سعد الدين ابراهيم Ýí 2012-01-21
دأب المُراقبون على إطلاق أسماء الزهور على الثورات الديمقراطية المُعاصرة. وبدأ ذلك مع الثورة التشيكية التى قادها الكاتب المسرحى فاكلاف هافل فى أواخر ثمانينيات القرن الماضى، وسُميت الثورة البنفسجية. وجاءت بعدها الثورة الوردية والثورة البرتقالية فى الجمهوريات السوفيتية السابقة.
وحينما انفجرت ثورات الربيع العربى فى مثل هذا الوقت من العام الماضى، أطلق الإخوة التونسيون على انتفاضتهم اسم «ثورة الياسمين». واستمراراً لهذا التقليد، حينما انفجرت ثورتنا الشبابية هنا فى مصر، أطلقت أنا عليها اسم «ثورة اللوتس». لأن اللوتس زهرة مصرية أصيلة، ظهرت على نقوش المعابد المصرية القديمة، منذ حوالى خمسة آلاف سنة. وانقطع ظهورها فى نقوش وأدبيات المصريين بعد أفول حضارتهم الفرعونية. وظل الأمر كذلك إلى عصر النهضة المصرية فى منتصف القرن التاسع عشر، وبدايات إحياء فنون الرسم والنحت والموسيقى، والأخذ بفنون جديدة مثل المسرح والسينما والباليه.
وعاد المصريون للاعتزاز بتراثهم الفرعونى، ومنه اتخاذ زهرة اللوتس كأحد رموزهم. ولذلك إذا كان لنا أن نختار اسم زهرة مصرية لثورة يناير الشبابية المجيدة، فلتكن «اللوتس».
وبمناسبة العيد الأول لثورة اللوتس، ما الذى يمكن أن نذكره لها من إنجازات؟
لقد سمعت كثيرين يُرددون أن تلك الثورة لم تُغير شيئاً فى حياتهم. فاليوم بالنسبة لهم مثله مثل الأمس، وأول أمس (أى العام الماضى وقبل الماضى). وقد يكون ذلك صحيحاً للبعض. ولكن هناك بين من قلبت الثورة حياتهم رأساً على عقب، أسرة الرئيس السابق محمد حسنى مُبارك، وحوالى مائة أسرة أخرى من أصدقائهم، الذين تغيرت أحوالهم إلى الأسوأ، حيث فقدوا السُلطة والنفوذ والجاه، والاحترام والشرف. وهناك ما نُقدره فى مركز ابن خلدون، بألف أسرة أخرى، من أنصارهم، الذين كان أربابها فى مواقع المسؤولية بأجهزة الدولة، وقيادات الحزب الوطنى الذى كان يحكم مصر. هؤلاء يُمثلون الشريحة الأعلى طبقياً. فإلى جانب النفوذ السياسى، والوجاهة الاجتماعية، كان متوسط الدخل السنوى لأفرادها يتجاوز المليون جنيه- أى حوالى ألف مرة متوسط الدخل السنوى لبقية أبناء مصر. نعم، نحن نتحدث عن شريحة طبقية تمثل أقل من واحد فى المائة، من إجمالى السُكان.
هذا التغير فى أحوالها هو ما يُطلق عليه عُلماء الاجتماع «الحراك الاجتماعى» (Social Mobility) والذى يمكن أن يكون إلى أعلى أو إلى أدنى.
والغريب أنه لم تحل مكانهم الشريحة التى قامت بالثورة، وهو استثناء تاريخى نادر. ولكن مصر هى بلد الاستثناءات الصارخة، حتى فى نتائج الثورات. إذ يبدو أن الذين قاموا بالثورة من الشباب لم يصعدوا إلى الشريحة الأعلى، ولم يتبوأ أى منهم موقعاً من مواقع السُلطة. بل إن الشاهد هو أن الذين صعدوا خلال العام الأول بعد الثورة هم الإسلاميون، الذين جاء بعضهم للثورة بعد عدة أيام من قيامها وهم الإخوان المسلمون، أو لم يشاركوا فيها على الإطلاق، وهم السلفيون.
ولكن هذا، أى دخول الإسلاميين حلبة السياسة يُعتبر إحدى ثمار الثورة المجيدة. فبعض هؤلاء الإسلاميين كانوا ينعتون «السياسة» بالنجاسة، ويعتبرون العمل بها رجسا من عمل الشيطان! وكانوا يُروجون للصبر على المظالم خوفاً من «الفتنة». ومن ذلك قولهم المأثور «حاكم غشوم خير من فتنة قد تدوم».. ولكن سقوط حاكم مصر الغشوم، رغم دعواتهم التواكلية، فتح شهيتهم فجأة للعمل السياسى.. فنزلوا إلى المعركة، وخاضوا الانتخابات البرلمانية (نوفمبر- يناير) وفازوا بحوالى ٢٠ فى المائة من الأصوات. أى أنه بصرف النظر عن البداية التواكلية لفكرهم، إلا أن ثورة اللوتس أدت إلى اندماجهم فى العمل السياسى. وهذا مكسب للتطور الاجتماعى فى مصر، حتى لو اختلفنا معهم.
صحيح أن الشباب الذين قاموا بالثورة خرجوا منها «بخُفى حنين»، أو كما يذهب القول الشعبى، كمن خرجوا من «المولد بلا حُمص». ولكن هذا لا ينفى أن ما فعلوه فى مثل هذه الأيام منذ اثنى عشر شهراً قد غيّر وجه مصر. ويكفى أن نلقى نظرة على عناوين الصُحف يومى ٢٣ يناير (٢٠١١) و٢٣ يناير (٢٠١٢). إن النُخبة السياسية التى ملأت أسماؤها الصُحف منذ عام واحد قد اختلفت تماماً، وحلت محلها نُخبة جديدة، وإن لم تترسّخ أقدامها بعد. نعم لقد أصبح هناك طبقة سياسية جديدة، تتصدر العمل العام اليوم!
كذلك فالأهم من حيث حسنات ثورة اللوتس هو أنها كسرت جدار الخوف عند المصريين. فهاهم يُشاهدون آخر فراعنة مصر، محمد حسنى مُبارك، لا حول له ولا قوة، مُمدّدا على سرير مُتحرك، وتتم مُحاكمته فى العديد من الجرائم التى تتهمه النيابة بارتكابها فى حق أبناء مصر. وهى أول مرة فى تاريخ مصر المُمتد لآلاف السنين، التى يحدث فيها ذلك. نعم عُزل وقُتل حُكام سابقون. ولكن ذلك كان يتم على أيدى أفراد أو فئات من نفس الطبقة أو النُخبة الحاكمة. أما هذه المرة فهى سابقة تاريخية ـ أى أن يقوم أبناء الشعب بمُحاكمة رئيس لبلادهم، وأن يُطالب بعضهم بإعدامه.
كذلك من وجوه التغيير المحسوسة لثورة اللوتس أن الوجه الحضارى الواعى للشعب المصرى قد ظهر بجلاء وبهاء. فلأول مرة، مثلاً، منذ ثورة ١٩١٩، تُشارك المرأة المصرية فى الأحداث، ومنذ اليوم الأول للثورة. ورغم مُحاولات البعض إخفاء المرأة، وحجبها أو تحجيبها، فمن المُستحيل أن تعود المرأة إلى القُمقُم. وأكاد أجزم أن هذا المكسب، وحده، هو من أعظم مآثر ثورة اللوتس، إن لم يكن أعظمها على الإطلاق. فمن خلال نساء مصر اللاتى شاركن فى الثورة ستتفتح ملايين من زهور اللوتس، وستستجيب لهن الأقدار.
وعلى الله قصد السبيل
وافر الشكر والتقدير للدكتور / سعد الدين ابراهيم على نفحة الأمل هذه .. وهذا شئ ليس بالغريب على شخصيته .. كعالم إجتماع سياسي... وخبير دولي استراتيجي.. في هذا المجال ومربي لجيل من المفكرين السياسيين بالجامعة وبمركز ابن خلدون..
وكما ورد بمقالكم أن مصر بلد استثناءات .. حتى في عالم الثورات .. فمن قاموا بالثورة هم ليسوا من يحكمون الآن أو حتى في العشرين عاما القادمة..
وهذا إن دل فإنما يدل على أن الضمير الجمعي العام للمصريين قد أبخس الشباب حقهم..
ولهذا لن يستقر الوضع الاجتماعي في القريب العاجل.. وربما يحتاج إلى عقد من السنين..
شكرا والسلام عليك ورحمة الله.
المؤسسة الأزهرية: لا هى راغبة ولا قادرة على التطوير
الجشع والفساد فى تجريف أراضى المحروسة
هل الشعب المصرى فى حالة عِشق دائم مع جيشه؟
دعوة للتبرع
عقوبة الارهاب: سلام استاذ احمد اود المسا عدة فمن خلا...
التدخين لا يفطر: انا سوف اذهب للتدخ ين لأكن هذا الشي في ذمتكم...
السعودية والحج : السؤ ال : جاء أمس فى موقع ( روسيا اليوم )...
رضيع مصاب بنزيف : طفل رضيع خرج بولاد ه مبكره عمره 30 شهر لديه...
العشم : العشم تعبير مصرى هل هو موجود بمعنا ه فى...
more
نسي الدكتور سعد هذه الفئة التي غيرت الثورة وضعهم إلى الأسوأ وهم ضباط الشرطة ، والعاملين بأمن الدولة ، وهم الذين عرفوا بل تأكدوا من وضعهم الحقيقي كإرهابيين وإلى أي مدي يكرههم الشعب ويحتقر غالبيتهم .