اضيف الخبر في يوم الإثنين ١٤ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه
كل ما تريد معرفته حول أزمة مياه حوض النيل وسد النهضة.. 13 سؤالا تشرح لك كل شيء
يبدو أن الستار قد أُسدل أخيرًا حول ملف سد النهضة بهزيمة كبيرة لمصر كما يشير مراقبون، بعد أن اعترفت مصر بسد النهضة كأمر واقع وذلك بعد الاتفاق على وثيقة “تقاسم مياه النيل” بين دول حوض النيل الثلاثة “مصر والسودان وإثيوبيا”.
لا تضمن الوثيقة أي التزامات واضحة على الجانب الإثيوبي باستثناء تحذير مبهم من خطورة السد على حصة المياة المصرية والسودانية، في المقابل حصلت إثيوبيا بموجبها على اعترافٍ ضمنيٍ من مصر بشرعية السد، سيعقبه بالتأكيد اعتراف دولي..
وبرغم كون مصر تعتمد على نهر النيل فى تغطية أكثر من 97% من احتياجاتها المائية، إلا إنه يبدو أن الحكومات المصرية المتعاقبة لم تتعامل مع ملف حوض النيل بالجدية والاهتمام الذي يستحقه، ومع وصول الرئيس المعزول محمد مرسي إلى قمة السلطة فى مصر، حمل الإعلام المصري ملف سد النهضة إلى الواجهة كمادة للمزايدة السياسية ضد النظام، ثم لم يلبث الحديث حول سد النهضة وأزمة المياة أن تلاشى تمامًا وانخفض الاهتمام الإعلامي به فى أعقاب الانقلاب العسكري فى 3 يوليو الماضي، فى هذا التقرير نرصد أهم الحقائق المرتبطة بنهر النيل و دول الحوض وأهم الاتفاقات المنظمة لتوزيع حصص المياة بينها، وحقيقة أزمة المياة المنتظرة في مصر.
حوض النيل هو مسمى يطلق على عشر دول إفريقية يمر فيها نهر النيل بالإضافة إلى دولة أريتريا كمراقب؛ سواء تلك التي يجري مساره مخترقا أراضيها، أو تلك التي يوجد على أراضيها منابع نهر النيل، أو تلك التي يجري عبر أراضيها الأنهار المغذية لنهر النيل. ويغطي حوض النيل مساحة 3.4 مليون كم² من المنبع في بحيرة فيكتوريا وحتى المصب في البحر المتوسط.
ودول حوض النيل هي كينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندى والكونغو الديمقراطية وأثيوبيا إضافة إلى شمال السودان وجنوب السودان، وأخيرًا مصر.
يمتد نهر النيل لمسافة 6650 من منابعه الاستوائية إلى مصباته في البحر المتوسط، مارًا وفروعه بإحدى عشر دولة كما سبق أن ذكرنا وهي مصر والسودان وجنوب السودان وتعرف بدول المصب، وإثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية وأرتيريا وتعرف بدول المنبع .
و ينبع نهر النيل من العديد من البحيرات الإفريقية أبرزها بحيرة فيكتوريا الاستوائية، بحيرة إدوارد الاستوائية، بحيرة ألبرت (موبوتو) وبحيرة تانا ثم يخترق النيل أراضي السودان حيث يلتقي النيل الأبيض بالأزرق فوق الخرطوم قبل أن يلتقي بهما نهر عطبرة (الذي ينبع من الهضبة الإثيوبية شمال بحيرة تانا بطول 800 كم قبل أن يلتقي بالنيل فى شمال السودان) ثم يشق طريقه إلى أرض مصر.
جدير بالذكر أن النيل الأزرق يشكل 80-85% من مياه النيل الإجمالية، ولا يحصل هذا إلا أثناء مواسم الصيف بسبب الأمطار الموسمية على مرتفعات إثيوبيا، بينما لا يشكل في باقي أيام العام إلا نسبة قليلة، حيث تكون المياه قليلة.
جدير بالذكر أن مساهمة النيل الأزرق في مياه النيل تقدر تقريبا بضعف مساهمة النيل الأبيض ولكن تبقى هذه النسبة متغيرة، إذ تخضع للتغيرات فى مواسم الأمطار على مدار العام، حيث يبقى جريان النيل الأبيض ثابتًا تقريبًا خلال الفصول الأربعة، وبذلك تصبح مساهمة النيل الأزرق 90% والنيل الأبيض 5% عند الذروة، في حين 70% للأول و30% للثاني في الحد الأدنى.
بموجب الاتفاقات الدولية الموقعة حول النيل (قبل عام 2007) فإن دول المصب -مصر والسودان- تستأثر بحوالي 90% من مياه النيل السنوية (84 مليار متر مكعب) بواقع 55 مليار متر مكعب لمصر تمثل 97% من إنتاجها المائي، و18 مليار متر مكعب للسودان تمثل 77% من إنتاجها المائي.
يبدو هذا التوزيع مجحفا لدول المنبع، لكن الحقيقة تكمن في أن دول المنبع لاتعتمد على نهر النيل في تأمين حاجاتها المائية لأغراض الزراعة وإنتاج الغذاء بقدر اعتمادها على الأمطار الموسمية التي تقدر بعشرين مرة حجم مياه النيل ويذهب معظمها هدرًا.
الأمر لايمنع أن دول المنبع خاصة أثيوبيا ثم كينيا وأوغندا قد بدأت تبدي تذمرًا كبيرًا تجاه استئثار مصر والسودان بنصيب الأسد من مياه النيل وطالبت أكثر من مرة باعتماد توزيع أكثر عدالة لحصص المياه وإجراء تعديلات على الاتفاقيات المرتبطة بحوض النيل.
وقعت مصر عددًا من الاتفاقيات بحوض النيل، ربما يكون المشترك فيما بينها عدم إقامة أي مشروعات على مجرى النهر أو فروعه تقلِّل من
نسبة تدفُّق المياه إلى مصر، وهذه الاتفاقيات حسب ترتيبها الزمني كما يلي:
(1) عام 1891: أبرمت بريطانيا باسم مصر والسودان اتفاقًا مع إيطاليا –التي كانت توقع باسم أريتريا- يقضى بالامتناع عن إقامة أية أعمال أو منشآت على نهر عطبرة يكون من شأنها التأثير بدرجة محسوسة على مياه نهر النيل .
(2)عام 1902: أبرمت بريطانيا نيابة عن مصر والسودان اتفاقا مع إثيوبيا تتعهد بمقتضاه بعدم القيام بأعمال على النيل الأزرق أو بحيرة تانا قد تؤدي إلى التأثير في مياه النيل إلا بعد موافقة الحكومة البريطانية.
(3)1925: اتفاق بين إيطاليا وبريطانيا ويكفل اعتراف إيطاليا بالحق المسبق لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وتعهدها بعدم إقامة أي إنشاءات من شأنها أن تؤثر تأثيرًا ملحوظا في المياه التي تصل إلى النهر الرئيسي .
(4)1929: أهم الاتفاقات المرتبطة بحوض النيل، هي اتفاقية أبرمتها الحكومة البريطانية -بصفتها الاستعمارية- نيابة عن عدد من دول حوض النيل، أوغندا وكينيا وتنزانيا، تتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل كما ينحصر حق الاعتراض حال إنشاء هذه الدول لمشروعات على فروع النيل قد ترى مصر أنها تهدد أمنها المائي، كما تنص على تقديم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية.
كما أبرمت مصر اتفاقا مع بريطانيا نيابة عن أوغندا بخصوص إنشاء سد على شلالات “أوين” لتوليد الطاقة ولرفع مستوى المياه في بحيرة فيكتوريا لكي تتمكن مصر من الاستفادة منها وقت التحاريق على أن تدفع النفقات اللازمة وتعويض الأضرار التي تصيب أوغندا من جراء ارتفاع منسوب المياه في البحيرة.
(5)1959: وتعتبر استكمالا لاتفاقية عام 1929 ، وتمت عقب استقلال السودان عن مصر، وفيها تم توزيع حصص المياه بين البلدين والبالغة 84 مليار متر مكعب تخصص منها 55.5 مليار متر مكعب لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان، ولكن دول المنبع الثمانية رفضت الاتفاقية واعتبرتها غير عادلة.
(6) مبادرة 1999م: يفترض أنها تمثل الآلية الحاليَّة التي تجمع كل دول الحوض تحت مظلة واحدة تقوم على مبدأين أساسيين؛ هما: تحقيق المنفعة للجميع، وعدم الضرر، إلا أنها آلية مؤقتة، ليست معاهدة أو اتفاقية، لذا فإنها لاتحمل قوة إلزامية أو قانونية.
فى يوليو من عام 2009 اجتمع المجلس الوزاري السابع عشر لدول حوض النيل في الإسكندرية؛ حيث سعت دول المنبع إلى فرض إقامة “مفوضية” لحوض النيل، بغض النظر عن مشاركة دولتي المصب (مصر والسودان)، عوضًا عن الاتفاقيات القديمة لتوزيع المياه، ولما اشتدَّت الخلافات بين دول الحوض قرَّر المؤتمر الاستمرار في المفاوضات والتشاور لمدة 6 أشهر قادمة، على أن يتم الانتهاء من حسم نقاط الخلاف
للوصول إلى اتفاقية موحدة تجمع دول حوض النيل أو مبادرة دول حوض النيل.
يمكننا أن نعتبر مايو 2010 هو نقطة البداية الملموسة لتفاقم أزمة دول حوض النيل، حيث قررت 6 من دول منابع النهر هى إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي التوقيع في مدينة “عنتيبي” الأوغندية على معاهدة جديدة لاقتسام موارده تنتهى بموجبها لحصص التاريخية لمصر والسودان وفقا لاتفاقيات 1929 و1959 ، ومنحت القاهرة والخرطوم مهلة عاما واحدا للانضمام إلى المعاهدة، يذكر أن دولة جنوب السودان قد أعلنت في مارس 2013 اعتزامها الانضمام إلى معاهدة عنتيبى.
رفضت كل من القاهرة والخرطوم الاتفاقية واعتبرتها “مخالفة لكل الاتفاقيات الدولية”، وأعلنت أنها ستخاطب الدول المانحة للتنبيه على عدم قانونية تمويل أي مشروعات مائية، سواء على مجري النيل أو منابعه وإقناعها بعدم تمويل مشروع سد الألفية “سد النهضة” الذي سيتكلف نحو 4.8 مليار دولار أميركي حسب تصريحات المسئولين الإثيوبيين.
ينبغى أن نؤكد أولا أن دولة إثيوبيا هي التي تتزعم حراك دول المنبع ضد مصر ، لاتبدو هذه الدول تعاني مشكلة كبيرة في توفير المياه للزراعة وإن أعلنت غير ذلك ، فحجم المياه الذى توفره الأمطار الموسمية يتعدى حجم مياه النيل سنويا بمعدل 10 أضعاف أي 800 -900 مليار متر مكعب، تبقى المشاكل الرئيسية التي تعاني منها هذه البلاد تتعلق بالبنى التحتية الزراعية كشق الترع والمصارف وتوفر التكنولوجيا إضافة إلى بطء معدلات التنمية بشكل عام.
ومع تقلص التواجد المصرى في إفريقيا، وغيابه تماما في أعقاب محاولة اغتيال الرئيس المخلوع حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995 بدأت هذه الدول تلجأ إلى قوى إقليمية ودولية أخرى لمشاركتها طموحها نحو التنمية عبر إقامة مشروعات اقتصادية كان أهمها استغلال التدفق المائى من أجل توليد الكهرباء عبر إقمة السدود ، لذا فإن السدود الأربعة التي تشرع إثيوبيا فى تشييدها إضافة إلى سد النهضة لاتهدف بشكل مباشر إلى تخزين المياه بقدر ما تهدف إلى توليد الكهرباء لتغطية العجز أولا وتحقيق فائض لتصدير الكهرباء ثانيا.
لا توجد وثائق لترقى لدرجة التأكيد توشي بتورط إسرائيل بالتحريض ضد مصر فى أزمة المياه، لكن النفوذ الإسرائيلي في دول حوض النيل صار حقيقة لا تقبل الجدال، وهو ما أكده البروفيسور (شلومو أهرونسون) أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب في بحث له عن تصنيف علاقات إسرائيل بالدول الإفرقية والذى جاءت فيه دول إريتريا، إثيوبيا، أوغندا، الكونغو برازافيل، رواندا، بوروندى وكينيا ضمن المستوى الأول في التصنيف بما يعني أن إسرائيل تركز جهودها فعليا على دول حوض النيل.
على سبيل المثال، تعد أريتريا أكبر قاعدة للوجود العسكري الإسرائيلي فى إفريقيا، تنطق بذلك حقائق ومعطيات حجم الوجود العسكري.
فلقد كشفت وثيقة صادرة عن إدارة التعاون الدولي بوزارة الدفاع الإسرائيلية فى شهر أغسطس عام 1997 حول الوجود العسكري، تناولت الأرقام التالية: وجود ما بين (500-700) مستشار عسكرى من مختلف صنوف الأسلحة لا يتولون تدريب القوات الإريترية وحسب، وإنما قيادة بعض الوحدات المهمة مثل بعض القطع البحرية وتشمل المنظومات الإلكترونية، ووسائل الدفاع الجوي والبحري، ومحطات الرادار .
كما تمد إسرائيل إريتريا بمنظومات قتالية متطورة مثل الطائرات ، وقطع البحرية كالزوارق الحاملة للصواريخ (سفر) و(دابورا) وصواريخ مضادة للأهداف البحرية من طراز (جريانيل) وصواريخ مضادة للدروع ، ويؤكد التقرير أن إريتريا ستكون حتى عام 2000 قادرة على امتلاك قوة عسكرية فاعلة ومؤثرة وقادرة على منازلة الخصوم .
الأمر لايقتصر على إريتريا، فقد سبق للصحف الإسرائيلية أن نشرت تفاصيل عن مهمة تطوير القوات المسلحة الإثيوبية أشرفت عليه إسرائيل بداية من عام 1995، حيث عملت على تنفيذ برنامج خماسى -أى خمسة أعوام- يتعين إعادة هيكلة وتنظيم وتسليح الجيش الأثيوبى ليكون قادراً على مواجهة أية تحديات من داخل القارة الأمر الذى قد يؤشر ربما أن إثيوبيا كانت تخطط لاتخاذ خطوات بشأن ملف المياه منذ عقدين من الزمان.
وطبقاً لتلك المصادر فإن إسرائيل بدأت ومنذ عام 1996، تضخ كميات كبيرة من الأسلحة إلى أثيوبيا شملت طائرات نقل واستطلاع من نوع “عرابا” المنتجة فى إسرائيل، كما شملت دبابات من طراز (ميركافا) السوفيتية والتى جرى تحسينها وكانت إسرائيل قد استولت عليها أثناء حرب 67، إضافة إلى منظومات رادار وصواريخ بحرية، ومنظومات صواريخ “باراك” و “جبريائيل” وصواريخ ومدافع مضادة للطائرات .
بالنسبة لأوغندا هناك عدد كبير من المستشارين الإسرائيليين فى مجال القوة الجوية والدفاع الجوى والقوات البرية والقوات الخاصة والدروع وتتراوح أعدادهم ما بين (250-300) ضابط، كما تحتفظ إسرائيل بعلاقات مع الكونغو برازافيل ومع رواندا وبوروندي، وكانت تقارير قد أعدتها عضوة الكنيست “بغما حزان” عن حركة “ميرتس” قد أماط اللثام عن تدفق الأسلحة الإسرائ يلية إلى كل من بوروندى، ورواندا ، والكونغو برازافيل، وعرضت ” حزان ” صوراً من الأسلحة الإسرائيلية المستخدمة فى ساحة الحروب الأهلية ودور المستشارين الإسرائيليين المتواجدين هناك فى إذكاء هذه الحروب .
فيما يخص النفوذ الاقتصادى والتجاري فحدث ولا حرج، يمكنك مطالعة المزيد في هذا الباب من هنا.
(1) في عهد الرئيس عبدالناصر: كان مشروع عبد الناصر الأيدولوجى يقتضي اهتماما كبيرا بإفريقيا وتحررها من الاستعمار، لذا يبدو أن ناصر كانت تجمعه علاقات صداقة بكثير من الزعماء الأفارقة ومنهم الإمبراطور “هـيلا سيلاسي” بما تلاشى معه استخدام قضية مياه النيل كورقة ضغط سياسي على مصر، بيد أن هذا الوفاق لم يستمر طويلاً، فسرعان ما نشبت الخلافات بين البلدين على خلفية قيام مصر ببناء السد العالي دون أن تستشير دول المنبع، وهو ما عارضته إثيوبيا.
(2) في عهد الرئيس السادات: جاء إعلان الرئيس السادات عن مشروع لتحويل جزء من مياه النيل لرى 35 ألف فدان في سيناء ليشعل العلاقات بين مصر وأثيوبيا في عهد الامبراطور “منجستو هيلا ماريام” خليفة “هيلا سيلاسى” الذى تقدم بشكوى إلى منظمة الوحدة الأفريقية فى ذلك الوقت تتهم فيها مصر بإساءة استخدام مياه النيل، واحتدم الخلاف إلى حد تهديد الرئيس الإثيوبى «منجستو» مصر بتحويل مجرى نهر النيل،فيما وجه الرئيس السادات خطاباً حاداً إلى إثيوبيا مهددا باستخدام القوة العسكرية.
(3) فى عهد الرئيس المخلوع مبارك: في البداية ساد قدر من التفهم و العلاقات بين البلدين وجها تكوين تجمع (الأندوجو)، الذى نشأ عام 1983، وهو يعنى (الإخاء) باللغة السواحلية، وذلك كإطار إقليمى للتشاور والتنسيق بين دول حوض النيل، رغم أن إثيوبيا لم تنضم إليه إلا بصفة مراقب مع كينيا .
توترت علاقات خطط نظام “منجستو” لإقامة مشروع كبير فى منطقة “تانا بيليز”، لمضاعفة الإنتاج الكهربائي الإثيوبي، وهو مشروع بدأت مرحلته الأولى عام 1988، وبلغت ميزانيته 300 مليون دولار أمريكى، وكان من المقرر أن يتم من خلاله إقامة خمسة سدود لتوفير المياه لحوالى 200 ألف مزارع في إثيوبيا. فعارضت مصر وتصدت لمحاولة حصول إثيوبيا على قرض من بنك التنمية الأفريقي، مما زاد من توتر العلاقات بين الطرفين .
مع قدوم عام 1995 حدثت قطيعة تامة في العلاقات بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس السابق مبارك بأديس أبابا إبان زيارته لحضور مؤتمر منظمة الوحدة الأفريقية المنعقد هناك، بعد تصاعد لهجة التصريحات الرسمية والإعلامية العدائية المتبادلة بين البلدين، واستمرت هذه القطيعة حتى قيام ثورة يناير.
(4) 2011 وما بعدها: استغلت إثيوبيا حالة القطيعة في علاقتها مع مصر في تعزيز نفوذها في دول حوض النيل وصناعة علاقات إقليمية، كما استفادت من حالة التوتر السياسي فى مصر بعد الثورة وتطاحن الفرقاء السياسيين في الشروع في بناء عدة سدود أبرزها سد النهضة الذى طورت تصميمه القديم “يبلغ ارتفاعه 8 أمتار وطوله 900 متر، وذو امكانيات تحدد بـ 11 مليار متر مكعب من المياه”، إلى التصميم الحالى الذى سنتحدث عنه لاحقا، بل وإنهاء حوالى 25% من إجمالى العمل فيه تقريبا.
طبقا لخارطة توزيع مصادر المياه فى مصر، فإن أكثر من 97% من احتياجات مصر المائية يتم تمويلها عبر نهر النيل بينما تغيب التكنولوجيا والموارد اللازمة للمصادر الأخرى كالتحلية، ومع التزايد الكبير في عدد السكان في مصر فإن حصة الفرد قد تتقلص إلى ما دون 500 متر مكعب سنويا بحلول عام 2015 أي أقل من نصف المعدل العالمي هذا قطعا بافتراض نجاح مصر في الحفاظ على حصتها من مياه النيل.
ترتبط الزيادة السكانية بأهمية توزيع رقعة السماحة الزراعية، ووفقا للتقديرات فإن كل 200 ألف فدان تحتاج إلى مليار متر مكعب سنويا في الأماكن الصالحة للزراعة، أما في المناطق الصحراوية كسيناء فالنسبة قد تتضاعف عدة مرات.
هو أكبر السدود فى قارة إفريقيا ويعرف باسم سد الألفية العظيم، حيث يبلغ ارتفاعه 145 متر وطوله حوالى 1800 متر وتقدر تكلفة إنشائه بحوالى 5 مليارات دولار ، أغلبها تمويل حكومي واستثمارات لشركات أجنبية حيث لم تسمح الحكومة الإثيوبية بمشاركة جهات حكومية أجنبية في المشروع.
يقطع السد مجرى النيل الأزرق –أكبر فروع النيل كما سبق- قرب الحدود مع السودان في ولاية بنيشنقول قماز الإثيوبية وتبلغ سعته التخزينية 74 مليار متر مكعب، أي حوالي مرة ونصف من إجمالي سعة النيل الأزرق من المياه سنويا.
تقدر القدرة المبدئية للسد على توليد الكهرباء بحوالى 6000-7000 ميجاوات ، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الطاقة الكهربائية المولدة من محطة سد أسوان الكهرومائية.
وجب الانتباه أيضًا إلى أن سد النهضة هذا ليس آخر المطاف فالخطة الإثيوبية قد تعمد إلى إضافة ثلاثة سدود أخرى هى “كارادوبي” و”بيكو أبو” و”مندايا” بسعات تخزينية تصل إلى 200 مليار متر مكعب.
يمثل السد خطرا على مصر من عدة أوجه وليس وجها واحدا.
أولها يتعلق بالفترة اللازمة لملء خزان السد “74 مليار متر مكعب” حتى يمكن للسد العمل بكامل طاقته، وبالطبع تريد إثيوبيا تقليص هذه الفترة لأقصى درجة ممكنة، فبافتراض كون هذه الفترة 5 سنوات مثلا، فهذا يعنى استهلاك السد لـ 15 مليار متر مكعب من الماء سنويا على مدار 5 سنوات تخصم من مصر والسودان بنسبة حصتيهما “3 إلى 1” بما يعنى تناقص حصة مصر السنوية بحوالى 12 مليار متر مكعب على الأقل لتصل إلى “40-43 مليار متر مكعب سنويا” وهو ما قد يمثل كارثة بالنسبة لمصر التى تصنف كإحدى الدول الفقيرة مائيا حيث حصة الفرد أقل من 650 متر مكعب من الماء سنويا أي أقل من ثلثى المعدل العالمي “1000 متر مكعب للفرد” ، كما أنه في مقابل كل مليار متر مكعب تناقص من حصة مصر المائية فإنه من المتوقع أن تخسر مصر 200 ألف فدان زراعي.
الخطر الثانى المؤكد أن نقص مخزون المياه خلف السد العالي سيؤثر سلبا على الطاقة الكهربائية المتولدة منه بما يتراوح بين 20 و40%، بحسب خبراء في مجال المياه مما سيعمق من أزمة الكهرباء التي تعيشها مصر.
الخطر المحتمل يتمثل في استخدام جزء من هذه المياه للزراعة بما يعني أن حصة من مياه الخزان سيتم تفريغها لأغراض زراعية بما يعني الحاجة لإعادة ملئها وساعتها لن تكون الأزمة متعلقة بفترة ملء الخزان فقط ولكن بتناقص دائم في حصة مصر السنوية في مياه النيل.
الخطر الأكبر يكمن في الاستهداف العسكري للسد لأى سبب أو توظيفه لأغراض عسكرية أو حتى وجود احتمالية لانهياره بسبب أي أخطاء في التصميم أو لطبيعة المنطقة التي أقيم فيها كما يزعم بعض الخبراء مما يؤدي إلى انهيارخزاناته لتدفق مفاجىء للمياه الأمر الذى ينذر بفيضانات هائلة وغرق لمساحات شاسعة في السودان ومصر وإلحاق أضرار بالغة بالسد الحالي قد تصل إلى تدميره كاملا في حالات معينة.
تلتزم السودان موقفا حياديا تجاه الأزمة رغم ما تمثله من خطر عليها، وأعلنت تمسكها بعلاقتها مع كل من القاهرة وأديس أبابا، الأمر الذى يثير الغضب المصرى.
طبقا لشحاتة مغاوري أستاذ الموارد المائية الدولي والخبير المصري في حواره مع وكالة الأناضول فإن مصر مستمرة في التفاوض -ربما يتم رفعه إلى مستوى الوزراء أو ربما أكثر من ذلك- وإقناع إثيوبيا في الوقت الراهن، بضرورة وجود بدائل علمية وفنية للسد، من خلال العودة للمواصفات الأولية (11 مليار متر مكعب من المياه بدلاً من 74 مليار مكعب حاليا)، أو إنشاء مجموعة من السدود الصغيرة التي يمكن أن تولد طاقة كهربائية تعادل ما يمكن توليده من سد النهضة.
الخيار الثانى سيكون الوساطة من خلال اللجوء لدول إفريقية مثل السودان، وقوى غربية مثل روسيا التي يمكن أن تتدخل هي الأخرى في التوصل إلى اتفاق مقبول بين الطرفين، وتجاوز النقاط الخلافية، أو ربما يتم اللجوء لوساطات خليجية حيث تملك كل من السعودية والإمارات استثمارات ضخمة فى أثيوبيا.
الخيار الثالث وهو اللجوء إلى التصعيد الدولي عبر طلب الوساطة من دول مؤثرة، أو رفع القضية في المحافل الدولية كمجلس الأمن وهو أمر قد ينذر بتفاقم المشكلة.
رغم استبعاد أي خيار عسكري إلا أن هذا لم يمنع “ستراتفور” من دراسة الخيارات المحتملة حال رغبة مصر في إيقاف مشروع السد عبر حل عسكري بغض النظر عن التبعات المحتملة للجوء لمثل هذا الخيار.
ووفقا لستراتفور أفضل طريقة أمام مصر لضرب سد قائم هو استخدام القنابل التي يتأخر عملها ونشرها من ارتفاعات منخفضة تماماً، أو الأفضل من هذا استخدام ذخائر الهجوم المباشر المشتركة التى يتأخر تشغيلها أيضا من ارتفاع متوسط، وتكمن الصعوبة، كما يوضح التقرير، فى أن هذه القنابل يجب أن يتم وضعها في قاعدة السد تحديداً تحت المياه، حيث يكون التأثير الناتج ضخمًا وموجة الضغط كبيرة جداً، ويفضل نشر أكثر من قنبلة بنفس الطريقة، حتى تكون القوة كافية لخرق السد.
لتجنب الإزعاج من ضرب سد قائم وخلق حالة من الفيضان الهائل في المصب فى السودان، وربما مصر، من المرجح أن تفضل القاهرة ضرب السد أثناء إنشائه في مرحلة متقدمة أو ربما بعد إنشائه خلال الفترة الأولى وقبل امتلاء خزانه بالمياه للحد الذى يضر مصر وفى هذه الحالة ستكون السودان أكبر المتضررين وسيتوقف حجم الضرر على مدى امتلاء خزانات السد بالمياه.
يشير التقرير إلى أن المسافة تمثل عقبة هائلة في طريق أي خيار عسكري مصري، لأن إثيوبيا بعيدة جداً عن مصر، وبما أن مصر لم تستثمر في أى نوع من القدرة على التزود بالوقود الجوي، فإن الأمر أكثر صعوبة، والعزاء الوحيد لمصر هو أن السد قريب جدًا من الحدود السودانية، إلا أن انطلاق الطائرات المصرية من السودان سيكون أمرًا معقدًا من الناحية السياسية، وسيكون له عواقب دولية للسودان ومصر، كما أن قرب السودان من إثيوبيا سيجعلها معرضة لانتقام عسكرى مباشر.
ثمة خيار آخر تحدث عنه تقرير ستراتفور، وهو إدخال قوات من العمليات الخاصة المصرية إلى السودان، ومن هناك يمكن أن تتحرك القوات عبر الحدود، وإما أن تعطل بناء السد أو تحاول تخريب البنية تحت ستار من المسلحين. وهذا الخيار ربما سيسمح للخرطوم بأن تقول بواقعية أنه لا فكرة لديها عن المسلحين هناك، ولكن العمليات العسكرية للقوات الخاصة سيؤدى فقط لتأجيل المشروع وليس إنهاءه.
دعوة للتبرع
أسئلة أخرى من داليا: دكتور احمد . شكر لاهتم امك بصقل عقلي...
كشاف الزمخشرى: ما تقييم ك لتفسي ر الكشا ف للزمخ شري؟ ...
يأجوج ومأجوج: :أستا نا الدكت ور أحمد السلا م عليكم...
العقبة: ما معنى ( العقب ة ) في سورة البلد ( فَلا...
الفهم قرآنيا : جاء فى القرآ ن يعقلو ن فلماذ ا لم يأت (...
more