فورين بوليسي»: مسلمو «الهوي».. تعتقلهم الصين مع «الإيغور» ولا يتحدث عنهم أحد

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٤ - فبراير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


فورين بوليسي»: مسلمو «الهوي».. تعتقلهم الصين مع «الإيغور» ولا يتحدث عنهم أحد

تشير الشهادات وشهود العيان إلى اعتقالات جماعية لعرقية الهوي في شمال غرب الصين.

كتب جين بونين، وهو كاتب ومترجم يبحث في لغة الإيغور الصينية، تقريرًا من ألما أتا في كازاخستان، لمجلة «فورين بوليسي»، حول شن الصين عمليات اعتقال جماعية ضد عرقية مسلمة جديدة، هي: عرقية الهوي في شينجيانج، التي تعاني من الاضطهاد الديني الذي تعاني منه أقليات الإيغور أو الكازاخ في الصين. 

يستهل الكاتب تقريره بالحديث عن «ما لايك»، الذي كان مهاجرًا شابًا في بكين يومًا ما، لكنه هجر عاصمة الصين في عام 2010، لكي يتوجه إلى الطرف الآخر من البلاد، حيث انضم إلى كثيرين ممن قرروا خوض تجربة جديدة في منطقة كاشغر في شينجيانج، وهي المدينة التي جرى تحديدها باعتبارها منطقة اقتصادية خاصة. وهناك أسس ما لايك، وهو مواطن من إقليم جانسو المجاور الواقع في شمال غرب البلاد، شركة وأصبح عضوًا في رابطة كاشغر-جانسو التجارية، وافتتح نزلًا للشباب الرحالة. وفي يوليو (تموز) ظهر النزل ومالكه في وسائل الإعلام الوطنية. 

قال الرجل الذي كان في السابعة والثلاثين من عمره آنذاك لوكالة أنباء شينخوا الحكومية «من خلال تكوين صداقات معهم (الرحالة)، أستطيع أن أتعلم ألوانًا من الحياة لا أستطيع أن أجربها بنفسي».

 

 

وتشير مجلة فورين بولسي في تقريرها إلى أنه بحلول أوائل عام 2017، اتخذت تلك الحياة منعطفًا صعبًا، حيث أصبح «ما لايك» موضوعًا لقصص دولية أقل مرحًا. إذ اعتُقل الرجل ووجهت إليه تهمة «نشر التطرف» – وهي تهمة مزعومة ألصقت بمنشوراته على موقع «ويبو» Weibo للتواصل الاجتماعي، والتي كان قد مضى عليها ثلاث سنوات، لمجرد أنها تنتقد سياسات الحكومة المحلية. 

وهكذا أصبح رجل الأعمال ضحية مبكرة لعمليات القمع والسجن الجماعي التي غيرت جذريًا التضاريس الاجتماعية – السياسية في شينجيانج. ويظل حسابه غير النشط على موقع ويبو منذ 12 يناير (كانون الثاني) 2017، كما هو، حيث تعرض حوالي ثلث مشاركاته الأخيرة البالغ عددها 2000 مشاركة، سواء كانت نشرًا أو إعادة نشر، بدءًا من سبتمبر (أيلول) 2016، إما للإزالة (أكثر من 300) أو الحذف طوعًا (أكثر من 400). حتى النزل نفسه لم يعد موجودًا؛ إذ توضح صور الأقمار الصناعية أن المبنى هُدِمَ في ربيع العام الماضي.

يشير التقرير أن «ما» هو مجرد واحد من ملايين الأشخاص الذين يحتمل أنهم تعرضوا للاحتجاز باعتبار ذلك جزءًا من القمع الحكومي الواسع والمستمر في المنطقة. غير أنه في حين كان غالبية المحتجزين بلا شك من الإيغور، وهم أعضاء في جماعة شينجيانج العرقية المسلمة الرئيسية، إلا أن قضية «ما» لها خصوصيتها؛ لأنه ينتمي إلى عرقية الهوي Hui – وهي مجموعة إسلامية تقليدية أخرى تضم أكثر من 10 ملايين وتعد واحدة من أكبر الجماعات في الصين.

من هم أقليات الهوي؟

وتضم جماعة الهوي، الذين غالبًا ما يشار إليهم باسم «المسلمين الصينيين»، مجموعة واسعة من الأفراد الذين يُعتقد أنهم ذرية الزيجات المختلطة التي تعود إلى نحو ألف عام بين الصينيين والأتراك والعرب والفرس. بينما تعيش جماعة الهوي إلى حد كبير في المناطق الداخلية للصين، حيث يشتهرون بمساجدهم الجذابة ومطاعم المعكرونة المصنوعة من الدقيق الناعم في كل مكان، إلا أن عدد الهوي يصل إلى أكثر من مليون شخص في شينجيانج، ويشكلون جزءًا كبيرًا من سكان الأقليات العرقية في المنطقة (التي يغلب عليها الأتراك).

غير أنه على النقيض من جيرانهم الأتراك – مثل الإيغور والكازاخ والقرغيز – فإن الهوي، إلى جانب السعي للحفاظ على هويتهم بوصفهم مسلمين، كانوا تقليديًا أقرب إلى عرقية الهان التي تمثل الأغلبية في البلاد، من حيث اللغة والثقافة، وحتى في كثير من الأحيان في المظهر. 

أدت هذه الحقيقة، إلى جانب العدد القليل للغاية من ضحايا الهوي المبلغ عنهم، إلى الاعتقاد بأن هذه المجموعة نجت في الغالب من عمليات القمع الأخيرة، حتى أن باحثين من شينجيانج ومن الخارج رددوا أحيانًا هذا الرأي. 

وبينما يشير عدد من التقارير إلى فرض قيود مشددة على الهوى وتعبيرهم عن إسلامهم في داخل الصين، إلا أن الافتقار إلى أدلة مقنعة جعل من السهل أن نستنتج أنه – عندما يتعلق الأمر بشينجيانج – فإن حالات مثل «ما لايك» هي على الأرجح استثناء من القاعدة. لكن هناك عدد متزايد من روايات شهود العيان والشهادات، المدعومة في بعض الأحيان بأدلة تكميلية، تشير الآن إلى عكس ذلك.

 

 

أدلة مبكرة

يوضح الكاتب أنه كما كان الحال في كثير من الأحيان، جاءت بعض الأدلة المبكرة عن عمليات التوقيف والاختفاء من الطلاب الأجانب والخريجين الجدد، الذين ولدوا في المنطقة ولكنهم ذهبوا لاحقًا إلى الخارج للدراسة، وفي بعض الحالات، بقوا للعمل في أماكنهم. 

بعد بضعة أشهر فقط من اختفاء «ما لايك»، قام زوجان شابان من الهوي تخرجا في الجامعة الإسلامية الدولية في إسلام أباد، كانا يديران مطعمًا في المدينة، هما «ما شوشيان» و«ما يوانلان» («ما» اسم عائلة شائع جدًا بين الهوي)، برحلة من باكستان إلى الصين، لكنهما سرعان ما اختفيا. 

عادت وانغ يالي، وهي امرأة من الهوي تخرجت في تخصص تعليمي من الجامعة نفسها وعملت في فرع باكستاني لسيتي بنك، إلى الصين بعد ذلك بعام، لكنها اختفت كذلك، مع تأكيد زوجها على احتجازها. (وفقًا لأحد الأصدقاء، ظهر كل من ما شوشيان ووانج يالي على الإنترنت في ربيع عام 2019، ويفترض أن ذلك حدث بعد إطلاق سراحهما). 

في أواخر عام 2017، عادت تشو يويمنج، وهي طالبة من الهوي من الولايات المتحدة، وسُجنت لعدة شهور لاستخدامها شبكة خاصة افتراضية VPN للوصول إلى «جي ميل» من بين أشياء أخرى. بعد ذلك ببضعة أشهر، تعرض طالب من الهوي من أوروبا إلى شيء مشابه بسبب تثبيت واتساب على هاتفه.

ظهرت تقارير أخرى بطريقة أكثر عشوائية. ففي عام 2018، نشرت منظمة أتاجورت الكازاخستانية لحقوق الإنسان في ألما أتا – وهي جماعة وثقت الآلاف من الضحايا (معظمهم من الكازاخ) – فيديوهات تدافع عن ما تشنغ شيو، وهو رجل ينتمي إلى الهوي ويُزعم أنه احتجز لمشاهدته محتوى دينيًا على الإنترنت، وكذلك ما تشونغ باو، وهو رجال من رجال البر من الهوى يبلغ من العمر 80 عامًا، ويُزعم أنه احتجز بسبب بناء مسجد. 

 

 

وفي الوقت نفسه تقريبًا، قام مصدر في شينجيانج بمشاركة ملصق لمو جوجيان، وهو رجل من الهوي زُعم أنه هرب من الاحتجاز، يشير إلى أنه شخص مطلوب للسلطات. ونشر الراديو العام الوطني الأمريكي قصة من داخل الصين، في سبتمبر (أيلول) عام 2019 ذكر فيها أن اثنين من الهوي يقيمان في شينجيانج أرسلا إلى مراكز الاحتجاز في شينجيانج بسبب قيامهما بأداء فريضة الحج.

كما أشارت روايات نشرها أفراد عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعلى منابر النشطاء المدافعين عن الحريات الدينية إلى أن الهوي يجري احتجازهم جماعيًا ويتعرضون للجانب الأكبر من سوء المعاملة نفسها التي ورد ذكرها في التقارير الخاصة بالجماعات العرقية الأخرى. وفي إحدى هذه الروايات، المنسوبة إلى محتجز سابق من الكازاخ ونقلها الموسيقي المقيم في كازاخستان أكيكات كاليولا، وصف رجل من الهوي بأنه توفي بعد إجباره على قضاء 78 ساعة على كرسي النمر (أي كرسي الاستجواب والتعذيب). 

في يونيو (حزيران) 2018، نشرت منظمة «تشاينا إيد» China Aid المسيحية، قصة مروعة للغاية عن إقحام الهوي إلى جانب الإيغور والكازاخ المكدسين في مراكز الاحتجاز التي تضم المعتقلين قبل خضوعهم للمحاكمة، في شينجيانج، والتي اشتهرت بسوء سمعتها بسبب سوء معاملتها للنزلاء. 

ونشرت Bitter Winter، وهي مجلة تدافع عن الحرية الدينية لها مصادر على الأرض في شينجيانج، عددًا من التقارير حول الهوي على وجه التحديد. ويتحدث أحد أحدث هذه التقارير عن قرية تضم ما يزيد قليلًا عن 60 أسرة (من الهوي بصفة رئيسية) في مقاطعة تاشينج الشمالية في المنطقة. ووفقًا للمراسل، جرى احتجاز 43 من السكان؛ ما يشير إلى أن معدل الاعتقال هو 17 إلى 24 في المئة (مقارنة بما لوحظ في بعض مناطق الإيغور).

مترجم: ما سر صمت الدول الإسلامية عن اضطهاد الإيغور المسلمين في الصين؟

الدول الحساسة

بالنسبة إلى باي هوتشو – وهو خريج آخر للجامعة الإسلامية الدولية في إسلام أباد وأحد مواطني مقاطعة تشانجي هوي ذات الحكم الذاتي في شينجيانج، والذي طلب تغيير اسمه في هذا التقرير لحمايته – كان الاعتقال مصيرًا محتومًا لم ينج منه إلا بفضل الإعداد المكثف، وربما حتى مع ذلك أفلت منه بصعوبة. عمل باي في شركة صينية في باكستان، وكان مضطرًا للعودة إلى الصين في عام 2018 للحصول على تأشيرة عمل جديدة.

وبسبب إدراك هوتشو الجيد للوضع في شينجيانج، بدأ الاستعدادات في عام 2017 – من خلال التظاهر بفقدان جواز سفره الصيني والحصول على جواز سفر جديد لم يكن لديه الكثير من تأشيرات باكستان، لأن باكستان هي واحدة من «الدول الحساسة» البالغ عددها 26 والتي يمكن اعتقال الناس في شينجيانج بسبب زيارتهم لها. 

بعد أن حذره والداه من العودة إلى شينجيانج، تمكن باي بعد ذلك من نقل تسجيل أسرته إلى مدينة شيان بمقاطعة شانشي، وبالتالي تجنب الحاجة إلى العودة إلى تشانجي لإجراءات التأشيرة. أثناء الطيران من باكستان إلى شيان عبر بكين في سبتمبر عام 2018، جرى إيقافه في مطار العاصمة، بينما لم يُفحَص جواز سفره الذي لا يزال مرتبطًا بشينجيانغ، بدقة.

ويتذكر باي: «موظف في المطار التقط جهاز اتصال لاسلكي وقال: «هناك شخص من 56 هنا». أصبح هذا رمزًا، على ما أعتقد. لم يقولوا «شخصًا من شينجيانج»، بل قالوا «شخصًا من 56». وستة وخمسون هو عدد الجماعات العرقية المعترف بها رسميًا في الصين، وغالبًا ما ترتبط جماعات الأقليات العرقية بشينجيانج.

 

 

ثم نُقل باي إلى مكتب كبير فيه منطقة استقبال والعديد من غرف الاستجواب، التي يعمل بها خمسة أو ستة من ضباط الشرطة الذين قال إن لهجتهم تكشف بوضوح أنهم من شينجيانج والذين، كما أمكنه أن يعرف، كانوا مشغولين بتتبع الرحلات الدولية القادمة. بعد التحقق من جميع أمتعته، تفحصوا هاتفه – الذي قام باي بتنظيفه أيضًا من جميع المواد الدينية وتطبيقات وسائل الإعلام الاجتماعية الأجنبية – ثم قاموا باستجوابه. 

بعد أن قدم باي نفسه على أنه مجرد عامل في شركة، وشخص غير مُسَيَّس، وتنتظره رحلة إلى شيان يتعين عليه اللحاق بها، تمكن في النهاية من إقناع الضابط بالسماح له بالمرور. بعد ذلك سيأتي والديه إلى شيان لمقابلته، وعند هذه النقطه سيسمع عن الاعتقالات وتدمير المساجد، وهي الحملة التي يعاني منها الهوي في مسقط رأسه. وقال باي في أسف «أنا أعرف فقط ما أخبرني به والداي. لو كنت أنا في شينجيانج، فربما ساعدتك على فهم الموقف بشكل أفضل كثيرًا».

لمقابلة أولئك الذين زاروا شينجيانج وشهدوا تجربة السجن الجماعي بشكل مباشر، لا يحتاج المرء إلا أن يتطلع إلى كازاخستان، حيث جلبت عودة آلاف من المواطنين الصينيين من شينجيانج، الغالبية العظمى من الكازاخ، معها العشرات – إن لم يكن المئات – من شهود العيان الجدد. ويشير الكثيرون إلى وجود كبير للهوي في مرافق احتجازهم في شمال شينجيانج.

مقاومة أقليات الهوي

وقالت تورسوناي زيودون وهي محتجزة سابقة نادرة من الإيغور قضت عامًا تقريبًا في أحد معسكرات الاعتقال بالمقاطعة «لا يمكنك أن تقول إنه كان هناك الكثير منهم، لأنه لا يوجد عدد كبير من الهوي في كونيس (بلدتي الأصلية) في الأصل. لكنهم كانوا عنيدين حقًا. نحن الإيغور والكازاخ – (استسلمنا) بسبب خوفنا. لكنهم أصروا على أنهم سيظلون مسلمين (حتى بعد كل هذا)».

ووفقًا للتقرير الذي نشرته مجلة فورين بوليسي يقدر محتجز سابق من الكازاخ، قضى أكثر من عام في المعسكرات في مدينة تاشنج وطلب عدم الكشف عن هويته خوفًا على سلامته، عدد الهوي المعتقلون معه بالمئات. وهو لا يوافق على تقييم تورسوناي للهوي باعتبارهم عنيدين، لكنه يدعمها في نقطة مختلفة: هي العزل. وفقًا لكليهما، كان يجري الاحتفاظ بالهوي عمومًا في زنزانات مختلفة، في حين كان الإيغور والكازاخ كثيرًا ما يحتجزون مع بعضهم البعض.

 

 

في الوقت نفسه، يشير عدد من التقارير إلى أن الاختلاط يمكن أن يحدث بالفعل. باعتباره جزءًا من مشروع تاريخ شفوي أوردته مجلة Believer، يروي المحتجز السابق أورنبيك كوكسبيك كيف ساعده زميلان في الزنزانة – أحدهما من الكازاخ والآخر من الهوي – على الشفاء من حمى، واحتُجز الأخير لقيامه بدفن أمه على الطريقة الإسلامية. وفي المشروع ذاته، يروي المحتجز السابق تشاركينبيك أوتان كيف كان ينظر في أرجاء المعسكر لتفقد «إخوانه المسلمين … الكازاخ والإيغور والدونجان (الهوي)» ويعرب عن اعتقاده بأن هذه السياسات إنما هي «محاولة لتقسيم وتدمير» هويتهم.

وفقًا لنورلان كوكتيوباي، الذي قضى سبعة أشهر في معسكر في مقاطعة تشابشال، جرى احتجاز الكثير من الهوي هناك. وعندما سئل عما إذا كان هناك أي اختلاف في المعاملة أو الاحتجاز على أساس العرق، قال إنه لا يوجد.

دخلت مسجدًا؟ إذًا أنت في خطر

وقال «لم يكن هناك اختلاف في المعاملة. لا يهم إذا كنت من الإيغور أو الكازاخ أو القرغيز أو الهوي … الجميع يعاملون بالطريقة ذاتها. إذا كنت قد ذهبت إلى مسجد من قبل؛ فستكون هناك».

تحتوي بعض التقارير على تقديرات رقمية تقريبية للغاية. على الرغم من أن هذه التقارير تحتوي على جانب سردي بصورة لا يمكن تجنبها، ومحلية للغاية، إلا أنها تبين أن سكان الهوى المحتجزين عادة ما يكونوا بنفس حجم سكان الهوي المحليين بشكل عام.

ومع ذلك، يبقى السؤال الأساسي، بحسب التقرير، هو: إذا كان الهوي قد تعرضوا فعليًا للاعتقال الجماعي، فلماذا لا نسمع المزيد عن ذلك في ظل وجودهم الكبير في شينجيانج؟

قدم الكازاخ، الذين لديهم عدد مماثل من السكان، أكثر من ألفي اسم لأفراد سقطوا ضحايا بسبب السياسات الأخيرة. وذكر شتات الإيغور أيضًا عدة آلاف. حتى القرغيز، الذين لا يزيد عدد سكانهم الرسمي في شينجيانج عن حوالي 200 ألف، تمكنوا من الإبلاغ عن ما يقرب من 200 شخص. ولكن في حالة الهوي، بالكاد يصل عدد السكان المعتقلين المبلغ عنهم إلى عدد مكون من رقمين.

 

 

يكمن التفسير المحتمل في الطبيعة الأساسية للتغطية الموجهة لصالح الضحايا في شينجيانج، أي أنها تأتي عمومًا من الأصدقاء والأقارب خارج الصين. وفي حين أن كلا من الكازاخ والقرغيز لديهم دولتان تجاوران شينجيانج، وفي حين أن الإيغور ليس لهم دولة ولكن لديهم شتات منتشر ومؤثر، فإن الهوي ليس لديهم لا هذا ولا ذاك، مما يترك التغطية (المتقطعة للغاية) إلى حد كبير للصحفيين الأجانب والمنظمات الناشطة والجماعات العرقية الأخرى، كما اتضح أعلاه.

لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد شتات لا يستهان به له روابط بشينجيانج. ففي آسيا الوسطى، حيث يشار إلى الهوي عمومًا باسم «الدونجان»، ويوجد أكثر من مئة ألف يقيمون على الحدود بين كازاخستان وقرقيزستان. وهؤلاء السكان الذين انقسموا بين البلدين، هم أحفاد أولئك الذين فروا من الصين في أواخر القرن التاسع عشر هربًا من اضطهاد أسرة تشينج الحاكمة.

وعلى الرغم من أنه قد يكون من المبالغة القول إنهم حافظوا على علاقات وثيقة للغاية مع الصين، إلا أن هناك عددًا كبيرًا من العلاقات التجارية موجودة، وفي بعض الحالات، يجري تعزيزها بعلاقات عائلية يعتقد أنها أصبحت ممكنة بفضل فترات تحرر تاريخية معينة (مثل سقوط الاتحاد السوفيتي وانفتاح الصين). وعلى الرغم من هذا، لا ترفع هذه المجتمعات أصواتها تقريبًا للكشف عن القمع الذي تتعرض له أقلية الهوي. 

روايات الشهود بين الواقع والخيال

لا يتردد هوسي داوروف، رئيس جمعية دونجان الكازاخستانية، التي تربطها علاقات شراكة تجارية وثيقة مع الصين وتنشر Silk Road Today – وهي صحيفة يبدو أنها، من بين أمور أخرى، تردد خطاب وسائل الإعلام الحكومية الصينية حول شينجيانج – في مناقشة القضايا أو الاعتراف بأن السياسات الأخيرة في شينجيانج كانت «صارمة». وعندما سئل عما إذا كان الأشخاص الذين يعرفهم قد تأثروا (يسافر داوروف إلى شينجيانج شهريًا)، تحدث عن صديق، يبلغ من العمر 70 عامًا، وابن هذا الصديق، وهو رجل أعمال، أمضيا عامًا في المعسكر لأنه سبق لهما أن ذهبا لأداء فريضة الحج دون موافقة. 

وتذكّر لقاء معهما بعد الإفراج عنهما، غير أنه قدم رواية مختلفة تماما عن التقارير المعتادة؛ وهي صورة يُجبر المحتجزون فيها على الدراسة لمدة ست ساعات في اليوم  ولكنهم يحصلون على بدل يومي قدره 80 رينيمبي (11 دولارًا) للغذاء (الوجبة العادية في شينجيانج لا تكلف سوى 10 إلى 20 رينيمبي) والمساعدة الفورية في المستشفى، حتى لو كانت الإصابة بسيطة مثل البرد. وقال: إن الابن تعلم مهنة جديدة، وتعلم الأب البالغ من العمر 70 عامًا بعضًا من اللغة الصينية.

 

 

ونقل داوروف عن صديقه قوله: «لقد أخبرني أنهم (موظفو المعسكر) عاملوهما بأقصى درجات الاحترام ولم يتركوا ذرة من الغبار تلامس ملابسهما». ويعتقد داوروف أن الكلمات حقيقية لأن المحادثة كانت غير مراقبة.

وفقًا لداوروف، يمكن تفسير صمت الهوي في الشتات بحقيقة أن أعداد المعتقلين من الهوي ليست عالية، وأولئك الذين يحتجزون إنما يجري اعتقالهم أساسًا «لأسباب ازدواج الجنسية» (وهو تفسير سبق أن قدمته سلطات كازاخستان عند تبريرها عمليات احتجاز مواطني كازاخستان في شينجيانج، ثم قوضته الوثائق الداخلية المسربة في وقت لاحق). وقال إنه لم يأت إليه أحد من الهوي المحليين ليشكو إليه.

قال أبو بكر وونتسي، رئيس جمعية دونجان كازاخستانية أخرى تعمل من «دار الصداقة» في ألما أتا، ويرسل بانتظام الطلاب للدراسة في لانتشو، بإقليم جانسو، إن أحدًا من مجتمع الهوى المحلي لم يأت إليه بأي من المشاكل المتعلقة بشينجيانج.

العلاقات التجارية سبب وجيه للصمت 

غير أن هناك أسبابًا أخرى محتملة للصمت. إذ أشار أحد ممثلي مجتمع الهوي في قيرغيزستان، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إلى ثلاث جماعات رئيسية من الهوي في آسيا الوسطى إزاء الأحداث التي وقعت في شينجيانج: قادة الطائفة الذين تربطهم صلات تجارية وثيقة مع الصين ويفضلون البقاء غير مسيسين حتى لا يعرضوا مصالحهم وعلاقاتهم للخطر؛ وأولئك الذين يرون الأحداث على أنها اضطهاد ديني ولكنهم يتحدثون عنها فقط في دوائرهم الخاصة لتجنب ضغوط السلطات المحلية.

وهؤلاء، وهم بضع عشرات فحسب، الذين يعتبرون من المواطنين الصينيين ويخشون العودة إلى الصين، مع تحديد أولوياتهم بالحصول على الجنسية المحلية. وفقًا لهذا المصدر، فإن عدم وجود «موافقة شيوخ الهوي على المناقشات السياسية» هو الذي منع أولئك الذين لديهم أصدقاء أو أقارب محتجزون من التحدث عن الأمر أو اتخاذ أي إجراء.

ولخص الرجل الأمر بقوله «لا يجري إثارة هذه القضية بسبب العلاقات التجارية الوثيقة وابتعاد الهوي المطلق عن السياسة. لكن الحقائق موجودة، وهي أكثر من أن تكون مجرد عدد قليل».

اجمالي القراءات 842
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق