رقم ( 3 )
الباب الثانى : علماء النحو و( المصطلحات )

الباب الثانى : علماء النحو و( المصطلحات )

مقدمة  للباب 

 الفصل الأول : مصطلح ( الكلمة ) بين الاسلام والكفر

مقالات متعلقة :

 

 الفصل الثانى : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى والمسيحى

 

الفصل الثالث : التوقف مع مصطلحى ( اللغة واللسان )

 الفصل الرابع : نماذج من مصطلحاتهم التى تعتدى على القرآن الكريم 

    

 الفصل الخامس : علماء النحو وإختراع مصطلحات جديدة فى الدين و ( العلوم )

 

 

مقدمة الباب الثانى من الكتاب : علماء النحو و( المصطلحات )

 

 كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

مقدمة الباب الثانى من الكتاب : علماء النحو و( المصطلحات )

أولا :

1 ـ كلمة ( مصطلح ) يُراد بها ما تعارف عليه قوم أو إصطلحوا عليه بإسم أو وصف . وغنى عن البيان أنه لم يرد فى اللسان العربى القرآنى ولا فى اللسان العربى الجاهلى . هو نتاج الحركة الفكرية والدينية ل ( المسلمين ) ولانقساماتهم الدينية والفكرية التى نبتت فى أواخر العصر الأموى ثم ترعرعت وانتشرت فى العصرين العباسى والمملوكى ، وتنوعت سياسيا وفكريا ودينيا ومكانيا وزمانيا .

2 ـ فى بحث الدكتوراة ( 1975 : 1977 ) عن ( أثر التصوف فى مصر العصر المملوكى ) واجهت مُعضلة المُصطلحات . لا يمكن بدونها فهم الموضوع وبحثه . مبلغ علمى أن منهجية البحث بتحديد المصطلحات لم تكن معروفة قبلى ، كانت الأبحاث التاريخية والأصولية والقرآنية تتم بدونها ، مجرد نقل عن أبحاث سطحية سابقة ، وما يعرف بالنقل واللزق إعتمادا على أن الأساتذة يتفوقون فى الجهل ويتنافسون فيه ، ويهمهم أن يكون التلميذ أعمق منهم جهلا . ولهذا قوبلت رسالتى للدكتور برفض إستمر ثلاث سنوات ، الى أن ووفق على مناقشتها بعد حذف ثلثيها تقريبا ، أى ما يخص أثر التصوف الدينى والأخلاقى . وتم نشر معظمها لاحقا .

المصطلحات كانت أساس هذه الرسالة العلمية التى تبحث أثر التصوف فى كل مناحى العصر المملوكى ، فلا بد من التعرف على مصطلحات:

 2 / 1 : دين التصوف ، وفى مصطلحاته كُتُب خاصة .

2 / 2 : الدولة المملوكية ، وفى نُظُمها ورسومها وطقوسها كُتُب خاصة وموسوعات أهمها ( صبح الأعشى ) للقلقشندى .

2/ 3 : العلوم التى أثّر فيها التصوف وتأثر بها حيث ساد التصوف السُنّى ، والتعليم السنى فى التفسير والحديث .

2 / 4 : اللسان الذى كان يكتب به مؤرخو العصر والفوارق بينهم ، وهى ناحية دقيقة وهامة ، فاسلوب المقريزى مثلا يختلف عن اسلوب ابن إياس تبعا لاختلاف الزمن والثقافة والمنشأ .

3 ـ بعدها فى منتصف التسعينيات أتممت بحثا منشورا هنا فى ( مقدمة إبن خلدون : دراسة تحليلية أصولية تاريخية ). أتمّ إبن خلدون كتابة المقدمة وتاريخه ( العبر .. ) فى قلعة بنى سلامة ، فى شمال أفريقيا بعد حياة مليئة بالتنقل بين الاندلس وشمال أفريقيا ، ثم حلّ وإستقرّ فى مصر المملوكية حيث قضى فيها حوالى ربع قرن الى أن مات عام 808 . فوجئت فى بحث ( مقدمة ابن خلدون ) بأن له فيها مصطلحات غريبة عن المصطلحات السائدة فى الشرق وفى مصر المملوكية . إستدعى هذا أن أجعل النصف الأول من البحث فى إعادة صياغة المقدمة بأبوابها وفصوله لتكون مفهومة للقارىء فى عصرنا بعيدا عن مصطلحات ابن خلدون وكتابته المغربية . ثم كان النصف الآخر فى البحث والتحليل .

الى هذه الدرجة تبلغ أهمية المصطلحات .

4 ـ تتعقّد مشكلة المصطلحات فى البحث فى التراث والتاريخ نظرا لتنوعها الشديد موضوعيا وزمنيا ومكانيا ، ولكن مع هذا يحتفظ المصطلح الواحد بمفهوم واحد فى موضوعه. ليس هذا هو الشأن  فى التدبّر القرآنى ، حيث يختلف معنى كلمة ، بل وقد يتناقض حسب السياق . وهذا مع اختلافها عن مصطلحات التراث . لذا فإن منهج البحث أو التدبر القرآنى يحتّم تتبع المصطلح فى السياق المحلى ( الآية وما قبلها وما بعدها ) وسياقها الموضوعى فى القرآن الكريم كله ، ليس هذا فقط ، بل تتبع الموضوعات القريبة من نفس الموضوع . ثم لا بد أن يكون هذا كله طلبا للهداية ومعرفة الحق بتجرّد وموضوعية ، وبدون هوى أو غرض مسبق لاثبات شىء أو نفيه .

5 ـ غاب هذا تماما عن علماء النحو العربى . لا نقول إنهم أهملوا ( المصطلحات ) بل هم أول من إبتدعها وأسهم فى نشرها ، يكفى أن :

5 / 1 : علومهم تحمل مصطلحات من صنعهم مثل : النحو ، البلاغة ، الأدب ، العروض ، الاعراب ، البناء ..الخ ).

5 / 2 : هم الذين إنتهكوا بمصطلحاتهم قُدسية القرآن الكريم ففرضوها عليه أكاذيبهم وشائعاتهم ( العلمية ) تحت مصطلح ( التفسير ) و ( الحديث ) و ( الاسناد ) و ( التأويل ) و ( النسخ ) و ( القراءات ) ..الخ .. ولا يزال المحمديون يحملون هذه الأوزار حتى الآن ، يتأكّد بها هجرهم للقرآن الكريم .

5 / 3 : البداية أتت من علماء النحو بالذات . ( الكسائى ) إمام مدرسة الكوفة النحوية هو أيضا من أئمة مبتدعى ما يعرف ب ( القراءات ) ، لا يدانيه فى شهرته العلمية سوى شهرته فى الشذوذ الجنسى بالغلمان فى عصر تمتع فيه بالحظوة من البلاط العباسى .!

6 ـ موضوع المصطلحات غابة إستوائية متكاثفة ، أرهقنى البحث فى مسالكها . حتى لقد أُضطررت الى إعادة كتابة هذا الباب وفق ترتيب موضوعى وليس زمنيا . أى أن أبدأ بالأساس : الفصل الأول فى مصطلح ( الكلمة ) قرآنيا بين الايمان والكفر ، والفصل الثانى فى مصطلح ( الكلمة ) بين ( اللغة ) و ( اللاجوس ) إسلاميا ويونانيا ومسيحيا ، الفصل الثالث : فى توضيح الاختلاف بين ( اللسان ) و ( اللغة ) . والفصل الأخبر ( الرابع ) فى لمحة عن شلّال المصطلحات الدينية والسياسية والفكرية والطائفية ..

أخيرا

1 ـ فى عصر السقوط الأخلاقى والقيمى والسياسى ـ وكل شىء ـ يعلو الفاسد والفساد ، إنه العصر الذى إشتهر فيه فنكوش عبعال صاحب علاج السرطان بجهاز الكفتة ، والذى حصلت فيه الآنسة فيفى عبده على لقب ( الأم المثالية ) للمصريين بسبب إجتهاداتها فى الدين ، وهو العصر الذى يُقدّس شيخ أزهر ليس سوى مركوب للفرعون ، وعصر فرعون يزعم الوحى الالهى و ( ففهمناها سليمان.. غانم ) . قدرنا أن نعيش عصر السقوط هذا ، وأن نقوم بالاجتهاد فى الممنوع والمحظور .

2 ـ هذا الكتاب ـ شأن معظم ما نكتبه ـ كتاب رائد . له سبق الريادة ، ولكنه يحتاج الى الزيادة . يحتاج الى من يكمله وينقده عن علم ودراية ، فبهذا يتقدّم العلم والفكر . وهذه رسالة العلماء والراسخين فى العلم . ( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) يوسف ).

والله جل وعلا هو المستعان . 

 التعليقات

سعيد على 

قدرنا أن نعيش عصر السقوط هذا ، وأن نقوم بالاجتهاد فى الممنوع والمحظور.

حفظكم الله جل و علا و بارك في عمركم و سبحانه الذي لا يضيع أجر من أحسن العمل و أنت أحسنت العمل و جودته.

أحمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ،  وأقول :

          نحن نعيش عصر السقوط هذا معا ، ونحن نقهره معا .. وفى النهاية فإن الزبد سيذهب جُفاءا ، وما ينفع الناس هو الذى يمكث فى الأرض. 
أبشروا أحبتى .. أهل القرآن.

 

 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

 الفصل الأول : مصطلح ( الكلمة  )بين الاسلام والكفر  

المصطلح القرآني : ( الكلمة ) يأتى بالمعانى الآتية :

 اولا :

 كلمة الحق ، وكلمة الباطل :

1 ـ بمعنى كلمة الاسلام : ( لا إله إلا الله ) وما تعنيه من الكفر بأى إله مع الله جل وعلا ونبذ أى عبادة أو تقديس لغير الله جل وعلا ، وهذا هو فحوى الحوار مع أهل الكتاب  .

يقول جل وعلا :

1 / 1 : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) آل عمران ). ونبذ الكفر اساس ملة ابراهيم ، وهو ( الكلمة ) التى توارثها ابناؤه وأحفاده ، 1 / 2 : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)الزخرف).

2 ـ ( كلمة التقوى ) التى يلتزم بها المؤمنون الحقيقيون وهم الأحق بها خصوصا فى أحلك الظروف ، يقول جل وعلا : ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ) (26) الفتح )

 3 ـ القرآن الكريم كلمة الله جل وعلا :

الله جل وعلا هو الذى نحتكم اليه فى أى خلاف فى الدين ، والاحتكام اليه جل وعلا أى الى القرآن الكريم ، وهو ( كلمة الله ) الذى أتمها رب العزة صدقا وعدلا ، ولا تبديل لهذا القرآن ، يقول جل وعلا : ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) الانعام  ).

 وفى الأديان الأرضية قاموا بمحاولات تبديل ( معانى القرآن الكريم ) وإلغاء احكامه بزعم النسخ والتفسير والتأويل ، وتعرضنا لدحض ذلك كله فى ابحاث منشورة هنا . وكفار قريش سبقوا أئمة الديانات الأرضية المحمديين بأن طلبوا من النبى محمد أن يأتى لهم بقرآن يتفق مع أهوائهم ، أى طلبوا تبديل كلام الله ، وفى هذا يقول جل وعلا : ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) يونس ).

4 ـ وكما أن هناك كلمة حق للاسلام وكلمة الرحمن وهى القرآن فإن للكفر كلمة ، إذا قالها شخص كفر بها وحوسب عليها ، يقول جل وعلا عن بعض المنافقين : ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74) التوبة ).

ويقول جل وعلا ينذر من زعم أن لرب العزة جل وعلا ولدا : ( وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (5) الكهف ).

هذا الكافر عند الاحتضار يقول  ( كلمة) يرجو بها إن يُعطى فرصة ليستمر فى حياته لعله يعمل صالحا ، وهى ( كلمة ) لا جدوى منها لأن وراءه برزخا تدخل فيه نفسه الى يوم البعث ، يقول جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون )

 5 ـ وفى مقارنة بين كلمة الاسلام وكلمة الكفر يقول جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) ابراهيم )، وفى الآية التالية يأتى ( القول ) بمعنى الكلمة : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) ابراهيم ).

 ولنتذكر أن ( القول ) يعنى ( الكلمة ).

ثانيا :

 الكلمة  الالهية أو ( القول الالهى ) بمعنى القضاء الالهى والأمر الالهى :

1 ـ القضاء الالهى والأمر الالهى يأتى فى موضوعين : فى التشريع ، وفى الخلق والايجاد . البشر أحرار فى تطبيق تشريع الله جل وعلا فى هذه الدنيا ، وسيتم حسابهم على ذلك فى الآخرة .أما القضاء الالهى والأمر الالهى فى الخلق والايجاد فليس للبشر فيه حرية أو إختيار . هو من الحتميات ، والتى لن يُحاسب عليها البشر يوم القيامة .

2 ـ فى الأمر التشريعى . يقول جل وعلا ـ مثلا ـ ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل ).

وفى القضاء التشريعى يقول جل وعلا : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) الاسراء )

3 ــ وفى الخلق : فالله جل وعلا ـ  خالق كل شىء ـ  هو الذى (يأمر) بكلمة ( كُن ) وهو الذى ( يقضى)  بكلمة : (كُن) ، أى يقول للشىء كلمة ( كُن ) وسرعان ما يكون .

وعن ( كلمة الله ) جل وعلا فى الخلق يأتى ( أمر الله ) جل وعلا مرتبطا بقضائه ، كقوله جل وعلا : ( بَدِيعُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117 ) البقرة ) ( هُوَ الَّذِي يُحْيِ وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68) غافر) ( مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) مريم). وفى خلق عيسى بلا أب:( قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) آل عمران ).

4 ـ يدخل فى الحتميات الخاصة بالبشر : الميلاد والموت والرزق والمصائب من خير أو شر . وفى بعضها يأتى مصطلح ( الكلمة ) الالهية كقوله جل وعلا عن إهلاك فرعون وقومه ووراثة بنى اسرائيل :( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الاعراف ).

وعن إنقاذ خاتم النبيين وهو فى الغار رغم انوف المشركين المعتدين ، يقول جل وعلا :( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)التوبة ).

5 ـ ويأتى مصطلح (الكلمة الالهية) مرتبطا بحرية البشر وإختلافهم فى الدين وتأجيل الحكم فى الاختلاف بينهم الى يوم الدين، يقول جل وعلا:( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس)( وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) (14) الشورى) (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) طه )، وعن بنى اسرائيل يقول جل وعلا:( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) (110)هود)(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) (45)فصلت).

والحكم فى هذا الاختلاف يعنى عقوبة الكافرين بالنار ، وهى كلمة الله جل وعلا ، يقول جل وعلا : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) هود ) ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) الشورى )

6 ـ وتبعا لحرية البشر فإن من يصمم على الكفر فلا أمل فى هدايته، فالله جل وعلا يهدى من البشر من يشاء منهم الهداية ، والذى يشاء منهم الضلال يُضله الله جل وعلا ( الكهف 29 فاطر 8 )، وهو جل وعلا يزيد المهتدى هدى ويزيد الضال ضلالا ( مريم 75 : 76  محمد 17  العنكبوت 69 ). وبالتالى نفهم قوله جل وعلا عن كلمته الالهية:( كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (33) يونس)( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (97) يونس )، ويوم القيامة ستحلُّ بهم الكلمة الالهية بالعذاب ، ولا يستطيع أى نبى إنقاذهم منه ، فهذا ما قاله جل وعلا لخاتم النبيين : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) الزمر)، وهذا ينفى هجص أحاديث الشفاعة لدى المحمديين . وعندما يُساقون الى جهنم سيقولون أنه حقت عليهم كلمة العذاب : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) الزمر) يؤكد هذا قوله جل وعلا :( وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)غافر)، وسيقولها جل وعلا يوم القيامة أنه لا تبديل لقوله وكلمته الالهية (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) ق). 

 

ف 2 ب 2 : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى المسيحى

آحمد صبحي منصور Ýí 2024-08-07

ف 2 ب 2 : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى المسيحى  

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

 الفصل الثانى : بين الكلمة الالهية واللوغوس اليونانى والمسيحى

أولا : ( الكلمة الالهية ) فى الرسالات الألهية السابقة والأمم السابقة :

1 ـ كل ما سبق فى القرآن الكريم عن الكلمة الالهية نزل فى الكتب الالهية السابقة ، وقال به كل رسول بلسان قومه ، والله جل وعلا لم يقص علينا كل الرسل ، قال جل وعلا : (وَرُسُلاً  قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)(164)النساء).

2 ـ وجاء نذير فى كل أمة ومجتمع . قال جل وعلا :( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ (24) فاطر). والنُّذر نوعان : أنبياء مرسلون ، ودُعاة مسلمون على دين الأنبياء المرسلين يتطوّعون لاصلاح أقوامهم .

3 ـ  وهناك عادة سيئة لدى البشر هو أنهم سرعان ما يكذبون برسولهم فى حياته وبعد مماته ، حدث هذا فى الرسل السابقين، قال جل وعلا :  (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (44) المؤمنون )، وحدث هذا مع خاتم النبيين،عليهم جميعا السلام.

4 ـ ومع التكذيب والتحريف فى الرسالات الالهية يتبقى شىء من معالمها مختلطا بمزاعم الكفر وتقديس البشر. وحدث هذا مع تعاملهم مع مفهوم ( الكلمة الالهية ) أو القول الالهى :( كن فيكون ) .

5  ـ بالتطبيق على تاريخ مصر القديمة فقد عرفت الكثير من الأنبياء.

ترددت إشارات فى قصة يوسف تؤكد معرفتهم بالله جل وعلا بل والتوبة اليه ، نقرأ الآيات الكريمة التالية :

5 / 1 :( فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)يوسف  )

5 / 2 : ( قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) يوسف  )

 وفى قصة موسى مع فرعون :

5 /  3 ـ إستغل موسى معرفتهم بالله جل وعلا فى وعظهم ، فقال لهم : (  أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)  الدخان ) .

5 / 4 : ومؤمن آل فرعون إستخدم ثقافته الدينية فى وعظ قومه وذكّرهم برسالة يوسف من قبل : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34)) ... ( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِي أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)  ) غافر )

6 ـ الشائع فى دين الكفر فى كل زمان ومكان هو إنهم ــ  مع معرفتهم بالله جل وعلا ــ يعبدون معه آلهة وأولياء يخترعون لها أسماء ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . ونعطى أمثلة :

6 / 1 :  قال يوسف لصاحبيه فى السجن : ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40) يوسف 40)

6 / 2 : قبله قال النبى هود لقومه عاد : ( قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ )(71)الاعراف 71 ) .

6 / 3 : قبلهم كان قوم نوح يعبدون أسماء أطلقوها على آلهتهم ـ مع معرفتهم بالله جل وعلا . ولبث نوح 950 عاما يدعوهم بلا فائدة : ( وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (23) نوح ) .

7 / 4 ـ وقت نزول القرآن الكريم كانت فى العرب تعبد الأسماء التى إخترعتها وما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . وفى خطاب مباشر قال لهم الله جل وعلا :  ( أَفَرَأَيْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى (23)  النجم 23 ).

7 / 5 : المفترض أن المحمديين يقرأون القرآن الكريم ، ولكنهم حتى الآن يقدسون أسماء مثل ( البخارى و ابو بكر وعمر وعلى والحسين وعائشة و ابى هريرة وابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب ..الخ )!. وهى أسماء ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . وهكذا فالكفر ملّة واحدة . مهما إختلف الزمان والمكان واللسان .

 وهنا ندخل فى ( الكلمة الالهية ) ، والتحريف الذى حلّ بها .

ثانيا : تحريف الكلمة الالهية الى اللاجوس اليونانى والمسيحى :

1 ـ  إندثر العلم بالتاريخ الفرعونى مع إنقراض العلم باللسان المصرى القديم ، ولكن انتقلت بعض أفكار الحضارة المصرية القديمة الى اليونان وأسهمت فى نهضتها الفكرية ، علاوة على ان اوربا وكل العالم القديم لم يخلُ من ارسال رسل ورسالات سماوية ، ولم يخلُ أيضا من تحريفها . ولكن الذى يعنينا فيما يخصّ موضوعنا عن ( الكلمة الالهية ) أنه تم تحويرها وتحريفها لتكون ( اللوغوس ) بمعنى الكلمة الالهية والخطاب و ( اللغة ) التى ينطق بها الناس ، ثم تحولت فى المسيحية الى الاله والمسيح ، وتحورت فى الفلسفات التالية الى ( العقل الكلى ) الذى صدرت عنه المخلوقات . 

2 ــ ولسنا فى موضع الاستطراد فى هذا ، ولكن نقول سريعا أن ( الكلمة ) بمعنى( اللغة ) اللوغوس اليونانى قد غزت بالفلسفة الاغريقية الثقافات والمدارس الفلسفية فى منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط ( الاسكندرية والرها وإنطاكية ..الخ ) ، ومثلا، فإن هرقليطس : إعتبر الكلمة ( اللغة / اللاغوس ) هو القانون الكلى للكون ، ويراه الفيلسوف اليهودى فيلون أنه أول القوى الصادرة عن الله، وأنه محل الصور، والنموذج الأول لكل الأشياء. وهو القوة الباطنة التي تحيي الأشياء وتربط بينها. وهو يتدخل في تكوين العالم، لكنه ليس خالقاً.

3 ـ وتداخلت معها المسيحية فى الجدل حول طبيعة المسيح فصارت ( الكلمة / اللغة / اللوجوس ) أكثر غموضا ، وعندهم فى العهد الجديد قالوا (" في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، والله هو الكلمة، به كل شيء كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان".) ثم جعلوها المسيح . ثم تطرفوا فقالوا أن هذا اللوغوس أو الكلمة، هو الذي كان قبل خلق الكون، كان عند الله، وهو الله، وهذا اللوغوس أو الكلمة، تجسد، أي اتخذ جسداً، وحلّ بين الناس، فكشف لهم حقيقة النجاة. وبثّ فيهم الحياة الخالدة ,انه أبناء الله جل وعلا وأحباؤه .

4 ـ ثم تعقدت خلافاتهم بالربط بين ألوهية المسيح واللوغوس. وعن نسبة ما فى المسيح من ألوهية . ودخلت الفلسفة فى الجدل القائم فإزداد الأمر تعقيدا فى القرنين الثالث والرابع بعد الميلاد.

5 ـ وأخيرا وصلت الى العرب كلمة ( اللاغوس ) محرفة محمّلة بهذا الرجس ، فأصبحت :( لغة ) ، بمعنى الكلمة ثم بمعنى ( اللسان ) فأصبح يقال ( اللغة العربية) بدلا من قول ( اللسان العربى ).

أخيرا

 ونحتكم الى رب العزة فى هذا الهجص المتوارث :

1 ـ عن القول الالهى والكلمة الالهية بالخلق والايجاد يقول جل وعلا : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس )( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) النحل ).

2 ـ ونزل جبريل ( الروح ) متجسدا فى شكل بشر الى مريم العذراء يحمل معه كلمة ( كن ) : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيّاً (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً (21) مريم  ) (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ (12) التحريم) (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91) الانبياء ).

بكلمة ( كُن ) خلق الله جل وعلا آدم بلا أب ولا أم ، وبكلمة ( كن ) خلق الله جل وعلا عيسى بلا أب ، وعن الصلة بين آدم وعيسى فى خلقهما بكلمة ( كن ) يقول جل وعلا : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران ) .

لهذا يوصف عيسى بوصفين تميز بهما ، أنه ( كلمة الله ألقاها الى مريم ) وأنه ( روح منه ) نسبة الى الروح جبريل . وفى الحالتين فهو مخلوق ، وبالتالى فإن تأليهه غلوُّ فى الكفر ، يقول جل وعلا فى خطاب مباشر لأهل الكتاب : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171) لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172) النساء ). وقال جل وعلا عمّن يؤله المسيح وأُمّه : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) المائدة )

وقد جعلوا أنفسهم آلهة بالتناسخ من الروح القدس فقال جل وعلا عنهم :  ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) المائدة ).

2 ـ وقد كرر المحمديون نفس هذا الهجص فى إفتراء شخصية الاهية لمحمد تتشابه مع الزيف الذى جعله أسلافهم للمسيح . يظهر هذا فى أحاديث مثل : ( كنت نبيا وآدم بين الماء والطين / كنت نبيا وآدم لا ماء ولاطين ) ( أول ما خلق الله نور نبيّك يا جابر ) . ثم توسع الصوفية فى عقدة ( الحقيقة المحمدية ) فجعلوا ( النور المحمدي) يتنقل من ألاههم محمد الى أوليائهم . وقبلهم نقل البخارى الزيف الذى جاء فى سفر التكوين عن أن الله جل وعلا خلق آدم على صورته .  

التعليقات

بن ليفانت

كن فيكون
أولًا: الله يعطيك العافية أخ أحمد (العافية بمعناها في بلاد الشام وليس في ليبيا).
لدي وجهة نظر وتساؤل في موضوعين: تعدد الآلهة وكلمة كن .
تعدد الآلهة: كان الناس في أغلب الأحيان يؤمنون بالله ويتخذون وسطاء من أجل التواصل معه. كانوا ربما يؤمنون بأنهم ليسوا بالمستوى الذي يسمح لهم الاتصال بالله مباشرة، فيلجؤوا إلى مخلوقات اخرى يفترضون أنها تمتلك تفويض إلاهي لمتابعة الأمور. في حال أن الله بعث لهم رسولًا ورسالة يؤمنون به وبها، تتضمن أنه على اتصال مباشر معهم، يسمع كل صغيرة وكبيرة، فلماذا يصرون على الاتصال الغير مباشر معه؟ بصراحة لا أجد جوابًا لهذا السؤال، وبغض النظر عن الكفر والاشراك الخ، هل عندكم جواب على على ذلك وتفسير لهذا السلوك؟.

كلمة كن: من وجهة نظري، كلمة "كن" تجسد تدبير الله لارادته (إذا قضى أمر)، ولو أراد الله تأويلها وشرحها، لن يفهمه أحد. على كل الاحوال، ليست "كن" كلمة كما نفهم نحن الكلمة.

لدي بعض التساؤلات: الآية: إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ. كن جاءت بعد الخلق. ثم الآية: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ. ألا يتبع خلق الله لشيء، الإرادة في أن يخلقه، وبهذا تدخل "كن" على الخط؟ إذا كان كذلك، فلقد خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، يعني لا يوجد لـ "كن"  تحديد للوقت.  

أحمد صبحى منصور

شكرا أخى بن ليفانت ، أكرمك الله جل وعلا ، واقول :

1 ـ عن تعليل الشّرك بالله جل وعلا وإتّخاذ وسائط .

لا يمكن إقتلاع أو تبديل الفطرة التى فطر الله جل وعلا الناس عليها ، أى بإنكار الألوهية للخالق جل وعلا . ولكن يمكن ( تغييرها ) بالايمان بالله وبآلهة معه ، يلعبون دور الوسيط . وتأتى تبريرات شتى للمشركين ، منها إستكثار أن يكون النبى بشرا مثلهم . ومنها الجهل الذى يجعلهم يريدون إلاها ماديا يرونه ويلمسونه ويتبركون به .واسطة  عن الله جل وعلا الذى لا تدركه الأبصار  .

2 ـ لا أستطيع سوى الايمان بما قاله ربى جل وعلا عن كلمته ( كُن ). لا أفهم علاقتها بالزمن ، لأن قائلها رب العزة جل وعلا هو خالق الزمن وهو فوق الزمن . أخشى على عقلى من التفكير فى هذا .

 

 

ف 3 ب 3 : التوقف مع مصطلحى ( اللغة واللسان ) 

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

 الفصل الثالث : التوقف مع مصطلحى ( اللغة واللسان )

مقدمة :

1 ـ  من الأخطاء الشائعة قولنا ( اللغة العربية ، اللغة الانجليزية ..اللغة الفرنسية ..الخ ) . كلمة ( لغة ) من الكلمة اليونانية ( لاغوس ) ، ومنها الكلمة الانجليزية :(Language ) . أما فى اللسان العربى الأصيل وفى اللسان القرآنى فإن ( لغة ) من ( اللغو ). المعنى العربى القرآنى هو ( اللسان العربى ) وليس ( اللغة العربية ) .

نعطى تفصيلا :

أولا : ( اللغة )

قرآنيا :

( اللغة ) من ( لغا /  لغوا )، فما هو معنى  مصطلح ( اللــغـــو )  في القرآن الكريم ؟ :

1 ـ اللغو بمعنى الكذب : يقول جل وعلا : (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً)النبأ:35

2 ـ اللغو بمعنى الإثم : يقول جل وعلا : (يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ) الطور:23 ) (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً)الواقعة:25 ) . ولذا فلن يكون فى  الجنة  (لغو ) ، يقول جل وعلا :(لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاماً ) مريم:62 ) ، (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً)النبأ:35 ، (لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً)الغاشية:11)

3 ـ اللغو بمعنى ( الهجص أو الكلام الهزل )، يقول جل وعلا :(لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) البقرة:225 )(لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) المائدة:89 )

4 ــ لغو المشركين حين يُتلى القرآن الكريم  : وقد يكون اللغو خوضا فى آيات الله حين يُتلى القرآن الكريم ، ويتنوع الخوض من الثرثرة وعدم الانصات حين يُتلى القرآن الكريم عصيانا لقوله جل وعلا:( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) الاعراف ) الى إتخاذ القرآن الكريم تسلية للسمر ، وهذا أيضا ما كان المشركون يفعلونه ،  يقول جل وعلا : (قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ (67)المؤمنون )، وكل ( لغو ) يمنع هداية القرآن الكريم من الوصول الى قلب المستمع ، اى يسمع صوت القارىء دون أن يسمع القرآن نفسه ، وهذا أيضا ما كان يفعله المشركون ، يقول جل وعلا : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) ويتوعدهم رب العزة بعذاب شديد : ( فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)) فصلت ). لم يقل رب العزة ( الذين كفروا من قريش أو فى مكة ) وإنما جعلها عن الذين كفروا فى كل زمان ومكان .

وكل ما سبق هو نفس ما يفعله المحمدون فى تعاملهم مع القرآن من خوض ولغو وتسلية فى مناسبات العزاء وعلى المقابر وفى الحفلات، وهم فى كل الأحوال يسمعون ( صوت ) الذى يتغنى بالقرآن أو ( المقرىء / المنشد )الذى ( يُنشد ) القرآن ، ويتصايحون إعجابا بصوته ، دون أن يستمعوا وينصتوا ويفقهوا القرآن نفسه .

5 ـ أخبث أنواع اللغو ، هو ( لغو) الدين الأرضى . هنا يكون ( اللغو )، بترديد أكاذيب الأحاديث والمنامات وخرافات الكرامات .  المؤمن مأمور بالاعراض عن هذا اللغو الكافر الذى ينتقص حق رب العزة جل وعلا بتقديس غيره.

5 / 1 : والأمر بالاعراض عن المشركين تكرر كثيرا فى القرآن الكريم ، ليس الاعراض عن أشخاصهم ولكن عن أقوالهم وأفعالهم والتى تعتبر خوضا ولهوا ولعبا ولغوا.  ونتدبر قوله جل وعلا : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ )(68) الانعام ) (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ  )  (140) النساء).

5 / 2 :  ويقول جل وعلا فى صفات المؤمنين المفلحين : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) المؤمنون:3 ). فالمؤمن الذى يخشع فى صلاته ويستحضر تركيزه فى الصلاة خشوعا هو نفسه الذى يُعرض عن لغو الخرافات والمفتريات الدينية . 

5 / 3 : والمؤمن لا يشهد الزور ، بمعنى لا يقول زورا شاهدا فى محكمة ، ولا يشهد بمعنى لا يحضر مجالس الزور التى تتناقل زورا خرافات الكرامات والأحاديث الشيطانية المنسوبة كذبا لله جل وعلا ورسوله ، ولا يحضر أو يشهد ( موالد ) الأولياء والأئمة . وإذا مرّ بها صدفة مرّ مرور  الكرام ، يقول جل وعلا فى صفات (عباد الرحمن ):( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) الفرقان:72 ).

5 / 4 : والمؤمن إذا سمع هذه الأحاديث المزورة لا يكتفى بالاعراض وإنما يقول لأصحابه : لكم دينكم ولى دين ، يقول جل وعلا عن صفات المؤمنين الحقيقيين : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)القصص:55 ).

أخيرا :

فى كل ما سبق لا علاقة مطلقا بين كلمة ( لغا ، لغوا ) وكلمة ( لغة ) . البديل لمعنى كلمة (لغة ) هو ( اللسان ) تقول ( اللسان العربى ) ولا تقول ( اللغة العربية )

ثانيا : اللسان :

مقدمة :

1 ـ اللسان هو عضو النطق الأساس فى جسد الانسان ، تشترك معه الشفتان فى نطق بعض الحروف ( الباء و الفاء والميم )، يقول جل وعلا عن اللسان والشفتين :( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ):9 البلد ). والله جل وعلا هو الذى ( أنطق كل شىء ) فى الدنيا والآخرة ( فصلت 21 ) ، وقد أعطى الله جل وعلا لداود وسليمان معرفة منطق الطير والنمل ( النمل 16 ــ ). وليس الصوت وحده وسيلة النطق والاتصال . وحتى الانسان يتفاهم ويتواصل بالاشارات . وهناك دواب تنطق بالرائحة وبالضوء وقرون الاستشعار والحركة والرقص وذبذبات الأمواج والهواء . وكل هذا من آيات الخالق جل وعلا ، والتى لا يزال يتعرف عليها العلم الحديث .

2 ــ ولكن رب العزة أشار الى آية عظيمة فينا تختص باللسان واللون ، يقول جل وعلا : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ)الروم:22 ). هنا ربط بين آية خلق السماوات والأرض وآية إختلاف ألسنتنا وألواننا . يمكن القول بأن الصلة بينهما هى العظمة الهائلة فى خلق السماوات والأرض وفى إختلاف ألسنتنا وألواننا بحيث يكونان معا آيات للعالمين . وقد يكون فهم هذه العظمة الهائلة فوق طاقتنا الآن ، ولكن ربط إختلاف ألسنتنا بإختلاف ألواننا يستدعى بحثا علميا مقدورا عليه . وربما له صلة بالتعليم الالهى لآدم ( الأسماء كلها ). قال جل وعلا : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) البقرة ).  يرث الطفل من أبناء آدم قدرة غريبة على التعلم والنطق بما يدور حوله ، ويتكيّف بهذا لسانه . لقد خلق الله جل وعلا اللسان البشرى ناطقا معبرا عن العقل البشرى ، وأعطى الطفل فى سنواته الأولى قدرة عجيبة يتمكن بها لسانه من تعلم لهجة أهله  بسرعة . ومن يهاجر الى بلد آخر يتكلم ( لسانا مختلفا ) يعانى فى نطق ( اللهجة ) التى ينطق بها الوطن الذى هاجر اليه ، لأن لسانه قد تعود وتمحور وتشكل من طفولته على لهجة بلده الأصلى .  ولو كان معه إبن صغير فإن هذا الابن سرعان ما يستوعب لهجة الموطن الجديد ويتكلم بها كأهلها .

 4 ــ وحين ترحل فى شبابك الى وطن جديد وتتكلم دائما بلسان هذا الوطن الجديد بحيث تنسى لسانك الأصلى فإنك حين ترجع لوطنك الأصلى لتتكلم باللسان القديم يكون نطقك معوجا . وهناك من يعيش فى أوربا ردحا من الزمن ينسى فيه لسانه المصرى ثم يعود وقد (إعوجّ ) لسانه ، فيتندر عليه اهله وعلى لسانه ( المعووج ) وأنه أصبح ( خواجة ). وموسى عليه السلام ترك مصر وعاش ردحا من الزمن مع أهل مدين ، ينطق بلسانهم ، وحين عاد الى مصر ونزل عليه الوحى بتكليف برسالة الى فرعون ـ دعا ربه جل وعلا فقال : ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي  يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) طــه:27 : 28 ). هذا لأن لسانه قد تعود على لسان أهل مدين .

5 ــ ونعطى تفصيلات أخرى عن معنى اللسان .

اللسان بمعنى القول الذى ينطقه عضو اللسان

لأن اللسان هو الذى ينطق بالأقوال فإن رب العزة يستعمل ( اللسان ) بمعنى القول . ومنه :

1 ـ يقول جل وعلا لخاتم النبيين : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ)القيامة:16 ). ويقول عنه (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)النحل:103 ). والتفاصيل فى بحثنا عن ليلة القدر وليلة الاسراء وان النبى محمدا هو الذى كتب القرآن بيده .

2 ـ وجاء عن موسى وهارون : (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ) الشعراء:13 ) ( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)القصص:34 )

3 ـ وعن المنافقين فى موقعة الأحزاب : ( فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ) الأحزاب:19 )، وعن منافقى الأعراب : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) الفتح:11 )

4 ـ وعن المتلاعبين بالكتاب من أهل الكتاب ، وكيف أنهم كانوا ينطقون كلاما من عندهم بلهجة من يتلو الكتاب خداعا للمؤمنين ، يقول جل وعلا : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ ) آل عمران:78 ).(مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ  )النساء :46 ). وعن لعن الكافرين على لسان داود وعيسى يقول جل وعلا : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) المائدة:78 )

5 ـ وعن المشركين الكافرين وما ينطقون من مزاعم يقول جل وعلا :(وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمْ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى ) النحل:62 ). وعنهم حين يحاربون المؤمنين بالسنان واللسان يقول جل وعلا :  (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ ) الممتحنة:2 ).

6 ـ وتحذيرا للمؤمنين من التقول على رب العزة فى الحلال والحرام إفتراءا وكذبا يقول جل وعلا : (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ )  النحل:116 )، وعن موضوع الإفك وكيف تداولته ألسنتهم يقول جل وعلا مؤنبا المؤمنين : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ) النور:15 )

لسان الرسالة السماوية :

1 ــ كل رسول نطقت رسالته بلسان قومه وليس ب (لغة قومه ) يقول جل وعلا : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ  ) إبراهيم:4 )

2 ـ ونطقت الرسالة الخاتمة باللسان العربى ، وليس باللغة العربية ، يقول جل وعلا : ( وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً ) الأحقاف:12 )، (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)الشعراء:195 ) (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً)مريم:97 )(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)الدخان:58 ).

الحساب على ما تلفظ به اللسان :

يقول جل وعلا :  (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)النور:24 )

اللسان بمعنى الذكرى الطيبة :

دعا ابراهيم عليه السلام فقال (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ)الشعراء:84 )، وإستجاب له ربه جل وعلا : يقول جل وعلا : (وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً) مريم:50 ).

التعليقات

حمد حمد

عقدة اللغه العربيه

 
بارك الله جل وعلا بعلمك وعمرك دكتور أحمد المحترم. لقد أحببت هذا الكتاب المميز (القرآن الكريم والنحو العربي)، وبيان الفرق  بين مصطلح  اللغه واللسان). معلومهات مهمه وكانت مغيبه عنا منذ بداية تعليمنا ، كنت ممن يكرهون مادة اللغه العربيه وخاصه  النحو والصرف والبلاغة والإعراب والنقد وغيرها الكثير، وكنت  أحصل على علامات لاتتجاوز الجيد فقط لاجتازها وكنت اقول دائما هذه اللغه صعبه جدا وهل يعقل لكي أفهم القرآن وتفاسيره أن أتقن كل ذلك  حسب ماكنا نتلقاه من تعليم على ايدي أساتذة اللغه العربيه ، وماده الفقه وغيرها ممكن لكي اعرف اكتب او أعبر او أصبح كاتبا مميزا ، ولكن تعقيدها كان يكرهني الماده. ، ولكن أسلوبك بالكتابه دكتور احمد جدا راقي ويصل إلى القلب والعقل في آن واحد هذا ليس مدح والله العالم ولكن حقيقه مع اني قرأت لكثير مثل طه حسين والعقاد وسيد قطب فأسبوع الكتابه فيه مفردات وكلمات صعب فهمها يمكن لعدم خبرتي الجيده في فهم ودراسه مايسمى اللغه العربيه. ولكن دائما اتسائل لماذا بعض الكتاب يكتب بأسلوب معقد مع انه صاحب  فكر او صاحب فكره يود طرحها لعامة الناس. مع خالص التقدير لكم دكتور

 

أحمد صبحى منصور

شكرا جزيلا استاذ حمد ، واقول :

1 ـ روعة القرآن الكريم أنه ( ميسّر للذكر ). يعنى صعب ولكن تم تيسيره . والتدبر فيه يكون بفهم مصطلحاته من داخله ، وتفسيره به .

2 ـ  الكتابة فى ( الأصوليات ) سهلة ويسيرة على السطحيين الذين يرددون المكتوب وينقلونه دون فهم لمنهجية البحث وللمصطلحات الخاصة بموضوع البحث ، ولا يتأتى هذا إلا لمن يتعمّق فى التاريخ . فالتاريخ هو الأرضية التى تم فيها كتب الأصوليات السنية والشيعية والصوفية . وعاش فيها أولئك المؤلفون القدامى ، تأثروا بمن سبقهم وأثروا فيمن جاء بعدهم .

3 ـ  السطحيون ـ بغض النظر  عن شهرتهم ـ  بعيدون عن منهجية البحث . لا فارق بين العقاد وطه حسين ومحمد حسين هيكل ..الأسوأ منهم تلك المواشى الأصولية التى تكتفى بالنقل دون فهم وتسعد بعدم فهم الناس ما يقولون لأنهم هم لايفهمون .

4 ـ  التحدى الذى واجهته ــ بعد فهم الأرضية التاريخية والمصطلحات ـ كانت فى صياغة تلك المعلومات الأصولية لتكون مفهومة لعصرنا . ليس هذا سهلا .

سعيد على

اللغو : الكذب .. التأثيم.

كتاب رائع و توصيف رائع و هذه البداية و أتمنى أن يتسع وقتكم الكريم لتفريغ الفصول فعنوان كهذا فيه الكثير من التفاصيل التي يجب أن تفصل و توضحْ .. هذا الكتاب ربما الأول في مجاله و حتى و إن تطرق له أحد فمن الصعب أن يحوي تفصيل مرتبط بالقران الكريم فشكرا للخاطر الذي أتاك لتنبثق منه فكرة هذا الكتاب القيّم و لعله يفتح الباب لنقد النحو العربي هذا العلم الذي من أسف أن تكون قواعده حُكما ع القران الكريم و لعل مقولتكم أن القران الكريم يفهم من خلال ( السياق ) و هي عبارة قالها عبد القادر الجرجاني كذلك و أسلوبكم الرائع في فهم القران الكريم جعلنا نفهم القران و أول ما يتبادر لأذهاننا لمعرفة قضية معينة فيه نلجأ لقواعدك التي وضعتها بعد بحث و تقصي كبير و هي : أن ترتل الايات أي تجمع الايات محل البحث و ما قبلها و ما بعدها ليتضح لك المعنى كما و أن ما توصلت اليه لا يعدو كونه رأي لا تفرضه على أحد و لا تطلب أجره من أحد .. و القاعدة الذهبية التي وضعتها في التشريع : الأمر التشريعي و القاعدة التشريعية و المقصد التشريعي كلها قواعد تساعد الباحث للوصول أو الاقتراب من الفهم و الاستيعاب .. و لدي هنا تساؤل حول ربط الكلمة الثانية بالأولى في كلمة اللغو : ( لغوا و لا كذابا= الكذب ) ، ( لا لغو فيها و لا تأثيم = تأثيم ) فهل الكذب و التأثيم مرادف للغو كما تفضلتم به أم زيادة و تأكيد لمعنى الكلمة.

متابع قراءة هذا الكتاب القيم و كتب الدكتور أحمد بعد تجربة السنين فيها حصاد فكر و نقد و تصحيح و تعديل لما سبق .. حفظكم الله و بارك في وقتكم الثمين

احمد صبحى منصور.

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، وأقول :

تعرضنا لموضوع المترادفات فى القرآن الكريم ، وأنها من طرق البيان والتوضيح . ينطبق هذا على اللغو والتأثيم والكذب .

أكرمكم الله جل وعلا.

 

 

 

 ف 4 ب 2 :  نماذج من مصطلحاتهم التى تعتدى على القرآن الكريم   

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

 الفصل الرابع : نماذج من مصطلحاتهم التى تعتدى على القرآن الكريم    

 أولا :

( الله جل وعلا وأسماؤه الحسنى )

( الله جل وعلا ).

1 ـ لفظ الجلالة هو ب ( اللام ) الثقيلة ، والتى ليست من حروف اللسان العربى ، إذ أنها قبل ظهور هذا اللسان . وتكرّر لفظ ( الله ) فى القرآن الكريم بهذا النطق المميز ل ( اللام ) الثقيلة غير العربية . ثم كان العرب يقولون : ( الإله ) ويطلقونه على آلهتهم المزعومة . وجاء فى حوار رب العزة جل وعلا معهم فى أنه لا إله إلا الله . نتدبر الآيات الكريمة التالية  :

1 / 1ـ ( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) المؤمنون ) . ( إله ) تكررت مرتين . وجاء لفظ الجلالة ( سُبْحَانَ اللَّهِ ) مجرورا بالكسرة لأنه مضاف . وهو ب ( اللام الثقيلة )

1 / 2 ـ ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ( 59 )). لفظ الجلالة هنا مرتان ، مجرورا بالكسرة فى (الْحَمْدُ لِلَّهِ ) ومرفوعا بالضمة فى ( آللَّهُ ). وكلاهما ب ( اللام الثقيلة )

1 / 3 ـ (  أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ( 60 )): ( أَءِلَهٌ ) ب ( اللام الخفيفة ) ، ( مَّعَ اللَّهِ ) لفظ الجلالة ب ( اللام الثقيلة )، وهو مضاف مجرور بالكسرة. وهو نفس الحال فى الآيات التالية (  أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 61 )). ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَءلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ ( 62 )).( أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَءلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( 63 )).(. أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَءلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( 64 ) النمل )

 2 ـ تتميّز سورة المجادلة بتكرار لفظ الجلالة فيها ( الله ) فى كل آية مرة أو مرتين ، ومثلا :

2 / 1 : (  قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) . ( الله ) الأولى و الأخيرة مرفوعة بالضمة . والوسطى مجرورة بالكسرة . وكلها باللام الثقيلة .

2 / 2 : (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنْ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) . ( الله ) منصوب بالفتحة . وهى باللام الثقيلة .

2 / 3 : (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) . ( الله ) هنا مرفوع بالضمة ، وب اللام الثقيلة .

2 / 4 : ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)) ( الله ) جاءت مرتين مجرورة بالكسرة ، وهما باللام الثقيلة .

3 ـ المشكلة التى إختلقها النحويون وتابعهم فيها مبتدعو القراءات الشيطانية أنه يقرأون لفظ الجلالة فى البسملة وفى الفاتحة فى الآية التالية باللام الخفيفة، يقرأونها  ( بسماللهى الرحمنالرحيم (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) ، فيقولون ( بسم اللاهى ) و ( الحمد للاهى ) . بهذا يلحدون فى إسم الله الأعظم ، ويجعلونه ( اللاهى ) . وكفى بهذا إثما عظيما . نتذكر قوله جل وعلا :

3 / 1 :( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)  الأعراف )

3 / 2 : ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)  فصلت )

( الولى ):

يأتى بمعنى الولى المقدس المعبود ، وبالتالى لا يكون إلا الله جل وعلا . وهذا خلافا لتقديس الكافرين لأوليائهم . ويأتى وصفا للمؤمنين الذين يوالون الله جل وعلا ويعيشون فى تقوى الى أن يكونوا عند الاحتضار أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، مقابل أولياء الشيطان الذين تبشرهم ملائكة الموت بالجحيم . وتأتى موالاة المؤمنين بعضهم بعضا مقابل الكافرين الذين يوالى بعضهم بعضا . جاء هذا فى عشرات الآيات القرآنية ، منها قوله جل وعلا :

1 ـ (  قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (14) الانعام ).

2 ـ (  اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (3)الأعراف ) .

3 ـ (  إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)  الاعراف ).

4 ـ  ( إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) الأعراف ).

5 ـ  ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) يونس ) .

6 ـ ( أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً (102) الكهف ) .

7 ـ ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر ) .

8 ـ ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6)  الشورى )

9 ـ ( أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) الشورى ) .

10 ـ ( مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26) الكهف ).

11 ـ  ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) الأنفال )

لم يلتفت النحويون الى تمييز هذا من ذاك ، مما أدّى الى انتشار وتسيد الأديان الأرضية المؤسّسة على تقديس الأولياء الأحياء والموتى .

( المولى )

يأتى إسما للخالق جل وعلا . نقرأ الآيات التالية :

1 ـ( أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) البقرة ) .

2 ـ ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (51) التوبة )

( وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)  الحج )

( وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) الأنفال )

2 ـ ويأتى عن إتّخاذ الكافرين مولى دون الله جل وعلا :

2 / 1 : ( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنصَرُونَ (41)  الدخان )

( يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) الحج )

3 ـ ويأتى بالجمع عن الأتباع من البشر . نتدبر الآيات التالية :

3 / 1 :( وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ )(33) النساء )

3 / 2 :( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي ) (5) مريم )

( الرحمن )

كان الشائع عند العرب ان الرحمن من الرحمة ، نزل القرآن الكريم بمفهوم مختلف يعنى الهيمنة والجبروت فى الدنيا والآخرة  نفهم هذا من تدبر الآيات الكريمة التالية من سورة مريم :

1 ـ ( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيّاً (18 )

2 ـ ( فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنْ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً (26) )

3 ـ (  يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45)  )

4 ـ ( إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً (58)

 5 ـ ( جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً (61)  )

6 ـ( فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً (68) ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً (69)

7 ـ (  قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً (75)

8 ـ ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً (77) أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً (78) كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنْ الْعَذَابِ مَدّاً (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً (80)

9 ـ ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً (86) لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً (87) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّاً (96))

2 ـ رفض العرب الجاهليون هذا ، بل رفضوا إسم الرحمن :

2 / 1 :(  وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً (60) الفرقان )

2 / 2 : ( قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(110) الاسراء )

تبنى علماء النحو المفهوم الجاهلى ل ( الرحمن ) .!

ثانيا :

 (الدين )

فى مفهوم القرآن يعنى الطريق، والسبيل، والصراط، والطريق قد يكون مستقيماً وقد يكون معوجاً. وقد يكون الدين أو الطريق معنوياً، أى العلاقة بالله سبحانه وتعالى. وقد يكون الدين أو الطريق حسياً مادياً كقوله سبحانه وتعالى عن أهل المدينة فى عصر النبى يعلمهم فن القتال:  ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلّ فِرْقَةٍ مّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لّيَتَفَقّهُواْ فِي الدّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوَاْ إِلَيْهِمْ لَعَلّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (التوبة 122) فالآية سبقتها وتلتها آيات فى سياق القتال وتتحدث هذه الاية الكريمة عن النفرة للقتال، وضرورة إرسال فرقة استطلاع تتعرف على الدين أو الطريق ثم تنذر الناس وتحذرهم. ومن الخبل أن نفهمها على أن يترك المؤمنون رسول الله عليه السلام فى المدينة ثم يذهبوا للتعليم خارج المدينة، وهى موطن العلم بالإسلام، وكان غيرها مواطن الشرك فى ذلك الوقت  . ولكن مصطلحات التراث جعلت التفقه قصراً على العلم بالشرع، مع أن مفهوم التفقه فى القرآن يعنى العلم والبحث العقلى والمادى فى كل شىء.

( الصحابة )

 و"الصحابة" فى التراث هم أصحاب النبى وأصدقاؤه ممن أسلموا. ولكن فى مفهوم القرآن فالصاحب هو الذى يصحب فى الزمان والمكان، وذلك تكرر فى القرآن الكريم وصف النبى عليه السلام بأنه صاحب المشركين. قال جل وعلا يخاطبهم :  ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)  النجم،) ( وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) التكوير )(  قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ) (46) سبأ ) .

( النسخ )

  فى القرآن الكريم يعنى الإثبات والكتابة والتدوين، ويعنى فى التراث العكس تماماً، أى الإلغاء. ولنا بحث منشور فى هذا الموضوع.

( الحُكم )

 ومفهوم الحكم فى القرآن الكريم يعنى التحاكم القضائى، وليس مقصوداً به على الإطلاق ما يتردد فى التراث من أنه الحكم السياسى أو الحاكمية .ويأتى ( يحكم بين ) أى فعلا لازما وليس متعديا ، كقوله جل وعلا : ( وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ )(58) النساء ) ( فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ) (42) المائدة )

أولو الأمر :

المقصود بهم فى القرآن الكريم هم أصحاب الشأن وأصحاب الخبرة والاختصاص فى الموضوع المطروح. قال جل وعلا :

1 ـ  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) النساء)

2 ـ ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (83) النساء ) وليس المقصود هم الحكام كما يتردد فى التراث.

( الحدود )

فى القرآن الكريم تعنى الشرع والحق، ولا تعنى العقوبات. وتفصيلات ذلك فى كتابنا عن حد الردة.

( المكروه والمستحب )

المكروه هو أكبر الكبائر من الكفر والقتل والزنا ..الخ ، نهى الله جل وعلا عنها ، ثم قال جل وعلا : ( كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (38) الإسراء )، وقال جل وعلا : ( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ) (7)الحجرات ) .

ولكن المكروه فى الفقه التراثى هو الحلال الذى يفضل الابتعاد عنه.و( المستحب ) فى التراث يعنى ما هو أقل من الفرض الواجب . بينما المستحب فى مفهوم القرآن هو الفرض الواجب .

( التعزير )

 عند الفقهاء هو الإهانة والعقوبة، ولكن التعزير فى القرآن يعنى :

1 ـ التكريم والتمجيد والتقديس لله جل وعلا : ( لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (9)  الفتح ).

2 ـ الإعزاز والنصرة للرسل إيمانا بهم ( بمعنى الرسالة الالهية التى معهم ) . قال جل وعلا : (وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ) (12) المائدة 12) ( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (157) الأعراف 157).  

التعليقات

سعيد على

   لفهم القران الكريم و مصطلحاته فالمرجع الاول هو القران الكريم نفسه.

 

حفظكم الله جل و علا .. و كم هو رائع العودة لكتاب الله و تتبع المصطلح و السياق .. اختلاف المعنى يترتب عليه اختلاف التطبيق و انظر للشيعة مثلا وفهمهم لمصطلح ( أهل البيت ) و ما ترتب عليه قيام مذهب كامل و ملايين البشر تسير خلف هذا المعنى رغم وضوحه و بيانه و حصره في زوجات النبي عليه السلام و ليس له أي علاقه لا بعلي و لا اولاده و لا زوجته .. حفظكم الله جل و علا و أنار بقلمكم طريقا مظلما.

أحمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول :  
القرآن الكريم هو كلام الله الكريم . القرآن الكريم لا مثيل له ولا نظير لأنه كلام الذى لا مثيل له ولا نظير ، نؤمن به وحده حديثا كما نؤمن بالله جل وعلا وحده إلاها. النحويون كان روّادا ، ولم يقدروا القرآن الكريم حق قدره لأنهم أساسا ما قدروا الله حق قدره. تبعهم من جاء بعدهم. ونحن الآن بعدهم ب 14 قرنا نجتهد فى إصلاح ما أفسدوه ، ولا زلنا فى بداية الطريق. 
حفظكم الله جل وعلا أحبتى أهل القرآن .

 

 

 

 ف 5 ب 2 :  علماء النحو وإختراع مصطلحات جديدة فى الدين و ( العلوم )

كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )

 الباب الثانى : بين مصطلحات اللسان العربى القرآنى وغيره

 الفصل الخامس : علماء النحو وإختراع مصطلحات جديدة فى الدين و ( العلوم )

السُّنّة :

   1 ـ فى اللسان العربي تعنى الشرع، تقول "سن قانوناً" أى شرع قانوناً. وفى  القرآن الكريم  تأتى منسوبة لله جل وعلا ، أى ( سُنّة الله ) .

وهذا فى التشريع بمعنى الشرع ، حتى فيما يخص النبى محمدا عليه السلام . قال جل وعلا : (  مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38) الأحزاب ) ، أما النبى فهو صاحب القدوة والأسوة ، وتكون فى موقف معين ، وليست مطلقة . قال جل وعلا للمؤمنين حول النبى محمد فى موقعة الأحزاب  : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21) الأحزاب ) ، وقال جل وعلا للمهاجرين القرشيين :( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) الممتحنة).

نعود للسُنّة ( سُنّة الله جل وعلا ) وعرفناها فيما يخصُّ التشريع حتى للنبى .

والناحية الأخرى هى ( سُنّة الله ) جل وعلا فيما يخُصُّ تعامله جل وعلا مع المشركين، وتكون هنا بمعنى المنهاج والطريقة . قال جل وعلا :

( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (62)الأحزاب 62،)

( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43) فاطر 43،)

 (  فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)غافر )

( وَلَوْ قَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (23) الفتح 23) .

ولكن السنة فى التراث تعنى شيئاً مختلفاً سياسياً ومذهباً فقهياً.

1 ـ سياسيا :

1 / 1 :   في العصر الاموى استعمل مصطلح السّنة في معرض الاعتراض علي السياسة الاموية واهمية ان ترجع الي ما كانت عليه سنة النبي ،أي طريقته العادلة فى الحكم .وبها بدأ الاستعمال السياسي لكلمة السنة وقتها.

  1 / 2 : وحين نجح الشيعة الكيسانية في الدعوة للرضى من آل محمد ـ الامام المختفى غير المعلوم ـ وكان مفترضا أنه من ذرية علىّ بن أبى طالب، كان من ادبياتهم نفس الاستعمال السياسي لمصطلح السنة مع الاستعمال لمصطلح الشيعة الذى يدل على المعتقدين بأحقية ذرية على بن أبى طالب فى الحكم. وحين ظهر ان الخليفة الموعود ليس من ذرية علي وانما من ذرية ابن عباس حدث الشقاق بين انصار العباسيين القائمين مع الخليفة العباسي وبين المطالبين بأحقية ذرية علي بالخلافة دون العباسيين .وظلت كلمة شيعة أوالصحابه تطلق علي انصار العباسيين ، حتي تولي ابو جعفر المنصور الخلافة وتقاتل مع العلويين فى الحجاز فى ثورة محمد النفس الزكية فى الحجاز ، وأخيه ابراهيم فى العراق . عندها استبقي الخلفاء العباسيون لأنفسهم مصطلح السنة ،وأهملوا لقب الشيعة، فاصبح خاصّا بخصوم الدولة العباسية والخارجين عليها .

1 / 3 : فى إطار الدولة العباسية ومن يدور فى فلكها ( العالم السُنّى ) أُضيفت للشيعة اوصاف اخري سياسية وعقيدية اهمها الرافضة .

2 ـ فكريا :

 2 / 1 :  تحول مصطلح السنة في العصر العباسي الثانى بدءا من خلافة المتوكل العباسى ليدل علي الدين ( الأرضى ) السائد المعترف به من الدولة العباسية . وقد إضطهد خصوم السنيين من الشيعة والصوفية والمعتزلة والفلاسفة والمثقفين ثقافة عقلية بالفلسفة اليونانية والهلينية . وقد كانوا يطلقون على خصومهم من الفقهاء السنيين المحافظين مصطلح الحشوية ، يتهمونهم بأنهم كانوا يحشون عقولهم بروايات منسوبة للنبى يؤمنون بها ويجادلون بها الآخرين بدون عقل أو منطق متمسحين بالدين.

2 / 2 : ثم مالبث أولئك الفقهاء الحشويون السنيون أن دخلوا فى جدال مع المعتزلة ، فأصبحت السّنة تعني من ناحية العقائد والفلسفات ذلك الاتجاه الفكرى العقائدى المحافظ الذي يمثله أبو منصور الماتوريدى وأبو الحسن الأشعري بعد ان ترك المعتزلة .

3 ـ فقهيا :

3 / 1 : بسيادة الدين السُنّى أصبحت السنة تعنى المذاهب الفقهية الاربعة المنسوبة للأئمة ابي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل ،هذا في عصر الاجتهاد الفقهي .

3 / 2 : بالتعصّب بين هذه المذاهب فى عصور التقليد أواخر العصر العباسى والعصرين المملوكى والعثمانى ، تركّز ــ أكثرــ  في كتب الفقه السنى مصطلح للسُنّة يشيرالي درجة اقل من درجات الواجب ،فيقال هذا فرض واجب ،وهذا سنة .اويقال "يسنّ"بمعني يستحسن.

 الحديث

إسلاميا : يجب الايمان بحديث واحد هو حديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم : ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الاعراف ) ( 50 ) المرسلات ) (  تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية ). كل حديث فى الدين هو حديث شيطانى ، سواء كان منسوبا لله جل وعلا أو للرسول . وهم قد جعلوا أحاديثهم ( الشيطانية ) قسمين : القدسى والنبوى .وقسّموا الحديث النبوى الى ( متواتر ) و ( أحاد ) وقسموا ( الآحاد ) الى قول وفعل وتقرير ، وهناك تقسيمات أخرى حسب تقييم الضعف والقوة طبقا لما أسموه ب ( علم المصطلح ) . هو مختلفون فى كل شىء .  .

( الشيعة )

قرآنيا :

مصطلح ( شيعة ) قرآنيا جاء فى الآيات الكريمة بمعنى الطائفة والطوائف المتحاربة والمتعادية . مثل  :

1 ـ ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) 65) الانعام )

2 ـ ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ  ) (159) الانعام )

3 ـ ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ (10) الحجر )

( ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً (69) مريم )

( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ  ) (4) القصص )

(  وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) (15) القصص )

( وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) الروم )

طوائف الهدى من الأنبياء : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإٍبْرَاهِيمَ (83)  الصافات )

تراثيا :

الشيعة يجمعهم مصطلح ( التبرى والتولى ) . التبرؤ من خصوم (على ) ، أى أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة والزبير وطلحة ..الخ ، وموالاة (على ) وبنيه ، وهم أصحاب المصطلح ( آل البيت ) ومن ينتسب اليهم يحملون مصطلح ( الأشراف ) بما يعنى نزع الشّرف عن بلايين المحمديين قديما وحديثا . مصطلح ( آل البيت ) قرآنيا يعنى الزوجة . وليس فى القرآن الكريم مطلقا مصطلح الشرف والأشراف .

إذا كان السنيون قد إفترقوا الى ( مذاهب ) فإن الشيعة إفترقوا الى عشرات الطوائف التى تقسّمت داخليا ، لأسباب عقيدية مثل مدى تقديس (على ) ومدى التبرؤ من خصومه . هناك معتدلون مثل الزيدية الأوائل ، وهناك من يتطرف فى تقديس على وبنيه . ثم هناك أسباب سياسية ، فى الخلاف حول ولاية العرش الفاطمى ( المستعلية والنزارية ).

فى صراعهم مع السنيين أطلقوا على السنيين مصطلح (النواصب ) أى الذين ( يناصبون أهل البيت العداء ) . ونفس المصطلح ( النواصب ) له معنى مختلف فى علم النحو إذ يعنى أدوات النصب التى تنصب الفعل المضارع أو الاسم ، بل ان كلمة ( النصب ) تعنى التحايل على الناس و( النصب) عليهم، ولا علاقة لهذا ( النصب) على الناس بعلم النحو.

التصوف :

أدخل التصوف مصطلحات دينية مستحدثة فى الحياة الدينية لم يعرفها المسلمون الأوائل فى عصر النبوة . ومنها الكرامة ، المريد، المقام ،الوقت ،الحال ، القبض ، الصحو والسكر ، الذوق الشرب ، المحو والإثبات ، الستر والتجلي، المحاضرة والمكاشفة ، الحقيقة والطريقة ، الوارد، الشاهد، السر، المجاهدة ، الخلوة ، الزهد، الولاية ، .. إلخ ، ولكل منها مدلول فى دين التصوف ، وسطرت فى ذلك الكتب ، وبالطبع هم مختلفون فى معناها وعددها.وبعض هذ الألفاظ كان مستعملا فى الإسلام بغير ما يقصده الصوفية ، إلا أنهم أولوها وأستحدثوا لها مدلولات جديدة تخرج عن الإسلام مثل (الولى والولاية ).

شلّالات المصطحات فى العلوم :

1 ـ كلمة ( النحو ) فى حد ذاتها مصطلح جديد ، ومثله المصطلحات جديدة فى إطاره مثل الرفع و الجر والسكون والاعراب و البناء و الفعل و الاسم و المبتدأ و الخبر و الفاعل و المفعول به ..الخ ..

 2 ـ و مصطلحات أخرى فى علم الصرف والبلاغة ، وقد اخترع العبقرى العربى الخليل بن أحمد علم العروض ووضع له المصطلحات مثل البحور الشعرية بمصطلحاتها المختلفة.

3 وشلالات من المصطلحات فى الفقه والتفسير والحديث والجرح والتعديل و وعلم الكلام و التوحيد و والمعتزلة و المرجئة والشيعة والسنة و الصوفية والبلاغة من استعارة وكناية وتشبيه و محسنات بديعية و معنوية و طباق وجناس و شتى مصطلحات الفنون والأداب..

الخلاصة :

1 ـ انتجت الحضارة العربية كمّا هائلا من المصطلحات الدينية والعلمية والأدبية والفنية لم تكن فى عهد ال نبى محمد عليه السلام، بعضها تمت صياغته لأول مرة وبعضها تبدل معناه واكتسب مدلولا جديدا.

2 ـ هذه المصطلحات التراثية لا يجوز فى المنهج العلمى أن نستعملها فى فهم القرآن الكريم ، ليس فقط لأنها تمت ولادتها بعد عصر القرآن متأثرة بظروف سياسية واجتماعية وفكرية ، ولكن أيضا لأن للقرآن مفاهيمه الخاصة ومصطلحاته الخاصة التى تعارض بل وأحيانا تناقض تلك المصطلحات التراثية المستحدثة.كما إنه لا بد للباحث التاريخى والأصولى أن يتفهّم مصطلحات العلم الذى يبحث فيه . 

التعليقات

سعيد على

لا تغرك الثمار و إن أينعت و برز جمالها الزائف طالما الجذور سامة نتنة!

حفظكم الله جل و علا و أنار بقلمكم دروب الظلام الدامسة .. و كم هي طويلة و متعرجة هذه الدروب و حبر قلمك لن ( يجف ) باذن الله طالما هناك عقلا يفكر و نفسا طيبة تتوق لعمل صالح من خلال تجلية حقائق الإسلام من خلال القران و لكل نفس طاقة و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .. طريقة البحث في حد ذاتها علمٌ يُدرس فللبحث أصول و علمتنا أصول البحث ( التاريخي ) و ( القراني ) و هنا حضرتك تطبق على نفسك هذه الأصول و القواعد لذا سيخرج البحث و لا شك باذن الله راق و يغطي مساحة كبيرة رغم كبر و عظم و تشعب موضوع البحث .. المصطلحات و فهم جذورها و منبتها هي من تجعل الباحث يمسك بخيوط البداية لتكون النهاية رأيا سديدا لا يفرضه على أحد .. يتميز الدكتور أحمد بملكه البحث التاريخي و القراني و هو متفرد و متميز و لم يسبقه أحد و هذا ليس إطراء بقدر ما هو رد اعتبار لهذا المفكر العظيم فكرا و فكرا و فكرا .. فقط لدي تساؤل حول عبارة ( الحضارة العربية ) التي تكررت في هذا المقال و في المقالات السابقة لهذا الكتاب فهل هناك ( حضارة عربية ؟ ) و ما هي الحضارة أصلا طالما للمصطلحات أهمية في تأصيل المعنى ثم ما علاقة ( العربية كجنس أو كلسان ) بالحضارة ؟ و هل هناك حضارة أقامها العرب في شبه الجزيرة ؟ هذا مع أن أول بيت وضع للناس رفع بناءه إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام و هم قادمون من خارج شبه الجزيرة ؟
حفظكم الله جل و علا و كتاب رائع للغاية و كل يوم أنتظر فصلا منه .

أحمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول:

أكرمك الله جل وعلا وجزاك خيرا
أنا مضطر لاستعمال مصطلح ( الحضارة العربية ) لأنها كانت تنطق باللسان العربى ، والذى نطق به أعمدتها من علماء الفلسفة والطيب والكيمياء ..الخ . لم يكونوا جميعا ( مسلمين ) فلا يصح أن يقال ( الحضارة الاسلامية ).. اللسان العربى نطقت به شعوب خارج الجزيرة العربية ، وأنتجت به حضارة من ترجمة تراث اليونان والهند وفارس .

 

 

 

( القرآن الكريم وعلم النحو العربى )

بعضهم ـ بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير ـ يسارع بإتّهام القرآن الكريم بأن فيه أخطاء نحوية ، يجعلون علم النحو البشرى المُخترع بعد القرآن الكريم حكما على القرآن الكريم . هذا مع إن القرآن الكريم فوق علم النحو هذا ، وأن علم النحو هذا فيه نواقص كانت ولا تزال . لهذا نضع النقاط فوق الحروف فى هذا الكتاب .
more