آحمد صبحي منصور Ýí 2011-03-11
أولا : موقف التشريع القرآنى من النظم السياسية الديكتاتورية:
إن تشريع القرآن عن الشورى يظل توصيفا لحالة وحيدة حتى إن كانت قابلة للتكرار . ولكن ما موقف تشريع القرآن من الأغلبية ؟ أغلبية نظم الحكم المستبدة ؟ .. هل يعتبرها القرآن ويعترف بها أم يعتبرها نظم حكم كافرة يجب تغييرها ؟..وقضية المرأة تدخل فى هذا الإطار .
ونقول إن حقيقة الوجود الإنسانى فى هذه الدنيا إنما هو إختبار إلهى للبشر ، وأساس هذا الاختبار حرية الإنسان فى اختياره الهداية أم الض&aacutl;لال . والإنسان هو الذى يختار الهداية أو يختار الضلالة ، وهذه هى البداية ، ثم تأتى إرادة الله لتؤكد اختيار الإنسان، فإذا اختار الإنسان الهداية زاده الله إيماناً وهدى . وإذا اختار الضلال زاده الله ضلالاً . وهذا ما يؤكده الله تعالى فى القرآن (البقرة :10، محمد 17،مريم6 7، العنكبوت 69) ثم يأتى الحساب فى الآخرة على ما اختاره الإنسان بإرادته.
وكما ينطبق ذلك على اختيار العقائد فإنه ينطبق أيضا على أحوال السياسة.
فالحاكم المستبد الظالم الذى اعترف له الناس بالسلطة وخشعوا له يعترف به رب العزة حاكماً وملكاً طالما رضى به الناس ملكاً .. ودليلنا على هذا أن الله تعالى تحدث عن ملوك ظلمة ادعوا الألوهية ووصفهم بالملك وذلك فى قصة إبراهيم مع الملك الذى جادل إبراهيم فى الله وادعى أنه يحى ويميت(البقرة 258) وفى قصة موسى والعبد الصالح مع الملك الظالم الذى يأخذ كل سفينة غصبا (الكهف 79) بالإضافةإلى فرعون وغيره.
وهكذا فطالما رضى الناس بالضيم واستبداد الحاكم يظل ذلك الحاكم ملكا عليهم يحظى باعترافهم به وباعتراف الله تعالى بملكه ، ثم يأتى حسابه العسير على ما اقترفت يداه يوم القيامة .
أما إذا ثار الناس على الظلم فالقرآن يعطيهم مشروعية الثورة ، التغيير بالحديد الذى أنزله بأسا شديدا ومنافع للناس (الحديد 25) ولكن هذا التغيير الثورى يبدأ بتغير الأنفس التى تعودت على الخضوع والرضى بالذل ، وهذا التغيير النفسى عملية شاقة ، فإذا نجحت أمة فى تغيير نفسها من الهوان إلى القوة جاءت إرادة الله تعالى لتعززهذا التغيير ،يقول تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ..(الرعد 11) وإذا حدث هذا الوعى أو ذلك التغيير فى شعب ما تحول الحاكم الهصور إلى نمر من ورق أو إلى جثة تذروها الرياح . وبعدها يحكم الشعب نفسه بحيث يصبح الحاكم مجرد رمز لإرادة الشعب ،سواء كان ذلك الرمز رجلا أم امرأة .
ولكن هل نسينا موضوعنا عن المرأة
كلا .. بدليل حديث القرآن عن ملكة سبأ ..
ثانيا : المرأة المستبدة فى القصص القرآنى
فقد تعرضنا لتشريع القرآن وآن لنا أن نتوقف مع قصص القرآن فيما يخص رئاسة المرأة للدولة .. الديكتاتورية .
ونود أن نضع بعض الملاحظات على قصة ملكة سبأ فى القرآن الكريم :
وفى النهاية تبدو رجاحة عقلها حين تقتنع بالإسلام ، وتنجو بقومها فى الدنيا والآخرة ، قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ..النمل 44).
ويجمع بين فرعون مصر وملكة سبأ عدة عوامل:
ونفس الحال فإن بلقيس استمدت سلطتها المستبدة من انفرادها بالثروة والسلطة ويعبر عن ذلك القرآن" إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)النمل " والحاشية أو الملأ يعترفون لها بهذا السلطان ويجعلون لها الأمر والنهى قائلين" قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) النمل".
وكان بإمكان فرعون أن يلبى الطلب وأن يسمح لهذه القبائل العبرية التى يكرهها بالرحيل عن بلاده خصوصا وأن قوته التى تحدث عنها القرآن تحميه من أى خطر محتمل يمكن أن يمثله أولئك الإسرائليون فى المستقبل ، بل إن الاضطهاد الفرعونى لهم جعلهم عاجزين عن دخول فلسطين وأوقع بهم محنة التيه أربعين عاما فى الصحراء بسبب ما تربوا عليه من ذل وجبن.
لم يفعل فرعون ذلك ، بل أدى به غرور القوة لأن يطارد أولئك المستضعفين وهم يهربون من ظلمه تحت قيادة اثنين من الأنبياء، وكانت النتيجة غرق فرعون وجنده وآله فى الدنيا ، وعذابهم بين البرزخ والقيامة . والسبب هو الاستبداد الذى يصل بصاحبه إلى الألوهية . وقد قال فرعون لقومه (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) غافر " وبسب هذا الاستبداد بالرأى وصل التدمير إلى أثار فرعون موسى فمحاها (وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ ..: الأعراف 138 ) ...
لقد كان سليمان ملكاُ نبياً مؤيداً من السماء، وبهذه الصفة بعث رسالة إلى الملكة يدعوها للإسلام – والإسلام هو إخلاص القلب والجوارح لله تعالى والعيش فى سلام مع الناس، وبهذا المعنى نزلت كل رسالات السماء- وكانت رسالة سليمان للملكة تحمل الكثير من الاعتداد بالنفس، ومع ذلك فإن الملكة حين قرأت الرسالة خاطبت وأستشارت الحاشية " قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ 31 النمل " ..أى إنها مع تسليم الحاشية لها كامل نفوذها إلا أنها بادرت بعرض الأمر عليهم وقرأت الرسالة على مسامعهم، ووصفت الرسالة بأنها" كتاب كريم " فى إشارة واضحة للملأ حتى لا تأخذهم الأنفة العربية " المعروفة " فتنطلق منهم التصريحات الملتهبة "المعتادة" .
وبنفس السياسية الهادئة تمكنت بلقيس من الوصول إلى النهاية السعيدة لها ولشعبها ،بينما استقر فرعون وآله فى قاع البحر بسياسته الخرقاء . وهذا هو الفارق بين استبداد رجل هو فرعون واستبداد امرأة هى بلقيس . والذى لا شك فيه أن المرأة الحاكمة المستبدة أقل عدوانية وشراسة من الرجل المستبد.
ملحوظة : تم نشر البحث كاملا فى مصر قبل ثورة 25 يناير بإثنتى عشر سنة ، فى دورية ( رواق عربى ) التى يصدرها مركز القاهرة لحقوق الانسان ، وكان العدد بعنوان ( حقوق المرأة بين الدينى و المدنى )( عدد 15 & 16 ) عام 1999 . ( ص 64 : 99 ). وأعيد نشر البحث فى دوريات أخرى ، وتمت ترجمته الى الانجليزية . ومنشورة ترجمته على موقعنا (أهل القرآن ).
السلام عليكم ، لا توجد تفرقة بين الرجل والمرأة في تولي منصب رئاسة الدولة ، الفريق الرافض يعتمد على آية المداينة والتي تتتحدث عن الدين والإشهاد، بأن شهادة المرأة لا تساوي شهادة الرجل ،ولابد من وجود امرأتين تشدان مقابل شهادة الرجل ! هذا مع إن القرىن لم يفرق في الثواب والعقاب بين رجل وامرأة ورأينا ما جائ به المقال مقارنة بين فرعون الملك الرجل وما آل إليه قومه بسببه وملكة سبأ وما تمتعت به من رجاحة عقل ، ولكن تبقى الأزمة الفقهية وتحمله من تفضيل الرجل هي المسيطرة دون الاستناد إلى حجج مقنعة أخرى .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5118 |
اجمالي القراءات | : | 56,905,304 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
تدبر آيات 32 : 34 من سورة الشورى
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
السماء فى القرآن: ارجوك يا دكتور صبحي منصور ما المقص ود ...
ملعون الضالون : أنتم يا منكري ن السنة الذين فرقتم المسل مين ...
إبتلاء ابراهيم: سلام علیکم والرح مة الله وبرکا ته : انا...
الاعتكاف: ياتي ذكر الاعت كاف قرات لك عن الاعت كاف قبل...
ابن عاق : مشكلت ى مع ابنى الوحي د وعمره خمسة وتلات ين ...
more
(لم يفعل فرعون ذلك ، بل أدى به غرور القوة لأن يطارد أولئك المستضعفين وهم يهربون من ظلمه تحت قيادة اثنين من الأنبياء، وكانت النتيجة غرق فرعون وجنده وآله فى الدنيا ، وعذابهم بين البرزخ والقيامة . والسبب هو الاستبداد الذى يصل بصاحبه إلى الألوهية . وقد قال فرعون لقومه (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) غافر " وبسب هذا الاستبداد بالرأى وصل التدمير إلى أثار فرعون موسى فمحاها (وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ ..: الأعراف 138 ) ...)
ذكرني هذا الموقف المذكور في المقال عن فرعون وتصرفه بكل قسوة مع المستضعفين من بني اسرائيل بما فعله مبارك مع المتظاهرين المسالمين في جميع انحاء مصر وبخاصة في ميدان التحرير .
فكما كانت النتيجة غرق فرعون وآله وجنده في الدنيا بسبب الاستبداد والذي أدي بفرعون في النهاية إلى ادعائه الألوهية ، فإن الاستبداد والطغيان والإجرام الذي ارتكبه مبارك طوال ثلاث عقود وختمهم بقتل المتظاهرين هو من عجل بنهايته التي لم يكن يتوقعا هو ونظامه البائد .