كشفت بيانات موثوقة عن مغادرة ما يقرب من سبعة آلاف طبيب مصري شاب للعمل خارج البلاد خلال عام واحد فقط مدفوعين بضعف الرواتب وظروف العمل المتدهورة مما يعكس حجم الأزمة المتنامية في القطاع الصحي المحلي

سجلت نقابة الأطباء هذا الرقم الكبير في عدد المغادرين دون وجود آلية لمنعهم نظرًا لأن حرية التنقل مكفولة قانونيًا في مصر ما يسمح للأطباء باتخاذ قرار السفر بمحض إرادتهم دون عوائق قانونية أو تنظيمية

سلطت تصريحات أحد المسؤولين النقابيين الضوء على معاناة الأطباء داخل المستشفيات العامة وخاصة فيما يتعلق ببيئة السكن حيث أظهرت الوقائع أن بعض المستشفيات تفتقر بالكامل إلى استراحات للأطباء ما يؤثر على أدائهم خلال فترات النوبتجيات الطويلة

عرضت النقابة طلبات متعددة لتحسين بيئة العمل من ضمنها تطوير أماكن الإقامة داخل المستشفيات إلا أن هذه المطالب قوبلت بالرفض بدعوى أن الطبيب المناوب ليس من المفترض أن ينام أو يستريح أثناء نوبتجيته رغم أن ساعات العمل قد تمتد إلى أكثر من 24 ساعة متواصلة

اتخذت وزارة الصحة خطوة أولى لمواجهة ظاهرة الهجرة من خلال تشكيل لجنة خاصة لدراسة أبعاد الأزمة ووضع آليات لتقليل معدلات السفر عبر تقديم مجموعة من الحوافز المهنية والمالية بهدف خلق بيئة أكثر جذبًا للأطباء الشبان

دعمت بعض الجامعات الحكومية الجهود الرسمية من خلال الإعلان عن توفير فرص عمل جديدة حيث أعلنت جامعة الإسكندرية عن إتاحة 117 وظيفة للأطباء ضمن مستشفياتها الجامعية مما يمنح المقيمين فرصة للحصول على درجة الماجستير أثناء تقديمهم للخدمات الطبية

أوضح المسؤول النقابي أن دولًا أوروبية مثل ألمانيا وإنجلترا تطبق أنظمة تعليمية صارمة لا تسمح بدخول الجامعة إلا للطلاب المتفوقين بينما يعتمد كثير من الطلاب هناك على الاقتراض من البنوك لسداد تكاليف الدراسة التي تبدأ بعد التخرج ما يعكس أن بيئة العمل بالخارج رغم صعوبتها إلا أنها ما تزال أكثر جذبًا للطبيب المصري

تسبب الفارق الكبير بين ظروف العمل في الداخل والخارج في خلق فجوة كبيرة تدفع الكوادر الشابة إلى اتخاذ قرار السفر إذ توفر الدول الأخرى نظمًا أفضل للتدريب والتطوير المهني بالإضافة إلى رواتب مجزية تغري الأطباء المصريين بالهجرة بحثًا عن مستقبل أكثر استقرارًا

تواصل الجهات الرسمية والنقابية بحث سبل التعامل مع هذه الظاهرة التي تهدد استمرارية الخدمات الطبية في مصر خصوصًا في المناطق الريفية التي تعاني أصلًا من نقص في الكوادر الطبية المؤهلة

طالب العديد من العاملين في الحقل الطبي بسرعة تنفيذ إجراءات ملموسة لتحسين بيئة العمل مؤكدين أن معالجة الأزمة تتطلب حلولًا جذرية لضمان بقاء الأطباء داخل