اضيف الخبر في يوم الخميس ١١ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: عربى بوست
كاتب أميركي يُحذر استمرار دعم بلاده لـ"المستبدين الجدد"
هل علمت واشنطن بنية السعودية قتل خاشقجي ولم تبلغه؟ إذا صحَّ هذا الاحتمال فإنه سيكون خطيئة إضافية تقوم بها الولايات المتحدة بحق الديمقراطية في العالم العربي، وتثبت مسؤوليتها عن حلول الشتاء العربي الجديد.
إيفان هيل، الكاتب والباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط حمَّل في مقال نشرته Slate الأميركية الساسة الأميركيين المسؤولية عن تدهور الأوضاع في العالم العربي، جراء السياسات التي اتبعوها منذ نشوء الربيع العربي إلى اليوم الذي اختفى فيه الإعلامي السعودي جمال خاشقجي.
الكاتب يعتبر الجريمة التي وقعت بحق خاشقجي محصلة للسياسات الأميركية التي خذلت الربيع العربي لصالح الشتاء العربي، وما يصفه بالمستبدين الجدد.
وتساءل الكاتب في مقاله هل علمت واشنطن بنية السعودية قتل خاشقجي، في ظل تقارير عن أن الاستخبارات الأميركية رصدت اتصالات سعودية عن الجريمة.
يُمثِّل اختفاء خاشقجي وقتله المحتمل مفترق طرقٍ لعلاقة الغرب مع الشرق الأوسط الجديد، الآخذ في التبلور وسط حُطام الربيع العربي، حسب الكاتب.
وقال إنه حتى إذا تبيَّن أنَّ خاشقجي حيٌّ –وهو ما يبدو أقل احتمالاً يوماً بعد يوم- فإنَّ إخفاءه القسري من شأنه الإشارة إلى توسُّعٍ خطير في مساعي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الواسعة بالفعل، لإسكات المنتقدين داخل البلاد وخارجها.
أما إذا كان فريقٌ سعودي بالفعل قد قتل خاشقجي، فإنَّ التداعيات أسوأ بكثير، وفقاً لتعبيره.
أما الأمر الأخطر فهو: هل علمت واشنطن بنية السعودية قتل خاشقجي؟
بعد سبع سنوات من الثورات التي اجتاحت العالم العربي، بات ممكناً الآن رؤية شكل الشيء الذي يتكشَّف بصعوبة من وسط الحطام.
إذ يرى الكاتب أن هناك جيلاً جديداً من أمثال صدام حسين ومعمر القذافي جاهزٌ لفرض رؤاه الاستبدادية تحت مُسمَّى «الإصلاح».
ولكن هذه المرة هذا الجيل سيعمل بمباركة الغرب.
والإفلات من العقاب في مقتل خاشقجي سيُؤذِن بعصرٍ مخيف وأكثر وحشية، سنكون –نحن الغرب- متواطئين فيه، وفقاً لما يقول الكاتب.
ربما كانت السياسات الخارجية الأوروبية والأميركية مزدوجة الأوجه منذ أمدٍ طويل، وفقاً للكاتب.
لكنَّ القواعد والرأي العام عادةً ما أرغمتها على معاملة الأنظمة القاتلة باعتبارها منبوذة، من الناحية الرسمية على الأقل.
الاستخبارات الأميركية اعترضت اتصالاتٍ لمسؤولين سعوديين، كانت تناقش خطة لـ «القبض» على خاشقجي قبل اختفائه.
كان هذا فحوى تقرير نشرته صحيفة The Washington Post الأميركية، أمس الأول الثلاثاء 9 أكتوبر/تشرين الأول.
وهو ما يثير الاحتمال المزعج بأنَّ الحكومة الأميركية ربما علمت بالمكيدة ولم تُحذِّر خاشقجي وفق ما هي مُطالبة بفعله، حسب الكاتب.
مما يثير سؤالاً خطيراً: هل علمت واشنطن بنية السعودية قتل خاشقجي حقاً، ولماذا لم تُبلغه؟
وأثارت الفضيحة محاججات غاضبة، بأنَّ احتضان إدارة ترمب المتحمس لولي العهد السعودي شجَّع أسوأ توجهاته.
وبالتالي فإن هذا التشجيع من قبل ترمب هو الذي قاد إلى موت خاشقجي.
ويرى الكاتب أن هذا قد يكون صحيحاً.
لكنه يستدرك قائلاً: كي نفهم صعود المستبدين الجدد، علينا العودة للنظر إلى الخطيئة الأولى للربيع العربي، وصولاً إلى الشتاء العربي الذي نشهده اليوم.
كانت انتفاضات العام 2011 بلا سوابق حديثة، وكانت صدمةً حقيقية للديكتاتوريات التي عمَّرت في المنطقة طويلاً، ولعلاقات الزبونية مع الغرب التي ساهمت في بقائها.
لم يكن المسار الذي اتُّخِذ فيما بعد محتوماً سلفاً، وكان الناتج على مدى عامين على الأقل غير واضح، لكنَّ كل شيءٍ انهار في 2013.
ففي مصر، انتهى تعطُّل الحكومة التي كان يقودها الإخوان المسلمون، بمساعدةٍ من أجهزة الدولة التي لم تخضع للإصلاح، والتي بذلت كل ما بوسعها لضمان فشل الحكومة، بانقلابٍ قاده وزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسي.
وفي الشهر التالي في سوريا، أطلقت القوات الموالية للرئيس بشار الأسد صواريخ مُحمَّلة بغاز السارين على إحدى ضواحي دمشق الخاضعة لسيطرة المعارضة، ما أسفر عن مقتل 1400 رجل وامرأة وطفل.
في كلتا الحالتين، تفاعلت إدارة أوباما بالتردُّد الذي اتسم به عدم تجاوبها مع الربيع العربي بصورته الأشمل.
فبرفضهم وصف استيلاء السيسي على السلطة في مصر باعتباره انقلاباً كي يتجنَّبوا قطع علاقاتٍ مفيدة مستمرة منذ عقود، قَبِل كبار مساعدي أوباما ظهور مجلس عسكري جديد في الشرق الأوسط كأمرٍ واقع.
وفي كتابٍ جديد حول الانتفاضة المصرية وتداعياتها، يُصوِّر ديفيد كيركباتريك، مراسل صحيفة The Washington Post الأميركية في القاهرة آنذاك، بشكلٍ مُقنِع، الإدارة باعتبارها مُحفِّزة للثورة المضادة، وأنَّها كانت سعيدة لرؤية الاستقرار يعود بأي ثمن.
وبعد أسابيع من الانقلاب، أطلق وزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري ادعاءه الذي اكتسب سمعةً سيئة، حول أنَّ الجيش كان «يستعيد الديمقراطية«.
وتلقّى وزير الدفاع الأميركي آنذاك تشاك هيغل أوامر بالحديث مع السيسي لإقناعه بعدم ارتكاب مجازر بحق معارضيه.
لكنَّه بدلاً من ذلك قال هيغل إلى السيسي «إن الأخير يعرف ما هو أفضل لبلاده».
وأوضح لكيركباتريك لاحقاً، أنَّ مسؤولين من السعودية والإمارات غمروه بالشكاوى، قائلين له إنَّه حان الوقت لـ «إخماد» الإخوان المسلمين.
وهذا ما فعله السيسي بالضبط، إذ نسَّق في 14 أغسطس/آب 2013، مذابح في القاهرة خلَّفت أكثر من 900 قتيل من المتظاهرين، في حادثةٍ هي الأسوأ من نوعها في التاريخ الحديث.
وفي الشهر نفسه، انتهى تهاون أوباما في القيام بعملٍ عسكري رداً على استخدام بشار الأسد للأسلحة الكيماوية في سوريا، بركله الكرة إلى ملعب الكونغرس، والتوصُّل لصفقةٍ في آخر لحظة بوساطة من الحكومة الروسية.
وكان هذا يوماً مجيداً للشتاء العربي.
لكنَّ السنوات التي تلت ذلك شهدت مزيداً من استخدام الأسلحة الكيماوية، لاسيما غاز الكلور.
وفي الوقت نفسه، لم تُقدِّم الإدارة، عن عمد، للمعارضة السورية إلا دعماً سرياً يكفي لضمان نشوء مأزقٍ دموي.
وفي حين أعلن أوباما علانيةً أنَّ الأسد رئيسٌ غير شرعي لا بد أن يرحل، فإنَّ السياسة الأميركية ضمنت ألا يحدث ذلك أبداً.
كان رضوخ الولايات المتحدة لموت الربيع العربي نابعاً من كلٍّ من الواقعية المصلحية لكبار مسؤولي إدارة أوباما، والضغط الكبير من جانب السعوديين والإماراتيين، الذين نظروا إلى الانتفاضات الإقليمية باعتبارها تهديدات مُدمِّرة لأسلوب حكمهم المَلَكيّ.
وقام ملوك وأمراء الخليج الرجعيون بكل ما بوسعهم لإخماد حركة الديمقراطية المصرية، وقدَّموا مليارات الدولارات للسيسي وداعميه، حسب قول الكاتب الأميركي.
كان بغض هؤلاء الحكام للثورات العربية وتيار الإسلام السياسي الذي مكَّنته الثورات كبيراً، لدرجة أنَّهم نظروا حتى إلى انفتاح إدارة أوباما الفاتر تجاه الإخوان المسلمين باعتباره مؤامرةً قذرة، حسب الكاتب.
ومثَّل عام 2011 فرصة تاريخية للولايات المتحدة لإعادة ضبط علاقتها مع العالم العربي، التي اعتمدت لعقودٍ على دعم الديكتاتوريات، وفقاً للكاتب.
في حين كان عام 2013 هو الفرصة الأخيرة لتجنُّب العودة لاحتضان نفس أمراض المستبدين، التي قادت إلى الثورات في المقام الأول.
وإدارة أوباما فشلت في كلا الاختبارين.
يبدو أنَّ أحد مصادر هذا الفشل كان يتمثَّل في فراغٍ مفاجئ ظهر في جوهر رؤية أوباما للعالم، فالرجل الذي جاء إلى القاهرة في 2009 يُصرِّح برغبته في السعي لـ «بداية جديدة» ودعم حقوق الإنسان «في كل مكان»، رضخ بدلاً من ذلك إلى الواقعية التي لم تُمثِّل بديلاً أفضل يُقدِّم له أي عزاء.
وحين أطلق محمد بن سلمان الحملة السعودية العسكرية الكارثية في اليمن عام 2015، التي تُعَد أول مؤشر على اندفاع ولي العهد الخطير، قدَّمت له إدارة أوباما دعمها.
وتختلف إدارة ترمب بالأساس في درجة الحماس، التي زادت في مسألة الهوس الأميركي بفكرة الاستقرار.
كما كون صهر الرئيس جاريد كوشنر علاقةً وثيقة مع الأمير محمد بن سلمان.
حتى إن تقارير أفادت بأن كوشنر أطلعه على أسماء السعوديين «غير الموالين» له، في لقاءٍ جرى في وقتٍ متأخر من الليل، بإحدى ليالي أكتوبر/تشرين الأول 2017.
ومنذ ذلك الحين، لم يؤدِ احتجاز ولي العهد الوجيز لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ولا حملة قمعه المُنسَّقة ضد نشطاء حقوق المرأة، إلى فزعٍ أميركي رسمي كبير.
وحتى عادة خطف المعارضين بالخارج، ثُمَّ إعادتهم قسراً إلى البلاد، التي تمارسها السعودية منذ وقتٍ طويل جرى تجاهلها.
ومثال ذلك ما حدث مع الناشطة لجين الهذلول في الإمارات، في مارس/آذار2018.
وتكهَّن مراقبون مُطّلِعون سراً في الأيام الأخيرة بأنَّ خاشقجي ربما قُتِل خطأً أثناء محاولة اختطاف شبيهة، لكنَّ حادثةً كهذه ستكون هي النتيجة المتوقعة للانتهاكات السعودية التي سُمِح بها طويلاً.
ولكن التقارير تدفع للتساؤل: هل كانت واشنطن تعلم بنية السعودية قتل خاشقجي؟
إنَّ ما حدث لخاشقجي، المقيم في الولايات المتحدة وكاتب الرأي بصحيفة The Washington Post، الذي يملك أكثر من مليون متابع في حسابه بتويتر، إلى جانب دائرة نافذة من الأصدقاء، بدأ بالفعل في تبديد أي شعور متبقٍّ بالأمان كان يحمله المعارضون العرب حول العالم.
لقد تسبَّب الأمر في صدمة لمجتمعٍ منتشر حول العالم ومُنهَك تماماً من الصحافيين والكُتَّاب ونشطاء حقوق الإنسان القادمين من الشرق الأوسط، وأدخلهم في حالة من الغضب والرعب.
واعتبر الكاتب أن هذا التهديد جاء بسبب سياسات تحظى بدعمٍ من الحزبين -الجمهوري والديمقراطي- ومصدرها أعضاء مجلس الشيوخ، الذين يتمتعون بسلطة السماح بالدعم الأميركي للمملكة وتمويله، حسب تعبيره.
وفي يوم الإثنين الماضي 8 أكتوبر/تشرين الأول، بعد قرابة أسبوع على اختفاء خاشقجي، أدلى كلٌّ من الرئيس ترمب، ونائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، أخيراً بدلوهم، وعبَّروا عن قلقهم.
وفي يوم الثلاثاء الماضي 9 أكتوبر/تشرين الأول، طالب السيناتور بيرني ساندرز، أثناء خطابٍ مهم عن السياسة الخارجية التقدُّمية، بالمحاسبة في قضية اختفاء خاشقجي.
وأشار إلى السعودية باعتبارها عضواً مهماً ضمن «تحرُّك عالمي الانتشار باتجاه السلطوية، والأوليغاركية (حكم الأقلية الثرية)، والكليبتوقراطية (حكم اللصوص)» يتطلَّب معارضةً، حسب تعبيره.
واعتمد السعوديون في ردهم على التعتيم الذي أصبح نموذجاً للمستبدين الجدد في المنطقة، فقدَّموا إنكاراتٍ حادة، ونظريات مؤامرة، ووعداً كاذباً بإجراء تحقيقاتٍ لاكتشاف أين ذهب خاشقجي. وفشلوا في تقديم أي دليل على أنَّ خاشقجي غادر القنصلية في أي وقت، في حين نشر الصحافيون مقالات مهمة عن الأدلة الظرفية، مثل منح السعوديين إجازة للموظفين الأتراك في يوم اختفاء خاشقجي، وإزالتهم لقطات المراقبة من القنصلية، ووصول ومغادرة طائرتين خاصتين، تقول السلطات التركية إنَّهما كانتا تُقِلان فريق تصفية.
إذا سُمِح للسعوديين بلعب هذه اللعبة، وسُمِح بمرور قضية خاشقجي دون تبعات، سندخل عالماً جديداً يصبح فيه توعُّد نظامٍ بأنَّ «أيديه يمكنها أن تطالك أينما كنت» واقعاً، طالما بقي ذلك النظام مفيداً استراتيجياً للغرب.
دعوة للتبرع
لا تعارض: هل هناك تعارض بين المؤم ن الذى يرجو لقاء ربه...
شيطان التوافه: بعض الاخو ة يعانو ن كثيرا من مسألة الشك في...
موقعة الخندق: هل معركة الاحز اب تم حفر خندق حول المدي نه ...
عبادتهم للأنبياء : قال الله سبحان ه :إِنَ كُمْ وَمَا...
التأقلم فى امريكا: مأساة أسرة هاجرت إلى أمريك ا السلا م عليكم...
more