بطريرك الكلدان: نزوح مسيحيي الموصل مجرد بداية

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢١ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: إيلاف


بطريرك الكلدان: نزوح مسيحيي الموصل مجرد بداية

ينظر بطريرك الكلدان في العراق والعالم نظرة تشاؤمية إلى مستقبل المسيحيين في الشرق، خصوصًا مع قيام ما يسمى بالدولة الاسلامية في بعض المناطق العراقية، ويحذر في حديث مع "إيلاف" من حرب أهلية طاحنة في هذا البلد.


ليال بشارة من باريس: دقَ لويس ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، ناقوس الخطر، وحذر في حديثه مع "إيلاف" من أن يكون نزوح المسيحيين من الموصل، مع انتهاء مهلة حددها لهم تنظيم الدولة الإسلامية، مجرد بداية. كما إنتقد المواقف الغربية والعربية التي تكتفي بمتابعة ما يحدث من دون أن تفعل شيئًا، وحذر من أن العراق اليوم بات فعليًا مقسمًا طائفيًا وجغرافيًا ومجتمعياً ونفسيًا.

ورأى ساكو أن ثورات الربيع العربي انعكست سلبًا على المسلمين أكثر مما انعكست سلبًا على المسيحيين، وقدم صورة ضبابية لمستقبل مسيحيي المشرق.
 
وفي ما يأتي نص الحوار:

نزوح مسيحيي الموصل يعيد السؤال القديم: هل العراق على شفير حرب أهلية؟

أعتقد أن نزوح المسيحيين من الموصل مجرد بداية. بدأوا بالمسيحيين لأنهم مكوَنٌ صغيرٌ، هجروهم وقلعوهم من مدينتهم، التي يعود تواجُدُهم فيها إلى أكثر من ألفي سنة. الحكومة العراقية لا تسيطر على المنطقة، أو بصريح العبارة لا تسيطر الحكومة العراقية على ما يُطلق عليه اليوم تسمية المثلث السني. وها هم الجهاديون يسيطرون على المنطقة ويطبقون الشريعة الإسلامية، والإسلام برَاءٌ من كل ذلك، فكيف يُمكن طردُ الناس الأبرياء من بيوتهم، والإستحواذ على ممتلكاتهم وأموالهم وتهديد حياتهم؟ وإن كانوا جهاديين فعلًا، فلِمَ لا يذهبون إلى غزة؟

من يتحمل مسؤولية أوضاع مسيحيي العراق، خصوصًا أن ما يحدث اليوم شبيه بما حدث بعد الإجتياح الأميركي للعراق عام 2003؟

الأميركيون لم يسقطوا نظام صدام حسين وحده، وإنما أسقطوا أيضًا الدولة العراقية. أنهوا الدولة العراقية بكل مؤسساتها، ثم قاموا بتكوين جيش ووضعوا نواة دولة جديدة. كان الممثل الأميركي في العراق مفوضًا ساميًا، حتى تم تشكيل حكومة عراقية موقتة وإجراء انتحابات. لكن الجيش والشرطة اليوم عاجزان عن فرض هيبتهما.

ما زالت الدولة العراقية فتية، وهناك قوى مسلحة كبيرة في المنطقة استطاعت فرض نفسها وأعطي مثالًا على ذلك عند دخول الجهاديين إلى الموصل، لم يقم الجيش بمقاومتهم، لكنه استسلم وخرج من المدينة.

المشرق يتمزق ويحترق

ألم تتساءلوا لِمَ انسحب الجيش العراقي من دون مقاومة المسلحين؟

الجيش العراقي خليطٌ. البعض التحق به من أجل المال، نظرًا لإرتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب العراقي، وبالتالي لم يكن هناك تدريبٌ مهنيٌ على أسس واضحة للجيش والشرطة. تم دمج عدة ميليشيات في الجيش العراقي، ولربما يكمن هنا الخطأُ الكبير.
 
هل ناشدتم الدول الغربية مساعدتكم في الحفاظ على الوجود المسيحي في منطقة تعرف هجرة مسيحية متنامية؟

ليست المشكلة بين مسيحيين وغير مسيحيين. المشرق العربي يتمزق ويحترق اليوم. أنظروا ماذا يحدث في غزة، وماذا يحدث في سوريا، واليوم في العراق وليبيا واليمن، فيما العالم الغربي يتفرج، أو تكتفي الدول الغربية بإصدار مواقف خجولة لا ترقى إلى حقيقة ما يحدث اليوم في أرض الواقع. ونحن لم نسمع لغاية اليوم إدانة قوية أو تحركًا ديبلوماسيًا قويًا، إنما بعض الأصوات الضعيفة فقط. ومواقف الدول الغربية مخجلةٌ، تُحبط عزيمتنا، لكن لا تلقى فقط المسؤولية على عاتقها، فليس هناك موقف عربي وإسلامي واضح مما يحدث. هم غائبون عن السمع.

ونتساءل اليوم: أين موقف الجامعة العربية من تهجير المسيحيين العراقيين على يد جهاديين؟ أين منظمة التعاون الإسلامي؟ فالإسلام يُشوَهُ اليوم. هذه ضربةٌ للإسلام والمسلمين.

هل بات العراق على شفير تقسيم طائفي؟

كلا، بل بات العراق اليوم مقسمًا طائفيًا على الأقل جغرافيًا، ومجتمعيًا ونفسيًا. العراق مقسم اليوم إلى ثلاثة، الشمال والوسط والجنوب. ونحن قلقون ومتألمون لهذا الواقع الإجتماعي الجغرافي الجديد، وخائفون من تكريس هذا الواقع الجديد ويُصبح أمرًا واقعًا.

ونتساءل، من يقف وراء هذا التقسيم؟ لا نعرف، لكننا لسنا خائفين فقط من التقسيم، ولكن من أن يتبعه انزلاق العراق نحو حرب أهلية طاحنة.
  
مستقبل ضبابي

كيف تنظرون إلى مستقبل المسيحيين في الشرق الأوسط؟

أرى مستقبل المسيحيين في الشرق الأوسط ضبابيًا ومجهولًا، بلا رؤية. ويتم اليوم دفعُهم نحو المغادرة. كان المسيحيون يشكلون خمسة بالمئة من إجمالي الشعب العراقي، اليوم أصبحوا إثنين بالمئة. وكان المسيحيون يشكلون في سوريا عشرين بالمئة من إجمالي الشعب السوري، اليوم أقل من عشرة بالمئة، وفي لبنان ايضًا.

المسيحيون مكونٌ مشرقي أصيلٌ، لعبوا دورًا أساسيًا في الحضارة العربية والثقافة الإسلامية. في فجر الإسلام، كان المسيحيون موجودين وانفتحوا على الإسلام، وفي بيت الحكمة أيضًا، يُضافُ إلى ذلك أن كل الفكر والمعرفة اليونانية نقلها المسيحيون إلى العربية، ووصلت لاحقًا إلى أوروبا. هذه خسارةٌ كبيرةٌ، ليس فقط للمسيحيين لأنهم اقتُلعوا من بلدانهم، لكن للعالم الإسلامي ايضًا. فهناك وجودٌ مسيحي ثقافيٌ حضاريٌ في البلدان العربية، وهذا يمثل قيم العيش المشترك.
 
هل انعكس الربيع العربي سلبًا على مسيحيي الشرق؟

انعكست ثورات الربيع العربي سلبًا على المسلمين أكثر من المسيحيين. لا أفهم صراحة لماذا هناك صراع سني شيعي، فكلهم مسلمون. صحيحٌ أنهم مختلفون في بعض النواحي، لكنهم  مسلمون يؤمنون بالإسلام، فلماذا هذا الإقتتال؟ وأرى أن الصراع السني الشيعي يقف بالأساس وراء تقسيم المسلمين إلى محورين، وأدى بالتالي إلى ظهور متشددين.

اجمالي القراءات 2871
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق