يمثل مقطع فيديو متداول على الصفحات الإخوانية بمواقع التواصل الاجتماعي للدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور، الذراع السياسية لـ"الدعوة السلفية" انقلاباً للحزب على ثورة 30 يونيو وخارطة الطريق التي شارك فيها النور منذ البداية.

الفيديو مدته 60 ثانية لا غير، ويحمل فيه مخيون بشدة على النظام الحالي، ويصفه بأنه أسوأ من نظام الرئيس المعزول محمد مرسي.

ويعكس المقطع تخبط "النور" في مواقفه وتحركاته، ويظهره كما لو كان راقصاً على سلالم السياسة ولاعباً على كل حبائلها، وهذا ليس جديداً بل كثيراً ما تم ضبط "النور" متلبساً بمواقف "سرية" تتناقض مع مواقفه العلنية، منها ما أدى في وقت سابق إلى انشقاقات داخلية واستقالات جماعية لنحو 150 من قادته وأعضائه الفاعلين الذين هجروه على خلفية انكشاف لقاء تنسيقي سري جمع برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية وآخرين بالحزب مع المرشح الرئاسي الخاسر الفريق أحمد شفيق قبيل الانتخابات الرئاسية على عكس الموقف العلني للحزب الذي كان مناهضاً لشفيق.

المنشقون قاموا بتأسيس حزب "الوطن" السلفي مدعومين آنذاك إخوانياً ومن الشيخ حازم أبوإسماعيل.

ورقة حماية الشريعة وزرع اللغم

وأكد الأمين العام لاتحاد علماء الصوفية الأزهري الشيخ أشرف سعد أن "النور" دائماً يلعب على كل الحبال، فقد أرسل وفداً منذ عدة أشهر إلى أميركا سعياً إلى دعمها للحلول محل جماعة الإخوان، فالسلفيون منذ تكوينهم لهم أطماع سياسية ويفكرون في الحكم مثل الإخوان تماماً بفارق واحد بينهما، وهو أن الإخوان بعكس السلفيين يمارسون السياسة علناً، ولكن بعد ثورة 25 يناير دخل "النور" لعبة السياسة علناً لأنها صارت بلا قيود ولا خسائر، لافتاً إلى أن السلفيين بشكل عام ومنهم "النور" يحسبون خطواتهم رغبة في عدم الخسارة أو التضحية بأي مكاسب سبق لهم الحصول عليها .

وأضاف سعد أن جميع هذه الأحزاب تلعب في عالم السياسة عن طريق العبث بالمشاعر الدينية، استغلالاً للأمية الدينية لدى أغلب المصريين، ما جعلهم يحققون مكاسب شعبية بالاستخدام الديني للمساجد والمنابر الإعلامية وكسب معاركهم السياسية، وقد انهارت مكاسبهم كلها لأنها كانت بلا أساس.

وأوضح أن السلفيين يلعبون الآن بورقة "حماية الشريعة" في حين أن الحفاظ على الشريعة لا يحتاج للسلفيين أو حتى الإخوان، فالشريعة لا تُحمى بالدستور ومواده.

وكشف أن الرغبة الحقيقية لحزب النور هي الإبقاء وزرع اللغم في الدستور المصري وهى المادة 219 الشهيرة التي تؤدي حال الأخذ بها إلى كوارث قانونية قد تصل إلى حد هدم القضاء المصري.

وريث غير شرعي للإخوان

وأفاد الدكتور نشأت الديهي، أستاذ العلوم السياسية مدير مركز أبحاث الثورة، بأن حزب النور دائماً يسعى لإرضاء جميع الأطراف ما يوقعه في التناقضات، وهو يفعل ذلك أملاً في وراثة مكانة الإخوان في الشارع المصري، فقد حضر "النور" خارطة الطريق يوم 3 يوليو/تموز الماضي ليقول إنه مع عزل مرسي إرضاءً للجيش ومجاملة لأنصار 30 يونيو، ثم ها هو يطالب بعدم حذف المادة 219 مخاطباً الشباب المنتمي للتيارات الإسلامية المختلفة الغاضبين منه لإعلانه عدم التظاهر ضد الحكومة الحالية.

ولا يستبعد الديهي نجاح حزب النور في مسعاه، لخلوّ الساحة السياسية تماماً أمامه في ظل فقدان القوى السياسية لمصداقيتها، لكنه يستدرك بأن النور "وريث غير شرعي" للإخوان لأنه يمارس السياسة بالتفاف والتواء عن طريق "الشريعة".

وذكر الدكتور طه عبدالعليم، الباحث بمركز الأهرام الاستراتيجي، أن حزب النور دفع ونجح في دستور 2012 بالتحالف مع الإخوان نحو زرع أسس الدولة الدينية التي تعلو فيها فتاوى الفقهاء على نصوص الدستور، والسلطات المنتخبة، ومن ذلك المواد التي تقيد حرية العقيدة وتنتقص المساواة بين المرأة والرجل.

وتنبأ بأن "النور" في لجنة الخمسين سوف يدفع في الاتجاه نفسه، لكنه لن ينجح هذه المرة.