بأمر المرشد تحديد حصة لكل محافظة إيرانية من الطلاق.. سر التفاقم الغريب للظاهرة ولماذا يتجاهل رجال ال

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٠٣ - فبراير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: عربى بوست


بأمر المرشد تحديد حصة لكل محافظة إيرانية من الطلاق.. سر التفاقم الغريب للظاهرة ولماذا يتجاهل رجال ال

بأمر المرشد تحديد حصة لكل محافظة إيرانية من الطلاق.. سر التفاقم الغريب للظاهرة ولماذا يتجاهل رجال الدين السبب الحقيقي

«إن تنفيذ خطة تقييد حالات الطلاق بإيران، كانت بناء على توجيهات المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية، آية الله علي خامنئي، للحد من زيادة حالات الطلاق في البلاد، وإقامة العدل».

كان هذا جزءاً من بيان أصدره السيد علي مظفري رئيس مكاتب تسجيل الزواج والطلاق في إيران، معلناً أنه تم فرض قيود على تسجيل حالات الطلاق في كل محافظة، وسيتم سريان القرار بدءاً من يوم السبت القادم في جميع المقاطعات في أنحاء البلاد.

وفقاً لبيان مظفري، نشرت وسائل الإعلام المحلية القوائم التي تضم عدد حالات الطلاق المسموح بها، التي ينبغي تسجيلها في كل مكتب مدني في كل محافظة>

فعلى سبيل المثال، في محافظة طهران، يسمح لكل مكتب مدني مختص بتسجيل حالات الطلاق، بتسجيل 100 حالة طلاق فقط سنوياً، وتسير باقي المحافظات على نفس النهج باختلاف طفيف في أرقام حالات تسجيل الطلاق المسموح بها.

خطة تقييد حالات الطلاق بإيران تفجر موجة من السخرية، ولكن هناك من رآها باباً جديداً للفساد

أثارت خطة الحكومة الجديدة، لتقييد حالات الطلاق التي سجلت أعلى معدلاتها في السنوات القليلة الماضية، سخرية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الفارسية، فوصف البعض تلك الخطة بأنها ستزيد من الجرائم بين الأزواج لعدم تمكنهم من الانفصال.

وآخرون جادلوا بأن خطة تقييد حالات الطلاق بإيران، ستفتح الباب أمام الفساد المالي والإداري في مكاتب تسجيل حالات الطلاق، فإذا أراد زوجان الطلاق في مكتب معين في محافظة ما، في نفس الوقت كان هذا المكتب اكتفى بالعدد المحدد له من تسجيل حالات الطلاق، ستبدأ الأمور في السير تجاه الرشاوي المالية، ليتمكن هذان الزوجان من إتمام معاملة الطلاق الخاصة بهما، دون الانتظار للعام المقبل، ليتم طلاقهما.

لكن، لماذا وضعت الحكومة تلك الخطة؟

فى عام 2018، أصدر مركز الإحصاء الإيراني وهو جهة رسمية حكومية، إحصاءات تفيد بأعداد حالات الزواج والطلاق في الجمهورية الاسلامية، أفادت تلك الإحصاءات بأن معدل الزواج في عام 2017 انخفض بنسبة 8% مقارنة بنفس الوقت في عام 2016.

فى المقابل ارتفعت نسبة حالات الطلاق إلى حوالي 176 ألف حالة طلاق، وذكر المركز أن هذا الرقم هو أعلى معدل للطلاق في تاريخ إيران الحديث.

وأعلن مركز الإحصاء الإيراني، أن ارتفاع نسبة الطلاق في مقابل الزيجات في عام 2018، وصل إلى 29%، مما يعني أن حالات الطلاق في ازدياد كل عام، في مقابل انخفاض عدد الزيجات.

يرى علي أكبر محزون، أحد المسؤولين في مركز الإحصاء الإيراني، أن معدل نسب الطلاق في إيران في زيادة مستمرة، مما يجعل الأمر خطيراً للغاية، حسب تعبيره.

 ففي عام 2017 فقط، كان يتم تسجيل 19 حالة طلاق كل ساعة»، حسبما يقول محزون لـ «عربي بوست».

وأصبحت زيادة معدلات الطلاق في إيران واحدة من القضايا الاجتماعية التي كانت محور اهتمام المسؤولين الإيرانيين في السنوات الأخيرة، وكلما أصدر مركز الإحصاء الإيراني إحصاءات تفيد بزيادة حالات الطلاق، وتراجع الزيجات، أثارت تلك الأرقام الجدل داخل المجتمع الإيراني.

