لا يوجد عدم مطلق! اكتشاف قوة جديدة تعمل على المستوى النانوي في الفراغ

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٢ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


لا يوجد عدم مطلق! اكتشاف قوة جديدة تعمل على المستوى النانوي في الفراغ

يبدو أننا لم نتوصل بعد إلى كافة القوى الموجودة في الكون، بل إننا لم نتمكن حتى الآن من حصر تلك القوى الموجودة في شيء متناهي الصغر مثل الذرة. فقد تمكن باحثون من اكتشاف قوة جديدة وغير متوقعة تعمل على الجسيمات النانوية في الفراغ.

المذهل في الأمر أن هذه القوة تسمح للجزيئات على مستوى النانو بالاندفاع والحركة خلال حالة العدم المفترض وجودها في هذا الفراغ.

ميكانيكا الكم والعدم

وقبل الخوض في التفاصيل، علينا أن نعرف أولًا أن الفيزياء المتعلقة بميكانيكا الكم جعلت ما يتعلق بفكرة العدم التي كنا نعتقد بوجودها مسبقًا أمرًا مستبعدًا. فحالة العدم التامة التي يمكن أن يتواجد خلالها جسم ما هي أمر غير موجود في الواقع، حتى حالة الفراغ التي لا يتواجد بها أي جسيم مادي هي مليئة في الواقع بالتقلبات الكهرومغناطيسية متناهية الصغر.

ومما درسناه سابقًا في الفيزياء، يعرف الفراغ أو العدم بأنه منطقة أو فضاء ما محروم من وجود أي جسيمات مادية. بينما في فيزياء الكم، فيوجد ما يطلق عليه اسم التذبذب الكمومي (أو تقلب الفراغ الكمي أو تقلب الفراغ)، وهو التغير المؤقت في كمية الطاقة في نقطة ما في الفضاء، كما هو موضح في مبدأ عدم التأكد للعالم هايزنبرغ.

وبالعودة إلى الاكتشاف الجديد، فقد أظهر هذا البحث الجديد دليلًا آخر على أننا في البداية فقط نحو فهم القوى الغريبة التي تعمل على أصغر مستوى من العالم المادي، من خلال إظهار الكيفية التي يمكن لما نطلق عليه العدم أن يتسبب في نشوء حركة جانبية.

السؤال المثير للانتباه هنا هو كيف يمكن للفراغ أن يحمل قوة؟ واحدة من أولى الأشياء الأساسية التي تعلمناها في الفيزياء الكلاسيكية هي أنه في حالة الفراغ المثالي – مكان خال تمامًا من المادة – فإنه لا يمكن أن تتواجد أي قوى احتكاك، لأن الفضاء الفارغ لا يمكن أن يمارس أي قوة على الأجسام التي تتحرك من خلاله. لكن بالطبع فإن ميكانيكا الكم لها رأي آخر.

الضوء والفراغ

في السنوات الأخيرة، أظهر فيزيائيو الكم أن الفراغات تمتلئ في الواقع بتقلبات كهرومغناطيسية صغيرة أو «electromagnetic fluctuations» والتي يمكن لها أن تتداخل مع نشاط الفوتونات – وهي جزيئات الضوء – وتنتج قوة قابلة للقياس على الأجسام.

هذه الظاهرة أطلق عليها اسم تأثير كاسيمير «Casimir effect»، وقد توقع الفيزيائيون وجوده لأول مرة في عام 1948. الآن، أظهرت لنا الدراسة الجديدة أن هذا التأثير هو أكثر قوة مما كان العلماء يعتقدون. في نظرية الكم، يعرف تأثير كاسيمير بأنه القوى المادية الناشئة عن الحقل الكمومي. وقد جرى تسميتها باسم الفيزيائي الهولندي هندريك كاسيمير الذي اكتشفها عام 1948.

ولتوضيح الأمر أكثر، المثال النموذجي لهذا التأثير يظهر في وجود لوحتين غير مشحونتين موضوعتين في الفراغ موازيتين لبعضهما البعض ويبعدان بضعة نانومترات. في الفيزياء الكلاسيكية، عدم وجود حقل خارجي يعني أنه لا يوجد مجال متكون بين اللوحين، وبالتالي ليس هناك قوة يمكن قياسها بينهما. لكن عندما يدرس هذا الحقل باستخدام فراغ كهروديناميكي كمي، فإنه يرى أن الألواح تؤثر على الفوتونات الظاهرية التي تشكل الحقل الكمي، وتولد قوة صافية – سواء قوة تنافر أو تجاذب اعتمادًا على الترتيب المحدد للوحين.

التكنولوجيا القادمة

السؤال هنا: لماذا هذا الأمر مهم؟ قد يكون تأثير كاسيمير قابلًا للقياس فقط على مقياس الكم، ولكن مع بدء هندستنا للتكنولوجيا الأصغر والأصغر، أصبح من الواضح أن هذه الآثار الكمومية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على المنتجات بشكل عام. وقال الباحث الرئيسي أليخاندرو مانجافاكاس من جامعة نيو مكسيكو في الولايات المتحدة: «هذه الدراسات مهمة لأننا نطور تكنولوجيات نانوية حيث نصل ​​إلى مسافات وأحجام صغيرة جدًا بحيث يمكن أن تهيمن هذه الأنواع من القوى على كل شيء آخر».

وأضاف أنهم يعرفون أن قوى كاسيمير موجودة، لذا فإن ما يحاولون القيام به هو معرفة أثرها العام على الجسيمات الصغيرة جدًا.

ولمعرفة كيف يمكن لقوى كاسيمير أن تؤثر على الجسيمات النانوية، نظر الفريق فيما حدث مع الجسيمات النانوية الدورية بالقرب من سطح مستو في فراغ. ما وجدوه هو أن تأثير كاسيمير يمكن أن يدفع هذه الجزيئات النانوية في الواقع أفقيًا – حتى لو لم تكن تلمس السطح.

هذا الأمر غريب بعض الشيء، ولكن تخيل أن لديك كرة صغيرة تدور بشكل دوري على سطح يجري قصفه باستمرار بالفوتونات. في حين أن الفوتونات تبطئ دوران الكرة، فإنها تسبب أيضًا حركة الكرة في الاتجاه الجانبي.

في عالم الفيزياء الكلاسيكية، سيكون هناك حاجة إلى الاحتكاك بين المجال والسطح لتحقيق هذه الحركة الجانبية، ولكن عالم ميكانيكا الكم لا يتبع نفس النتائج، وهكذا يمكن دفع الكرة عبر سطح ما حتى عندما لا تلمس الكرة ذلك السطح. يقول مانجافاكاس إن الجسيمات النانوية تختبر قوة جانبية كما لو كانت على اتصال بالسطح، على الرغم من أنها انفصلت عنه فعليًا. وأضاف «إنها رد فعل غريب ولكنه أحد الأمور التي قد يثبت أن يكون لها تأثير كبير للمهندسين خلال الأيام القادمة».

كل هذا قد يبدو غامضًا قليلًا بالنسبة لنا، ولكن يمكن لهذا الأمر أن يلعب دورًا هامًا في معرفة كيفية تطوير تكنولوجيا أصغر وأصغر، فضلًا عن أجهزة متوقع انتشارها قريبًا في الأسواق مثل أجهزة الكمبيوتر الكمية. ومن المثير للفضول أن الباحثين أوضحوا أنهم يستطيعون التحكم في اتجاه القوة عن طريق تغيير المسافة بين الجسيمات والسطح، هذا الأمر من الممكن أن يأتي يومًا ما ويصبح في متناول اليدين للمهندسين والباحثين الذين يبحثون باستمرار عن طرق أفضل لمعالجة المادة على مقياس النانو.

ويتعين الآن تكرار هذه النتائج والتحقق منها من قبل فرق بحثية أخرى. ولكن حقيقة أن لدينا الآن أدلة على قوة جديدة مثيرة للاهتمام يمكن استخدامها لتوجيه الجسيمات النانوية في العدم هي فكرة مثيرة جدًا، وتجعلنا نخطو بثبات خطوة إلى الأمام نحو فهم القوى الغريبة التي تعمل على مستوى الفيزياء الكمية.

ميكانيكا الكم

«ميكانيكا الكم» ليست مجرد نظرية، ولكنها تحولت إلى فرع كامل من فروع علم الفيزياء، بل إنها أحد الفروع الرئيسة والأساسية لعلم الفيزياء، والتي تعنى بشكل كبير ببعض العمليات التي تتضمن «الذرات والفوتونات». وقد لاحظ العلماء أن أية عملية يطلق عليها صفة الكمية، فإن هذه العملية تمثل مضاعفات صحيحة لثابت فيزيائي هام يسمى «ثابت بلانك». العلماء لا يمكنهم تفسير السبب وراء هذه الملاحظة حتى الآن.

ويمكننا القول بشكل أكثر بساطة، إن ميكانيكا الكم هي مجموعة من النظريات الفيزيائية التي ظهرت في القرن العشرين، وذلك لتفسير الظواهر والعمليات على مستوى الذرات والجسيمات ما دون الذرية. أهم ما ميز هذه النظرية هو دمجها بين الخاصية الجسيمية والخاصية الموجية؛ ليظهر لأول مرة في التاريخ مصطلح «الطبيعة المزدوجة للجسيم».

من هنا تصبح ميكانيكا الكم مسؤولة عن التفسير الفيزيائي على المستوى الذري، وما دونه، وتعتبر بمثابة تعميم للفيزياء الميكانيكية لإمكانية تطبيقها على: المستوى الذري، ومستوى الأجسام الطبيعية، أو المعتادة. وبهذا يكون لدينا نظريتان رئيستان في الفيزياء لوصف كل ما يجري حولنا في الكون: «النظرية النسبية» لـ«أينشتاين»، والتي تصف العمليات التي تجري بين الأجسام متناهية الكبر، ويقصد بها هنا وصف قوى الجاذبية بين الكواكب والمجرات في الكون الواسع.

كذلك يُصبح لدينا نظرية أخرى تصف العمليات التي تحدث بين الأجسام متناهية الصغر، ويقصد بها «القوة الكهرومغناطيسية، والقوى النووية الكبرى والصغرى» على مستوى الذرات وما دونها. هذا الأمر تسبب في وجود معضلة

اجمالي القراءات 2848
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق