تمنى الموت

الجمعة ٢٦ - سبتمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
هناك من يتمنى الموت ، هل هذا حرام ؟
آحمد صبحي منصور :

المؤمن لا ييأس من رحمة الله جل وعلا : (  وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ (87) يوسف ) ، وفى نفس الوقت لا يأمن الانتقام الالهى لو عمل سوءا يستحق العقوبة عليه ، أما الكافر فهو مستمر فى طغيانه كما يفعل المستبدون وأعوانهم ، لا يأمنون مكر الله جل وعلا ولا إنتقامه ، يقول جل وعلا عنهم وعمّن يسير على سُنّتهم : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) الاعراف ).

المؤمن كالتلميذ المجتهد الذى أتعب نفسه فى المذاكرة والتحصيل وينتظر ويتمنى مجىء يوم الامتحان وهو مطمئن أن عمله فى المذاكرة لا يضيع . كذلك المؤمن الذى ينشغل بعمل الخير مخلصا وجهه لله جل وعلا ، هو يؤمن أن الله جل وعلا لا يضيع أجر من أحسن عملا ، وأنه جل وعلا لا يُخلف الميعاد والوعد ، لذا هو ( يرجو لقاء الله جل وعلا ) أملا فى المكافأة وأملا أيضا فى رفع الظلم الذى تعرض له فى الدنيا لأن هذا المؤمن شأنه أن يكون صابرا متسامحا إبتغاء مرضاة الله جل وعلا ، ويؤمن أنه فى لقائه برب العزة يوم القيامة سيجد الانصاف . وهذا هو معنى أن يرجو المؤمن لقاء ربه . ولكى يحدث هذا اللقاء لا بد من الموت ، وبعد فترة البرزخ التى يمكث فيها الجميع سيكون البعث للجميع واللقاء مع رب العزة الذى يتوق اليه المؤمن الصابر المتقى فى حياته الدنيا . يقول جل وعلا فى خطاب عام للبشر جميعا  : (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110) الكهف ) فالذى يرجو لقاء ربه عليه أن يعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.

غير أن الأغلبية من البشر ينهمكون فى هذه الحياة الدنيا لا يرون غيرها ، يرضون بها ويتنازعون حول حطامها بلا أى إدراك لليوم الآخر وما فيه من حساب وعقاب وثواب . هؤلاء بما يعملون وبما ينشغلون لا يرجون لقاء الله جل وعلا ، لأنهم لو كانوا يريدون لقاءه ويتحسبون له ويستعدون له لأقاموا الدين الحق فى قلوبهم وفى تصرفاتهم ، لذا سيموتون ولا مهرب لهم من لقاء الله ، وحينئذ تكون خسارتهم ، فلا الدنيا دامت لهم ، ولا ينتظرهم سوى الخلود فى النار ، يقول جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8) يونس ) . لذا تراهم يكرهون الموت ولا يفكرون فيه  ولا ينشغلون به ، بل  ويتصرفون على أساس انهم خالدون فى الدنيا ، وأن الموت سيلحق بغيرهم ولا يمكن أن يصل اليهم . تصرفاتهم تؤكد ذلك . وانظر الى المستبدين وأصحاب النفوذ والأموال الذين يتمسكون بالظلم وبالعرش والسلطة وهم لا يدركون الحكمة القائلة : لو دامت لغيرك ما وصلت اليك ..!



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 10756
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5322
اجمالي القراءات : 65,646,383
تعليقات له : 5,520
تعليقات عليه : 14,917
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


شكرا، وأقول: أشهد الله تعالى أنكم تجاهد ون في سبيل الله...

زهقنا يا عالم ..!: تحية تقدير إلى المفك ر الدكت ور أحمد صبحي...

السبوع : هل السبو ع جائز فى الاسل ام ؟...

شكرا على نصيحتك: السلا م عليكم د احمد من منطلق وذكلر فان...

اسماء السور القرآنية: لدي سؤال استاذ ي العزي ز بخصوص أسماء سور...

مسامحة من مات : هل يصح المسا محه للميت من دين أو حق معنوي رغم...

الفتوى والاستفتاء: السؤا ل : جاء تعليق ا من الاست اذ رمضان صالح...

قابيل وهابيل : دكتور أحمد صبحي منصور , السلا م عليكم ورحمة...

اليهود وقريش : استاذ ي الفاض ل الدكت ور احمد اسالك بالله...

كفى عنجهية.!!: أنا تركت الاسل ام من عشرين سنة وبقيت ملحد ....

الخازوق: بحثت عن الحق فوجدت ه في موقعك م بالصد فه ...

البشر يغفرون أيضا: هل يغفر البشر لبعضه م أم أن الله جل وعلا وحده...

أهلا بك قارئا : اعجبن ي موقعك م وقرأت بعض الافك ار حول...

إسمه ( محمد ): هل تم تسمية النبي محمد بأسم محمد منذ ولادت ه ،...

الاجهاض: سؤالي قائم على شقين ١: أنا طبيبة أمراض مساء...

more