سياسة «الخوذة والحزام»- المباركية تقتل طفلة بريئة

اضيف الخبر في يوم السبت ١٢ - ديسمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


سياسة «الخوذة والحزام»- المباركية تقتل طفلة بريئة

اغتيال «طفولة» مريم بـ «لودر الإصلاح الزراعى» 


مقالات متعلقة :

كانت «مريم» تلهو وحدها فى البيت، تعبث بأشياء صغيرة على قدر كفين عمرهما عامان فقط، تسمع أصواتاً فى الخارج فتعتقد أن أمها عادت، تقول لعروستها: «ماما جت»، لكن أمها لم تفتح الباب، وفجأة هزم الضجيج سكون المكان، ودخل الفزع إلى قلبها الصغير بلا استئذان، وانهار السقف على رأسها وتهدمت الجدران.

لم تعرف مريم أن خارج المنزل «لودر» ضخماً تابعاً لهيئة الإصلاح الزراعى، جاء إلى قريتها التابعة للتل الكبير بمحافظة الإسماعيلية، ليهدم المنزل لأن القانون يراه «مخالفاً».

عادت أنعام حامد عبدالله إلى منزلها فى قرية الشروق، لتفاجأ به ركاماً وأطلالاً، بينما عقلها المصدوم يفكر فى طفلتها التى تركتها تلهو وحدها.

تقول الأم لـ«المصرى اليوم»: «ذهبت لمنزل شقيقى وتركتها تلعب وحدها وغبت عنها لحظات لأفاجأ بلودر وسيارة شرطة ولجنة إزالة تهدم المنزل دون سابق إنذار، وسارعت أبحث عن مريم لأجدها بين ركام تئن بين الحياة والموت، ولم أشعر بنفسى وأغمى علىّ فور رؤية ابنتى والدماء تسيل من كل جسدها ولم أفق سوى على مشهد رقدتها على سرير بمستشفى جامعة قناة السويس، ولا أدرى بأى ذنب تعرضت للقتل».

قال والد مريم، عامل بمصنع غزل ونسيج فى المنطقة الصناعية بمدينة الإسماعيلية: «كل ما يهمنى الآن إنقاذ ابنتى من الموت وأخبرنى عدد من الأطباء أنها تحتاج إلى عناية فائقة فى مستشفيات القاهرة، وأنا لا أملك سوى راتبى، وتقريرها الطبى أكد إصابتها بشرخ بالجمجمة وكدمات بالمخ».

من جانبه، حمل حمدى سليمان، رئيس قرية الشروق، مسؤولى الإصلاح الزراعى مسؤولية ما حدث، وقال اللواء وهبة سعد، رئيس مركز ومدينة التل الكبير: «الموضوع فى النيابة وعلينا انتظار التحقيقات، ولكنى غير مسؤول عما حدث، لأنى لم أصدر قرار إزالة من مجلس المدينة».

المصرى اليوم» فى قرية الطفلة ضحية «لودر الإزالة»: مريم تدخل فى غيبوبة.. والأهالى يطالبون بالقصاص من المسؤولين
 

دخلت الطفلة «مريم» ضحية لودر الإزالة التابع للإصلاح الزراعى بقرية الشروق بالإسماعيلية فى غيبوبة وتم نقلها إلى غرفة العناية المركزة بمستشفى جامعة قناة السويس بعد إصابتها بتشنجات وانخفاض فى نسبة الوعى بدرجة كبيرة، واستدعى الدكتور محمد الزغبى، رئيس جامعة قناة السويس، فريقاً من أساتذة المخ والأعصاب بكلية الطب للإشراف على الحالة طوال الأربع وعشرين ساعة القادمة.

وقال الدكتور خليل على خليل مدير المستشفى لـ«المصرى اليوم» إن حالة مريم حرجة، لكنها مستقرة وأن الكدمات بالمخ كانت شديدة ومؤثرة وأدت إلى تجمع دموى به وتجرى محاولات للحفاظ على استقرار حالتها.

وأعلن مستشفى البنك الأهلى للرعاية المتكاملة بالقاهرة، التابع للأمانة العامة للمراكز المتخصصة بوزارة الصحة استعداده لعلاج مريم، وقالت ريم الحفناوى، مسؤولة العلاقات العامة بالمستشفى، إن الدكتور شريف مكاوى، أستاذ جراحة المخ والأعصاب بالقصر العينى، وافق على إجراء أى جراحات بالمخ والأعصاب لها بالمجان لافتة إلى أن المستشفى على استعداد فورى لإستضافة مريم وأسرتها فى أسرع وقت.

وواصلت نيابة التل الكبير تحقيقاتها فى البلاغ المقدم من عائلة الطفلة، الذى اتهم فيه والدها مسؤولى لجنة الإزالة بالتسبب فى إصابة ابنته بإصابات.

واستمعت النيابة لأقوال أعضاء اللجنة التى تضم سائق اللودر «ياسر محمد محمد» ومسؤولى الوحدة المحلية ومجلس مدينة التل الكبير الذين أكدوا خلال التحقيقات أنهم كانوا فى مهمة تنفيذ قرار إزالة للمنزل، ونفوا علمهم بوجود الطفلة بداخله وأنهم سارعوا بإبلاغ الشرطة، بما حدث وقررت النيابة إخلاء سبيلهم على ذمة التحقيقات، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة كما طلبت تقريرا طبيا عن حالة الطفلة المصابة، وحصلت «المصرى اليوم» على نسخة من التقرير تشير إلى إصابتها بكدمات بالمخ وشروخ بالجمجمة.

وما زالت أجواء الغضب تسود أرجاء القرية ومواطنيها الذين احتشدوا أمام منزل الطفلة بقرية الشروق بمركز التل الكبير وطالبوا بالقصاص لها، وتدخل اللواء عبدالجليل الفخرانى محافظ الإسماعيلية لمحاسبة المسؤولين عن الجريمة.

واختفى مسؤولو الوحدة المحلية للقرية والعاملون بها استجابة لمطالب أمنية، خوفا من أى تداعيات لغضب الأهالى، وانتقلت «المصرى اليوم» إلى منزل مريم ومنزل خالها الذى تم إزالته وسقطت تحت أنقاضه.

وقال أحمد حسين، أحد الجيران: «شاهدت سيارات ولودر الإزالة تهدم منزل جارى أحمد حامد، ولم يكن موجودا به وخلال وقت لم يتجاوز ٥ دقائق كان المنزل ركاما، وعندما اقتربت سمعت صوت أنين يصدر بين الحجارة وفوجئت بمريم غارقة فى دمائها وتصدر صوتا كأنه «حشرجة» الموت.

وأضاف: «سارعت بحملها وشاهدتنى والدتها التى أنهارت وأغمى عليها واحتشد عدد من الجيران على صراخى لنحملها بسرعة إلى مستشفى القصاصين ومنه إلى المستشفى العام ومنه إلى الجامعى بين الحياة والموت».

وأشار إلى أن أعضاء لجنة الإزالة لاذوا بالهرب، بمجرد أن شاهدونى أحمل مريم بين الأنقاض، وعندما صرخت فيهم ألومهم تركونى قائلين «مالناش دعوة».

وقال محمد حامد خال مريم وشقيق أحمد صاحب المنزل الذى شهد الواقعة: «كنا نتناول الغداء وفجأة ودون سابق إنذار دخل لودر الإزالة وبدأ فى هدم المنزل، ولم يمنحونا الفرصة لإخلائه وكانت مريم تلهو بداخله وحدها ولم نلاحظ غيابها سوى بعد إزالة المنزل عندما بحثنا عنها فلم نجدها إلا وهى غارقة فى دمائها تحت أنقاض المنزل».

وطالب هيثم قراجة ابن عم مريم بإحالة مسؤولى لجنة الإزالة لمحاكمة عاجلة متسائلاً عن الدراسة الأمنية التى يجب أن تتم فى حالات الإزالة والحرص على أرواح المواطنين وتابع: «دم مريم لن يذهب هدرا وذنبها فى رقاب أعضاء اللجنة».

وعلى أحد أحجار المنزل المنهار جلس «الهادى إبراهيم عبد المجيد» جد الطفلة مريم حزينا وقال: «كنت راجع من الأرض إلى منزلى القريب من منزل خال مريم وسمعت صراخاً شديدا من المنزل، وقال لى الجيران إن مريم ماتت وقابلنى خالها يحملها بين يديه وعلى الفور توجهنا بها إلى المستشفى الجامعى بعد تحويل من مستشفى القصاصين والإسماعيلية العام لعدم وجود قسم للمخ والأعصاب بهما».

ولم تتمالك فتحية السيد سليمان زوجة خال مريم نفسها من الدموع وهى تتذكر اللحظات الرهيبة – على حد قولها - لاستخراج مريم من تحت الركام وتشير إلى مشهد هروب أعضاء اللجنة من موقع المنزل المنهار بدلا من المساعدة فى إنقاذها.

وتدخل أحمد حامد عبدالله، خال مريم وصاحب المنزل المنهار الذى تمت إزالته مبررا عدم تعرض أى من أفراد العائلة لأعضاء الحملة وطلب منحهم الفرصة لإخلاء المنزل قائلا: «يا بيه إحنا ناس غلابة ولو هت فينا عسكرى بنخاف».

وأضاف أن المنزل الذى تمت إزالته كان مأواه الوحيد له ولأسرته والذين أصبحوا فى مهب الريح، ولكن كل ذلك لا يعنيه وانه يدعو الله لإنقاذ مريم من الموت لأن كل ده لا يساوى «ضفر مريم» - حسب قوله.

أما ظريفة حسن، عمة مريم، فجلست برفقة عدد من نساء القرية فى انتظار وصول أخبار عن حالة مريم من المستشفى الجامعى وهن يرفعن أيديهن بالدعاء واكتفت بقول «حسبى الله ونعم الوكيل».

وكان مشهد «أم الفرح قراجة» والدة جدة مريم ذات التسعين عاما مؤثرا وهى تمسك بعكازها أمام أبنتها أم أسامة والد مريم وهى تدعو الله أن يشفى الطفلة.

وقالت: «مريم كانت قدامنا يوم الإزالة وكنت أحكى مع ابنتى عن أبنها أسامة والد مريم وعن حلمها بالبحث عن وظيفة له قريبة من منزله بالقصاصين ليتمكن من البقاء مع نجلتيه مريم وسماح، وفجأة سمعنا صراخاً وعويلاً ليخبرونا بالخبر المشئوم بسقوطها تحت الأنقاض ولم استطع الحركة لكبر سنى، وكذلك ابنتى والدة أسامة وجدة مريم، والتى تعانى من آثار عملية جراحية فى الأمعاء». وتضيف: «أنا عارفة أنها بين أيد الله الآن ويارب أنت شافى مريم دى روحى فيها».

ووصف محمود سليم وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب ونائب الدائرة الثانية التى تقع بها القرية، ما حدث لمريم بالمهزلة، مطالبا بالتحقيق مع مسؤولى الإزالة وتحديد الجهة صاحبة الإزالة، وأعلن تقديمه بيانا عاجلا بالمجلس عن غياب الدراسات الأمنية فى حالات الإزالة وانضم له نائبا الشعب الدكتور حمدى إسماعيل وصبرى خلف الله اللذان طالبا المحافظ بتنفيذ تعليمات اللواء عبدالسلام المحجوب وزير التنمية المحلية الذى أعلن لهما صراحة أن على الدولة أن توفر مسكناً بديلاً للمواطن فى حالة إزالة المسكن الذى يسكنه كما فى حالة خال مريم.

وانتقد الدكتور حمدى ما وصفه بسياسة «الخوذة والحزام» فى إشارة إلى قيام الأمن بتولى ملف الإزالات دون رحمة مطالبا بتوفيق أوضاع المخالفين منعا لتكرار تلك الحادثة فى المحافظات، وحذر خلف الله مما وصفه بخطورة تطبيق قانون البناء الموحد دون مراعاة البعد الاجتماعى وروح القانون.

اجمالي القراءات 5651
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   السبت ١٢ - ديسمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[44113]

ساويرس يعرض علاج مريم على نفقته الخاصة بالخارج

تلقى الدكتور محمد الزغبى رئيس جامعة قناة السويس، اتصالا هاتفيا من رجل الأعمال المصرى نجيب ساويرس، طرح من خلاله رغبته فى علاج الطفلة مريم ضحية بلدوزر الوحدة المحلية بالإسماعيلية على نفقته الخاصة، وسفرها بطائرته الخاصة أيضا للعلاج بفرنسا. جاء ذلك أثناء قيام الدكتور الزغبى بزيارة مريم للاطمئنان على حالتها برفقة وفد من أساتذة كلية الطب فى العظام والمخ وتخصصات مختلفة، حيث أكد الزغبى أن حالة مريم ما زالت حرجة حيث تعانى من كدمات وكسور خطيرة وترقد حاليا بالعناية المركزة بالمستشقى الجامعى. وقال الدكتور الزغبى إن عرض ساويرس تحت الدراسة والموافقة عليه فى حالة تدهور حالة مريم واحتياجها للعلاج فى الخارج، وحتى هذه اللحظة هناك عناية فائقة بحالة مريم ويشرف على طاقم العلاج نخبة من أساتذة كلية الطب تحت إشراف الدكتور خليل على خليل مدير عام المستشفيات الجامعية. وفى نفس السياق أخلت نيابة التل الكبير سبيل المتهمين بإزالة منزل خال مريم المواطن أحمد حامد، والذى تصادف وجود مريم بداخلة فتهدمت أجزاء منه على جسدها بضمان وظيفة كل منهم وهم سائق اللودر وموظف الإزالة بالوحدة المحلية. وما زالت التحقيقات مستمرة، فيما سادت حالة من الاستياء الشديد بين مواطنى قرية الشروق والقرى المجاورة، مطالبين بالقصاص من المتسببين فى هذه المأساة. تفاصيل وخلفيات الواقعة بدأت منذ فترة، حيث إن هناك أكثر من 1500 منزل لموطنين يقيمون فيها منذ عشرات السنين وفجأة وبدون إنذار خرجت عليهم مديرية الأوقاف بالتل الكبير لتعلن لهم إن هذه المنازل من أملاك الأوقاف ومطلوب تقنين أوضاع المقيمين فيها، وتم ربط المنازل حسب قول ناصف عيادة رئيس مجلس محلى مركز الجزيرة الخضراء إحدى القرى المتضررة منذ عام 2002 بواقع 200 جنيه إيجارا شهريا لكل منزل، بإجمالى 20 ألف جنيه خلال السبع سنوات الماضية ومطلوب تسديد هذه المبالغ دفعة واحدة. وكان قد صرح رئيس مجلس محلى القرية، أن معظم الفلاحين فى 6 قرى هى قرية الشروق التى تمت فيها الحادثة وقرية الضاهرية ومدينة التل الكبير والقصاصين القديمة وأبوعاشور والبعالوة، ويوجد فى هذه القرى ما يقرب من 1500 منزل يقيم فيها أكثر من 8 آلاف مواطن من عشرات السنين ومعظم هذه المنازل بالطوب اللبن والطين ولايوجد بها منزل مبنى بالأسمنت. كما كشف المواطن إبراهيم المحمدى من العرب بالتل الكبير قرية الضاهرية، عن مفاجأة قد تنسف مزاعم الأوقاف بملكيتها للأراضى، ألا وهى أنه قام بشراء المنزل من الأوقاف ودفع 170 ألف جنيه قيمة المنزل، وذهب إلى الشهر العقارى للتسجيل فاكتشف أن الأرض ملك للإصلاح الزراعى وليس الأوقاف وضاعت عليه أمواله بما فيها 4 آلاف و500 جنيه قيمة التسجيل. وأشار محمد حسن عيادة عضو مجلس محلى الجزيرة الخضراء، أن هناك حالة فوضى بين الناس وعد ثقة نتيجة تضارب الأقوال والمسئوليات، ولا نعرف المالك الحقيقى لمنازلنا وفى نفس الوقت يقومون بتنفيذ قرارات الإزالة بالقوة وكأننا لسنا بشرا.  


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق