة الاغتصاب الى اخرها.
19. فرقة التعذيب دهنت فتحة مؤخرة عماد بنوع لا يعرفه من الكريم( استخدم هو كلمة مرهم) وقرروا بدء مرحلة الاغتصاب.. وضوعوا له العصا فى فتحة المؤخرة …واظهورا له ان كل ماحدث تم تصويره.استمرت العملية ساعة كاملة تقريبا.. بعدها ترك وحوش البوليس فريستهم فى احد الاركان يئن و يتالم و يحاول ان يلعق الامه.
20. وطبعا و كما اكمل عماد لفقت له قضية مقاومة السلطات …شهد فيها ضابط الشرطة محمد حسانين.
21. خرج عماد من القسم غير مصدق انه نجا..وانه حى و حر ..لكنه ابتلع لسانه خوفا على مستقبل اسرته التى تحمل مسئوليتها بعد وفاة أبيه.. الذى مات بعد ان سمع ماحدث له.
22. لكنه فوجئ منذ شهرين تقريبا بزميله فى الموقف يقول له انه شاهد على التليفون المحمول شريط تعذيبه فى السجن .. .. وادرك ساعتها فقط ان رجال المباحث قرروا اذلاله وكسر أنفه…ومع ذلك ظل محافظا على صمته حتى القى القبض على شقيقه الأكبر لأنه رفض دفع رشوة 5 جنيه لمندوب شرطة..وهذا حسب روايته التى حكاها بمرارة بالغة.
23. المهم انه عندما توجهت والدته إلى قسم الشرطة بولاق الدكرور لمعرفة سبب القبض على ابنها علمت من نائب المأمور انه سيصدر له قرار اعتقال..ثم سبها و طردها من القسم ..وهنا تحرك عماد …طبع نسخة من الفيديو الذى يصور وقائع انتهاكه فى القسم.. وتوجه إلى منزل وزير الداخلية فى ميدان لبنان وعرض الأمر على ضابط تأمين الوزير الذى اجرى اتصالات لدقائق قبل ان يحدث اغرب رد فعل.
24. حسب رواية عماد ..اصطحبه ضباط تامين الوزير الى احد المنازل وقالوا له أنه بيت وزير الداخلية ثم اشاروا إلى إحدى الكاميرات وقالوا له أن وزير الداخلية يراك الان وبعد ثوان قالوا له أن الوزير علم بالأمر ثم طلبوا منه التوجه إلى قسم الشكاوى فى وزارة الداخلية وبالفعل توجه لمبنى الوزارة فى لاظوغلى وعرض الأمر برمته على قيادات الوزارة بعد نصف ساعة من مغادرته لمبنى الوزارة رن تليفونه المحمول..وكان على الطرف الاخر شقيقه الاكبر يقول له: “لقد افرجوا عنى“.
25. أثناء عودة عماد فوجئ ببعض رجال الشرطة تقبض عليه واصطحبوه لقسم شرطة بولاق الدكرور وفى الصباح فوجئ بقيادات أمنيه على رأسهم اللواء عبد الوهاب خليل مدير مباحث الجيزة ونائبه اللواء جاد جميل ومفتش مباحث القسم يستدعونه للتحقيق استمرت التحقيقات معه لمده يومين الأحد والاثنين الماضى بعدها تم عرضه على نيابه بولاق فى 6 أكتوبر وهنا قال له وكيل النيابة أن النائب العام تكلم معه ويطالبة بالتنازل ولم الموضوع.كما طلب منه رئيس المباحث عزت عرفه طلب منه التنازل و حاولت قيادات كبيرة(خاف عماد من ذكر اسمها ) ان تجبره على التصالح فى قضية التعذيب..او التنازل.
26. كان هذا طبعا بعد فتح ملف التحقيق حول وقائع التعذيب فى اقسام البوليس المصورة..قرار النائب العام بفتح التحقيق هو اول خطوة فى انتصار نرجو ان يتحقق ضد التنظيم السرى للتعذيب فى الداخلية.
27. والنيابة العامة ممثلة نيابة جنوب القاهرة يبدو انها تفتح اى نافذة لاستكمال التحقيق ..وهى الان مازالت تحقق مع الملازم مصطفى شحاتة المتهم فى فيديو ” ضرب الاقلام” بقسم الهرم ..والذى تنتظره تهمة كبيرة و سيلقى عقوبة جناية ” استعمال القسوة من موظف عام “.
28. التحقيقات مازالت مستمرة بعد ان انتهت نيابة حوادث جنوب الجيزة من دورها فى جمع معلومات عن الجريمة..واعادتها مرة اخرى الى المحامى العام لنيابات جنوب القاهرة المسئولة عن الملف الذى فتح ببلاغ ناصر امين قبل 3 اسابيع.
29. النيابة لم تصدر قرارا بالحبس الاحتياطى ضد ضابط” الاقلام” ..رغم انه من الممكن ان يستخدم سلطته ( و هو حسب القانون من رجال السلطة العامة)..للتاثير على الادلة وتغييرها.
30. لكن يبدو ان رئيس النيابة راى انه من الممكن ان يستغنى عن حقه فى قرار الحبس الاحتياطى على ذمة التحقيق..معتمدا على الضمان الشخصى او ضمان الوظيفة.
31. وفى نفس الوقت فانه استجاب يوم الخميس الى طلب ناصر امين بالسماح له بادلاء اقوال و معلومات جديدة بعد اكتشاف ضحية فيديو” العصا فى المؤخرة“.
32. وكان من المنتظر ان يشعر عماد كبير بالامان ..ويجلس امام رئيس النيابة ليدلى بشهادته الحية على ماحدث.
33. لكن عماد تراجع فى اخر لحظة و من شدة احساسه بالرعب ظل يصرخ فى الشارع :”..انا ها اتنازل …ها اتنازل..انا مش مستغنى عن حياتى و لا عن حد تانى من عيلتى “
34. عماد خائف من تلفيق قضية بانجو له او لاحد من عائلته…وهو ما سسيتقدم به ناصر امين فى اقواله غدا السبت ليطلب حماية المجنى عليه الذى يشعر برعب من الصعب ان يتجاوزه الا بحماية مباشرة و قوية من المجتمع ..وقبلها من الدولة .
هذه اذن لحظة فاصلة فى المعركة ضد التنظيم السرى للتعذيب فى الداخلية.
وهو بالفعل تنظيم سرى يستخدم اسماء كبيرة بما فيها الوزير نفسه..ويستخدم ايضا ثقل سمعة النيابة العامة.
التنظيم يجند الان كل سلطته ليخسر المجتمع المعركة و ينجو مجرمى التعذيب من المحاكمة التى تعنى بالنسبة لهم : فضيحة كاملة الاوصاف.
فضيحة لتنظيم ينشر الرعب كما قلنا تحت شعار” لن ينجو احد من التعذيب” يريدون بث الرعب و تربية الخوف كما فى الانظمة الفاشية والنازية.
الجريمة مكتملة الاركان..زكما يقول اهل القانون.
ولا يمكن ان تقف الدولة صامتة .
ليس فقط وزارة الداخلية التى عليها الان ان تثبت ما تعلنه عن انها ضد التعذيب.
لكن على كل الدولة بما فيها رئيس الدولة اذى يجبره الدستور و القانون الان على حماية الضحية من اتراس جديد على يد وحوش التعذيب و الانتهاك فى اقسام البوليس.
هذه قضية تتعلق بمصير الدولة.
هل تريد ان تتحول الى جمهورية خوف على طريقة صدام حسين و اشباهه من مجرمين زرعوا الرعب و ربوا الشعب على الهروب ..فتحولت دولهم من دول كبيرة الى دول منتهكة ..مهلهلة.
القضية لم تعد نخص عماد كبير
القضية تتعلق بكل شخص مازال يريد ان يعيش فى مصر.ويرد ان يعيش فى امان .
التعذيب ضد الامان.
والتنظيم السرى فى الداخلية يريد الا نشعر بالامان..ويرد ان تمر العاصفة و يرجع الهدوء ويمارسون جرائمهم تحت ستار الخوف و الرعب من الكلام.
القضية لم تعد تخص ضحية العصا فى المؤخرة.
والمجرم ليس فقط فرقة التعذيب فى قسم بولاق الدكرور.
الجريمة اذا مرت لن يكون هناك عدالة فى مصر.
وستسيطر علينا جميعا حالة الفزع و الرعب.
خاف عماد لحظة الادلاء بشهادته.
خاف لانه لا يشعر ان هناك من يحميه فى مصر .
هل نحميه..؟
هل نقتل الخوف..ونحطم جمهورية الرعب ..؟
انه التحدى الكبير .
اجمالي القراءات
7773