عندما قال الرئيس بنفسه ذات يوم "أنا مع الأغنياء عشان الفقراء ومحدودي الدخل

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٩ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصريون


نستهل جولتنا اليوم في صحافة القاهرة الصادرة أمس (الاثنين) من صحيفة الدستور اليومية ، حيث اكتشف جمال فهمي نظرية اقتصادية جهنمية بدأت إرهاصاتها وبشايرها الأولي تظهر أيام الأستاذ المرحوم الرئيس أنور السادات، لكن نظام خليفته الرئيس حسني مبارك ـ والشهادة لله ـ هو الذي يعود له فضل إطلاقها من عقالها كـ«جني العلبة» قبل أن يطورها الأستاذ جمال نجل سيادته عبر «سياساته» وفرقة وحوش المال والاحتكار المتحلقين حوله ويجعلها أشد فتكًا وضراوة.. أما منطوق هذه النظرية فيقول بوضوح وفجاجة تلامس حدود الوقاحة، إنك كلما «صنعت» أثرياء ومليارديرات أكثر انتفاخًا وفحشًا كلما ضمنت للأغلبية الفقيرة من الشعب فرصاً «شغلانات» أكثر، وقد اختصر الرئيس بنفسه هذا المنطوق عندما قال ذات يوم «أنا مع الأغنياء عشان الفقراء ومحدودي الدخل» !! وبعيدًا عما تنطوي عليه تلك النظرية من اعوجاج وشذوذ أخلاقي ظاهر يفقأ عين الأعمي من أول نظرة، ليس أقله إضفاء وإسباغ نوع من المشروعية علي النهب واللصوصية باعتبارهما الوسيلة الأسهل والأنجع لخلق و«اختراع» قطيع الأثرياء الجدد بسرعة وتحت الحماية السياسية والبوليسية والتشريعية (ليست صدفة أن سلطتي الحكم والتشريع الآن في يد المليارديرات والمحتكرين)، ثم القعود بعد ذلك في انتظار أن يتعطف ويتكرم هؤلاء الحرامية ويشغلوا باقي الشعب خدامين عندهم !!

حرامية وخدامين و«زلط» للبيع
ويؤكد جمال على أننا إذا وضعنا هذا الفيض المأساوي كله جانبًا وبقينا فقط مع حكاية أن «صنع» أغنياء يفتح مجالاً لتشغيل الفقراء والبؤساء الذين هم الأغلبية الساحقة من الشعب، وحتي لو سلمنا بأن المطلوب هو مجرد «شغلهم» وتشغيلهم في أي حاجة وليس انتشالهم من مستنقع البؤس والعدم، فإن تقريرًا صدر مؤخرا عن «وزارة الاستثمار» التي يستحيل رميها «بتهمة» الانحياز للفقراء، يؤكد بالأرقام والإحصاءات أن سياسة دعم وخلق أغنياء من فراغ الأنشطة الاقتصادية التي تنتج ثروات (أغلبها حرام) أكثر مما تنتج سلعًا وخدمات لها قيمة، هذه السياسة أدت ليس إلي تكريس الفقر وتوسيع قاعدته ليضم في كل يوم (تقريبًا) فئات وقطاعات جديدة من السكان فحسب، وإنما ساهمت كذلك في استفحال البطالة الصريحة وتضخيم حجم البطالة المقنعة إلي درجة أن (10) في المائة فقط من المصريين في سن العمل هم الذين يحظون بما سماه التقرير «عملاً لائقاً» تتوافر فيه الشروط الثلاثة التي وضعتها منظمة العمل الدولية وهي أن تكون الوظيفة منتجة ومجزية الأجر ويتمتع صاحبها بقدر مناسب من الحماية والاستقرار. ولا أستطيع أن أنهي هذه السطور قبل أن أحكي لحضرتك مشهداً طريفاً شاهده العبد لله بأم عينيه في ميدان «العتبة الخضراء»، حيث يستوطن الآلاف من سكان «القطاع غير المنظم»، فقد قررت يومًا القيام بجولة تفقدية علي أرصفة هذا الميدان وفي لحظة من لحظات انهماكي في الجولة، كدت أموت من الضحك الذي هو أَمَر من البكاء عندما رأيت مواطناً يعرض علي المارة بنطالاً واحدًا لم يساورني أي شك أنه البنطال الذي كان يلبسه، غير أن ستر ربنا أدركني بسرعة قبل أن أضحك من أخ لي في الوطن، فقد وقع بصري في تلك اللحظة علي شاب آخر يقف بجوار بائع البنطال فارشًا بعناية فرشة مرصوص فوقها بضع «زلطات».. نعم بضع «زلطات» لا شيء فيها عجيب أو غريب إلا منظر عدد لا يحصي من المارة وهم يتحلقون حول الشاب ويناهدونه ويفاصلونه بحماس في سعر «الزلطة»!!

اجمالي القراءات 543
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق