ما الذي تخبرنا به صفقة الأسلحة الأمريكية-السعودية عن إدارة ترامب؟

اضيف الخبر في يوم الأحد ٢١ - مايو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


ما الذي تخبرنا به صفقة الأسلحة الأمريكية-السعودية عن إدارة ترامب؟

ترامب لا يضع حقوق الإنسان على قائمة أولوياته، ولا مكان لها في سياسته الخارجية. ويزعم أنَّ سياسته الخارجية قوامها الاعتماد على المصالح الأمريكية فحسب.

مقالات متعلقة :

نشر موقع «Vox» الأمريكي تقريرًا حول صفقة الأسلحة المبرمة حديثًا بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وما تخبرنا به هذه الصفقة عن إدارة ترامب وطريقة تعاطيها للأمور.

يقول أليكس وارد – كاتب التقرير – إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن لتوه إبرام صفقة تقدر بـ110 مليار دولار مع السعودية تشمل «دبابات ومروحيات لحماية الحدود، وسفنًا لخفر السواحل، وطائرات لجمع المعلومات، ونظام رادار للدفاع الصاروخي، وأدوات للأمن السيبراني» وذلك بحسب شبكة «ABC News». وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إنَّ هذه الصفقة جزء من اتفاق مدته 10 سنوات تبلغ قيمته 350 مليار دولار في إطار «الرؤية الاستراتيجية» للعلاقات بين البلدين.

كانت هذه الصفقة طور الإعداد لبعض الوقت، لكن من الواضح أنَّ البيت الأبيض قد ضغط بشدة للانتهاء منها في الوقت المناسب للإعلان عنها خلال رحلة الرئيس للمملكة العربية السعودية. وقال التقرير: «إنَّ الغرض من هذه الصفقة إرسال رسالة واضحة مفادها أنَّ ترامب لن يدير الأمور بنفس طريقة سلفه».

إنَّ هذه الصفقة ترسم لنا صورة حية عن إدارة ترامب ــ وهي إدارة راغبة في فعل المحال لعقد الصفقات مع الأصدقاء المهمين، ولا تترك مسائل حقوق الإنسان تعترض طريق التجارة.

كانت إدارة أوباما قد وافقت في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي على صفقة أسلحة تقدر بأكثر من 115 مليار دولار مع السعودية. لكن لما زاد عدد ضحايا الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وزادت تقارير انتهاكات حقوق الإنسان زيادة كبيرة؛ ألغت إدارة أوباما بيع الأسلحة الموجهة بدقة، التي كانت قد وافقت من قبل على إضافتها إلى الصفقة؛ وذلك في محاولة منها لإجبار السعوديين على الحد من هذه الفظائع.

أما الآن، فقد عادت هذه الذخائر إلى حزمة صفقة أسلحة ترامب ــ وهو الأمر الذي يخبرنا بالكثير عن إدارته، بحسب التقرير.

في الواقع، فإنَّ هذه الصفقة ترسم لنا صورة حية عن إدارة ترامب ــ وهي إدارة راغبة في فعل المحال لعقد الصفقات مع الأصدقاء المهمين، ولا تترك مسائل حقوق الإنسان تعترض طريق التجارة. في هذه الإدارة قد تكون العلاقات الشخصية مع المقربين من الرئيس أمرًا مربحًا للغاية.

اقرأ أيضًا: ترامب في السعودية: الدفع مقابل الزيارة!

دور جاريد كوشنر في إبرام الصفقة

قال التقرير «إنَّ جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي وزوج ابنته، يبدو أنه قد أدى دورًا محوريًا في إبرام هذه الصفقة، فقام بنفسه بمساعدة السعوديين على إبرامها في الوقت المناسب لرحلة ترامب إلى السعودية».

وبحسب تقارير صحيفة «نيويورك تايمز»، فقد كان الاتفاق جاهزًا بالفعل عندما تدخل كوشنر في الصفقة. لكن خلال واحد من الاجتماعات الأخيرة، طرح مسؤول أمريكي احتمالية إضافة «نظام رادار معقد مصمم لإسقاط الصواريخ الباليستية» إلى قائمة المشتريات السعودية. ولما كان لدى إيران، أبرز خصوم السعودية، برنامج صواريخ ممتاز، فقد كان السعوديون، بطبيعة الحال، مهتمين بمثل هذا النظام.

كانت ثمة مشكلة واحدة: السعر. وهنا تدخل كوشنر. فقد رفع كوشنر – بحسب الصحيفة – سماعة الهاتف في وسط الاجتماع واتصل بماريلين هيوسون، المديرة التنفيذية لشركة لوكهيد مارتين (الشركة المصنعة لهذا النظام)، وسألها مباشرة إن كان بإمكانها إعطاء خصم للسعوديين. ويبدو أنَّ هيوسون قالت: إنها «سوف تنظر في الأمر» بحسب الصحيفة ذاتها.

ويعلق الكاتب أليكس وارد بأن ثمة بعض الملحوظات في هذا السرد للأحداث. أولًا: يظهر لنا هذا الموقف إلى أي مدى قد تذهب الإدارة الحالية لعقد صفقة مع الحلفاء المهمين. والسعودية دولة مهمة للغاية. ذلك أنَّ ترامب يريد (ويحتاج) مساعدة السعودية لمحاربة داعش والأيدلوجية المتطرفة التي تقودها.

في الماضي، كانت مبيعات الأسلحة الأجنبية يجري التفاوض عليها من خلال
بيروقراطيات حكومية عديدة، أما الآن فبإمكان الدول تجاوز كل هذه
البيروقراطية والذهاب إلى المصدر مباشرة ما دامت لهم علاقات طيبة بكوشنر.

لكنَّ ثمة سببًا آخر لأهمية السعودية بالنسبة لترامب: فقد قالت مجلة «بلومبيرج»: «إنَّ المملكة تفكر في عقد استثمارات بقيمة 40 مليار دولار في البنية التحتية الأمريكية. يريد ترامب إنفاق تريليون دولار على تحسين البنية التحتية الأمريكية، ومما لا شك فيه أنَّ هذا المال السعودي سوف يساعده على تحقيق هدفه ذاك».

ثانيًا: صار لدى أعضاء الحزب الجمهوري الأكثر ميلًا ناحية الليبرتارية، والذين كانوا يشككون من ميل الكثير من سياسات ترامب للتعارض مع مبادئ السوق الحر، دليل آخر على صحة موقفهم. ذلك أنَّ هذه الصفقة مثال واضح على التدخل الحكومي المباشر في السوق الحرة من خلال محاولة جعل شركة ما تغير سعر منتج ما.

بل الأسوأ من كل هذا، أنَّ كبير مستشاري الرئيس ترامب قد اجتهد، عامدًا، في تقليل أرباح شركة أمريكية، لمساعدة بلد آخر. مما لا شك فيه أنَّ هذا ليس ما توقعه ناخبو ترامب من سياسة «أمريكا أولًا».

وأخيرًا، فإنَّ حقيقة أنَّ كوشنر نفسه كان في القلب من الصفقة برمتها، أمر جدير بالملاحظة. في الماضي، كانت مبيعات الأسلحة الأجنبية يجري التفاوض عليها من خلال بيروقراطيات حكومية عديدة، أما الآن فبإمكان الدول تجاوز كل هذه البيروقراطية والذهاب إلى المصدر مباشرة ما دامت لهم علاقات طيبة بكوشنر. وهذا أمر لا يفوت على الدول الأخرى ملاحظته.

اقرأ أيضًا: روبرت فيسك: زيارة ترامب إلى السعودية نذير شؤم على الشيعة

ترامب أعطى السعوديين ما يريدونه حقًا

يشير التقرير إلى ما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» حول إشادة ترامب بهذه الصفقة بوصفها انتصارًا، قائلًا: إنَّ «هذا يوم عظيم» بسبب «الاستثمارات الضخمة في الولايات المتحدة… والوظائف، الوظائف، الوظائف». كان ترامب فخورًا بنفسه أيما فخر.

وهذه الصفقة كبيرة بحق، لكنَّ أوباما كان قد وافق على صفقة أسلحة أكبر بقيمة 115 مليار دولار في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، شملت «أسلحة، ومعدات عسكرية أخرى، وتدريبات» وذلك بحسب وكالة رويترز.

ومع أنَّ العلاقات بين البلدين كانت متوترة خلال سنوات أوباما في الحكم بسبب انفتاح إدارته على إيران، فقد كانت هذه الصفقة، بالرغم من ذلك، أكبر صفقة معروضة في تاريخ التحالف الأمريكي-السعودي. لكنَّ هذه الصفقة جاءت مقابل ثمن آخر.

فقد قادت السعودية، بدعم من الولايات المتحدة وحلفاء إقليميين آخرين، حملة استمرت عامين ضد الحوثيين، وهي جماعة مسلحة مدعومة إيرانيًا تحاول الإطاحة بالحكومة اليمنية المدعومة سعوديًا. كانت هذه الحرب وحشية وتسببت في كارثة إنسانية على نطاق مذهل: إذ قتل ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص وهجّر أكثر من ثلاثة ملايين شخص منذ بدء الحرب في شهر مارس (آذار) 2015. وهناك ملايين آخرون معرضون لخطر المجاعة حاليًا.

استهدفت الطائرات الحربية السعودية، في حربها على الحوثيين، المستشفيات والمدارس والطرق والكباري والمزارع والمواشي وأهدافًا مدنية أخرى دون أي اعتبار للقوانين التي تحظر مثل هذه التكتيكات في وقت الحرب، أو المعاناة الرهيبة التي تلحقها بالمدنيين الأبرياء.

حاولت إدارة أوباما كثيرًا (وإن لم تبذل ما يكفي من الجهود لإحداث فارق ملحوظ على الأرض) استخدام وسائل الضغط على السعوديين، لا سيما الدعم العسكري الأمريكي وصفقات الأسلحة، لإجبار السعودية على وقف هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.

أما ترامب، من ناحية أخرى، فلا يضع حقوق الإنسان على قائمة أولوياته، ولا مكان لها في سياسته الخارجية. ويزعم ترامب أنَّ سياسته الخارجية قوامها الاعتماد على المصالح الأمريكية فحسب. وكما صرح خلال حملته الانتخابية، فإنَّ الولايات المتحدة سوف يكون لها، حال انتخابه رئيسًا، «أخيرًا، سياسة خارجية متسقة مبنية على المصالح الأمريكية والمصالح المشتركة لحلفائنا».

وقال التقرير: إنَّ ترامب يبدو على أهبة الاستعداد لتجاهل الدليل المتزايد على التصرفات الوحشية للمملكة في اليمن من أجل تمرير صفقة الأسلحة، خصوصًا لو كان يعتقد أنَّ بإمكانه الحصول على مكسب منها في المقابل.

وهذا على وجه التحديد هو السبب الذي من أجله تشعر السعودية، ودول كثيرة أخرى كانت إدارة أوباما تلقي عليها دروسًا في حقوق الإنسان خلال السنوات الثمانية الماضية، بالسعادة من وجود ترامب في المكتب البيضاوي. ذلك أنَّ ارتكاب انتهاكات ضخمة لحقوق الإنسان يكون أسهل بكثير عندما يكون أولئك الذين يبيعونك الأسلحة لا يبالون بكيفية استخدامك لها، ما دمت تدفع ثمن ذلك.

اجمالي القراءات 2454
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق