كتب- أحمد شهاب الدين:
يعيش المصريون حالة من الاضطراب السياسي تنعكس على اقتصاداتهم سلبا، ويتحايلون على فقرهم بأساليب عديدة، في هذا الصدد نشرت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية تقريرا عن تدبر المصريين لشؤون حياتهم في ظل المعاناة الاقتصادية التي يتعرضون لها، أمام منافذ بيع أنابيب الغاز.
تصف الصحيفة المشهد، حيث الأمهات ينتعلن الصنادل ويتعجلن الفتيات ليشترين غازا رخيصا لطهي الطعام، والصبيان يحملون أسطوانات الغاز على الدراجات النارية المائلة، والبعض الآخر يوازن الاسطوانة على رأسه، وبعضهن يربطها على حمار، وتلتقي الصحيفة بسميرة أحمد علي، امرأة لديها خمسة أبناء، أرملة، تملأ اسطوانة الغاز المدعم بسبعة جنيهات، وتبيعها في السوق السوداء بتسعة جنيهات، تقول المرأة “لم أبع أي اسطوانات أمس، وإذا استطعت الحصول على عشرة جنيهات في اليوم فأنا سعيدة، هذا أقصى ما آمله، فإن لم أحصل على هذا المبلغ، أنظف أحد البيوت”.
وتستمر الصحيفة في رصد معاناة المصريين أمام أنابيب الغاز، بجانب سميرة تقف مها الصالح التي تعرق تحت حجابها الأسود، غير مبالية بالرجل المتطفل بسيجارته الرديئة.
تقول مها الصالح “أنا أبيع الغاز، وطعام الماشية والخضروات، وأفعل ما يمكنني القيام به” وتضيف ” في الأيام القليلة الماضية أجني المال بصعوبة، الناس أفلسوا، ولا أحد يستطيع الشراء، إن الحالة أسوأ من أي وقت مضى”
وترى الصحيفة أن مصر وبعد عام من الثورة والقضاء على النظام الفاسد المخلوع الرئيس حسني مبارك، إلا أن المعركة مستمرة في أروقة الحكومة المصرية المعقدة، وبعد أن أخفقت الثورة في وعودها، تشير الصحيفة إلى أن هناك أمل ضئيل في انتخاب الرئيس المقبل لدى سكان الحي الذي زاته الصحيفة، حيث يعمل كثيرون في فرز القمامة بحثا عن معادن لإعادة تشكيلها.
وقبل الفجر يستولى الإحباط على الناس الذين يصطفون أمام الحوائط الملطخة، في انتظار فتح الباب، تخزين السلع ونقص الغاز يدفع في اتجاه رفع الدعم عن الغاز الذي يصل سعره إلى 30 جنيها للاسطوانة، ليتفجر الغضب في أنحاء البلاد، فحدث أن تبادل اثنان إطلاق النار من بين الأسر المتنافسة على اسطوانات الغاز… وتضيف الصحيفة أنه لا أحد يسمع هنا أي خطاب سياسي يمكنه أن يغير من ذلك.
وتنقل الصحيفة عن إحدى الأرامل الذي توفي زوجها منذ سنوات بسبب فشل كبدي، قولها: “أنا لا أصدق السياسيين، أو القانون” وتضيف أن أحد العاملين في جهاز الشرطة ضربها ليبيع اسطوانة الغاز في السوق السوداء وآخر ضرب ابني، كل شيء ينهار”.
وسردت الصحيفة حكايات عن معاناة المصريين، سامية محمد زكريا تقول أن الشرطة العسكرية أخدوا ابنها منذ عام، وحكمت عليه بالسجن سبع سنوات في الإسكندرية، ابنها الذي كان يبيع بعض الأدوات ليجلب لهم المال، وزوجها نقاش، واشتكت من ندرة العمل منذ قيام الثورة، والمال شح بعد أن أخذوا ابنها، وكان لديه مشكلة في بصره ويحتاج إلى عمليات جراحية.
وتنقل الصحيفة عن امرأة أخرى منقبة قولها “لقد أتيت إلى هنا من أجل الغاز” وأضافت “لدينا الإيجار والديون وأطفال في المدرسة”.
تقول الصحيفة عن هؤلاء ” كل وجه خلفه حكاية، قصة متشابكة وحميمة، وتحتوى على وجوه مختلفة لفشل الدولة”