بوحريد" .. جميلة لن تموت

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٠٦ - نوفمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: مصر العربية


بوحريد" .. جميلة لن تموت

يقولون إن جميلة ماتت، وهل يموت النهر؟، هذه هي قناعتنا، فإن جميلة وإن فارقت روحها الجسد، باقية، كما نهر غادره ماؤه، فصار واديًا ممهدًا ينفع الناس أيضًا.


وعلى الرغم من نفي وسائل الإعلام الجزائرية خبر موت الجميلة، إلا أننا ومن باب الاحتفاء والاحتفال نسأل عنها ونجيب لكم، من هي سيدة الجزائر وعماد الثورة..
في العهد الذي كان العربي يقبل أن يزوج ابنته بعربي آخر دون النظر إلى حدود البلدان، تزوج والد جميلة الجزائري المثقف من أمها التونسية المولودة بالقصبة، وكونا معًا أسرة بلغت 10 أفراد، 7 شبان وجميلة، والأب والأم.
تقول التونسية الأم: " ألا يا جميلة لا تنسي، أنت جزائرية الميلاد والموطن، ولا نعرف من فرنسا، إلا لغتها التي فرضوها علينا، فلا تقبلي أن ينزعك أحد من جذورك، وأمضي بهذا على الأرض ومنها".
ولأنك تعرف يا من تقرأ، كيف يمكن أن تنشأ عربية في الأربعينيات، فلعلك خمنت كيف واصلت جميلة تعليمها، فمن تعليم أساسي إلى معهد الخياطة والتفصيل، تدرس وترقص مع زميلاتها، وتركب الخيل، كأي ابنة من أسرة ميسورة الحال قليلًا، وراقية كثيرًا من المحيط إلى الخليج.

إلا أن عام 1954، كان محرك الأحداث في حياة الجميلة التي نحبها ونعرفها، فالجميلة ما أن اشتعلت الثورة الجزائرية على الاستعمار الفرنسي، حتى التحقت بجبهة التحرير الوطني الجزائرية، ومن بعدها لصفوف الفدائيين.
وحين انضمت لصفوف الفدائيين، أبت إلا أن تكون كتفًا بكتف، وذراعًا بذراع، مع إخوانها الذين ملأوا طريق المحتل بالألغام، فزرعت القنابل حقًا، ليكون اسمها متصدرًا قوائم المطلوبين لدى فرنسا، دولة الحرية للفرنسيين، والاستعمار للعرب.
وفي يوم من أيام 1957، أثناء العمل الاعتيادي لجميلة ورفاقها، وغير الاعتيادي لمن يقرأ عن سيرة بذل المناضلين، أصيبت الجميلة برصاصة في الكتف، هكذا فقط استطاعوا تكبيل الفتاة العشرينية.
ومن خلال مشاهد سينمائية وقراءة في تاريخنا المعاصر، نعرف كم ذاقت جميلة من التعذيب، كم مرة اضطرت أن تخرج فيها ليلتقطوا لها الصور، وهي شاخصة العينين، وشعرها منسدل على ظهرها، مائلة إلى الأمام، لكنها رغم هذا لم تهُن ولم تحزن، فكانت من الأعلين، وتقول لهم إذا ما واجهوها بمزيد من الضغط: " أعلم أنكم ستحكمون عليّ بالإعدام، وبهذا ستغتالون الحرية في بلدكم، ولكنكم لن تمنعوا الجزائر حريتها واستقلالها".
فمن داخل المستشفى التي كانت بها جميلة، عرضوها للصعق الكهربائي لثلاثة أيام متواصلة، تفيق مرددة الجزائر أُمنا، وحين فشلوا في انتزاع أية اعترافات منها، حكموا عليها بالإعدام فعلا، وحدد يوم 7 مارس 1958 لتنفيذ الحكم، إلا أن اجتماع لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، تتدخل ليعدل الحكم إلى سجن مدى الحياة بدلًا من الإعدام، بعد تلقيها برقيات استنكار من شتى بقاع العالم.

وبعدما أعلن خبر التحرر الجزائري من القاهرة، وبالتحديد في 1962 خرجت جميلة من محبسها، وعاودت نضالًا من نوع جديد، هو نضال كتابة أسماء المحبين معًا، لتتزوج من محاميها الفرنسي، وليتخذ اسمًا يليق بمساندة عظيمة، ونتيجة أعظم في مسيرته مع جميلة ولا أعظم من حريتها فيصير "منصورا"، وتقول بنضالها الثاني، إن الحر للحرة، والوطن الكبير لهما معًا.


عاشت جميلة حرة..جملة خبرية تامة تصلح للهتاف، ما كان على الأرض أحرار.

اجمالي القراءات 2812
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق