بعد قرابة 6 سنوات من الحرب الدائرة في بلادهم والتي خلفت الآلاف من القتلى وأضعافهم من الجرحى، فضلا عن تشريد ونزوح الملايين، يعاني اليمن من مجاعة قاتلة فتكت بالآلاف منهم في ظل استمرار حرب لا نهاية لها.
فالحرب المستمرة داخل الأراضي اليمنية، دفع ثمنها الشعب اليمني، فآلة الحرب هناك لم تفرق بين كبير وصغير، فمع استمرار القتال تبدو فرص النجاة قليلة أمام اليمنيين، فهناك أعداد كبيرة قد تلتحق بقوائم الموتى الذين قضوا في الحرب وفتكت بهم الأوبئة، وسط تحذيرات دولية وأممية من عواقب الجوع على اليمنيين.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، أمس السبت، من أن اليمن الآن مهدد بأسوأ مجاعة شهدها العالم منذ عقود، وقال إنه في حال عدم اتخاذ إجراء فوري قد تزهق ملايين الأرواح.
ويأتي تحذير جوتيريش في الوقت الذي تهدد فيه الولايات المتحدة بوضع جماعة الحوثي اليمنية في القائمة السوداء في إطار حملة "الضغوط القصوى" على إيران، فيما أثار موظفو الإغاثة مخاوف من أن مثل هذه الخطوة قد تمنع وصول المساعدات اللازمة لإنقاذ الأرواح إلى البلاد.
وأرجع جوتيريش سبب المجاعة في اليمن إلى الانخفاض الكبير في تمويل عمليات الإغاثة والفشل في الحفاظ على الدعم الخارجي للاقتصاد اليمني، لا سيما عدم استقرار قيمة الريال
وحث جوتيريش كل من لهم نفوذ على التصرف بشكل عاجل لدرء الكارثة، وأن يتجنب الجميع اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يجعل الوضع المتردي بالفعل أسوأ.
وتصف الأمم المتحدة اليمن بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج 80% من سكانه إلى المساعدات.
وقال منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة مارك لوكوك إن المنظمة الأممية تلقت أقل من نصف احتياجاتها هذا العام (نحو 1.5 مليار دولار) لعملياتها الإنسانية في اليمن. وكانت المنظمة قد تلقت 3 مليارات دولار العام الماضي.
هذا، وقال دبلوماسي غربي كبير إن وضع الولايات المتحدة الحوثيين على القائمة السوداء "لن يسهم بالتأكيد في إحراز تقدم في اليمن".
وأضاف الدبلوماسي الذي طلب عدم نشر اسمه، "يريدون على الأرجح فعل كل ما يلزم لزيادة الضغط على إيران".
وأوضح "ستواجه دول عديدة مشاكل في التعامل معهم (الحوثيون)، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعقيد عملية (السلام) برمتها وعمل الأمم المتحدة كذلك".
وأكد مسؤولون لوكالة الصحافة الفرنسية صحة تقارير تفيد بأن إدارة دونالد ترامب تضع الأسس تمهيدا لإعلان خطوتها ضد جماعة الحوثي.
في السياق، قال رئيس المجلس النرويجي للاجئين يان إيجلاند إن منظمته انضمت إلى مجموعات إنسانية أخرى "في الإعراب عن القلق العميق إزاء احتمال خلق عقبات إضافية لا يمكن تجاوزها أمام تقديم المساعدات الحيوية في اليمن".
وأضاف في بيان أنه إذا مضت الولايات المتحدة قدما في هذه الخطوة فإن عليها إصدار "إعفاءات واضحة لا لبس فيها" من شأنها أن تسمح لعمال الإغاثة بالعمل دون خشية من التداعيات القانونية.
وفي صنعاء، يشعر عمال الإغاثة بأن المسألة على وشك التحقق.
ورد الحوثيون بغضب على احتمال إدراج الولايات المتحدة حركتهم في القائمة السوداء، معتبرين أن ترامب لا يملك الحق في ذلك بعد فشله في الفوز بولاية ثانية.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قد صرح في يوليو الماضي بأن هناك 20 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي (من أصل 30 مليونا).
وأضاف "يجب إنقاذ ملايين الأرواح في اليمن، وعلينا التحرك الآن"، مشددا على أن الوضع لا يحتمل الانتظار.
ولفت المكتب إلى أن الأمم المتحدة قدمت مساعدات إنسانية لـ15 مليون يمني منذ ديسمبر 2019 حتى يوليو الماضي.
وفي الأول من يوليو، أعلنت الأمم المتحدة أنها تسلمت 558 مليون دولار فقط من أصل مليار و35 مليون دولار تعهد بها المانحون قبل نحو شهر من ذلك التاريخ لدعم الاستجابة الإنسانية باليمن.
عبد العزيز العريقان، ناشط حقوقي يمني، قال في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" إن اليمن كله يحتاج للمساعدة وليس الأطفال وحدهم، اليمنيون يموتون من الجوع والفقر والمرض بسبب الحرب، فهم مجبرون على البقاء في بلدهم المحاصر من قبل التحالف والحوثي.
وأوضح أن غالبية من قتلوا في الحرب الدائرة منذ سنوات من الأطفال والنساء، وللأسف العالم كله يشاهد القتل والانتهاكات ولا يتحدث أحد، قائلا: الخليج والغرب من صالحهم استمرار الحرب في اليمن.
يذكر أن تحالفا عسكريا تقوده السعودية يقوم، منذ 26 مارس 2015، بعمليات عسكرية لدعم قوات الجيش اليمني الموالية لرئيس البلاد عبد ربه منصور هادي لاستعادة مناطق سيطرت عليها جماعة "أنصار الله" في يناير من العام ذاته.
وبفعل العمليات العسكرية، التي تدور منذ مارس 2015، يعاني اليمن حالياً أسوأ أزمة إنسانية في العالم، فبحسب الأمم المتحدة قتل وجرح آلاف المدنيين ونزح مئات الآلاف من منازلهم.
وفشلت كل المفاوضات ومحاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار منذ سيطرة مليشيات الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وتدخُّل تحالف عسكري بقيادة السعودية بالنزاع في مارس 2015، بحجة دعم حكومة هادي.
وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بـ"الأسوأ في العالم"، وتؤكد أن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة.