أردوغان ينقلب على العلمانية عبر خطوات متتالية لأسلمة تركيا

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٠٨ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


أردوغان ينقلب على العلمانية عبر خطوات متتالية لأسلمة تركيا

أردوغان ينقلب على العلمانية عبر خطوات متتالية لأسلمة تركيا

البرلمان التركي يناقش مشروع قانون يساوي بين الزواج الديني والمدني، وسط مخاوف مدنية وحقوقية من فتح الباب أمام الزواج العرفي.

مقدمة لبناء حكم ديني

أنقرة – حذّرت أحزاب وقوى مدنية وحقوقية من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ينفذ خطة طويلة المدى لأسلمة تركيا والانقلاب على هويتها العلمانية عبر سلسلة من القرارات، آخرها مشروع القرار الذي ينتظر أن يناقشه البرلمان التركي والذي يدفع لسنّ قانون يجيز الزواج الديني ويساوي بينه وبين الزواج المدني، ما قد يفتح الطريق أمام القبول بالزواج العرفي.

وقدّم مجلس الوزراء التركي لمجلس النواب مسودة مشروع، ينتظر أن تناقش بعد الإجازة السنوية، تمنح “المأذون الشرعي” صلاحيات عقد الزواج الرسمي في السجلات الحكومية، وهو ما يعني أن وزارة الداخلية التركية ستكون مجبرة على منح المأذونين الشرعيين التابعين لدور إفتاء المدن والبلديات صلاحيات عقد الزواج الرسمي.

ولا يسمح القانون التركي للمأذون الشرعي بعقد زواج رسمي ويقوم الموظفون من البلديات بهذه المهام. ومنذ تطبيق القانون المدني عام 1926، والموظفون المدنيون فقط هم من يمكنهم عقد الزواج في تركيا. كما أن من يذهب إلى مسجد ليعقد قرانه تتمّ محاكمته بالسجن لمدة تتراوح بين شهرين وستة أشهر.

ويستغرب معارضون أتراك طرح هذا المشروع للتصويت في غياب أيّ مشاكل تعترض الأتراك من الزواج المدني، ولا يجدون أيّ مبرّر لهذه المغامرة القانونية سوى رغبة أردوغان في تركيز جهاز مواز يقسّم الأتراك ويثير بينهم الخلافات حول الهوية الدينية والهوية المدنية.

وتساءل نائب حزب الشعب الجمهوري شينال صاري هان عن الحاجة لمنح هذه الصلاحيات بهذا الشكل؟ وقال “هل هناك عجز أو عدم كفاية في البلديات أو مسؤولي الزواج القانوني لعمليات الزواج؟”.

واعتبرت صحف معارضة أن هذه الخطوة تأتي ضمن رغبة حكومة أردوغان في التخلص من النظام العلماني وتعويد الأتراك على الأحكام الإسلامية وكمقدمة لبناء حكم ديني يحقق للرئيس التركي أمنيته في أن يستعيد تجربة العثمانيين ولعب دور السلطان.

ولم تخف كايه أوسلور، ممثلة حزب الشعب الجمهوري في البرلمان، في الربط بين تفكير أردوغان وخططه لبناء مجتمع إسلامي مغلق وبين تفكير تنظيم داعش الذي طبّق نماذج حكم عنيف في سوريا والعراق.

وقالت أوسلور “العقلية التي أنشأت الدولة الإسلامية يتم تداولها في تركيا أيضا ولكن بإصدار مختلف”.

ولا تستبعد منظمات مدنية وحقوقية أن يكون إقرار الزواج الديني هادفا لجعله مرجعية وحيدة لدى الأتراك، وأن تعمد الحكومة إلى تشجيع الناس على تهميش الزواج المدني، وهو ما من شأنه أن يدفع إلى الاعتراف بنماذج مقنّعة مثل الزواج العرفي وغيره من التسميات الرائجة بين أوساط إسلامية متشددة.

وتحذّر هذه المنظمات من أن السكوت عن التغييرات الجوهرية التي يخرق بها أردوغان جدار العلمانية ستزيد من خطواته لأسلمة الدولة وضرب هويتها المدنية، لافتة إلى أن خطورة مشروع الرئيس التركي لا تقف عند المواقف السياسية التي وسّعت دائرة أعداء تركيا، وإنما في وضع أسس مشروع ديني منغلق وسط ارتباك وتردد بين القوى العلمانية.

ولا يخفي أردوغان أفكاره المتشددة ورغبته في أن يعيد تركيا إلى الوراء عبر قوانين تقلل من شأن المرأة أو تتدخل في الحريات الشخصية للأتراك مثل تحريم الإجهاض والحث على إنجاب عدد كبير من الأطفال “3 على الأقل”، والتمييز بين الجنسين، وهي الأفكار التي أدت إلى مظاهرة كبرى بميدان تقسيم في يونيو 2013.

وفي نوفمبر 2014 أثار أردوغان غضب جمعيات الدفاع عن المرأة حينما أفتى بأن “ديننا الإسلام حدد دور النساء في المجتمع بالأمومة، وأنه لا يمكن معاملة الرجل والمرأة بالطريقة نفسها لأن ذلك ضد الطبيعة البشرية”.

وتابع “طباعهن وعاداتهن وأجسادهن مختلفة (…) لا يمكنكم وضع امرأة ترضع طفلها ورجلا على قدم المساواة”.

وتدخل أردوغان في تقاليد الأتراك التاريخية عندما رفض اعتبار عرق “الراكي” شراب الأتراك، مطالبا باستبداله بشراب لبن “العيران” ما أثار موجة من الاستهجان والتهكم.

وحتى لا تبقى هذه الأفكار بعيدة عن التنفيذ دعا الرئيس التركي السبت الماضي إلى تفعيل دور المساجد في عموم البلاد خلال الفترة القادمة وجعلها مفعمة بالنشاط بشكل دائم وليس فقط في أوقات الصلوات الخمس وهو ما اعتبره متابعون دليلا على توجه أردوغان لتكوين مجتمع مواز يعتمد الآليات التقليدية في التواصل، واللعب على البعد الديني لاختراق الوعي الشعبي.

اجمالي القراءات 2510
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق