أحاديث مشكلة :
إن الرواية قد حملت عن رسول الله فيما حملت أحاديث كثيرة مشكلة وغريبة، وإنا نورد هنا بعض هذه الأحاديث على طريق المثال لأن استيعابها يحتاج إلى أسفار.
عن ابن عباس أن الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء، قلمه نور، وكتابه نور، عرضه ما بين السماوات والأرض ينظر فيه كل يوم نظرة،ويحيي ويميت ويعز ويذل، ويفعل ما يشاء فذلك قوله " كل يوم هو في شأن ". رواه عبد الرزاق وابن المنذر والطبراني والحاكم. وروى الشيخان وبعض السنن والمسانيد والتفسير المأثور عن أبي ذر، قال رسول الله لأبي ذر حين غربت الشمس أتدري أين تذهب؟ قلت الله ورسوله أعلم! قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها ارجعي من حيث شئت فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى: " والشمس تجري لمستقر لها "... الآية. وروى مسلم في مقدمة كتابه عن عبد الله بن عمرو بن العاص صاحب الزاملتين قال: إن في البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان بن داود، يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا. وروى البخاري في " باب الدواء بالعجوة للسحر " عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال، قال النبي: " من اصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل - وفي رواية سبع تمرات عجوة - وكذا المسلم عن سعد بن أبي وقاص. وعند النسائي من حديث جابر: العجوة من الجنة وهي شفاء من السم. وأخرج الشيخان عن أبي هريرة إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضى التأذين أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه - وقال العلماء المحققون في شرح هذا الحديث: لئلا يسمع فيضطر أن يشهد له بذلك يوم القيامة... وروى مسلم عن أبي سفيان أنه قال للنبي: يا رسول الله أعطني ثلاثا، تزوج ابنتي أم حبيبة، وابني معاوية اجعله كاتبا، وأمرني أن أقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين... وأم حبيبة تزوجها رسول الله وهو بالحبشة وأصدقها النجاشي، وأبو سفيان أسلم عام الفتح وبين الهجرة والفتح عدة سنين.
وروى مسلم عن عمرو بن الشريد قال: ردفت النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: هل معك من شعر أمية؟ قلت: نعم، فأنشدته مائة بيت، فقال: لقد كاد يسلم في شعره. وروى أحمد في مسنده عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: صدق أمية في شيء من شعره، وفي رواية قال رسول الله: صدق أمية ابن أبي الصلت في شيء من شعره فقال: زحل وثور تحت رجل يمينه * والنسر للأخرى وليث مرصد فقال رسول الله: صدق وقال: والشمس تطلع كل آخر ليلة * حمراء يصبح لونها يتورد تأتي فما تطلع لنا في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد وهذا الحديث صحيح الإسناد وهو في مجمع الزوائد، ورواه أبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات. ولما اعترض عليه في قوله: " إلا معذبة وإلا تجلد "! قال ابن عباس والذي نفسي بيده ما طلعت الشمس قط حتى ينخسها سبعون ألف ملك فيقولون لها: اطلعي، اطلعي! فتقول: لا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله! فيأتيها ملك فتشتعل لضياء بني آدم، فيأتيها شيطان فيريد أن يصدها عن الطلوع فتطلع بين قرنيه فيحرقه الله تحتها، وذلك قول رسول الله: ما طلعت شمس إلا بين قرني شيطان، ولا غربت إلا بين قرني شيطان، وما غربت الشمس قط إلا خرت ساجدة، فيأتيها شيطان فيريد أن يصدها عن السجود فتغرب بين قرنيه فيحرقه الله تحتها. وروى الطبراني عن أبي أمامة، أن الله وكل بالشمس تسعة أملاك يرمونها بالثلج كل يوم، ولولا ذلك ما أتت على شيء إلا أحرقته.. وروى الشيخان واللفظ لمسلم عن أنس بن مالك: أن رجلا سأل النبي قالمتى تقوم الساعة؟ قال: فسكت رسول الله هنيهة ثم نظر إلى غلام بين يديه من أزد شنوءة فقال: " إن عمر هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة " قال أنس: ذاك الغلام من أترابي يومئذ. وقد مات أنس في سنة 93 ه على المشهور وهو ترب الغلام الذي قال النبي إنه لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة، وبذلك يكون قيام الساعة قبل انقضاء القرن الأول الهجري كما نص الحديث! فما قول عباد الأسانيد؟! لعل بعضهم ينبري فيقول: وما يدريك لعل هذا الغلام لم يدركه الهرم إلى الآن!!
حديث فيم يختصم الملأ الأعلى:
وروى أحمد في مسنده، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرج عليهم ذات غداة وهو طيب النفس مسفر الوجه فسئل عن السبب فقال: وما يمنعني! أتاني ربي عز وجل في أحسن صورة قال: يا محمد قلت لبيك ربي وسعديك! قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري أي ربي! قال: فوضع كفيه بين كتفي فوجدت بردهما بين ثديي حتى تجلى لي ما في السماوات وما في الأرض! ورواية الشهرستاني: لقيني ربي فصافحني وكافحني ووضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله.
ثور الجنة:
وفي بدائع الفوائد لابن القيم ثبت عن النبي أن المؤمنين ينحر لهم يوم القيامة ثور الجنة الذي كان يأكل منها فيكون نزلهم، قال ابن القيم: فهذا حيوان قد كان يأكل من الجنة فينحر نزلا لأهلها.
رؤية النبي لله 11 مرة، والإسراء كان يقظة: قال القاضي: نص أحمد على أن الإسراء كان يقظة، وحكى له أن موسى ابن عقبة قال: أحاديث الإسراء منام فقال: هذا كلام الجهمية - وقال أبو بكر النجار: رآه إحدى عشرة مرة! تسع مرات ليلة المعراج حينما كان يتردد بين موسى وبين ربه عز وجل، ومرتين بالكتاب. ملك من حملة العرش: في منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: عن أنس عن النبي أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنه العرش وبين شحمة أذنه وعاتقه خفقات الطير 700 عام يقول: أنت الملك سبحانك حيث كنت. الرعد: عن ابن عباس: الرعد ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله تعالى - وعنه أيضا الحيات مسخ الجن كما مسخت القردة والخنازير زمن بني إسرائيل - وعنه: أول ما خلق الله من شيء " القلم "، ثم خلق النون فكبس الأرض على ظهر النون الحجر الأسود: عن ابن عباس: الحجر الأسود يمين الله تعالى في الأرض يصافح بها من يشاء من خلقه وفي رواية أخرى عنه أنه قال: الحجر الأسود من الجنة، وكان أشد بياضا من الثلج حتى سودته خطايا الشرك، وقالوا إنه يأتي يوم القيامة، وله لسان وشفتان ليشهد لمن استلمه بحق. وهذا الحديث إسرائيلي منقول عن وهب بن منبه الذي قال فيه: كان لؤلؤة بيضاء فسوده المشركون. وقد استهزأ الجاحظ بهذا الحديث فقال: كان يجب أن يبيضه المسلمون حين أسلموا...
فضل بسم الله الرحمن الرحيم:
عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال: لما نزل بسم الله الرحمن الرحيم هرب الغيم إلى المشرق وسكنت الرياح وهاج البحر، وأصغت البهائم بآذانها ورجمت الشياطين من السماء، وحلف الله تعالى بعزته وجلاله ألا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه. أحد حملة العرش: عن جابر قال رسول الله: " أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام. رواه أبو داود والبيهقي. جبريل له ستمائة جناح: وروى الإمام أحمد عن عبد الله قال: رأى رسول الله جبريل في صورته له ستمائة جناح، كل جناح منها يسد الأفق، يسقط من جناحه من الدر والياقوت، ما الله به أعلم. (إسناده قوي)
وعن عبد الله بن مسعود قال: رأى رسول الله جبريل في حلة خضراء وقد ملأ بين السماء والأرض. (رواه مسلم) يكشف ربنا عن ساقه: روى الشيخان عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الله عز وجل يكشف عن ساقه. وفي البخاري عن أبي سعيد قال: سمعت النبي يقول: يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة. وقال ابن مسعود: يكشف الله عن ساقه اليمنى فيضيئ من نور ساقه الأرض. الشاة من دواب الجنة: وفي سنن ابن ماجة من حديث ابن عمر، أن النبي قال: الشاة من دواب الجنة. قدم الجبار: في الصحيحين من حديث أنس، أن النبي قال: لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فيزوى بعضها إلى بعض. شجرة في الجنة: روى البخاري عن ابن سعيد عن النبي قال: إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد، أو المضمر السريع مائة عام ما يقطعها. وفي رواية: إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ولا يقطعها.
أصدق الحديث ما عطس عنده:
رواه الطبراني في الأوسط والترمذي وغيرهما عن أنس.
طوبى شجرة في الجنة: رواه أحمد وابن حبان وفي رواية، طوبى شجرة في الجنة غرسها الله بيده ونفخ فيها من روحه تنبت بالحلى والحلل، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة. والمشكلات لا يمكن حصرها، وبحسبك أن تجد الطحاوي قد ألف كتاب " مشكل الآثار " في أربعة مجلدات كبار، ولم يستوعب فيها كل المشكلات. وهذا الكتاب طبع في الهند.
أحاديث المهدي:
مما يبدو من مشكلات الرواية تلك الأحاديث المختلفة التي جاءت في كتب السنة المشهورة عند الجمهور عن " المهدي المنتظر " والتي تذكر أنه يخرج في آخر الزمان ليملأ الدنيا عدلا - كما ملئت جورا. وهو عند أهل السنة " محمد بن عبد الله " وفي رواية: أحمد بن عبد الله - والشيعة الإمامية متفقون على أنه " محمد بن الحسن المهدي " من الأئمة المعصومين ويلقبونه بالحجة والقائم المنتظر. وتقول الكيسانية: إن المهدي هو: محمد بن الحنفية وهو حي يقيم بجبل رضوى بين أسدين يحفظانه، وعنده عينان نضاختان تفيضان ماء وعسلا ومعه أربعون. والمشهور في نسبه أنه علوي فاطمي من ولد الحسن، وعند الشيعة الإمامية أنه من ولد الحسين رضي الله عنهما. وقد قال الحكيم ابن خلدون في مقدمته إن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على مر الأعصار، أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى " بالمهدي "، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، وأن عيسى ينزل بعده فيقتل الدجال وينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته، ويحتجون في
الباب بأحاديث خرجها الأئمة وتكلم فيها المنكرون لذلك، وربما عارضوها ببعض الأخبار... إلخ). وقد طعن ابن خلدون في أكثر أحاديث المهدي التي جاءت في كتب السنة عند الجمهور. أما الشيعة - وبخاصة الإمامية فإن لهم أدلة يروونها عن أئمتهم وهم يعتمدون عليها في إثبات ظهور المهدي - ولكل قوم سنة وإمامها.
المهدي العباسي: وهناك عدة أحاديث مصرحة بأنه سيكون من ولد العباس، ولكثرة هذه الأحاديث نكتفي بالإشارة إليها، ومن أراد الوقوف عليها فليرجع إليها في مظانها. المهدي السفياني: وإذا كان للعلويين مهدي، وللعباسيين آخر، فلم لا يكون للأمويين مهدي ثالث! ما دام باب الوضع يسع كل ما يدخل فيه، وبخاصة بعد أن أصبحوا من القوة والسلطان بحيث يتقرب الوضاعون إليهم لينالوا من عطائهم، وقد جاءت آثار بأن لهم مهديا يسمى " السفياني " لا نطيل بذكر أخباره وما جاء فيه.
الخلفاء الاثنا عشر: وإليك بعض ما جاء في الخلفاء الاثنى عشر، لكي تقف على ناحية من نواحي الاختلاق في رواية الحديث وهو مما يعنينا في هذا البحث أما ما وراء ذلك فليس من غرضنا ولا من حقنا مناقشة الناس في معتقداتهم. جاءت أحاديث كثيرة تنبئ أن الخلفاء سيكونون اثنى عشر خليفة. وإنا نورد هنا ما وقفنا عليه من مختلف ألفاظها، ولا نعرض لمعاني متونها! روى الشيخان واللفظ للبخاري عن جابر بن سمرة: يكون اثنا عشر أميرا كلهم من قريش.
ورواية مسلم: " لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا وكلهم من قريش ". وفي رواية أخرى: " إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي له فيهم اثنا عشر خليفة ". وفي رواية ثالثة: " لا يزال الإسلام عزيزا منيعا إلى اثنى عشر خليفة ". ووقع عند أبي داود بلفظ: " لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثنى عشر خليفة ". وفي حديث أبي جحيفة عند البزار والطبراني بلفظ " لا يزال أمر أمتي صالحا " وأخرج أبو داود عن جابر بن سمرة نحوه وزاد. " فلما رجع إلى منزله أتته قريش فقالوا: ثم يكون ماذا؟ فقال: الهرج " أي الفتنة والقتال. وعند أبي داود: " لا يزال هذا الدين قائما حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليهم الأمة ".
وعند أحمد: " لا تزال هذا الأمر صالحا، ورواية أخرى عنده، لا يزال هذا الأمر مرضيا، وأخرجه الطبراني بلفظ " لا تضرهم عداوة من عاداهم ". ووقع عند أبي داود وأخرجه أحمد والبزار من حديث ابن مسعود، أنه سئل كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ قال: سألنا عنها رسول الله فقال: اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل. وأخرج الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رفعه: إذا ملك اثنا عشر من بني كعب بن لؤي، كان النقف والنقاف إلى يوم القيامة. وعن كعب الأحبار - ولا بد من كعب الأحبار!!، وفي كل واد أثر من ثعلبة!! - يكون اثنا عشر مهديا ثم ينزل روح الله فيقتل الدجال. وعلى أن هذه الأحاديث قد جعلت الخلفاء اثنى عشر، فقد رووا حديثا يعارض هذه الأحاديث جميعا، وهو حديث سفينة الذي أخرجه أصحاب السنن
وصححه ابن حيان وغيره " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون ملكا ". وكذلك أخرج أبو داود من حديث ابن مسعود رفعه " تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين سنة أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين، فإن هلكوا فسبيل من هلك، وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما " زاد الطبراني والخطابي: فقالوا: سوى ما مضى؟ قال: نعم. أقوال بعض العلماء في هذه الأحاديث: قال القاضي عياض: توجه على هذا العدد " أي الاثنى عشر " سؤالان أحدهما أنه يعارضه ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سفينة " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون ملكا " لأن الثلاثين سنة لم يكن فيها إلا الخلفاء الأربعة، وأيام الحسن بن علي، والثاني أنه ولى الخلافة أكثر من هذا العدد. وقال ابن الجوزي في كشف المشكل: قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث، وتطلبت مظانه، وسألت عنه فلم أقع على المقصود، لأن ألفاظه مختلفة ولا أشك أن التخليط فيها من الرواة. أما السيوطي فبعد أن أورد ما قاله العلماء في هذه الأحاديث المشكلة. خرج برأي غريب نورده هنا تفكهة للقراء وهو: وعلى هذا فقد وجد من الاثنى عشر، الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز - وهؤلاء ثمانية ويحتمل أن يضم إليهم المهدي من العباسيين لأنه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني أمية، وكذلك الظاهر، لما أوتيه من العدل وبقي الاثنان المنتظران!! أحدهما المهدي! لأنه من أهل البيت محمد - ولم يبين المنتظر الثاني - ورحم الله من قال في السيوطي: إنه حاطب ليل. وقبل أن نختم الكلام عن المهدي نثبت هنا كلمة عنه للعلامة الكبير الأستاذ مرتضى العسكري من كبار علماء العراق تبين عقيدة الشيعة الإمامية الاثنا عشرية في المهدي.
قال حفظه الله من جواب طويل بعث به إلينا: الشيعة الاثنا عشرية يعتقدون أن الأرض لم تخل من حجة لله على خلقه ولا تخلو منه كذلك، وهو إما أن يكون نبيا يوحي إليه أو من يعين من قبله على شريعته من بعده، ويبينها لأمته. وهم يرون في الأحاديث الاثنى عشر التي أوردتموها في كتابكم ص 210 - 211 تحت عنوان " الخلفاء الاثنا عشر " بيانا لعدد الأئمة الاثني عشر الذين يلون أمر الدين بعد النبي، فإن هذا العدد لا ينطبق على الراشدين، ولا الأمويين ولا غيرهم مضافا إلى مئات الأحاديث التي يروونها بطرقهم الخاصة عن رسول الله مما فيه التنصيص على ذلك. وثاني عشر هؤلاء الأئمة عندهم هو المهدي ابن الحسن العسكري المولود بسامراء سنة 255 ه والذين يعتقدون فيه أنه لا يزال حيا كحياة نوح ألف سنة إلا خمسين عاما بين قومه، وكحياة عيسى الذي ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم بل رفعه الله إليه... وهم يعتقدون بأن المهدي موجود وحي بقدرة الله التي جعلت الطين طيرا لإبراهيم، والنار بردا وسلاما له، والإيمان بوجوده كل هذه المدة دليل على الإيمان بقدرة الله، ويعتقدون أنه موجود بين الناس، وقد يعاينهم كأحدهم دون أن يشخصوه. ومما يذكر من فوائد وجوده أنه إذا أحتاج المسلمون إلى بيان رأي خفي فيه وجه الصواب يقوم بإرشاد بعض العلماء إلى صواب الرأي في الأمر. أما موعد ظهوره فإنهم يجمعون على أنه من الغيب الذي لا يعرفه إلا الله وأن لظهوره علائم منها ما هو حتمي الوقوع، وأخرى غير حتمية على ما في الأحاديث، وأنه يبدأ ظهوره من مكة على الأشهر، وتكون حملته الأولى من جيش عدده كعدد جيش رسول الله في بدر، وأنه يملأ الأرض عدلا، وأنه يحكم بين الناس بالواقع وإن خالف ذلك شهادة الشاهدين، أما سرداب الغيبة الذي قيل عنه في الحلة أو سامراء فلم أسمع بشيعي يقول بغيبة المهدي فيه، أو بوجوده فيه، أو بخروجه منه، ولعل السرداب الموجود في سامراء كان مصلى للإمامين علي الهادي والحسن العسكري اتخذاه مصلى لهما للعبادة فقد كانوا يتخذون في بيوتهم مصلى يعبدون الله فيه، ثم بقي كذلك حتى اليوم. هذا بعض ما حضر آن عصر الجمعة 2 ربيع الآخر سنة 1381.
الدجال
جاء في الدجال الذي أشار إليه ابن خلدون في كلمته عن المهدي أحاديث كثيرة بعضها يصرح بأن النبي صلى الله عليه وآله كان يرى أن من المحتمل ظهور الدجال في زمنه، وأنه يكفي المسلمين شره، وبعضها يصرح، أنه يخرج بعد فتح المسلمين لبلاد الروم والقسطنطينية، وبعض الأحاديث تقول بأنه سيكون معه جبال من خبز وأنهار من ماء وعسل! كما رواه أحمد والبيهقي وزاد مسلم جبال من لحم! وأخرج نعيم بن حماد من طريق كعب " أن الدجال تلده أمه بقوص من أرض مصر، وبين مولده ومخرجه ثلاثون سنة...! ومن أخباره أنه ينزل عند باب دمشق الشرقي ثم يظهر بالمشرق فيعطى الخلافة ثم يأتي النهر فيأمره أن يسيل فيسيل، ثم يأمره أن يرجع فيرجع، ثم يأمره أن ييبس فييبس، ثم يأمر الجبال أن تتناطح فتتناطح، ويأمر الريح أن تثير سحابا فتمطر الأرض، ويخوض البحر في كل يوم ثلاث خوضات فلا يبلغ حقويه - وإحدى يديه أطول من الأخرى، فيمد الطويلة في البحر فتبلغ مقره فيخرج من الحيتان ما يريد! وفي رواية عن مسلم أنه يخرج من أصبهان - وفي حديث الجساسة عند مسلم أنه محبوس بدير أو قصر في جزيرة في الشام أو بحر اليمن - وروى الحاكم وأحمد أنه يخرج من خراسان، وفي حديث النواس بن سمعان عند مسلم أنه يخرج بين الشام والعراق. الدجالة في خطبة الوداع: روى البخاري عن ابن عمر قال: كنا نتحدث بحجة الوداع والنبي بين أظهرنا ولا ندري ما حجة الوداع، فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره وقال: ما بعث الله من نبي إلا أنذر أمته أنذره نوح والنبيون من بعده، وأنه يخرج فيكم فما خفى عليكم من شأنه فليس يخفى عليكم! إن ربكم ليس على ما يخفى عليكم ثلاثا! إن ربكم ليس بأعور، وإنه أعور عين اليمنى كأن عينه عنية طافية، ألا إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد ثلاثا ويلكم أو يحكم انظروا: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. وقال ابن حجر في شرح هذا الحديث: ذكر الخطبة في حجة الوداع جماعة من الصحابة ولم يذكر أحد منهم قصة الدجال فيها إلا ابن عمر ولعل ابن حجر قد فاته أن ابن عمر هذا أحد تلاميذ كعب الأحبار. وهاك حديثا غريبا آخر في الدجال. في الصحيحين من حديث أنس بن مالك عن النبي أنه ذكر الدجال فقال: إلا أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور. وقال الفخر الرازي في " أساس التقديس " عند الكلام على هذا الحديث: إن هذا الخبر مشكل لأن ظاهره يقضي أن النبي أظهر الفرق بين الإله تعالى وبين الدجال بكون الدجال أعور! وكون الله تعالى ليس بأعور! وذلك بعيد. وخبر الواحد إذا بلغ هذه الدرجة في ضعف المعنى وجب أن يعتقد أن الكلام كان مسبوقا بمقدمة لو ذكرت لزال هذا الإشكال. وهناك أحاديث أخرى عن هذا الدجال أعرضنا عن ذكرها وكلها مرفوعة إلى النبي.. ولكي يمكنوا لهذه العقيدة في عقول المسلمين، أوردوا حديثا عن النبي بأن " من كذب بالمهدي فقد كفر، ومن كذب بالدجال فقد كفر ".
عمر الدنيا
في تفسير الآلوسي أن السيوطي أخرج عدة أحاديث في أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة.. وذكر أن مدة هذه الأمة تزيد على ألف سنة ولا تبلغ الزيادة خمسمائة سنة، واستدل على ذلك بأخبار وآثار ذكرها - أي السيوطي - في رسالته التي سماها " الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف " ، وقد قال الآلوسي: وإذا لم يظهر المهدي على رأس المائة التي نحن فيها ينهدم جميع ما نبأه فيها - كما لا يخفى وكأني بك تراه منهدما. وقد مضت المائة التي كان فيها الآلوسي وهي المائة الثالثة عشرة من الهجرة ومضى بعدها ست وثمانون سنة من المائة الرابعة عشرة، ولم يظهر المهدي وبذلك ينهدم يقينا ما نبأه السيوطي وخلط فيه. وذكر ابن خلدون في مقدمته قالوا: إن خروج الدجال يكون سنة 743 ه، والكلام في ذلك يطول بغير طائل، وقد أعرضنا كذلك عن إيراد أخبار الفتن وأشراط الساعة ونزول عيسى التي زخرت بها كتب السنة المعتمدة بين المسلمين، والمقدسة من شيوخ الدين، وكذلك أهملنا هنا ذكر الأحاديث الواردة في خروج النيل والفرات وسيحون وجيحون من أصل سدرة المنتهى فوق السماء السابعة وهي في البخاري وغيره، وخلق كل شيء من نور النبي صلى الله عليه وسلم وبشارة الوحوش به، وما إلى ذلك من هذه الأخبار الغريبة. ومن يرد أن يقف على هذه الأخبار كلها فليرجع إلى كتب السنة وإلى ما جاء في الفصل الثاني والخمسين من مقدمة ابن خلدون وهو الفصل الذي عقده على " أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شأنه وكشف الغطاء عن ذلك ".
كلمة جامعة في أحاديث أشراط الساعة - وأمثالها انتهى العلامة السيد رشيد رضا في تفسيره، بعد أن طعن في أحاديث أشراط الساعة وأماراتها - مثل الفتن والدجال والجساسة وظهور المهدي وغير ذلك - إلى هذه النتائج القيمة:
1 - أن النبي لم يكن يعلم الغيب " قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون " وهو معلوم من الدين بالضرورة، وإنما أعلمه الله ببعض الغيوب بما أنزل عليه في كتابه، وهو قسمان صريح، ومستنبط.
2 - لا شك أن أكثر الأحاديث قد روى بالمعنى كما هو معلوم واتفق عليه العلماء، ويدل على ذلك إختلاف رواة الصحاح في ألفاظ الحديث الواحد حتى المختصر منها، وما دخل على بعض الأحاديث من المدرجات وهو ما يدرج في اللفظ المرفوع من كلام الرواة - فعلى هذا كان يروي كل أحد ما فهمه وربما وقع في فهمه الخطأ، لأن هذه أمور يد غيبية وربما فسر بعض ما فهمه بألفاظ يزيدها. وإذا كان النبي لم يطلعه الله تعالى على ما أطلعه عليه من هذه المغيبات بالتفصيل. وكان يجتهد في بعضها ويقدر، ويأخذ بالقرائن كما قال النووي وابن الجوزي في تجويزه صلى الله عليه وسلم أن يكون ابن صياد اليهودي المعاصر له هو الدجال المنتظر، وكذا تجويزه أن يظهر في زمنه وهو حي، فهل من الغرابة أن يقع الخلط والتعارض فيما يروي عنه بالمعنى بقدر فهم الرواة. إن العابثين بالإسلام ومحاولي إفساد المسلمين وإزالة ملكهم من زنادقة اليهود والفرس وغيرهم من أهل الابتداع، وأهل العصبيات العلوية والأموية والعباسية، وقد وضعوا أحاديث كثيرة افتروها وزادوا في بعض الآثار المروية دسائس دسوها، وراج كثير منها بإظهار رواته
للصلاح والتقوى، ولم تعرف بعض الأحاديث الموضوعة إلا باعتراف من تاب إلى الله من واضعيها.
ولقد كان الأستاذ الإمام محمد عبده رحمه الله يقول: إن الإسلام الصحيح هو ما كان عليه أهل الصدر الأول قبل ظهور الفتن - وإن بعض الصحابة والتابعين كانوا يروون عن كل مسلم وما كل مؤمن صادق، وما كانوا يفرقون في الأداء بين ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيره، وما بلغهم عنه بمثل سمعت وحدثني - وأخبرني - ومثل - عن النبي أنه قال - أو قال رسول الله - كما فعل المحدثون من بعد، عند وضع مصطلح الحديث - وقد ثبت أن الصحابة كان يروي بعضهم عن بعض وعن التابعين حتى عن كعب الأحبار وأمثاله - والقاعدة عند أهل السنة أن جميع الصحابة عدول فلا يخل جهل اسم راو منهم بصحة السند! وهي قاعدة أغلبية لا مطردة، فقد كان في عهد النبي منافقون قال تعالى: (9 - 102) " وممن حولكم من الأعراب منافقون. ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم " مردوا عليه، أحكموه وصقلوه أو صقلوا فيه حتى لم يعد يظهر في سيماهم وفحوى كلامهم، كالذين قال الله فيهم - منهم (47 - 31): " ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول "، ولكن البلية من الرواية عن مثل كعب الأحبار وممن روى عنه أبو هريرة وابن عباس ومعظم التفسير المأثور مأخوذ عنه وعن تلاميذه، ومنهم المدلسون كقتادة وغيره من كبار المفسرين وكابن جريج. فكل حديث مشكل المتن أو مضطرب الرواية، أو مخالف لسنن الله تعالى في الخلق، أو لأصول الدين. أو نصوصه القطعية أو للحسيات وأمثالها من القضايا اليقينية، فهو مظنة لما ذكرنا.. فمن صدق رواية مما ذكر - ولم يجد فيها إشكالا فالأصل فيها الصدق، ومن ارتاب في شيء منها، أو أورد عليه بعض المرتابين أو المشككين إشكالا في متونها، فليحمله على ما ذكرنا من عدم الثقة بالرواية، لاحتمال كونها من دسائس الاسرائيليات، أو خطأ الرواية بالمعنى، أو غير ذلك مما أشرنا إليه، وإذا لم يكن شيء منها ثابتا بالتواتر القطعي فلا يصح أن يجعل شبهة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم المعلوم بالقطع، ولا على غير ذلك من القطعيات. نقلنا هذا الكلام الجامع ليهتدي الناس إلى دراسة الحديث - لا أحاديث أشراط الساعة فحسب، بل في كل ما روي منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ونختم هذا الفصل بهذه الأحاديث المتناقضة:
أحاديث متناقضة ولا يدري المسلمون، بأيها يأخذون!
روى البخاري عن عمران بن حصين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم - قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة، ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون، ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السمن. وعن عبد الله رضي الله عنه أن النبي قال: " خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم يجيئ قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته. وقال ابن حجر العسقلاني: قد سبق في صفة النبي صلى الله عليه وآله قوله: بعثت في خير قرون بني آدم - وفي رواية بريدة عند أحمد: خبر هذه الأمة القرن الذي بعثت فيهم. وقد ظهر أن الذي بين البعثة وآخر من مات من الصحابة 120 سنة أو دونها، أو فوقها بقليل على الاختلاف في وفاة أبي الطفيل، وإن اعتبر ذلك من بعد وفاته صلى الله عليه وآله فيكون مائة سنة أو تسعين، أو سبعا وتسعين!
وأما قرن التابعين فإن اعتبر من سنة مائة كان نحو سبعين أو ثمانين، إلى أن قال: واتفقوا أن آخر من كان من أتباع التابعين ممن يقبل قوله، من عاش حدود العشرين ومائتين، وفي هذا الوقت ظهرت البدع ظهورا فاشيا، وأطلقت المعتزلة ألسنتها، ورفعت الفلاسفة رؤوسها! وامتحن أهل العلم ليقولوا بخلق القرآن! وتغيرت الأحوال تغيرا شديدا، ولم يزل الأمر في نقص إلى الآن، وظهر قوله صلى الله عليه وآله ثم يفشو الكذب ظهورا بينا حتى يشمل الأقوال والأفعال والمعتقدات والله المستعان!! وقد اقتضى هذا الحديث أن تكون الصحابة أفضل من التابعين والتابعون أفضل من أتباع التابعين.. وقد احتج ابن عبد البر بحديث: مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خير أم آخره ، وهو حديث حسن له طرق قد يرتقى بها إلى الصحة. وقد روى ابن أبي شيبة من حديث عبد الرحمن بن جبر قال رسول الله ليدركن المسيح أقواما إنهم لمثلكم أو خير - ثلاثا، وروى أبو داود والترمذي من حديث أبي ثعلبة رفعه: يأتي أيام للعامل فيهن أجر خمسين، قيل: منهم أو منا يا رسول الله؟ قال: بل منكم. وهو شاهد لحديث، مثل أمتي مثل المطر - وروى أحمد والدارمي والطبراني من حديث أبي جمعة قال: قال أبو عبيدة يا رسول الله أأحد خير منا! أسلمنا معك وجاهدنا معك! قال: قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني. وإسناده حسن وقد صححه الحاكم. وقد تعقب كلام ابن عبد البر بأن مقتضى كلامه أن يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من يكون أفضل من بعض الصحابة وبذلك صرح القرطبي، ولكن كلام ابن عبد البر ليس على الإطلاق في حق جميع الصحابة فإنه صرح في كلامه باستثناء أهل بدر والحديبية، ولابن حجر كلام كثير في ذلك يرجع إليه.
ونحن نقول إن قرن النبي صلوات الله عليه وقع فيه من الأحداث الجسام ما وقع مثل فتنة عثمان وما جرت على المسلمين من بلايا، ومثل ما فعل الأمويون في حكمهم من تقويض قاعدة الشورى في الإسلام! ولا نطيل بذكر ما وقع في هذا القرن مما سجله التاريخ على صفحاته. ومن أجل ذلك نرجح أن الحديث الصحيح الذي يتفق مع روح الرسالة المحمدية هو حديث " مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره ". هذا والأحاديث المتناقضة كثيرة تؤلف منها كتب كتابة القرآن رأينا قبل أن نعرض للكلام عن كتابة الحديث، أن نأتي بفذلكة وجيزة من تأريخ جمع القرآن وكتابته لنبين كيف كانت عناية الرسول صلى الله عليه وآله وكذا صحابته من بعده بكتابة هذا الكتاب العظيم، وكيف كانوا يبالغون في التدقيق في جمعه وحفظه حتى أوفوا على الغاية من الكمال، وخرج إلى الناس في أصدق صورة بلغها كتاب على مد الزمن كله، وبذلك استحق صفة التواتر الصحيح الذي لا يمترى فيه إنسان، ولا يختلف عليه اثنان. وتلقاه المسلمون جميعا في مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف مذاهبهم بالثقة التامة واليقين الكامل، لا يشذ في ذلك منهم أحد. ولو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد عنى بكتابة الحديث كما عنى بكتابة القرآن وعنى الصحابة من بعده بكتابته، لجاءت أحاديث الرسول كلها متواترة في لفظها ومعناها، ليس شيء فيها اسمه صحيح، ولا شيء اسمه حسن، ولا شيء اسمه ضعيف، ولا غير ذلك من الأسماء التي اخترعوها مما لم يكن معروفا زمن النبي وصحابته، وبذلك كان يرتفع الخلاف في حقيقته، وينحط عن كاهل العلماء أعباء البحث عن صحته، ووضع المؤلفات الكثيرة التي صنفت في " علوم الحديث " والبحث عن أحوال الرواة، من حيث العدالة والضبط والجرح والتعديل وغير ذلك، وكان فقهاء الدين يسيرون على نهج واحد لا اختلاف بينهم في أصله ولا تباين،
اللهم إلا في الفهم والإدراك، إذ تكون أدلتهم كلها متواترة كالقرآن الكريم فلا يأخذون بما سموه الظن الغالب الذي فتح أبواب الخلاف ومزق صفوف الأمة وجعلها مذاهب وفرقا، مما لا يزال أمره بينهم إلى اليوم وما بعد اليوم قائما. ثم كانت الأحاديث تصبح كذلك من أهم المصادر لعلماء النحو ورجال اللغة والبلاغة. كيف كانت كتابة القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ كان النبي حينما ينزل عليه من القرآن ما ينزل يأمر كتابه بأن يسارعوا إلى كتابته عند النطق به حتى لقد بلغ من حرصه على أدائه كما أوحى إليه، أن كان يحرك لسانه بما يتلقاه من الوحي حتى لا يتفلت منه شيء، فقد أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى " لا تحرك به لسانك.. " الآية، قال: كان رسول الله يعالج من التنزيل شدة، وكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن يتفلت منه - يريد أن يحفظه - فأنزل الله: " لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه " ويقول إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم نقرأه فإذا قرأناه - إذا أنزلناه عليك " فاتبع قرآنه " فاسمع له وأنصت، ثم إن علينا بيانه أي تبيينه بلسانك... إلخ. وكان النبي يحض صحابته على حفظه وضبطه، والمداومة بالليل والنهار على تلاوته وكذلك كان يحث على قراءته في الصلاة وفي غير الصلاة وبذلك كثر القراء " الحفاظ " وقد كان بعضهم يكتب ما ينزل " ابتداء من عند أنفسهم أو بأمر النبي " ومنهم من حفظ بعضه، ومنهم من حفظ أكثره، ومنهم من حفظه كله وهم قليل.
كتاب الوحي:
كان كتاب الوحي - كما ذكروا - الخلفاء الأربعة وسعيد بن العاص وغيرهم، وقالوا كذلك إن أكثرهم كتابة وأشهرهم بينهم كان زيد بن ثابت وإن كان أول من كتب للنبي بمكة من قريش عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي ارتد، ثم عاد إلى الإسلام يوم الفتح، وأول من كتب بالمدينة أبي بن كعب وزيد بن ثابت.
وفي المواهب الفتحية: إن الزبير بن العوام وجهم بن الصلت كانا يكتبان أموال الصدقة، وكان حذيفة يكتب خرص النخل، وكان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير، يكتبان المداينات والمعاملات. جمع القرآن وسببه: قضى رسول الله ولم يكن القرآن جمع في شيء وذلك أنه كان في الصدور، وفيما كتب متفرقا، في عهد النبي، ولما تولى أبو بكر ونشبت حرب الردة وقتل فيها كثير من الصحابة - خشى عمر من ضياع القرآن بموت الصحابة، فدخل على أبي بكر وقال له: إن أصحاب رسول الله باليمامة يتهافتون تهافت الفراش في النار، وإني أخشى ألا يشهدوا موطنا إلا فعلوا ذلك حتى يقتلوا وهم حملة القرآن فيضيع القرآن وينسى، ولو جمعته وكتبته؟ فنفر منها أبو بكر، ولما تراجعا أرسل أبو بكر إلى زيد بن ثابت وقال له: إن عمر قد دعاني إلى أمر فأبيت، وأنت كاتب الوحي فإن تكن معه اتبعتكما، فنفر زيد كذلك، وقال: نفعل ما لم يفعل رسول الله؟ فقال عمر: وما عليكما لو فعلتما ذلك؟ فشرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك ما رأى عمر، ثم تتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف، والأكتاف وقطع الأديم، وصدور الرجال... وقد اختص أبو بكر زيدا بذلك لأنه من كتاب الوحي، وكان حافظا للقرآن، وهذا الجمع هو ضم متفرق القرآن من صحف لتكون هذه الصحف في مصحف. تحريهم في جمع القرآن: لما اتفق الرأي على جمع القرآن وتدوينه قام عمر في الناس وقال: من تلقى من رسول الله شيئا من القرآن فليأت به. وقال أبو بكر لعمر وزيد: اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه، وكان عمر - كما علمت - لا يقبل من أحد حديثا عن رسول الله حتى يشهد شاهدان على أنهما قد تلقياه من النبي، وعهدوا إلى بلال أن ينادي بأنحاء المدينة، أن من كان عنده قطعة عليها شيء من كتاب الله فليأت بها إلى الجامع وليسلمها إلى الكتبة. قال أبو شامة وكان غرضهم ألا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي لا من مجرد الحفظ، ولذلك قال زيد في آخر سورة التوبة لم أجدها مع غيره - أي لم أجدها مكتوبة مع غيره - لأنه كان لا يكتفى بالحفظ دون الكتابة. وقد روى ابن وهب في موطئه عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله ابن عمر أنه قال: قد جمع أبو بكر القرآن في قراطيس ا ه، وبذلك يكون أبو بكر هو أول من جمع القرآن في الصحف وهذا هو الجمع الأول. هذا ما أمكن نشره هنا في هذا الحيز الضيق من الكلام في موضوع كتابة القرآن الكريم، ولم نعرض لشيء من التفصيل عما جاء في هذا الأمر الخطير الذي تشعبت فيه الرواية، واختلف فيها كلام الرواة لأن ذلك ليس من همنا، ولا هو من موضوع كتابنا. ومن شاء أن يقف على كل ما قيل في هذا الأمر فليرجع إلى كتاب الاتقان للسيوطي، وكتاب التبيان للجزائري والجزء الأول من " البيان في تفسير القرآن " للعلامة المحقق الكبير السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي. وهذا الكتاب وحده كاف في بيان هذا الأمر لأن مؤلفه الجليل قد درسه درس وافيا، وفصل فيه القول تفصيلا بحيث لا تجد مثله في كتاب آخر حتى ليجب على كل مسلم أن يقرأه ليستفيد منه علما ومعرفة.
غريبة توجب الحيرة:
من أغرب الأمور، ومما يدعو إلى الحيرة أنهم لم يذكروا اسم علي رضي الله عنه فيمن عهد إليهم بجمع القرآن وكتابته، لا في عهد أبي بكر ولا في عهد عثمان! ويذكرون غيره ممن هم أقل منه درجة في العلم والفقه! فهل كان علي لا يحسن شيئا من هذا الأمر؟ أو كان من غير الموثوق بهم؟ أو ممن لا يصح استشارتهم أو إشراكهم في هذا الأمر؟ اللهم إن العقل والمنطق ليقضيان بأن يكون على أول من يعهد إليه بهذا الأمر، وأعظم من يشارك فيه وذلك بما أتيح له من صفات ومزايا لم تهيأ لغيره من بين الصحابة جميعا - فقد رباه النبي صلى الله عليه وآله على عينه، وعاش زمنا طويلا تحت كنفه، وشهد الوحي من أول نزوله إلى يوم انقطاعه، بحيث لم يند عنه آية من آياته!! فإذا لم يدع إلى هذا الأمر الخطير فإلى أي شيء يدعى؟! وإذا كانوا قد انتحلوا معاذير ليسوغوا بها تخطيهم إياه في أمر خلافة أبي بكر فلم يسألوه عنها ولم يستشيروه فيها، فبأي شيء يعتذرون من عدم دعوته لأمر كتابة القرآن؟ فبماذا نعلل ذلك؟ وبماذا يحكم القاضي العادل فيه؟ حقا إن الأمر لعجيب وما علينا إلا أن نقول كلمة لا نملك غيرها وهي: لك الله يا على! ما أنصفوك في شيء! الجمع الثاني في عهد عثمان: لبثت الصحف التي كتبت في عهد أبي بكر عنده إلى أن قضى نحبه - رضي الله عنه - ثم حفظت عنه عمر مدة ولايته، وقبل موته دفع بها إلى ابنته حفصة، وظلت عندها حتى طلبها عثمان ليراجعوا عليها المصحف الذي كتب في عهده. كتابة القرآن في عهد عثمان: ما كاد عمر رضي الله عنه ينقلب إلى ربه، ويتولى عثمان الخلافة حتى أخذ أمر المسلمين يتحول، واختلف المسلمون حتى في قراءة القرآن.
أخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق أبي قلابة أنه قال: لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين، حتى كفر بعضهم بعضا، فبلغ ذلك عثمان فخطب فقال، أنتم عندي تختلفون فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافا. وروى البخاري عن أنس أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة وقال لعثمان: يا أمير المؤمنين: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ا ه. ومما ذكره حذيفة: رأيت أناسا من أهل حمص يزعمون أن قراءتهم خير من قراءة غيرهم وأنهم أخذوا القرآن عن " المقداد "، ورأيت أهل دمشق يقولون إن قراءتهم خير من قراءة غيرهم، فإنهم قرأوا بقراءة " أبي بن كعب " ورأيت أهل الكوفة يقولون مثل ذلك وأنهم قرأوا على " أبي موسى "، ويسمون مصحفه " لباب لقلوب ". وفي رواية عمارة بن غزية ذكرها ابن حجر في الفتح (ص 14 ج 9) أن حذيفة قدم من غزوة فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان فقال: يا أمير المؤمنين أدرك الناس! قال: وما ذاك؟ قال غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرءون بقراءة " أبي بن كعب " فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرءون بقراءة عبد الله بن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضا. ولما بلغ كل ذلك عثمان ورأى الأمر قد حزب أرسل إلى حفصة ابنة عمر أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، فأرسل إلى كل أفق بمصحف، مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. قال الحافظ ابن حجر - وكان ذلك في أواخر سنة 24 وأوائل سنة 25 ه.
الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان:
قال ابن التين وغيره: الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان، أن جمع أبي بكر كان لخشية أن يذهب من القرآن شيء بذهاب حملته، لأنه لم يكن مجموعا في موضع واحد، فجمعه في صحائف مرتبا لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القراءة، حتى قرأوا بلغاتهم من اتساع اللغات، فأدى ذلك إلى تخطئة بعضهم بعضا، فخشي من تفاقم الأمر في ذلك فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتبا لسوره واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش، محتجا بأنه نزل بلغتهم، وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم، رفعا للحرج والمشقة في إبداء الأمر، فرأى أن الحاجة في ذلك قد انتهت فاقتصر على لغة واحدة عدد المصاحف التي أرسلها عثمان إلى الآفاق: اختلف في عدة المصاحف التي أمر عثمان بكتابتها، والمشهور أنها كانت خمسة، أرسل أربعة منها إلى الآفاق وأمسك عنده واحدا منها. هذه لمعة ضئيلة مما جمعناه في هذا البحث رأينا إيرادها هنا، ولعل الله يهيئ لنا نشر البحث الطويل الذي أعددناه لكتاب برأسه في هذا الموضوع الجليل لينتفع به المسلمون خاصة، والمعنيون بالمباحث الإسلامية عامة.
وقفة قصيرة:
ولا بد لي هنا من أن أقف وقفة قصيرة أستعلن فيها ما عراني من حيرة فيما أوردوه من أنباء هذا الجمع وما فيها من تناقض كثير. فنبأ يقول: إن عمر هو الذي فزع إلى أبي بكر في هذا الجمع، وخبر يقول: إن هذا الجمع لم يكن في عهد أبي بكر، وإنما هو عمر الذي تولاه، ورواية ثالثة تفيد أن عمر قد قتل قبل أن يكمل هذا الجمع، وأن عثمان هو الذي أتمه، وثم روايات أخرى كثيرة تحمل مثل هذا التناقض، لا نتوسع بإيرادها. ونحن لو أخذنا بالأخبار المشهورة، التي رواها البخاري، وهي التي فزع فيها عمر إلى أبي بكر لكي يجمع القرآن لما رأى القتل قد استحر في وقعة اليمامة وأنه قد قتل فيها من الصحابة مئات وهم، حملة القرآن، وإذا استمر الأمر على ذلك فإن القرآن يضيع وينسى! لو نحن أخذنا بهذا النبأ فإنه يتبين منه أن الصحابة وحدهم هم الذين كانوا في هذا العهد يحملون القرآن، فإذا ما ماتوا أو قتلوا ضاع القرآن ونسي، وأنه ليس هناك مصدر آخر يحفظ القرآن على مد الزمان إذ كانوا مادته وكانوا كتابه؟ على حين ذكروا قبل ذلك في أخبار وثيقة يرضى بها العقل ويؤيدها العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب كل ما ينزل عليه من قرآن وقت نزوله على العسب واللخاف وقطع الأديم وغيرها، وأنه اتخذ لذلك كتابا أحصى التاريخ أسماءهم، فأين ذهبت هذه النسخة، التي لا يشك فيها أحد ولا يمتري فيها إنسان؟ لأنها هي التي حفظ الله بها القرآن الكريم في قوله تعالى: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " وفي قوله تعالى " إنا علينا جمعه وقرآنه ". إن هذه النسخة الفريدة التي تحمل الصورة الصحيحة للقرآن التي ستبقى على وجه الزمن خالدة لو كانت موجودة لأغنتهم عما وجدوه في سبيل عملهم من عناء، ولا صبحت هي المرجع الأول للقرآن في كل عصر ومصر والتي كان يجب على عثمان أن يراجع عليها مصاحفه التي كتبها قبل أن يوزعها على الأمصار.
تعقيب لا بد منه:
وإذا كانوا - كما قلنا - قد أوفوا على الغاية من التحقيق في كتابة القرآن الكريم وحفظه حتى لا يستطيع أحد أن يمارى في ذلك، أو يحيك بصدره شيء من الريب فيه، فقد قامت حول هذا الأمر الخطير أمور سموها مشكلات نرى من الواجب أن نشير إلى بعضها حتى لا يأخذ علينا أحد أننا قد أغفلنا شيئا مما يجب أن يعلمه قراء كتابنا عن الرواية وما جنت، وهو ما يتصل بموضوعنا " وفي كل واد أثر من ثعلبة "! قال العلامة طاهر الجزائري في كتابه " التبيان " وهو يتكلم عن وجوب تواتر القرآن وما ورد على ذلك من مشكلات: وهنا مشكلات ترد على أصل وجوب تواتر القرآن نذكرها مع الجواب عنها: المشكل الأول: نقل عن ابن مسعود أنه كان ينكر سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآن وقد أنكر صحة النقل عنه كثير من العلماء، قال النووي في شرح المهذب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن وأن من جحد شيئا منها كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح. وقال ابن حزم في كتاب القدح المعلى تتميم المحلى: هذا كذب على ابن مسعود وموضوع، وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زر عنه، وفيها المعوذتان والفاتحة. وقال ابن حجر في شرح البخاري: قد صح عن ابن مسعود إنكار ذلك فأخرج أحمد وابن حبان عنه أنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه - وبعد أن أورد كل الروايات التي جاءت في أن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من مصاحفه قال (ابن حجر): فقول من قال إنه كذب عليه مردود، والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل!! وقال ابن قتيبة في مشكل القرآن: ظن ابن مسعود أن المعوذتين ليستا من القرآن .
هذه المقاله منقوله من كتاب أضواء على السنه المحمدية للكاتب الشيخ محمود أبو ريه و لمن أراد المزيد فالكتاب كاملا منشور على أجزاء فى موقعنا أهل القرآن فى باب كتاب أعجبنى.
اجمالي القراءات
25104
شكرا لك .
شاءت الأقدار أن يتطوع بعض الأخوة المجاهدين في سبيل الله جهاداً سلمياً لإظهار الحق .سموهم أهل القرآن وهذه التسمية تشرفهم .ما تفضلت به في مقالتك غيض من فيض ,من أحاديث سموها السنة القولية وجعلوها مصدراً أخراً للوحي.
أريد أن اسأل أخواني المسلمين " لا أقصد حزب الأخوان"عند قرائتكم لمثل هذه الاحاديث ,هل تعتقدون أنها وحياً من الله .ألا يكفي ما تم تلفيقه على لسان نبي الرحمة ,حتى أمتدت لغتهم الى التلفيق على الله.
أريد أن أسأئل العلماء الذين يروجون لهذه البضاعة .....هل نسيتم أن يوم الحساب قريب.
إذا أقتنع الأخوة بصدق كلامي ....لماذا لايرجون الى كتاب الله وسنة الله التي لاتبديل لها .هل أختم عهداً من مسلم والبخاري بأنهم سيشفعون لكم يوم العرض.