MEE: طبيب الفلاسفة وأفياله البيضاء وراء تسريع الانهيار الاقتصادي في مصر

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٣ - مايو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


MEE: طبيب الفلاسفة وأفياله البيضاء وراء تسريع الانهيار الاقتصادي في مصر

سلط الأكاديمي المصري، رئيس تحرير موسوعة أكسفورد للإسلام والسياسة، عماد شاهين، الضوء على حالة الانهيار الاقتصادي التي تعانيها مصر، ودور الرئيس، عبدالفتاح السيسي، في "تسريعها"، مؤكدا أن جوهر الأزمة في مصر "سياسي" بالدرجة الأولى.

وذكر شاهين، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست آي" (MEE) وترجمه "الخليج الجديد"، أن الاقتصاد المصري عانى، على مدى عقود، من مشكلات هيكلية واضحة، منها: سيطرة الدولة على السوق وارتفاع النفقات الحكومية التي تتجاوز الإيرادات، ودون معالجة هذه المشكلات لن تكون الإصلاحات المالية قصيرة الأجل مفيدة.

وعلى الرغم من أن هذه القضايا تبدو اقتصادية بطبيعتها، "إلا أنها في الواقع سياسية في جوهرها" حسبما يؤكد شاهين، موضحا أنها "حصيلة خيارات سياسية مدروسة اتخذتها الأنظمة المصرية المتعاقبة منذ يوليو 1952 وتأسيس الجمهورية المصرية. وهي الخيارات التي خلقت ما يصفها الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه بأنها دولة متهالكة".

وإذ تعهد السيسي ببناء "جمهورية جديدة"، سعى إلى إبراء ذمة نفسه والمؤسسة العسكرية الحالية من المسؤولية، مشيرًا إلى إخفاقات الأنظمة السابقة والرؤساء السابقين: جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، في وضع الاقتصاد على المسار الصحيح، حيث فشل هؤلاء القادة، لأسباب سياسية واضحة، في محاربة الفساد، وخفض الإنفاق الحكومي، وتطوير الصناعة الموجهة للتصدير، وسحب الجيش من الاقتصاد.

وكانت التنمية الاقتصادية في عهد هؤلاء الزعماء من قضايا الأمن القومي، حيث كان على الدولة أن تسيطر على أنشطة القطاعات الاقتصادية الرئيسية والإنتاج والتوزيع. ولم يكن هناك ثقة في الاستثمار الأجنبي والخاص، واعتبر استبدال الواردات استراتيجية وطنية للتنمية.

ويؤكد شاهين أن نتيجة ذلك كانت عجزًا مزمنًا في الإيرادات، ونقصًا في العملات الأجنبية، وديونًا متزايدة لتعويض عجز الميزانية، مشيرا إلى أن الدين الخارجي في عام 1970 بلغ ملياري دولار، بينما يتجاوز اليوم 150 مليار دولار.

وأضاف أن دولة يوليو "لطالما كانت رهينة تحالفاتها الاجتماعية الخاطئة"، إذ لم يستطع عبد الناصر الاستمرار في تصميم سياسة لمصالح قاعدة سلطته والطبقات الوسطى والفقيرة والبيروقراطية العملاقة، لتنفد منه الموارد، كما وقع السادات ومبارك تحت تأثير مقربين من الدولة، والفساد الجائر، والريعية.

استراتيجية خاطئة

ويرى شاهين أن الافتقار إلى الإرادة السياسية دفع الاقتصاد المصري إلى الوراء، وفشل في حل التحديات التي تواجهها الدولة في علاقاتها مع البيروقراطية والجيش، وقدرتها على توليد الموارد وتلبية احتياجات المجتمع؛ وعلاقاتها الإقليمية والدولية.

والسيسي ليس أفضل حالاً في هذا السياق، بل يرى شاهين أنه أسوأ، إذ دفع توجهه السياسي الإشكالي الاقتصاد المصري إلى الهاوية، لأنه يعتبر نفسه ممتلكا للحكمة الإلهية، ويصف نفسه بـ "طبيب الفلاسفة"، ويحث المصريين بإصرار على الاستماع إليه فقط، وليس لأي شخص آخر.

ومثل أسلافه، تبنى السيسي بوضوح استراتيجية خاطئة للتنمية، حسبما يرى شاهين، مشيرا إلى أنها استراتيجية تعتمد على المنح والقروض الأجنبية، وتخويف وتهميش المستثمرين المحليين؛ وزيادة دور الجيش في الاقتصاد لجعله المقاول الضخم في البلاد، وزيادة رواتب ومزايا الجيش والشرطة والقضاء، وبيع أصول مصر لدول الخليج، والضرائب الثقيلة، والتي تمثل 83% من الإيرادات الحكومية.

وتأتي معظم هذه الإجراءات على حساب القطاعات المدرة للدخل، وكانت مدفوعة بأسباب سياسية وليست اقتصادية، بحسب شاهين، مشيرا إلى أن السيسي يريد أن يسجله التاريخ المصري باعتباره "باني مصر الجديدة".

الغرق في الديون

ويؤكد الأكاديمي المصري أن السيسي يتحمل مسؤولية دفع الاقتصاد المصري إلى الانهيار وتعريض الملايين من الناس للصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن أبواقه الإعلامية نصحت المصريين بأكل أقدام الدجاج للتكيف مع الظروف الاقتصادية الصعبة.

ومنذ عام 2016، اقترضت مصر 20 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، لتصبح بذلك ثاني أكبر مدين لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين (52 مليار دولار).

ومنذ تولى السيسي السلطة، ضخت دول الخليج عشرات المليارات من الدولارات في خزائن مصر. مع عدم وجود مساءلة، ولذا فمن الصعب معرفة إلى أين ذهبت.

ومع الاعتراف بأنه لا يؤمن بدراسات الجدوى، فقد أهدر السيسي موارد البلاد على ما وصفها شاهين بـ "الأفيال البيضاء"، مثل العاصمة الإدارية الجديدة والقصور الفخمة.

وفي غضون ذلك، أغرق السيسي البلاد في الديون وفقد الدعم المالي من مانحيه الخليجيين، الذين وضعوا مؤخرًا اشتراطات للحصول على دعمهم، منها الحد من نفوذ الجيش على الاقتصاد، وخفض قيمة الجنيه المصري وتعيين مجلس وزراء اقتصادي لإدارة الإصلاحات وإنقاذ الاقتصاد.

ويرى شاهين أن المانحين الدوليين عليهم أن يحذوا حذو نظرائهم الخليجيين، بأن "يجعلوا مساعدتهم لنظام السيسي الفاشل مشروطة بإصلاحات هيكلية ملموسة، وليست نقدية فقط". وأضاف: "يجب عليهم ربط المساعدات والقروض بإجراءات محددة يمكن أن تحفز الاقتصاد، مثل إصلاح السياحة، والحد من الفساد، واحترام الملكية الخاصة لطمأنة المستثمرين المحليين".

على المدى الطويل، يرى شاهين ضرورة أن تعطي استراتيجية التنمية في مصر الأولوية للتصنيع الزراعي والصناعي، وتعزيز قطاع الخدمات والاقتصاد الموجه للتصدير، مؤكدا أن مصر دولة غنية بموارد طبيعية متنوعة، على عكس التصور الشائع، إضافة إلى رأس مال بشري شاب.

وختم شاهين مقاله بالتأكيد على أن "لعنة هذه الدولة ليست اقتصادها، ولكن قادتها الذين أهدروا مواردها".
اجمالي القراءات 258
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق