زهير قوطرش Ýí 2011-10-19
طُرح مصطلح "العلمانيّة الإيجابيّة" بشكلٍ واضح وصريح للمرّة الأولى في وثيقةٍ كنسيّة رسميّة ضمن وثيقة الخطوط العريضة للسينودس من أجل الشرق الأوسط "شركة وشهادة" الذي انعقد في تشرين الاول 2010 في الفاتيكان. ولم يكن طرحًا عارضًا وإنّما طُرح على مستوى الحلّ لأكبر أزمة وجود يُعانيها الحضورالمسيحي في الشرق الأوسط.فما هي العلمانيّة؟ وإن كان قد اصطُلح على تسميتها في الوثيقة الكنسيّة بالـ"إيجابيّة"،فهل هناك من "علمانيّة سلبيّة"؟ وكيف لوثيقةٍ كنسيّة كاثوليكيّة أن تستخدممُصطلحًا، لَطالما اعتُبر من نقائض الدين عموماً والدين المسيحي في أوروبا خصوصًا؟هل هو تراجعٌ في الموقف الكنسيّ أم اكتشافٌ جديد لمحمول هذا المصطلح؟ أم تغيُّرٌوتطوُّرٌ في المفهوم الوجودي لعيش الكنيسة في الشرق والعالم؟ أسئلةٌ سأُحاولمُقاربتها بما هو متوافر من أدوات التعريف والتحديد والتحليل.
إنّ استبياننا لفحوى ومحمول "العلمانيّة" سيُفاجئنا بانتمائه إلى الأرضيّة الراعية لنموّ الإيمان الروحي كاختبارٍ إنسانيّ يستمدُّ أصالته من الحريّة كأفقٍ للوجودالإنسانيّ.فلطالما جرى الخلط ما بين"العلمانيّة" و"الإلحاديّة". لأنّ "الإلحاد" هو دينٌ بما يملكه من رؤيةٍ تتجاوزالظاهرة التجريبيّة، لتذهب إلى ما وراءها متناولةً طبيعة الموجودات الجوهريّة وماهيّتها ومعناها النهائي والأخير. وبالتالي، فإنّ الأنظمة السياسيّة التي تتبنّى الإلحاديّة تحت عنوان العلمانيّة ليست إلاّ أنظمة دينيّة - لا إلهيّة- رافضة لهذاالدين أو ذاك، لا رافضةً للدين بما هو عليه من رؤية وموقف وممارسة.أمّا العلمنة الحقيقيّة فهي موقف تتجلّى فيه حياديّة الدولة تجاه الأديان، أي امتناع الدولة، كدولة (لا كأفراد في سُدّة الحكم بالدولة)،عن التزام وإلزام الدولة بأيّ مُعتقد أو دين أو فلسفة، تاركةً هذه المعتقدات لضميركلّ مواطن، بما هو إنسان، لحريّة ضميره وقناعاته الشخصيّة. لذا فإنّها تمتنع عن فرض أيّ موقف يأخذ الصبغة الدينيّة باسم مؤسسات الدولة أو منابرها أو إعلامها وإعلانها،لا نشرًا ولا مُكافحةً أو إقصاءً.
وهذا لا يعني بالضرورة إقصاء الدين عن المجال العام أو عن حياة الأمّة وتوجّهاتها ومؤسّساتها، خصوصا إذا كانت الدولة تُعبّر عن شعبٍ يُحيي إرثه الدينيّ بفاعلية في حياته الأخلاقيّة. من هنا، على الدولة أن تستلهم إرث هذا الشعب بما هو موروث حضاري إنسانيّ ثقافيّ يُؤثّر إيجابًا على روح التشريع ومناهج التربية، خصوصًا في البُعد الأخلاقي للمجالات الحيويّة للحياة كالعمل والأسرة، وتدعيم ثقافة التعدد والاختلاف. وعلى الدولة ان تسمح عبر مؤسساتها للعائلات الروحيّة المتعدّدة والمتنوّعة في الوطن، بالتثقيف والتوصيف والتعبيروالتعريف عن تراثها الروحي كاختبارٍ إنسانيّ أصيل دون الدعوة اليه أو التوجيه نحوه أو الترويج له. ويتم ذلك مثلا من طريق إدخال مادّة علم الأديان المُقارن في البرامج التربوية، وهو علمٌ يبحثُ في منشأ الاديان وفلسفتها وطقوسها وأخلاقيّاتها وممارساتها، واصفًا بحياديةِ ثقافة استعراضيّة دون التفضيل أو التوجيه أو الدعوةإليها، ولا سيما بما قدمته هذه الروحانيّات المختلفة من قيمِ عدالةٍ وجمالٍ ورحمةٍ وإنسانيّة...وبناءً على التعريف السابق نستطيعُ الاستنتاج:انّ العلمنة تُشكّلتوافقًا مع الإيمان بما يحتاجه من مناخٍ حُرٍّ أكثر من النظام الطائفي أو الدولةالطائفيّة.1- لأنّ النظام الطائفي (أوالدولة الدينيّة)، لا يُقيم وزنًا للحريّة الشخصيّة، تلك الحريّة التي لا إيمانَ حقيقيّا مُحترِما للضمير البشريّ بدونها. فالإنسان محسوب على الطائفة التي يُولدفيها، تُفرَضُ عليه مراسمها وأحكامها (التربية، الزواج، الطلاق، الميراث... والجنازة) من دون أن يُحسب حساب لمواقفه وقناعاته الشخصيّة، ممّا يُفرز نوعًا منالتديّن السطحي ويُغذي الرياء الاجتماعي والانتهازيّة في التديّن الظاهري لبلوغ المآرب، وخصوصًا تجاه السلطة. أما العلمنة فتُنشئ مناخا من الحريّة يستقيمُ فيهالإيمان الذي يشترط الحياديّة تجاه الحقائق الوجدانيّة المُختَبَرة والمُكتشفة،وبالتالي الثبات في القناعة والإخلاص.2- العلمنة تكفل للدين نقاء التجربة الروحيّة بنأيها عن مطامع ومطامح الربح والجوع إلى السلطة ليبقى في مناخ المجانيّة كمعيارٍ لسلامة عيشه. فيبقى ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فلا نزجُّ اللهَ بما لقيصر ولا نُعطي قيصرَ سلطةَ الله، فلا هالة إلهيّة للسلطة ولا حُكم مُتسلّطا باسم الله.
3- العلمنة تسمح بصهر المواطنين في مجتمع واحد متساوين كلّهم بالحقوق والواجبات والكرامة، على مسافة واحدة من العقدالاجتماعي المُكوّن لصيغة الوطن والأمّة، فيقفون سدًّا منيعًا بوجه الدسائس والمؤامرات التي تُحاك ضدّ الهويّة الوطنيّة كما يجري في لبنان والعراق مثلا... وكلّ بلد يُعاني من الطائفيّة سواءً بالنفوس أو بالنصوص. وتتيح للمواطنين ان يعملوابيد واحدة على النموّ والازدهارومواجهة الأزمات والمشاكل بتآزر الجهود المُخلصة وتكامل المواهب.
هذا في حين أنّ الدولةالدينيّة تجعل من الأقليّات العدديّة كيانات هامشيّة في وطنها الذي قد يكون قد تسمّى باسمها، فيَضعُفُ الولاء للوطن وتعمل هذه الكيانات بروحٍ فئويّةٍ تخلق التفاوت والتباين والتناقض والتصارع، ويُصبح الكلّ للجزء بدلا من الجزء للكلّ. لذافإنّ العلمنة، بما هي كافلة للحريّة والعدالة، تُضحي ضامنة للإيمان المستقيموالضمائر الحرّة والإرادات الخيّرة وحاجة إنسانيّة ترتقي بارتقائها وتتطوّر بحراكها وفعاليتها.
تأخرت كنيستي، لكنها بشجاعة تأمّلت وتخطّت ما كان يعتبر محرما، وتبنت"العلمانية الايجابية". فما حال الأنظمة السياسية هلاّ تجرأت وأقدمت؟؟
شكرا للأستاذ المحترم / زهير قوطرش على تنقيبه المستمر على هذه المقالات التي تهدف إلى محاولة بث الوعي في الإنسان العربي ومحاولة تعليمه ثقافة قبول الآخر .
لفت نظري هذا الخبر عن الداعية الإسلامي حسب تسميتهم له "أحمد فريد لا يبشر بالخير لقيام دولة مدنية علمانية في مصر والذي أكد فيه أكد فيه " أن السلفيين لن يسمحوا للمجلس العسكري الذي أعلن أنه أمين على الثورة وعلى مصر ان يحولها إلى دولة مدنية كما قال عنان، ولن يفرضوا على الشعب المصرى المسلم السنى دولة مدنية أو علمانية، مضيفا أن السلفيين سيطلبوا الشهادة فى سبيل إقامة دولة إسلامية. مشيرا إلى ضرورة ان يتعظ الجميع من تساقط الطواغيت من حكام العرب الفاسدين واحد وراء الآخر وزج مبارك فى السجون لبعدهم عن الإسلام.
فكيف سوف يتم مناقشة السلفية وإقناعها بقيام دولة مدنية أو علمانية يكون فيها لجميع طوائف الشعب بما فيهم المرأة والأخوة المسيحيين مشاركة حقيقية والتعبير عن الرأي بحرية ؟! .
تحية للأستاذ زهير قوطرش على نقله لهذا المقال القيم ولكن السؤال هل يقبل اهل الدين ألأرضي ان يتنازلوا طوعا عن ما يستفيدون منه من تجارة رابحة بإسم الدين ووصلوا للحكم في بعض البلاد التي قام الشباب فيها بثورة وهم سرقوها بإسم الدين والدولة الدينية ، وما يطالب به صاحب المقال من تدريس علم ألأديان المقارن في البرامج التربوية ضرب من الخيال في ظل الدولة الدينية التي يخططون لقيامها ولذلك اقترح ان تنشر دراسات عن هذا العلم عن طريق موقعكم الموقر ومواقع علمانية اخرى بالإتفاق معها
كلمة السيدة سهير الأتااسي في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري
يا أهل مصر الحبيبة .ارحموا عزيز قوم ذل
أكاديميون يناقشون الاجتهاد والديموقراطية وحقوق الانسان
بعد الثورة القتل أصبح بديلا للاعتقال ..!!
دعوة للتبرع
لا رضى الله عنهم : قد علمنا أن اصحاب الفتو حات مثل ابو بكر عمر...
أسلوب متحضر مشكور: ملاحظ ة لن تلقى أهتما ما منك فشكرا في...
إستحبوا : هل كلمة ( إستحب وا ) من الحب الزائ د فى الآية 17...
الخمار : ما حكم لبس الخما ر ؟ ...
معاملة الأسرى: معامل ة الاسر ى ومجرم ى الحرب بالمن أو...
more
المقال قيم جدا ويشمل افكارا رائعة تساعد في علاج الاحتقان الطائفي المنتشر في مجتمعنا العربي وعلى وجه الخصوص مجتمعنا المصري الان فقد اورد كاتب المقال حلامثاليا سوف يساعد في علاج هذه المشكلة، وهو دراسة علم الأديان المقارن التربوية ، وقد قرأت كثيرا عن أبحاث أو اقتراحات تشبه هذا الموضوع فكرة وياليتها تتم وهي : أن تتم الاستعاضة عن دراسة التربية الدينية مسيحية او اسلامية بمادة " الثقافة الإسلامية " التي تشتمل على كل ما يحتاج له المواطن من مباديء اخلاقية سامية ،تهذب الأخلاق ،وتقوم السلوك، وتحث على الحب والخير والجمال .