د. شاكر النابلسي Ýí 2010-11-11
-1-
العلاقات التاريخية والدينية بين العراق وإيران منذ فجر الإسلام حتى الآن، كانت أقوى من العلاقات بين العراق وأي قطر عربي آخر – ربما باستثناء الكويت – والسبب في ذلك يعود إلى أن بلاد فارس (الإمبراطورية الساسانية) عندما دخلها الإسلام وفتحها المسلمون بعد معركة القادسية الشهيرة، عام (14هـ/636م) في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وقيادة سعد بن أبي وقاص، كانت مرجعيتها الدينية بعدئذ بغداد، وليست مكة المكرمة أو المدينة المنو&نورة، باعتبار أن عاصمة الدولة الإسلامية، تركت المدينة المنورة، وانتقلت إلى دمشق في العصر الأموي، ثم انتقلت بعد ذلك إلى بغداد في العصر العباسي. فكانت بغداد أقرب إلى طهران من مكة المكرمة والمدينة المنورة جغرافياً وثقافياً.
وفي العصر العباسي، كان اعتماد العرب والخلفاء العباسيين على الفرس واسعاً وكبيراً، وفي كافة المجالات الزراعية، والثقافية، والتجارية، والعسكرية، وشؤون الحكم. وكانت الإمبراطورية الفارسية بعد معركة "صفّين" (39هـ/659م) وظهور طائفة، ثم طوائف الشيعة، ومدفن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبنيه، وأهله في العراق، مكَّن العراق من أن يصبح ألصق بإيران من أي بلد عربي أو إسلامي آخر. كما أن وجود أطول حدود للعراق مع إيران، وصعوبة السيطرة على هذه الحدود، مكَّّن إيران من مدِّ يديها وقدميها في الجغرافيا العراقية دون حساب، وبلا حدود.
وزاد من العلاقة المتينة والتاريخية بين العراق وإيران، أن العراق يضمُّ حوالي 60% من سكانه من الشيعة. وأن في العراق أكبر عدد من الشيعة وعلماء الشيعة ومدارس الشيعة - في الجنوب العراقي - أكثر من أي بلد عربي أو إسلامي. وأن كبار العلماء الدينيين الشيعة في العالم العربي، درسوا في العراق، وفي الحوزات الدينية المشهورة. بل إن معظم المثقفين العرب الشيعة من غير رجال الدين (المفكر اللبناني الماركسي حسين مروة، مثالاً لا حصراً) درسوا في جنوب العراق. وكان العراق قبل عام 1979 مقر التكوين الأولي لثورة الخميني 1979 .
إذن، علاقات العراق بإيران أقوى من علاقاتها بأي بلد عربي أو إسلامي آخر، نتيجة لهذه الروابط الدينية والثقافية، رغم الاضطهاد الكبير والعنيف الذي لقيه شيعة العراق، منذ نكبة البرامكة، في بداية العصر العباسي، وحتى الآن. ومنذ القتل الجماعي والفظيع الذي تعرض له البرامكة في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد لاتهامهم بالفتنة والوقيعة بين الأخوين المتصارعين على العرش العباسي: الأمين والمأمون.
-2-
من خلال التاريخ القديم وكذلك الحديث، وخاصة في عهد صدام حسين (1979-2003)، نستطيع أن نصل إلى حقيقة تاريخية، وهي أن الصراع بين أنظمة الحكم المختلفة والأنظمة المقابلة لها في إيران، كان صراعاً سياسياً محضاً، ولم يكن صراعاً دينياً أو عقائدياً. وكذلك الأمر فيما يتعلق ببداية هذا الصراع في معركة "صفّين"، بين معاوية بن أبي سفيان والخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث لم يكن الصراع صراعاً دينياً، ولكنه كان صراعاً سياسياً، بين جهة تريد الاستيلاء على الحكم بالقوة والحيلة السياسية والدينية. وتستعمل كافة الأسلحة والأدوات لتحقيق ذلك. وقد ظفرت بذلك. وقام العهد الأموي.
كذلك كان الأمر في موضوع نكبة البرامكة في العصر العباسي الأول. وكان آخر هذه الصراعات السياسية حرب الخليج الأولى (1980-1988). فلم يكن سبب هذه الحرب الخلاف على الحدود، ونقض إيران لـ "اتفاقية الجزائر" لعام 1975 لترسيم الحدود بين البلدين. كما لم يكن سبب هذه الحرب الخلاف الديني والمذهبي بين السُنَّة والشيعة، بقدر ما كان خلافاً سياسياً وتحدياً بين دولة "علمانية" (العراق) ودولة ثيوقراطية وهي إيران. والدليل على ذلك، أن العراق بـ (شحطة) قلم شطب هذه الحرب، وآثارها بعد ذلك، في 1990، حين ضاقت به الأرض. وكذلك، بعد عام 2003 ، زار طهران وفد عسكري برئاسة وزير الدفاع سعدون الدليمي، وقدم اعتذاره لإيران حكومة وشعباً، عن "جرائم صدام" بحق إيران!
-3-
لقد تبيَّن لكثير من المراقبين والمحللين، أن إيران في حرب الخليج الأولى مع العراق، كانت أقوى بكثير من العراق. ولولا التأييد، والدعم الدولي، وتزويد العراق بالسلاح والمعلومات العسكرية الأمريكية، والدعم المالي الخليجي للعراق بمليارات الدولارات، لانتصرت إيران على العراق انتصاراً كاسحاً. وهذه الحقيقة يعرفها جُلُّ الساسة العراقيين، الذين كانوا في تلك الأثناء في إيران، واليوم هم اللاعبون الرئيسيون على إلى الساحة العراقية.
لذا، فقد تركت حرب الخليج الأولى عقدة سياسية وعسكرية لدى الساسة العراقيين، وهي عقدة الخوف والخشية من إيران. وإيران اليوم، أقوى من العراق عسكرياً وسياسياً ونووياً. بل أقوى من أية دولة شرق أوسطية. ومنذ 2004، وإيران تسيطر على مفاتيح السياسة الداخلية والخارجية العراقية بواسطة حكام "العراق الجديد". كما أن الشيعة اليوم في العراق أقوى مما كانوا في أي وقت مضى من تاريخ العراق. بل لم يتسلم الشيعة، ولم يصبحوا من حملة "المفاتيح" العراقية الرئيسية، كما أصبحوا في هذا العهد.
-4-
تلك كانت عجالة الأسباب، التي تدعو "العراق الجديد" إلى الركوع عند قدمي خامنئي، والتي نفصلها كالتالي:
هل أصبحت مصر دولة "مدنية" لأول مرة ؟
هل مستقبل مصر السياسى فى ( الشوقراطية )
دعوة للتبرع
اربعة أسئلة : السؤا ل الأول : ( من حام حول الحمى أوشك أن يقع...
الروايات الشيعية: ما رأيك بالرو ايات الشيع ية؟ ...
باب التأصيل القرآنى: أخى الحبي ب أحمد منصور بإخت صار شديد أنا...
لقمان : هل لقمان رسول ونبى ؟...
more