دراسة خطيرة: السفير الأمريكى الجديد تورط فى إثارة الفتنة الطائفية فى مصر

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٤ - أغسطس - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الوطن


دراسة خطيرة: السفير الأمريكى الجديد تورط فى إثارة الفتنة الطائفية فى مصر

صورة ارشيفية

فى إطار رصده لسيناريو التدخل الأمريكى المتصاعد فى الشأن الداخلى المصرى منذ ثورة 30 يونيو، كشف المركز العربى للدراسات والتوثيق المعلوماتى، فى دراسة حديثة وخطيرة، عن أن أخطر صور وقرارات التدخل هو تعيين روبرت ستيفان فورد سفيراً جديداً للولايات المتحدة فى مصر بدلاً من السفيرة آن باترسون.

مقالات متعلقة :

وقالت الدراسة: إذا كانت «باترسون» أطلقت لنفسها العنان للتدخل فى كل صغيرة وكبيرة فى مصر بما فيها دعم قيادات الإخوان فإن السفير فورد لهو أدهى وأنكى.

وأضافت أنه اختيار ممنهج، وإذا ما أريد معرفة دوافع هذا الاختيار على حقيقته فلا بد من الرجوع إلى خلفية هذا الرجل وقراءة سيرته والأدوار التى قام بها فى عدة دول عربية فى الجزائر والبحرين ومصر والعراق وسوريا وتركيا، والصراعات التى تسبب فى تأجيجها فى عدد من مناطق العالم، إذ يوصف الرجل بأنه مهندس إثارة الصراعات والتوترات بين مكونات المجتمع وبين الدول.

فى الجزائر، مارس أنشطة وقام بأعمال تخرج عن قواعد العلاقات الدبلوماسية بل واللياقة فقد تدخل فى كل شىء حتى فى عمل الدراسات وطاف جل مدن الجزائر، وكان له دور خطير فى توليد التوترات بين الأقباط والمسلمين فى مصر، وكذلك فعل فى العراق.

لكن من هو روبرت ستيفان فورد؟

يطلق الباحث العربى الدكتور على كامل، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون، على السفير الأمريكى الجديد فى القاهرة وصف «الرجل الغامض» و«رجل المهمات الصعبة والخفية».

هذا التوصيف لم يأتِ من فراغ وإنّما يتأسس على جملة من الخلفيات والمهمات التى أسندت إليه من قبل، فى تركيا ثم البحرين ومصر ثم الجزائر ثم العراق وعودة أخرى إلى الجزائر بدرجة سفير ثم دمشق، من المفيد الإشارة هنا إلى أهم هذه الخلفيات، وإلى أبرز المهام التى أوكلت إليه وتم التمويه عليها وتقنيعها بستارة دبلوماسية وموقع سياسى.

فى ضوء شهادة الدكتور كامل سالفة الذكر المستندة بقوة على السيرة الذاتية للرجل والمعرفة الكاملة لموقعه فى السلك الدبلوماسى الأمريكى فإن أبرز ما يمكن تسجيله هنا:

1- أن روبرت فورد، حسب سيرة حياته، هو من مواليد مدينة ماريلاند، وهو حائز شهادة الماجستير فى الاستشراق من جامعة هوبكنس فى عام 1983 وهو متزوج من «أليسون باركلى» التى تعمل هى الأخرى بوزارة الخارجية الأمريكية، ويجيد «ستيفان» عدة لغات، فى مقدمتها اللغة العربية والتركية، بالإضافة إلى الألمانية والفرنسية.

وسبق له أن عمل ضابطاً فى وكالة الاستخبارات المركزية قبل أن ينتدب فى «الخارجية» ليعمل فى السلك الدبلوماسى الخارجى، وعمل فى سلك آسيا وتخصص فى الشئون الإسلامية، وخاصة لدى دول مثل السعودية وتركيا وإيران ومصر.

وانتدب للعمل فى وزارة الخارجية فى عام 1985 بعد ذلك عمل قنصلاً فى مدينة أزمير التركية ثم رئيس البعثة الدبلوماسية فى البحرين ثم بمصر كملحق إعلامى ما بين عام 1988 و1992.

انصب جهده على استقطاب الصحفيين المصريين للكتابة لصالح الولايات المتحدة وإبراز مآثرها على مصر، كما أبدى عناية خاصة بنشاط الجماعات الإسلامية فى مصر الممارسة للعنف، وكذلك الجماعات الإسلامية السياسية مثل «الإخوان».

فى عام 1996 أو ما يقرب من هذا التاريخ عين فى السفارة الأمريكية بالجزائر كمسئول عن الشئون الثقافية، تزامن هذا التعيين ووصوله إلى الجزائر مع تطورات داخلية خطيرة كانت تشهدها الساحة الجزائرية جراء موجة العنف والإرهاب التى كانت تتلاطم أمواجها فى كل أنحاء الجزائر.ونُقل عن مستشار الأمن القومى الأسبق ومساعد وزير الخارجية الأمريكى الأسبق «مارتين أنديك» نص مهم فيه ما يكفى لإنارة ما هو خافٍ من جوانب هذا التعيين، حيث قال: «كان يتعين وجود عين ثاقبة النظرة وحادة البصر والبصيرة فى الجزائر التى تفشى فيها وباء الإرهاب و(فورد) أحسن من يشخص هذا الوباء ومدى خطورته ليس على الداخل بل أيضاً خارج حدود الجزائر».

كانت تقاريره عن الوضع الجزائرى تضخ إلى «الخارجية» الأمريكية ليصار بعد ذلك إلى إحالتها إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية التى كانت تتابع هذا الوضع باهتمام زائد.

تدل التقارير التى قرأها أحد المتخصصين فى شئون الأمن القومى العميد المتقاعد أكرم حسين الذى تولى تحليلها على أن «فورد» حظى بتقدير عال من جانب وزيرى الخارجية السابقين (كريستوفر ومادلين أولبرايت) إلى جانب تقدير المسئولين عنه فى وكالة الاستخبارات المركزية، بعد انتهاء مهمته فى الجزائر عام 2000 وبعد تولى الإدارة الجمهورية برئاسة «جورج ووكر بوش» مقاليد الأمور فى البيت الأبيض عاد إلى عمله فى الوكالة، وهنا يجب أولاً تبيّن الهدف من عودته إلى الاستخبارات إذ تزامنت هذه العودة مع بدء التحضيرات والاستعدادات لاتخاذ إجراء عسكرى ضد العراق لمجرد تشكيل الإدارة الجديدة والشروع فى وضع الخطط والتقديرات لاجتياح العراق حتى قبل هجمات سبتمبر 2001.

وتركز عمله فى الوكالة على عدة جوانب تتعلق بالعراق من أهمها: 1- إعداد تقديرات موقف حول القوى الإقليمية من استخدام خيار القوة العسكرية لإسقاط النظام فى العراق لذريعة تطويره لأسلحة الدمار الشامل ونسج علاقات مع تنظيم القاعدة وهذه الدول هى إيران والأردن وتركيا وباكستان بالإضافة إلى دول الخليج ومصر.

وجاء تعيينه ضابط اتصال مع قيادات قوى المعارضة العراقية ومن بينهم إياد علاوى وقادة آخرون مثل أحمد الجلبى ووفيق السامرائى وعبدالعزيز الحكيم وإبراهيم الجعفرى ونورى المالكى، وكذلك قيادات كردية تمثل مسعود البرزانى وجلال الطالبانى وبالذات هوشيبار زيبارى.

وعلى ضوء هذه المهمة كان «فورد» ينشد من وراء الاتصالات المكثفة مع هذه القيادات جمع المزيد من المعلومات عن الأوضاع فى العراق لرسم صورة أقرب إلى الواقع للاستفادة منها فى نطاق عملية الهجوم على العراق وكذلك توظيف هذه القوى فى نطاق تلك العمليات.

- بعد احتلال العراق فى أبريل 2003 وتعيين «بول بريمر» حاكماً على العراق وافتتاح سفارة أمريكية فى بغداد أعيد «فورد» إلى الخارجية استعداداً لنقله إلى بغداد ليتولى منصب سكرتير أول فى السفارة، كان ذلك بداية عام 2004.

لتفهم أبعاد مهمته فى العراق يلزمنا استحضار كلمة هى أقرب إلى التوجيهات رددها على مسامعه وزير الخارجية الأمريكى الأسبق «كولن باول» وبحضور مستشارة الأمن القومى آنذاك «كوندليزا رايز»: «نحن نلقى على عاتقك مهمة جسيمة وندرك سلفاً أنك أهل لها وهى مهمة استراتيجية فى العراق وأستطيع أن أجزم أننا اخترنا الرجل المناسب فى المكان المناسب»

المهمة كما حددها وزير الخارجية السابق وبالتنسيق مع مجلس الأمن القومى وبالطبع اطلاع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تحددت خارج إطار العمل الروتينى للدبلوماسى بدرجة مستشار أول. انتقل فى عام 2004 وتحديداً فى شهر يناير إلى العراق، وقد وصفت مهمته بالعراق بأنها مهمة على جانب كبير من الخطورة وذات طابع استراتيجى.

يمكننا على ضوء ما تقدم وما تمّ تناوله من قبل العديد من الأوساط الأمريكية فإن مهمته فى العراق كانت ذات طابع سياسى وأمنى.

فعلى الصعيد السياسى، التنسيق مع القوى السياسية التى تبوأت موقعها على الخارطة السياسية بعد اجتياح العراق من أجل إشراكها فى أول حكومة مؤقتة تشكلت برئاسة إياد علاوى وشاركت فيها قوى وأطياف وشخصيات مختلفة، كانت مهمته على هذا الصعيد التوفيق بين هذه القوى أى تشكيل حكومة مؤقتة تمهّد لانتخابات برلمانية عامة ولصياغة الدستور، وقد نجح فعلاً فى التقريب بين أحزاب مثل الحزب الديمقراطى الكردستانى والاتحاد الوطنى الكردستانى والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية برئاسة باقر الحكيم وحزب الدعوة والحزب الإسلامى وشخصيات مثل غازى الياور.

وعلى الصعيد الأمنى، شكّل داخل السفارة خلية أزمة ضمّ إليها عناصر من السفارة وضابطاً من وكالة الاستخبارات المركزية التابعة لقيادة القوات الأمريكية فى العراق وضابطاً من الوكالة المركزية للاستخبارات «CIA» يدعى «جون براون»، هذه الخلية تولّت مهمة جمع معلومات ميدانية وافية عن الحركات المسلحة العراقية فى منطقة غرب وشمال العراق وعن قادتها وكوادرها وهياكلها وتسليحها ومصادر الدعم.. وتعددت المصادر التى جنّدت لهذه المهمة ومن بينها:

- استخبارات البشماركة الميليشيا الكردية المسلحة التابعة لمسعود البرزانى ولجلال الطالبانى.

- قوات بدر التى يقودها العامرى وهى ميليشيا مسلحة تابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية فى العراق المدعومة من إيران.

- عناصر من عشائر الدليم والجبور والعبيدى والألوسى التى تعاونت مع القوات الأمريكية فى العراق.

تزعم بعض المصادر العراقية أن «فورد» يتحمل مسئولية كبيرة فى الأحداث الطائفية فى العراق، وخاصة بين السنة والشيعة حيث دأب على عقد لقاءات بقيادات شيعية فى بغداد وفى محافظات أخرى ليحضرهم على السنة وتحميلهم مسئوليات التفجيرات التى تستهدف القوات الأمريكية والشيعة على حد سواء.

ويقول الباحث العراقى صباح ناجى إن «فورد» كان يلتقى أيضاً بقيادات سنية ليؤلبها ضد الشيعة ملفقاً الروايات عن اعتزامهم اقتراف مذابح جماعية ضدهم.

عاد إلى الولايات المتحدة عام 2006 ولدوره فى العراق حصل على عدة أوسمة تقدير وشهادات شرف من وزيرة الخارجية فى ذلك الوقت (رايز) ومن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية.

وأضافت: لن يجادل كثيرون ممن هم على اطلاع ومتابعة لموقف إدارة أوباما من نظام «مرسى» أن وراء هذا الحراك الأمريكى أهدافاً تتناقض وتتضاد مع أهداف الثورة المصرية فى التحرر من الارتهان بالإرادة الخارجية وعلى رأسها الإرادة الأمريكية.

التدخل، بحسب تحليل الباحث فى الشئون الأمريكية وأستاذ العلاقات الدولية الدكتور فاروق العبيد، لا يهدف لبناء نظام ديمقراطى، كما تزعم واشنطن، وإنما لإنقاذ حركة الإخوان المسلمين وانتشالها من سقوطها نظراً لاقتناعها بأن دور الإخوان هو تدمير الدولة المصرية وتقويض الجيش المصرى وهو دور يمارسه الإخوان فى سوريا وفى ليبيا وفى تونس.

مثل هذا الهدف يحقق مصالح استراتيجية علياً للولايات المتحدة ولإسرائيل إعمالاً لنظرية الرئيس الأمريكى باراك أوباما القائلة: «من الولايات المتحدة وأمن إسرائيل أمن واحد لا يتجزأ ولا ينفصل أحدهما عن الآخر».

الدراسات الاستقصائية فى كل من الولايات المتحدة معهد واشنطن ومؤسسة راند وفى إسرائيل معهد أبحاث الأمن القومى شددت على أن انزلاق مصر إلى الفوضى والصراع الداخلى يحقق مصلحة مشتركة إذا كان سيحول دون ظهور قيادة عسكرية طموحة على غرار القيادة التى استولت على السلطة عام 1952.

وقالت: وضح للجميع أن الجزء الأكبر من هذا التدخل يأتى استجابة لدعوة واستدعاء من قيادات الإخوان الذين أقاموا شبكات وقنوات اتصال مع الإدارة الأمريكية الحالية وعلى مدى سنوات حتى فى عهد جورج بوش «الابن».

كان يرفع تقارير للمخابرات الأمريكية تحت غطاء عمله مسئولاً ثقافياً بالجزائر

كما أن هذا الاستدعاء انطلق أيضاً من خارج مصر من قبل حركة الإخوان فى تركيا وتونس وليبيا وقطر والحركات المنتشرة فى أوروبا.

والأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل وصل الأمر إلى أن مواقف شخصيات تصنف بالليبرالية داخل السلطة الجديدة تسهل مهمة التدخل الخارجى تحت ذريعة الانفتاح على الخارج والإصغاء إلى صوت الأصدقاء الأمريكان والأوروبيين حتى ولو كان ذلك على حساب انتهاك سيادة الدولة المصرية.

وهناك العديد من الإشارات داخل الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية، كما يشير الباحث الدكتور مروان حسين، إلى أن محمد البرادعى نائب الرئيس ونبيل فهمى وزير الخارجية وحتى حازم الببلاوى هم من الخط الليبرالى الذين يبدون الاستعداد للتفاعل مع هذا التدخل إلى مستوى قبول نصائح بإعادة إدماج «الإخوان المسلمين» فى النظام السياسى الجديد، أكثر من هذا ابتلع هؤلاء الطعم الغربى بأنه إذا لم تعمل بهذه النصيحة فإن مصر ستنزلق إلى الفوضى وإلى صراع قد يطول ويتصاعد.

المقابلة التى بثت هذا اليوم 3 أغسطس مع «البرادعى» من قبل صحيفة «واشنطن بوست» وما تحتويه هذه المقابلة يكشف عن هذا الارتخاء بل هذا التباين والتفاوت فى الموقف بين القيادات السياسية والقيادات العسكرية فى مصر.

وليس صدقة أن يتزامن هذا التدخل الأمريكى الغربى مع مستند سرى إسرائيلى أعدته وحدة الأبحاث فى شعبة الاستخبارات العسكرية التى يقودها العميد إيتى بارون.

المستند الذى أُعد تحت عنوان «مصر نحو نفق مخيف ومرعب»، يكشف وفقاً لمصادر إسرائيلية فى القاهرة أن حركة الإخوان شكلت ميليشيات الموت فى العديد من المحافظات وأن ما تقوم به الآن فى القاهرة وسيناء هو مجرد بداية متواضعة. وقال المستند (تقدير موقف) المقدم إلى الحكومة الإسرائيلية الأحد 4 أغسطس إن الميليشيات المسلحة للإخوان تضم عشرات الآلاف وبضع انتحاريين.

وخلصت إلى أن التدخل الأمريكى المكثف والمتصاعد والمعزز بالتدخل الأوروبى ستكون له نتائج وخيمة نظراً لأنه يعيق ويعرقل جهود السلطة الجديدة لإعادة بناء مصر اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً بينما تحقن حركة الإخوان المسلمين وحلفاؤها السلفيون بمزيد من أمصال القوة من أجل التدمير والتقويض.

اجمالي القراءات 3037
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق