الطاقة المظلمة ظاهرة غامضة تعارض الجاذبية ومسؤولة عن تسريع عملية توسع الكون. وبالرغم من أن الطاقة المظلمة تمثّل ثلاثة أرباع الطاقة الكليّة للكون، لا تزال طبيعتها الأساسية غامضة بالنسبة لعلماء الفيزياء. الطاقة المظلمة لا علاقة لها بالمادة المظلمة، إلا التشابه اللفظي، ما يعني أن العلماء لا يعلمون حقيقة تلك الطاقة؛ وفقاً لما نشره موقع Live Science الأمريكي.
من اكتشف الطاقة المظلمة؟
يعود إدراك فكرة توسّع الكون إلى عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل، الذي لاحظ، في عام 1929 أن المجرات الأبعد عن الأرض تتحرك بسرعة أكبر بعيداً عنّا، وفقاً للموقع الإلكتروني لمرصد هابل الفضائي. ولا يعني ذلك أن كوكبنا في مركز الكون، بل يعني أن كل شيء في الفضاء يتحرك بعيداً عن أي شيء آخر بمعدل ثابت.
وبعد حوالي 60 عاماً من اكتشاف هابل، حقق العلماء اكتشافاً آخر مذهلاً. حاول الباحثون لوقت طويل قياس المسافات الكونية بدقة من خلال النظر إلى ضوء النجوم البعيدة. وفي العقد الأخير من القرن الماضي، بعد فحص «المستعرات العظمى» البعيدة، وجد فريقان مستقلان أن ضوء الانفجارات النجمية أضعف من المتوقع. ويشير ذلك إلى أن الكون لا يتوسع فحسب، بل تتسارع وتيرة هذا التوسع أيضاً.
هذه النتائج جعلت علماء الفيزياء يواصلون البحث والتفكير من وقتها، وحصلوا كذلك بفضل اكتشافاتهم على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2011.
ما الذي تفعله الطاقة المظلمة؟
على الرغم من عدم فهم الباحثين للطاقة المظلمة بشكل كامل، فقد استخدموا معرفتهم بالظاهرة من أجل تصميم نماذج للكون توضح كل شيء من «الانفجار الكبير» إلى البنية العصرية الحديثة للمجرات. وتتوقع بعض تلك النماذج أن الطاقة المظلمة ستمزّق كل شيء في غضون مليارات السنين من الآن.
ويشير التفسير الرئيسي للطاقة المظلمة إلى أنها نوع من الطاقة المكبوتة المتأصلة في نسيج الزمكان. يقول باوجيو لي، عالم الفيزياء الرياضية في جامعة درهام ببريطانيا، سابقاً لموقع Live Science: «هذا النموذج البسيط يعمل بشكل جيد جداً من الناحية العملية، ويعد إضافة مباشرة للنماذج الكونية دون الحاجة إلى تعديل قوانين الجاذبية». ولكنه قال إن هناك مشكلة كبرى مع تلك الفكرة، وهي أن علماء الفيزياء يتوقعون أن قيمة طاقة الفراغ ينبغي أن تكون أعلى بمقدار 120 ضعفاً لما يلاحظه علماء الكون في القياسات.
موضوع خلاف ونقاش
هناك فكرة بديلة تفترض أن الطاقة المظلمة قوة أساسية إضافية، إلى جانب القوى الأساسية الأربع المعروفة (الجاذبية، والكهرومغناطيسية، والقوى النووية القوية والضعيفة). ولكن هذه الفرضية لا تشرح سبب عدم ملاحظة البشر لتلك القوة في حياتنا اليومية. لذا، صمم أصحاب النظرية أيضاً نماذج إبداعية تشير إلى أن تلك القوة الغامضة خفيّة بشكل ما.
وتعد القيمة المقاسة للطاقة المظلمة حالياً موضوع نقاش وخلاف حاد بين المجموعات الفيزيائية المختلفة. بعض الباحثين استخدموا إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، صدى خافتاً من الانفجار الكبير، للحصول على قياس تقديري لقوة الطاقة المظلمة.
لكن هناك مجموعة أخرى من علماء الفلك استخدموا ضوء العناصر الكونية البعيدة لقياس قوة الطاقة المظلمة، وحصلوا على قيمة مختلفة، ولم يستطع أحد حتى الآن تفسير هذا التناقض. يشير بعض الخبراء إلى أن قوة الطاقة المظلمة قد تتغير بمرور الوقت، إلا أن مؤيدي هذه الفكرة لم يتمكنوا بعد من إقناع أغلبية أقرانهم بهذا التفسير.