الاعراض عنهم

السبت ٣٠ - ديسمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
فى فتوى سابقة لك عن هل كان النبى عليه السلام يقاطع أعداءه الكافرين المعاندين فى مكة وهل كان محرما عليه التعامل معهم. وأنت قلت فى الاجابة : كيف يدعوهم إذا كان مقاطعا لهم ؟ وأنه كانت علاقته بهم وعلاقتهم به غاية فى التعقيد . سؤالى : النبى كان مأمور بالاعراض عنهم . كيف يتوافق هذا مع علاقته المتشعبة مع الكفار ؟
آحمد صبحي منصور :

أولا :

الإعراض كان فى ثنايا العلاقة المعقدة والمتشعبة بين النبى والكفار . نضيف هنا أن الاعراض إرتبط بتقرير الحرية الدينية للكافرين ومسئوليتهم عن إختيارهم أمام الله جل وعلا الواحد ، أمره جل وعلا أن يقول :

1 ـ (  قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) الأنعام )

2 ـ (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) الزمر ).

3 ـ (  قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15)  الزمر )

ثانيا :

  مصطلح ( ذر )  بمعنى الاعراض . وجاء منه قوله جل وعلا :

1 ـ ( فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) القلم ) ، هذا من أوائل ما نزل فى مكة ، وجاء فى نهاية السورة :( وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)  القلم ). مع ملاحظة أن المحمديين يكذبون بحديث القرآن الكريم من أكثر من ألف عام.

2 ـ ( وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً (12) وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً (13) يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتْ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً (14) المزمل ). هذا أيضا من أوائل ما نزل فى مكة . وجاء مرتبطا بالهجر الجميل والصبر على ما يقولون مع تهديد الكافرين .

3 ـ ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً (12) وَبَنِينَ شُهُوداً (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)  المدثر ).

4 ـ واستمر هذا فى المدينة ، فى قوله جل وعلا للنبى : ( وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (48) الاحزاب ). هذا أيضا من أوائل ما نزل فى مكة . وجاء مرتبطا بتهديد الكافرين .

ثالثا :

الاعراض كان أمرا للنبى محمد عليه السلام فى مكة ، وكان أيضا أمرا له فى المدينة مع انه  كان فيها القائد .

فى مكة : قال له الله جل وعلا :

1 ـ ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) الانعام ). كان يحضر مجالسهم ، جاء النهى له عن عدم الجلوس معهم إذا خاضوا فى القرآن الكريم .

2 ـ ( اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107) الانعام ). الاعراض عن المشركين مرتبط هنا بإتّباع القرآن الكريم ، وانه ليس مسئولا عمّن يشرك بالله جل وعلا .

3 ـ ( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198) خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199) الاعراف ). هنا الاعراض عن الجاهلين الذين هم أيضا المشركون ، ووصفهم هنا أن الشيطان سيطر عليهم بحيث لا فائدة إسماعهم القرآن الكريم .

4 ـ ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (94) الحجر ) . الاعراض هنا مرتبط بإعلان الحق بحيث يتصدّع منه الباطل .

5 ـ ( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنتَظِرُونَ (30) السجدة ). الاعراض هنا مرتبط بانتظار يوم الفتح أو يوم القيامة .

6 ـ ( فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) النجم ). جاء الاعراض عنهم مرتبطا بوصف آخر من صفات المشركين ، وهو أنهم لا يريدون سوى الحياة الدنيا ، أى لا يؤمنون ولا يأبهون بالآخرة .

فى المدينة قال له جل وعلا :

عن المنافقين :

1 ـ ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) النساء ). الاعراض عنهم مرتبط بوعظهم بالقرآن الكريم .

2 ـ ( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81)  النساء ). الاعراض عنهم مرتبط ليس بعقابهم ولكن بالتوكل على الله جل وعلا .

عن اليهود :  ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) المائدة ). له الحرية فى أن يحكم بينهم قضائيا أو أن يعرض عنهم .

أخيرا

الاعراض هو جزء من العلاقة المعقدة المتشابكة ، ولا يتعارض مع غيره من المتغيرات فى العلاقة.



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 973
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4985
اجمالي القراءات : 53,502,458
تعليقات له : 5,329
تعليقات عليه : 14,629
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


قطع يد السارق: أود أن أستفس ر عن معنى قطع اليد للسار ق ...

منقلبون: ما معنى:( وانا الى ربنا لمنقل بون )؟ ...

معانى كلمة عدل : قال شخص يكرهك إنك تقول إن العدل هو الكفر . هل...

التشهد: انا مقتنع بكلام ك فيما يتعلق بالتح يات ...

عندى امل : أنت الان فى الستي ن ، ومعظم عمرك كما تقول تدعو...

البحث عن زوج: انا شاب ارغب في الزوا ج من قراني ة تعينن ي ...

ملحد ..ولكن .!: أنا ملحد يا دكتور ، ومصمم على هذا ، مع اعجاب ى ...

ثروتك الحقيقية : لقد تأثرت بكم كثيرا و أنا أعتبر نفسي مسلما...

الجاهلية: ما معنى الجاه لية ، وهل لها صلة بالجه ل ؟ أم...

ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : قرأ فى موقع سلفى الآتى : (...

التيمم بالشامبو: إنفجر ت ماسور ة الميا ة فى بيتنا فى منتصف...

وقفة مع كورونا ؟!!: لا بد من وقفة مع كورون ا ؟ حين قرأت الردو د علي...

ما بعد الخلود: ماذا بعد الخلو د..؟ عندما يدخل الناس الجنة...

ولادة عيسى: هل كانت ولادة عيسي عليه السلا م ولادة...

معنى الخشوع : كيف أشعر بانى خاشع فى الصلا ة ؟ ...

more