البرادعي: تغيير نظام الحكم في مصر قد يأتي بعد شهور وفي أكثر تقدير بعد عام
«نطالب بأن نعود مرة أخري شعبا يحكم نفسه».. هكذا ألقي الدكتور محمد البرادعي المدير العام الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الحماس بين ضيوف مائدة «التغيير» التي شارك فيها أكثر من 200 عضو بالحملة الشعبية المستقلة لدعم البرادعي رئيسا بمناسبة مرور عام علي بدء نشاط الحملة.
وقال البرادعي في نص الكلمة التي ألقاها علي المشاركين في المائدة:
إخوتي وأخواتي أبنائي وبناتي لا أستطيع أن أعبر لكم عن شعوري اليوم عندما أري هذا الجمع من هذا الشباب. أنتم المستقبل الذين ستصنعون مصر التي نود أن نراها، وأعيد مرة أخري المطالب التي ندعو إليها.. نطالب بأن نعامل كأفراد في مقابل لأن نستعيد حريتنا مرة أخري حرية الرأي والعقيدة والحرية من الخوف والحاجة، ونطالب بأن نعود مره أخري شعبا يحكم نفسه كما هو الحال في مختلف دول العالم وأن يكون النظام وكيلا لنا وليس وصيا علينا.
عندما بدأنا هذه الحملة بعد 58 عاما من غياب الديمقراطية في مصر كان هذا حلماً فكيف سنحول مصر مره أخري إلي دولة تقوم علي احترام الآخر والتعددية، ومنذ 58 عاما ونحن نعيش في مجتمع نعامل فيه كالعبيد وكالقطيع من الأغنام ونقوم بعمل ما يوجهه لنا مجموعه لم نخترها ولم ننتخبها، وقد أثبتت الأيام أنها صارت بمصر من دولة في مقدمة الدول العربية إلي دولة أصبحت مهمشة.
عندما بدأت جمع التوكيلات في الإسكندرية علي يد صفوان محمد كانت هناك سخرية.. كيف في مثل هذا النظام القائم علي القمع والاستبداد أن يستطيع المصريون أن يكسروا حاجز الخوف، وقامت الجهات القانونية لتعلن أن هذه التوكيلات ليست قانونية ولكن اليوم وفي غضون ستة أشهر حصلنا علي ما يقرب من مليون توقيع والمحكمة الإدارية العليا قالت إن التوكيلات في الشهر العقاري لها صفة قانونية وهذا هو الحلم، إننا استطعنا في ستة أشهر وبعد أكثر من ستة عقود من القهر والفساد أن نقوم مرة أخري كالشعب ونقول إننا سنستعيد حريتنا بأسلوب سلمي ومتحضر, والتوقيعات هي بداية الطريق والكثير يسألون ماذا بعد التوقيعات . ولكن لم ننته بعد من عملية التوقيعات وسنستمر في جمعها.
أملي أن يأتي يوم الانتخابات الرئاسية أن يكون التوقيع علي بيان التغيير يعبر عن جميع الشعب المصري أي 80 مليوناً يطلبون التغيير.، لأني عندما أسافر والتقي بالمصريين أسأل نفسي أين هو النظام؟ فلم ألق شخصا في أي مكان فقيرا أو غنيا، رجلا أو امرأة، صغيرا أو كبيرا، لم يأت إلي ويقول إننا لا نريد التغيير. التغيير يجب أن يأتي من ضمير الأمة والتحدي هو كيف نكسر حاجز الخوف ونقف بجوار كل مصري ونقول له لا تخف فلن يستطيع أي نظام أن يعتقل شعباً بأسره أو يحجر عليه.
سنستفيد من تجربتنا في الفترة الماضية ورغم أنه لايزال هناك خوف من التوقيع علي البيان فإن جماعة الإخوان المسلمين استطاعت الحصول علي عدد كبير من التوقيعات بحجب أسماء الموقعين علي الموقع، وسنقوم بهذا في موقع الجمعية وسنعطي لكل مصري الخيار أن يظهر اسمه علي موقع الجمعية أو يحتفظ به داخل الموقع، وهذا سيشجع الكثيرين للإقبال علي التوقيع وسنبدأ في ذلك فورا، وأعتقد أنه في نهاية العام سنتمكن من الحصول علي 3 ملايين توقيع، والذين وقعوا علي التعديلات الدستورية أو ما يطلق عليه «العوار الدستوري» كانوا 3 ملايين والمشاركون في انتخابات عام 2005 حوالي 7 ملايين فتخيلوا لو حصلنا علي هذه الإعداد.
كانوا ينظرون لحصولنا علي مليون توقيع بأنه حلم وذكر بعض متحدثيهم أنه في حالة الحصول علي مليون توقيع سيكون هناك شرعية لمطالب التغيير ولكنهم تنصلوا من هذه التصريحات الآن ويحاولون أن يقللوا من قيمة التوقيعات ولكنها تعبير واضح عن إرادة شعب في أن يعيش حرا ومستقلا وفي حرية وكرامة، ولا يمكن أن نقبل علي أنفسنا أن يكون هناك 40% من المصريين يعيشون علي أقل من 5 جنيهات في اليوم، و28% من المصريين لا يقرأون أو يكتبون، ولو كان الحزب الوطني لديه حس وضمير وطني لما دخل الانتخابات.
الحزب الوطني حاول لمدة 30 عاما وفشل والأكرم له أن يقول بأنني قد حاولت وقد فشلت وسأترك الميدان لغيري من المصريين ليحاولوا وينتشلوا مصر من المستنقع الذي تعيش فيه، ونعرف دائما أن قوتنا لا مثيل لها، لأننا الشعب ويجب علي كل فرد أن يدرك أن هذه البلاد هي بلادنا وليس بلد وزير أو رئيس ولا بد أن نعلم أن أي نظام لم ينتخب انتخابا حرا وشريفا ليس له أي شرعية ولا يجب أن يعامل علي أن له أي شرعية، وعندما يطلبون منا أن ندخل في المعبد الذين أقاموه وأننا يجب أن نعمل من خلال هذا المعبد، ياريت لو عندنا معبد ولكني أري أن المعبد الذين أقاموه متهالك وسيسقط آجلا قبل عاجلا، ويقولون دائما بأنني يجب أن التزم بالقوانين والدساتير ولكنني أعرف ما هي القوانين وما هي الدساتير ولكن ما لدينا في مصر ليست قوانين وليست دساتير فأي دستور أو قانون يسلب شعب بأكمله من قيم الإنسانية التي اجتمعت عليها كل الأمم الإنسانية من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة فهو ليس دستورا ولا يجب أن ننظر إليه كدستور ولا نتعامل معه كدستور ولن أدخل هذا المعبد من قريب أو من بعيد.
ما نطالب به هو هدم هذا المعبد بأسلوب سلمي حضاري وبناء معبد يتفق مع القيم الإنسانية ويكفل لكل مصري حقه في أن يعيش في حرية وكرامة ويرتبط بهذا المطالب التي طالبنا بها وهي مطالب سبعة ولن نتحرك خطوة واحدة إلا بتحقق المطالب السبعة بالكامل ولن ندخل في أي عملية سياسية، ولا توجد سياسة في مصر، ما لدينا في مصر هو نظام قمعي يقوم علي الاستبداد والأمن ولا يقوم علي التعامل مع الشعب بأسلوب سياسي،.. ما نريد أن يفهمه كل مصري أن الديمقراطية هي جوهر التغيير ومعناها أن كلاً منا سيكون مسئولا عن هذا الوطن وسيختار من يمثله ويمثل أولويات الشعب واحتياجاته.
سنتعلم من تجربتنا ويجب أن نكون مسئولين عن أنفسنا وعندما يكون هناك نظام ديمقراطي ستحل المشاكل من تلقاء نفسها، سيكون لدينا نظاما تعليميا جيدا ونظاما يقوم علي العدالة الاجتماعية والرعاية الصحية وأي برنامج يوجد في غياب الديمقراطية هو برنامج لا يعبر عن الشعب المصري، ما قمنا به حتي اليوم هو أن نحول الحلم إلي حقيقة وأنتم شباب تريدون أن يحدث التغيير اليوم قبل الغد ولكنني أقول لكم كشخص عاصر الحياة مدة أطول، أن أهم شيء في عملية التغيير هو التخطيط والتوقيت ولا يجب أن نتسرع ونقول حققنا مليون توقيع وننزل الشارع غدا ولكن لدينا الكثير في جعبتنا، وأول خطوه سنواجهها هي الانتخابات وأكرر.. أي شخص مصري سيشارك في هذه الانتخابات ترشيحا أو انتخابا هو يخالف الإرادة الوطنية.
النهارده تخيلوا لو أن هذا في موعد الانتخابات لم يدخل أي شخص في الانتخابات إلا الحزب الوطني في هذه الحالة النظام «هيسلم نمر» وهذا معناه أن الشعب المصري قال كلمة صريحة واضحة أنت لست ممثلا لنا ولا تعبر عن نظام سياسي ديمقراطي وحان الأوان أن تنقل السلطة وأن ترحل.. خروجا آمنا أو أي خروج توده، وكما ذكرت لا نود في هذه المرحلة أن ندخل في عملية من المسئول عن ماذا علي مدي ستة عقود؟ ولدينا الكثير الذي نود أن نفعله في المستقبل وإذا تحقق التغيير ففي رأيي سنقوم بما قامت به جنوب أفريقيا وكان لديها نظام أبشع بكثير مما كان لدينا، بأن يكون لدينا مصالحة وسننتقل إلي الإمام ونحقق لكم المستقبل الذي سيمكنكم من أن تعيشوا في حرية وكرامة.
إذا استطعنا أن نقاطع الانتخابات أو نستمر في جمع التوقيعات وإذا لم يستجب النظام فهناك حقنا الأصيل في التظاهر السلمي وأنني أود حين أنزل إلي الشارع أن تكون النزلة الأولي والأخيرة، ويجب ألا ننزل إلا إذا عرفنا أنها ستكون بداية النهاية للنظام ولذلك يجب أن نحكم عواطفنا وعقلنا والعقل الرشيد هو ما ينقصنا في الفترة الماضية، ويجب أن نعرف كيف نتحرك ومتي سنتحرك؟ وتكلمت عن العصيان المدني ولا أود أن نصل إلي مرحلة نلجأ فيها إلي العصيان المدني ولكن إذا لم نستطع من خلال التوقيعات ومقاطعة الانتخابات والتظاهر السلمي أن نحقق مطلبنا في التغيير فلن يترك لنا النظام إلا أن نلجأ إلي العصيان المدني.
لدينا في الهند تجربة مارتن لوثر كينج والولايات المتحدة مثال علي العصيان المدني وهو الورقة الأخيره للتعبير عن رغبة الشعب في التغيير . في عام 1960 كانت هناك امرأة سوداء تسمي روزا بارك لم تستطع أن تركب الأتوبيس في مقدمته لأن الشخص الأفريقي يجب أن يركب في مؤخرة الأتوبيس ولكن في خمسين عاما استطاعت الولايات المتحدة من خلال التحرك الشعبي والعصيان المدني والتعبير الشعبي عن الغضب أن ينتخب رئيسا أسود من أصول إسلامية عاش في معظم القارات، فقدرة الشعب تجعله يقف أمام أي نظام، ففي جنوب افريقيا كانوا يعيشون دون حقوق وعندما قابلت نيلسون مانديلا ـ رئيس جنوب أفريقيا ـ قمت بسؤاله كيف استطعتم تحقيق هذا التسامح؟!
إننا شعب يقوم علي التسامح والشهامة، وعندما يسيء النظام فهم ذلك ويتصور أننا شعب يقبل الخضوع والعبودية فهو خاطئ، والشهور المقبلة ستكون حاسمة وسيكون هناك تغيير لنظام الحكم في مصر قد يأتي بعد شهور وفي أكثر تقدير بعد عام وهذا العام سيكون عاماً حاسماً وما يجب أن نفعله في هذا العام يجب أن نستمر في خلق حالة تعاطف مع التغيير وهذا ما تقومون به كمتطوعين كعمل سيشكركم عليه كل نبي وكل قديس، وسنستعيد فيه حرية كل إنسان وحقه في أن يعامل كإنسان ويجب أن نستمر في آلية جمع التوقيعات وتوعية الشعب علي ضرورة التغيير وأن نقاطع الانتخابات ونؤكد للنظام بأننا جادون للتغيير وعندما طرحنا المطالب السبعة لم تكن ورقه للتفاوض وإنما ورقه للتنفيذ وسنقاطع هذه الانتخابات بالكامل، وإذا نزلنا في الشارع ستكون المرة التي سيتولي فيها الشعب مقدراته.
يجب أن يعلم النظام أن للصبر حدوداً، رغم الكثير من المضايقات التي تعرضت لبعضها فكان هناك تليفزيون عربي يريد أن يجري معي حوارا فطلب منه أن ينتظر لمدة أسبوعين قبل أن يأتي للحصول علي التأشيرة للحضور إلي مصر، وطبقا لقانون الطواريء اجتماعنا اليوم مخالف لقانون الطواريء وأنني فخور أن اجتماعنا هذا مخالف لقانون الطواريء ولا يمكن لأي قانون أن يسلبني حقي الأصيل في التجمع وإبداء الرأي والحرية، ولا يوجد دولة واحدة في العالم تعيش في ظل قانون الطواريء منذ 28 عاما هذا وضع مشين ومخجل، وما نتحدث عنه هي قيم إنسانيه يشاركنا فيها كل إنسان في العالم ويجب أن يتعاطف معنا العالم. وختم البرادعي كلمته قائلا: «ما أعمله اليوم في سفرياتي المتعددة هو إطلاق الكشاف علي ممارسات النظام القمعية وخلق حالة من التعاطف العالمي في حق مصر والمصريين في أن يعيشوا حياة حرة كريمة شبابا وشيوخا ومسلمين وأقباط، فكل مصري له حق في هذا الوطن وكلنا يجب أن نعيش كأسرة تعيش علي التسامح، ونستعيد مصر مرة أخري، وستكون أفضل بكثير مما كانت عليه، وأنتم خلفي وأنا خلفكم ولتغيير قادم قادم قادم».
اجمالي القراءات
3951