إحصائيات معدلات الطلاق، لن تكون معلنة

في آخر إحصائية أصدرها مركز الإحصاء الإيراني، تناول نسب الطلاق والزواج بشكل عام، دون الخوض في مزيد من التفاصيل، وأرقام حالات الطلاق بشكل دقيق في كل محافظة، مما يعني عدم وجود أي أرقام رسمية محددة عن حالات الطلاق سنوياً في إيران، تكون متاحة لوسائل الإعلام.

ففي عام 2016، عندما بدأت معدلات الطلاق في الزيادة الملحوظة، صدرت  أوامر لمركز الإحصاء الإيراني، بعدم نشر أي إحصائيات عن معدلات الطلاق في البلاد، وإتاحتها فقط للجهات الحكومية المختصة.

وأعلن علي أكبر محزون، كبير المسؤولين في مركز الإحصاء الإيراني، حينها أن السبب وراء هذا القرار هو تجنب الضرر من وراء نشر تلك الأرقام.

لماذا تسجل معدلات الطلاق زيادة مستمرة؟

يقول الخبراء داخل إيران، إن معدلات الطلاق بدأت في السير بوتيرة سريعة إلى حد ما في أوائل التسعينيات، لكن معدل الزيجات في ذلك الوقت كان أيضاً مرتفعاً مما أوجد بعض التوازن.

لكن معدلات الطلاق ابتداء من 2012 إلى الآن، في زيادة جنونية، مقابل تراجع كبير في الإقبال على الزواج.

 ففي عام 2018 أعلنت شهيندخت مولاوردي، النائبة السابقة للرئيس الإيراني حسن روحاني لشؤون المرأة والأسرة، أن السبب وراء ارتفاع معدلات الطلاق في إيران هو «عدم الرضا الجنسي بين الأزواج».

يصمم بعض المسئولين الحكوميين دائماً على أن السبب وراء حالات الطلاق الكبيرة في إيران، هو عدم الرضا الجنسي، فقد أكد رسول روشن رئيس المؤتمر الوطني للصحة الاسرية والجنسية، أن السبب في من 30 إلى 40% من حالات الطلاق في إيران، هي المشاكل الجنسية.

ودعا إلى ضرورة تفعيل دور المؤسسات الحكومية لحل تلك الأزمة المتسببة في الكثير من حالات الطلاق، عن طريق كسر المحظور في التعامل مع القضايا الجنسية، وتقديم برامج تربوية جنسية للطلاب في الجامعات، والمقبلين على الزواج، لتجنب الطلاق في المستقبل.

الأسباب كما يراها رجال الدين

أدى ارتفاع معدلات حالات الطلاق في إيران، إلى ردود فعل كبيرة في الأوساط الدينية، والذين غالباً ما يعزون زيادة الطلاق إلى الحجاب السيئ أو غير الشرعي للنساء، وانتشار مظاهر الثقافة الغربية بين الإيرانيين.

وقال آية الله مكارم الشيرازي، وهو أحد كبار رجال الدين في إيران، إن حجاب النساء غير الإسلامي، وملابسهن السيئة، هي السبب وراء حالات الطلاق المنتشرة في المجتمع الإيراني.

كما جادل بعض آيات الله، بأن العلاقات المتعددة وغير المقيدة بأي ضوابط شرعية على وسائل التواصل الاجتماعي أدت إلى الخيانات الزوجية، وارتفاع نسبة الطلاق بين الإيرانيين.

رجال الدين يقولون العلاقات على مواقع التواصل الاجتماعي هي السبب في تزايد حالات الطلاق/رويترز

وعللوا صحة تفسيراتهم بأن المدن الكبرى والحضرية، هي التي شهدت أعلى معدلات طلاق مقارنة بالمحافظات الريفية والأكثر محافظة.

لكن ترى الصحفية الإيرانية مريم شاهد، أن الحديث عن أن هناك زيادة الطلاق في المدن الكبرى، مقارنة بالمدن المحافظة أمر خاطئ تماماً.

إذ تقول لـ «عربي بوست»، «في عام 2019، سجلت مدينة قم الدينية المحافظة، معدلات طلاق أعلى مقارنة بمدينة طهران، كما ارتفع معدل الطلاق في مدينة مشهد المحافظة أيضاً، بنسبة 7.16%».

وأضافت شاهد «رجال الدين فقط، يحاولون إنكار تلك الحقائق، لأن الأسباب الحقيقية وراء الطلاق في إيران، ليس لها أي علاقة بالحجاب، أو وسائل التواصل الاجتماعي».

الفقر، البطالة، والوضع السياسي

يبدو أن الأزمة لها علاقة بالسياسة والاقتصاد، حسبما يرى مراقبون.

 فمنذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الصفقة النووية الإيرانية، والمعروفة أيضاً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة في مايو/أيار 2018، وفرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية على طهران، مع حرمان البلاد من عائدات النفط، والاقتصاد الإيراني على شفا الانهيار.

إذ يعاني الناس داخل إيران، منذ ذلك الوقت من سلسلة من الأزمات، بداية من انهيار العملة المحلية، مروراً بارتفاع أسعار السلع الغذائية، وندرة الأدوية المهمة، انتهاء إلى قرار الحكومة الإيرانية في منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، بزيادة أسعار البنزين إلى ثلاثة أضعاف.

الأمر الذي ترك الأسرة الإيرانية في حالة اقتصادية، سيئة للغاية، واعترف الرئيس الإيراني حسن روحاني في أكثر من مناسبة، أن الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها الجمهورية الإسلامية هي الأسوأ منذ 40 عاماً.

ويرى علي أصغر زارع، أستاذ علم الاجتماع، أن الأسباب الاقتصادية هي السبب الأهم وراء ارتفاع حالات الطلاق في إيران.

 ويقول لـ «عربى بوست»، «إيران مثلها مثل بقية دول العالم، تقف الظروف الاقتصادية والأوضاع السياسية، وراء أغلب حالات الطلاق فيها».

ويضيف زارع قائلاً «في السنوات الأخيرة، زادت معدلات البطالة، وارتفعت نسب التضخم، وانهارت الطبقة الوسطى، وكل هذه الأسباب أسباب قوية وراء طلاق الإيرانيين».

ويرى زارع أن الوضع السياسي المتوتر له تأثير أيضاً على زيادة حالات الطلاق في إيران، «أي بلد غير مستقر سياسياً، وأغلب الوقت يعاني من توترات متزايدة، ينعكس هذا الأمر على الحياة النفسية والاجتماعية للشعب، ويعاني الناس من الإحباط الذي يؤدي إلى الطلاق في النهاية».

في الشهر الماضى، حذر وزير الصحة الإيراني، سعيد نمكي، من انتشار الاكتئاب والاضطرابات النفسية بين أفراد الشعب الإيراني، قائلاً إن حوالي 30% من الإيرانيين يعانون من اضطرابات نفسية، واصفاً الأمر بأنه إنذار شديد الخطورة، لابد أن تتعامل الحكومة معه بمنتهى الجدية.

خطط حكومية هزيلة

 في السنوات الماضية حاولت الحكومة الإيرانية السيطرة على زيادة معدلات الطلاق بطرق مشابهة للخطة الأخيرة التي أثارت الجدل.

ولم تجدِ مثل هذه الطرق نفعاً على الإطلاق.

ففي عام 2019، أعلنت وزارة العدل الإيرانية، أنه في يوم 2 أغسطس/آب من كل عام، وهو يوم ذكرى زواج علي بن أبي طالب، الإمام الأول للمسلمين الشيعة سيتم منع تسجيل أي حالة طلاق.

في نفس الوقت أشارت عدة تقارير محلية، إلى أن القرار جاء بعد أن وصلت حالات الطلاق إلى حالتين كل ساعة، لكن لم يتم تفعيل هذا القرار إلا في عدد قليل من المحافظات، مما أدى إلى قيام الحكومة بتقييد حالات تسجيل الطلاق على نطاق واسع في جميع المحافظات في العام الجاري.

يقول أستاذ علم الاجتماع علي أصغر زارع لـ «عربي بوست»، «خطة الحكومة الجديدة، والمحاولات السابقة من قبل، مثيرة للشفقة، فهناك الآلاف من الأزواج منفصلون عاطفياً، دون تسجيل الطلاق رسمياً، فما فائدة تقييد حالات تسجيل الطلاق من الأساس».

يرى زارع، أن الأمر يجب أن يتم التعامل معه من قبل المتخصصين والخبراء، بجانب عمل المؤسسات الحكومية على رفع مستوى معيشة الأفراد، «عندما يجد الإيرانيون، الخدمات والسلع الأساسية بسعر مناسب، وعندما تحافظ الحكومة على استقرار البلاد، حينها سيتم الحد من الطلاق».

اجمالي القراءات 1790
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق