آحمد صبحي منصور Ýí 2010-07-20
مقدمة :
الأغلب أن أي إنسان يضع هدفاً لحياته. وحتى الذي يغفل عن وجود هدف لحياته فإنه في الحقيقة يضع لها هدفاً دون أن يدري ، هو اللهو واللعب والانغماس فى الشهوات والنزوات ، أى يمضى عمره بين الغفلة والعبث ، ويوم القيامة يفاجأ بقوله تعالى(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ)(المؤمنون 115، 116).
ربما يختلف مصيره لو عرف أن له جسدا آخر ، جسدا أزليا ، مطلوب منه أن يعتنى به أكثر من عنايته بجسده المادى .
ونعطى بعض التفصيلات من كتاب لنا لم ينشر بعد عن وقائع يوم القيامة بين القرآن والعلم الحديث .
أولا :الجسد المادى المعروف لنا:
1 ـ ومن أنواع العبث أن تتركز أهداف الإنسان في حياته الدنيا على جسده المادى حين يدور الانسان حول الجسد مشغولا بما يحفظ جماله وما يأتي به من متعة. وعندما يتقدم العمر، يذبل الجسد وتنطفئ حيويته ويذوي جماله ،يقول تعالى (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ) (يس 68ـ)، وينظر الانسان وهو فى أرذل العمر الى (ألبوم) صوره فى شبابه متحسرا، وهو يرى إرهاصات الموت تزحف الى جسده ، وقد تحول الجسد إلى مشروع خردة تنبض بحياة واهنة ، ثم يأتي الموت فيتحول الجسد المعتنى به إلى
سوأة.
2 ـ ومن إعجاز القرآن الكريم أن يصف أول جثة في التاريخ بأنها سوأة، جاء هذا في قصة إبني آدم، حين قتل أحدهما الآخر، وكان أبوهما آدم حياً لم يمت وبالتالي لم يدفن، لذلك فإن القاتل تحير عندما تحول أخوه إلى جثة لا يدري كيف يتصرف معها، فتعلم كيف يدفن جثة أخيه أو سوأة أخيه، يقول تعالى (فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) (المائدة:31 )، لم يقل أواري أخي ، لأن أخاه رحل وترك جسده أو سوأته. أخوه الحقيقى هو النفس التى رحلت وتركت جسدها الفانى للأرض التى أتى منها .
ثانيا : النفس :
1 ـ فالنفس هي حقيقة الإنسان، وهي كائن لا ينتمى الى هذا العالم المادى بل لمستوى أعلى من الوجود يسمى فى القرآن البرزخ ، وفيه تكمن الأنفس التى لم تدخل بعد تجربة الحياة الدنيا ، من أحفاد أحفادنا ، واليه أيضا تعود كل نفس بعد موتها ومفارقتها لهذه الحياة الدنيا . الفارق بين الأنفس الأولى لأحفاد أحفادنا التى لم تدخل اختبار الحياة بعد والأنفس الأخرى ـ لأجدادنا ـ التى دخلت ذلك الاختبار الدنيوى وخرجت منه أن الأنفس من النوع الأخير تعود للبرزخ وهى محملة بعملها فى الدنيا إن خيرا وإن شرا ، وبه ستواجه مصيرها أمام الله جل وعلا يوم الحساب ..
2 ـ ولكل نفس بشرية موعد زمنى محدد، تدخل فيه إختبار الحياة الدنيا متمتعة بحريتها المطلقة فى الهداية أو الضلال.هذا التحديد الزمنى لكل نفس يعنى أن لكل نفس أجلا زمنيا يبدأ بلحظة انتفاض الجنين فى بطن أمه معلنا بداية انسان جديد ، وينتهى الأجل لذلك الانسان بالموت فى الموعد المحدد للموت بلا تقديم ولا تأخير.
يأتى أوان دخول النفس إختبارا لها فى الدنيا بأن تحتل جسد الجنين الخاص بها فينبض بحياة مختلفة عن نوعية الحياة التى كانت له من قبل ، ثم يخرج المولود جسدا غضا
مزودا بالنفس التي تحتل ذلك الجسد وترتديه ثوبا تحيا من خلاله في الدنيا، ثم بمرور الزمن المعطى له للحياة هنا يتخطى مرحلة الضعف الى قوة الشباب ، ثم يعود الى الضعف والشيبة (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً)(الروم 54 )، ثم يموت الجسد أويذوب ذلك الثوب عائدا الى الرماد الذى أتى منه.
ثالثا : الجسد السوأة :
1 ـ وبعودة النفس إلى البرزخ الذي أتت منه فإن ذلك الجسد الميت يصبح كارثة، لا يلبث أن يتحلل ويتعفن ولا يطيق أحد أن ينظر إليه أو يشم رائحته، فيكون من الأكرم لصاحب الثوب ـ أو صاحب الجسد الذي تركه ومضى ـ أن نواري ثوبه أو جسده تحت التراب، ليعود الجسد إلى أصله الترابي.
2 ـ أي كان ذلك الجسد الذي افتتن به الإنسان مجرد خدعه وغرور، بكل ما فيه من جمال العيون والقوام والأعطاف والأرداف. كل ذلك يتحول بالموت إلى عجينة عفنة يتقيأ الإنسان الحي إذا رآها أو إذا تخيلها.ومهما بلغ حب الرجل لحبيبته الحسناء ، ومهما بلغ هيام المرأة بحبيبها الوسيم فإنه بعد الموت لا يتحمل أن يأخذ ما تبقى من الحبيب بين أحضانه. لأن ما تبقى منه مجرد نفايات عضوية، لا تختلف كثيراً عن النفايات التي تخرج من الإنسان في حياته ، بل أسوأ.
3 ـ هذا الجسد هو سوأة حقيقية حتى وهو حىّ يسعى . فهو محتاج دوما للتنظيف والحماية والتجميل والعناية ، وإلا تحول الى مستودع للجراثيم والحشرات والقاذورات والنفايات . أما هذا الجمال الذى يتحلى به ذلك الجسد فهو مرحلى مرتبط بفترة النضج والشباب . هذا الجمال السطحى هو مجرد غطاء جلدى مظهرى خارجى يستر ويغطى أعضاء حيوية تشبه أعضاء الحيوانات الثديية ، من قلب وأمعاء وكبد ..أنسجة ودماء وإفرازات ، قد تم (تقفيلها) أوتغطيتها أو تعبئتها فى جلد ناعم ذى مظهر جميل أخّاذ،هو الذى نراه ونتعامل معه ونحبه . لو نفذت رؤيتنا لمحتويات هذا الجسد الفاتن لإمرأة رائعة القوام ساحرة الملامح فستتقيأ مما ترى فى داخل جسدها ، فكيف بها فى أرذل العمر ؟
وكيف بجسدها بعد الموت والتحلل ؟
رابعا " الجسد الأزلى يتكون من خلال العمل الصالح أو السيىء
1 ـ من هنا يصبح فعلاً من العبث أن يضيع الإنسان نفسه بالمراهنة على ذلك الجسد المرحلي الفانى ، بل الأفضل له أن يضع كل رصيده فى الايمان بالله جل وعلا واليوم الآخر وبالعمل الصالح ، وبذلك يتكون له جسد آخر أزلى يصلح به لدخول الجنة. وهذا هو الجسد الأزلي الصالح الذي يصلح به الإنسان لدخول الجنة. والإيمان والعمل الصالح لا يعني الزهد ولكن التمتع بالحلال الطيب بدون إسراف، مع الحمد والشكر لله تعالى على كل النعم، والقيام بحقه جل وعلا. والعمل الصالح يشمل مع العبادات حسن الخلق فى التعامل مع الناس وإخلاص العقيدة لرب الناس جل وعلا.
وبالصالحات يكون إبن آدم فى الآخرة "صالحاً" لدخول الجنة،وهذا معنى قوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ )(العنكبوت:9 )، أى الذين عملوا الصالحات فى حياتهم الدنيا سيصلحون بها الى دخول الجنة ، فعملهم الصالح هو ذلك الجسد الأزلى النورانى الصالح للقبول فى الجنة و التمتع بما فيها . والنفس المطمئنة يوم القيامة ترتدي عملها الصالح لتصلح به لدخول الجنة: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) ( الفجر27 :30 )، أى تستحق الجنة بعملها الصالح :(تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (الأعراف :43).
2 ـ أما الانسان الخاسر الذي أضاع حياته عبثاً فيقول يوم القيامة (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) (الفجر: 24 ) ، أي لم يقدم عملاً صالحاً لحياته الحقيقية الخالدة فى الآخرة ، أى أضاع رحلة حياته الدنيوية القصيرة غافلا عن تزكية نفسه وتطهيرها بالانغماس فى الصالحات وتنقيتها من السيئات، أى أمضى حياته الدنيا فى الطواف حول جسد مادى هالك يستجيب لغرائزه عاصيا الخالق جل وعلا، ثم يخرج من حياته الدنيا بعمل سيء يتعذب به في النار، حيث تتجسد سيئاته وتتحول الى جسد أزلى تتم به آلية تعذيبه الأبدى فى الجحيم ، أى سيئاته فى الدنيا تتحول الى نيران ملتهبة يتعذب بها صاحبها فى الجحيم :(فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ) (النحل:34 )(يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ
وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )(العنكبوت 55 )
3ـ يوم القيامة لو كنت فى الجنة ستتنعم بعملك الصالح الذى يتحول الى نور تدخل به الجنة وتخلد به فى الجنة . أما لو كنت من أصحاب الجحيم فإنه عملك السيىء الذى سيتحول الى ظلمات وعذاب ونيران تدخل به النار و تتطوق به خالدا معذبا فى النار.
4 ـ أى إن هناك جسدان لكل نفس بشرية :
خامسا : الجسد الأزلى ووعاء الزمن
1 ـ والزمن هو الضلع الرابع للمادة كما يقال فى نظرية النسبية. بالنسبة لنا فالزمن هو ضلع غير مرئى مع أنه الضلع الذى يحيط بنا والذى نتحرك فيه والذى يكتنفنا ولا نستطيع الخروج من إطاره إلا بالموت أوالنوم . الزمن فى دنيانا هذه هو القطار المتحرك بسرعة واحدة ومستمرة فى اتجاه واحد فى هذه الدنيا حتى نهايتها، لا يتوقف ولا يتأخر الى أن تنتهى هذه الدنيا وينتهى (هذا اليوم الدنيوى ) ويتدمر العالم ويأتى يوم القيامة أو ( اليوم الآخر ) بعد انتهاء اليوم الدنيوى الراهن . نسافر فى قطار الزمن هذا لا نستطيع إرجاع دقيقة مضت ، فكل دقيقة تمر لا تعود أبدا ( قل لى اين ذهب الاسبوع الماضى أو الشهر الماى أو يوم أمس ) .
2 ـ كل منا يركب قطار الزمن فى هذه الدنيا فى محطة مقررة له سلفا حين يولد ، وينزل من هذا القطار فى محطة الموت. ويتوالى مجىء كل نفس من البرزخ لتركب هذا القطار
حين تدخل فى الجنين ، ثم تغادره عند لحظة الموت ، يسرى هذا على الجميع ، من نفس آدم الى آخر نفس لإنسان من أبناء آدم ، كل نفس تدخله ذلك القطارمرتدية ذلك الجسد البشرى ، ثم تتخلص منه نهائيا عند محطة نزولها عند الموت.
وبعد أن تدخل كل الأنفس إختبار الحياة الدنيا وتموت وترجع للبرزخ الذى أتت منه يتم تدمير هذا العالم بأرضه وكواكبه وشموسه ونجومه ومجراته ، ويخلق الله عالما جديدا يتم فيه البعث ولقاء الله جل وعلا ، وينتهى الزمن المتحرك الذى كان فى الدنيا ليحل محله زمن خالد فى اليوم الآخر ، حيث الخلود فى الجنة أو النار طبقا للعمل الصالح أو السىء أى طبقا لطبيعة الجسد الأزلى الذى قامت بتكوينه كل نفس بشرية أثناء حياتها الدنيا وركوبها قطار زمنها المتحرك ذى الاتجاه الواحد .
3 ـ جسدنا المادى له ثلاثة أضلاع ، والزمن هو ضلعه الرابع كما قلنا ، إنه الزمن الذى نحياه فى هذه الدنيا ، وهو الضلع الأهم بالنسبة لنا لأنه : الجسد الآخر لنا أو الوعاء الآخر غير المرئى فى هذا العالم لكل نفس بشرية ، إنه الوعاء الزمنى الذى يحمل عملنا وسعينا فى هذه الدنيا ، وهو الذى يكمل جسدنا المادى ، والذى يكتنف جسدنا المادى . ولأنه سيكون جسدنا الأزلى الذى نخرج به من الدنيا بالموت وفناء الجسد المادى .
سادسا : دور الملائكة فى ملء وعاء الزمن و( حفظ ) و( كتابة )أعمال الانسان
1 ـ قلنا إن كل نفس تأتى من البرزخ الى هذا العالم ومعها وعاءان،أحدهما الجسد المادى أو الوعاء المادى الذى ترتديه مؤقتا فى هذه الدنيا ، وهى تظل محبوسة فى هذا الجسد المادى ، تستريح منه مؤقتا بالنوم ، وتستريح منه نهائيا بالموت .والآخر هو وعاء غير مرئى وهو الزمن المقدر لها سلفا أن تحياه فى هذه الدنيا ، من لحظة دخولها الجنين الى لحظة مفارقتها الجسد بالموت. وبالموت يتم ( تقفيل ) و ( حفظ ) و ( توثيق ) الجسد الأزلى ، الذى ترتديه النفس يوم القيامة .
فى كل حياتها الدنيوية تحمل النفس هذين الوعائين ، أحدهما وهو وعاء الجسد المادى المرئى ، والآخر هو وعاء الزمن الذى تكتب وتسجل فيه ملائكة الأعمال كل ما يصدر عن
الانسان من عمل وما يضمره من أفكار وعقائد ونيات ، خيرا أو شرا .
2 ـ ويقوم بذلك ملائكة الحفظ الموكلة بالبشر ،. (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) ( الانفطار 10 : 12 ) لكل فرد من البشر إثنان من الملائكة .ولأنهم (يكتبون) العمل فإن لقبهم الكرام الكاتبون .ولأنهم يكتبون العمل أولا بأول مثلما تسارع بالتعقيب على عمل ما فإن لهم لقبا آخر هو(المعقّب ) الذى يقوم بحفظ وتسجيل الأحداث أولا بأول ، أى سواء صرخت بالقول أو قلته همسا ، وسواء كنت مستخفيا باليل أو متسللا بالنهار فهناك معقبات من الملائكة تسجل صوتك وحركتك طبقا لأوامر رب العزة ، وبهذا تحفظ سجلا لحياتك موثقا بالصوت والصورة ، يقول جل وعلا يصف تلك الملائكة بالمعقبات التى تحفظ سجل أعمالك فى جسدك الآخر الأزلى أو كتاب أعمالك :(سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ )(الرعد10:11).
سابعا : العلاقة بين الجسدين المادى و الأزلى :
1ـ والعلاقة بين الجسدين عكسية ، فبمرور الزمن يتناقص عمر الجسد المادى وبنفس القدريزداد ما يتم تسجيله من أعمال صاحب ذلك الجسد ، أو يزداد امتلاء وعاء الزمن بنفس القدر الذى يتناقص فيه عمر الجسد المادى الى ان يأتى الموت بفناء الجسد المادى وقيام الجسد الأزلى بدلا منه ومعبرا عنه .
2 ـ ونشرح ذلك كالآتى : نفترض أن النفس ( س ) هبطت من البرزخ لتلتحم بالجنين الخاص بها. هنا يكون الجنين بداية جسدها المادى ، وعند التحامها به يحيط بها وبه وعاء الزمن المقدر سلفا أن تعيشه فى هذا الكوكب الأرضى وهذه الحياة الدنيا .
ولنفترض أن العمر المقدر لها أن تعيشه هو سبعون عاما وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات وسبع دقائق وسبع ثوان ، يبدأ العد التنازلى لحياة هذا لانسان بمجرد
التحام النفس بالجنين ، فإذا مرت ساعة زمنية يتبقى له من عمره المحدد سبعون عاما وسبعة أشهر وسبعة أيام وست ساعات وسبع دقائق وسبع ثوان . وكل ذلك مكتوب ومحدد ليس بالثانية بل بالفمتو ثانية وما هو أقل منها مما لم نصل الى علمه بعد . يقول جل وعلا عن عمرنا الذى يتناقص مع كل ثانية تمر بنا ونحن نركب قطار الزمن(وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ)( فاطر11) ).
3 ـ ان هذا العمر الذى نحياه فى هذه الدنيا والذى يتناقص مع مرور كل ثانية وكل ساعة هو نفسه وعاء الزمن المعطى لنا . وكما تنزل النفس مرتدية زى جسد المولود وبصحبة المولود المشيمة فهناك وعاء آخر غير المشيمة يهبط مع المولود ، هو وعاء الزمن . يهبط مع المولود وقد تم فيه سلفا حفظ حركات الجنين أثناء المراحل الزمنية التى قضاها فى الرحم ، ثم يستمر التسجيل لكل حركاته وسكناته وافعاله واصواته و نياته ومشاعره طفلا وصبيا وشابا وكهلا و شيخا ، تسجيلا مستمرا مع مرور كل ثانية وكل دقيقة وكل ساعة بنفس سرعة الزمن الأرضى الى أن يموت الجسدالمادى الأرضى وينهض بدلا منه ذلك الوعاء المسجل فيه حياة صاحب الجسد بكل تفصيلاتها . وتعود النفس للبرزخ تحمل هذا الجسد الأزلى أو الوعاء الزمنى تنتظر قيام الساعة ، ويوم الحساب تأتى للقاء الله جل وعلا تحمل ذلك الجسد لتلقى به مصيرها حسب عملها أو حسب نوعية جسدها هل هو صالح للجنة والنعيم أم محجوب عنهما فيلقى فى النار و الجحيم .
4 ـ ونرجع للعلاقة العكسية والتبادلية بين الجسدين المادى و الأزلى وعاء الزمن . ونستعيد ما يجرى للنفس ( س ) وعمرها المحدد (سبعون عاما وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات وسبع دقائق وسبع ثوان ).نتخيل هنا الوعائين الجسدى المادى والزمنى الأزلى ، وهناك نفق يصل بينهما ، فكل دقيقة زمنية تحياها النفس فى هذه الدنيا لا يمكن استعادتها أو استرجاعها لأنه تم بالفعل تسجيلها وحفظها فى وعاء الزمن أو الجسد الأزلى . أى كلما تناقص عمر الجسد المادى فإنه يتم حفظه وتسجيله وكتابته فى وعاء الزمن ، وبه يزداد نمو الجسد الأزلى بكل ساعة تمر وتنقضى وتنقص من حياة وعمر الجسد المادى . أى يتم تفريغ الجسد المادى ثانية بثانية ودقيقة بدقيقة ويوما بيوم وعاما بعام داخل وعاء الزمن الخاص به ، ليكبر الجسد الأزلى بينما يتناقص بنفس القدر
ما تبقى من عمر الجسد المادى .
ولنسترجع العمر المحدد للنفس (سين ) وهو ( سبعون عاما وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات وسبع دقائق وسبع ثوان ) ولنتخيل أنه مضى من عمره عشر سنوات بالتمام والكمال ، هنا يكون المحفوظ له فى وعاء الزمن هو نفس العشر سنوات، التى تناقصت من عمر الجسد المادى . ويتبقى له فى الحياة ( ستون عاما وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات وسبع دقائق وسبع ثوان ). هذه المدة ( ستون عاما وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات وسبع دقائق وسبع ثوان )لا تلبث أن تتناقص من عمر الجسد المادى وتضاف فى نفس اللحظة الى وعاء الزمن مسجلة لسعى النفس ( سين ) فى هذه الحياة الدنيا . ولنفترض أن النفس (سين ) وصل عمرها سبعين عاما وسبعة اشهر وسبعة ايام وسبع ساعات وسبع دقائق ) بالكمال والتمام ، إذن يتبقى لها من العمر سبع ثوان. ويكون قد تم تسجيل كل ذلك فى وعاء الزمن لتلك النفس ، وينتظر وعاء الزمن ليضيف اليه ما تبقى من الثوانى السبع ، وعندما تمر يأتى وقت الموت ويتم تقفيل وعاء الزمن ، فقد تم حفظ وأرشفة حياة النفس ( سين ) بالكامل ، وصحيح أنها فقدت بالموت ذلك الجسد المادى السوأة ، ولكنها كسبت بدلا منه ذلك الجسد الأزلى الذى سترتديه خالدة مخلدة فى الجنة أو فى النار.
ثامنا :عتبة الموت واللحظة الفارقة بين الجسدين المادى والأزلى
1 ـ عند الموت ينتهى الجسد المادى ليبقى ( الجسد الأزلى ، جسدعملك ) الذى تم حفظه فى وعاء الزمن ، أى بالموت ينتهى جسدك المادى ويقفل وعاء زمنك فلا يمكن أن يضاف له عمل بعد موت صاحبه . وأرجو أن تلقى فى الزبالة ذلك الحديث الكاذب ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ..)
وبالنيابة عن ذلك الجسد الأرضى الفانى السوأة يقوم بديلا عنه الجسد الأزلى ، بتسجيل وكتابة كل ما فعله وما نطق به وما أحسّ به ذلك الجسد الفانى الزائل . أى إنك أيها الانسان فى هذه الدنيا تخرج منها ميتا وقد تم ( حفظك ) أو (أرشفتك ) فى كتاب عملك ،
أو تم تسجيل وحفظ وكتابة كل دقيقة فى أرشيف حياتك .
2 ـ وقت الاحتضار عند عتبة الموت تكون اللحظة الفارقة . نحن نعبر هنا باللحظة مع أن اللحظة تعنى جزءا من الزمن بينما وقت الاحتضار والوصول الى عتبة الموت ينتهى الزمن الأرضى للمحتضر الواقف على عتبة الموت ، ينعدم الزمن ويكون اللازمن ، فقد تم تعبئة الزمن فى الجسد الأزلى بعد موت الجسد الارضى المرتبط بالزمن والذى كان الزمن ضلعه الرابع . ونضطر لاستعمال كلمة اللحظة لعجز اللغة الانسانية عن نحت لفظ خارج الادراك الحسى للبشر.
3 ـ من خلال التدبر القرآنى فى الآيات التالية (الواقعة 83 ـ ، النحل 28 ـ ، الأنعام 93 ـ ، المؤمنون 99 ـ ، المنافقون 11 ـ ،الأنفال 50 ، محمد 27 ) نستطيع تخيل ما يحدث هذه ( اللحظة ) الفارقة على النحو التالى :
تاسعا : النفس وجسدها الأزلى يوم القيامة :
نعود للنفس وقد ارتدت فى الآخرة وعاء عملها أو وعاء الزمن الذى امتلأ بتوثيق حىّ لتاريخ الانسان وحركة جسده الفانى على الأرض. فقد فنى الجسد ـ أو الوعاء الجسدى المادى ـ وتحلل فى التراب ولكن بقيت سيرته خالدة موثقة مكتوبة فى الوعاء الآخر؛ وعاء الزمن . تاتى يوم القيامة كل نفس بوعاء عملها المكتوب فيه بالصوت والصورة والألوان الطبيعية تاريخ حياة جسدها الأرضى الفانى حين كان يسعى فى الأرض بالخير أو الشر. أى بعد أن يمتلىء وعاء الزمن الخاص بك بعملك وينتهى زمنك المقرر لك فى هذه الحياة عندها يكتمل ويمتلىء وعاء زمنك بجسد آخر تحمله نفسك على كاهلها وتدخل به الى الخلود فى الجنة أو الخلود فى النار وفق النتيجة التى ستعرفها وسيعرفها الجميع يوم العرض على الله جل وعلا ، يوم لقاء الله جل وعلا ، يوم الحساب . ومن أسف أن يختارمعظم الناس تضييع مستقبلهم فى الآخرة لأنهم انشغلوا بالجسد الفانى السوأة ، ومن أجله أهملوا الايمان الحق والعمل الصالح ، فيحملون أوزارهم على ظهورهم جسدا آخر يؤهلهم للخلود فى الجحيم ، وبه يتم تعذيبهم فى الجحيم .
عاشرا : معنى علمانية الاسلام هنا :
1 ـ فى الآخرة يتحول جسدك الأزلى الى كتاب أعمال لك تحمله فى عنقك يوم القيامة ، يحوى كل ما كان (يطير) عنك من عمل : (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ( الاسراء 13 :
15 ).
2ـ واضح هنا المسئولية الشخصية لكل نفس وحريتها المطلقة فى ملء وعاء زمنها بما تريد من عمل وعقائد ، ثم مسئوليتها الشخصية على ما ملأت به وعاء زمنها . هنا تتجلى علمانية الاسلام ، حيث المسئولية الشخصية فى العقائد والعبادات ، وحيث لا تدخل لفرد او مؤسسة فى العلاقة بين الخالق والمخلوق ، وحيث لا يوجد فى الاسلام كهنوت ولا أزهر ولا (قم ) ولا ( إجلس ) ولا شيخ الأزهر ولا روح الله ولا دار الافتاء ولا مجمع البحوث ولا مجمع البلاليص . كل ذلك إفتراء على الله جل وعلا .
3 ـ ولقطع الطريق على الكهنوت الذى يغتصب سلطة الله جل وعلا و يبيع صكوك الغفران و أساطير الشفاعات البشرية فليس فى الاسلام على الاطلاق ان يشفع بشر لبشر.
إنه كتاب أعمالك ، إن كان يدل على نجاح صاحبه فهو الذى يشفع له يوم القيامة وهو الذى يشهد له بالجنة . والعكس صحيح فى حال الخاسرين الذين تشهد ( عليهم ) (ايديهم وأرجلهم وألسنتهم وجلودهم ) بما كانوا يعملون . فكتاب الأعمال قد سجل تسجيلا وثائقيا كل ثانية وكل دقيقة من حياة جسدك الأرضى الذى فنى وتم تسجيله فى وعاء الزمن أو كتاب الأعمال .
كل فرد يؤتى به مقبوضا عليه بصحبة ملكين كانا يلازمانه فى الدنيا يسجلان كل ما يصدر عنه فى كتاب الأعمال ، أو وعاء زمنه ، ويوم الحساب سيأتيان به أى بنفسه وقد ارتدت كتاب الأعمال أو لبست وعاء زمنها الممتلىء بعملها فى الدنيا . تأتى النفس مقبوضا عليها بنفس الملكين ولكن مع تغيير الاسم والوظيفة . فى الدنيا كان اسمهما ( رقيب وعتيد ) ،أى أحدهما يراقب والآخر حاضر وشاهد . ويتحولان فى الآخرة الى ( سائق وشهيد )، أى أحدهما يسوق المقبوض عليه والآخر يشهد عليه ، اى يكون شاهدا على تقديم كتاب أعماله .
وهناك فارق آخر، ففى الدنيا وأنت تحمل جسدك المادى السوأة لا يمكن أن ترى هذين
الملكين المرتبطين بك ، أما فى الآخرة وبعد أن تتحرر من جسدك المادى ينكشف عنك الغطاء فترى هذين الملكين . تدبر قوله جلّ وعلا:(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)(النجم16 : 22)
ختاما عزيزى القارىء
1 ـ لك جسدان . الظاهر منهما زائل وفان وقد يتسبب فى خلودك فى جهنم ، والأزلى منهما هو عملك فى حياتك الدنيا الناتج عن إرادتك الحرة .
2 ـ أى سيكون مصيرك يوم القيامة مؤسسا على نوعية هذا الجسد الذى تصنعه بعملك وعقيدتك فى هذه الدنيا ، فأنت حيث تريد أن تضع نفسك فى الجنة أو النار، وأنت الذى تكتب بتصرفاك كتاب أعمالك ، وأنت الذى تعبىء وعاء أعمالك الذى ستأتى به تحمله يوم الحساب يوم لقاء الله عزّ وجلّ، وأنت الذى تقرر دخول الجنة أو النار حسب عملك ، وستكون رهينا وأسيرا بعملك أو بمحتويات هذا الجسد الخفى الأزلى الخالد فى الجنة أو فى النار: (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (الطور21 )(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)(المدثر38).
3 ـ من أجل هذا تأتى مئات الآيات القرآنية تصف نعيم الجنة وعذاب النار وتنذر وتحذّر وتنصح وتعظ قبل فوات الأوان ، وحتى تسارع ببناء جسد يشع نورا يوم القيامة ، وحتى لا تقع فى عبادة هذا الجسد الأرضى السوأة وتنسى وتضيع مستقبلك يوم القيامة .
4 ـ يقول جل وعلا عن يوم العرض على الله جل وعلا :(وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا)، وتقول الآية التالية عن كتاب الأعمال : (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ
أَحَدًا )( الكهف 48 : 49 ).
ودائما .. صدق الله العظيم .!
أولا : أسجل شعورى بحالة اهتزت فيها جميع أجزاء جسمى أثناء قراءة هذا المقال ، فهو بمثابة تحليل قوى ، وكما قال الأخ عبدالله لطمة تفيق من يعيش فى فغلة وسبات طويلين ، وبكل صراحة شعرت وأنا أقرأ هذا التحليل أننى أهتز جسديا ونفسيا وكليا .
الإنسان يعيش فى غفلة مهما فعل ومهما حاول أن يحافظ ويسخر الوقت لخدمة البحث عن الآخرة فلابد من حدوث بعض الأخطاء وبعض السقطات التى تجعل الإنسان ينشغل بالدنيا وبمشاكلها ، ولكن نتمنى ان نفيق دائما قبل فوات الأوان بمثل هذه المقالات التى تعبر عن أكثر من تحليل عبقرى لعدة امور دينية وعقيدية تهم كل إنسان يريد النجاة بنفسه فى الآخرة .
وما اود أن أقوله هنا فيما يخص درجة اهتمام أنصار السنة بجثة أو سوأة أى ميت :
رغم ان الجثة أو السوأة لا قيمة لها على الاطلاق بعد الموت ، ولذلك تتحلل وتتعفن وترجع للتراب الذي جاءت منه ، ولا يمكن لأعز الأحبة للشخص الميت مهما بلغت درجة حبه وارتباطه بالميت أن يبيت معه أو يظل معه ساعة واحدة داخل القبر ، ورغم كل هذا إلا أننا نجد أنصار السنة يقدسون هذا الجسد أو السوأة بعد الموت ، وكأن صاحبها لازال حيا يرزق ، فهم كانوا أثناء حياته لا يعتبرونه حيا أصلا ولا يسألون عنه ، ولكن بعد موته نرى عجب العجاب تقديس لا مثيل له للجثة ، قاعدة سنية لا يجوز الدفن إلا بعد الموت بست ساعات ، أما ما يخص الغسل فمن الممكن أن تكتب فيه مجلدات كاملة ، يغسلون جثة الميت لدرجة قد تجعل الجلد يتآكل ، ويبالغون فى استخدام العطور والروائح ، لأنهم يظنون أن الملائكة ستكون فى انتظاره فى القبر لسؤاله عن أحواله فى الدنيا ، فلابد ان يكون ريحه طيب وملبسة طيب عند مقابلة الملائكة ، ولا يعلم هؤلاء أنه بمجرد دفن الميت ووضعه تحت الثرى وخلال ساعات قليلة لا يمكن أن يتحمل شخص رائحة الميت ، بل من الممكن أن يختنق أو يموت ، ورغم هذا يصرون ان الملائكة يقابلون الميت فى قبره ويسألونه عن أعماله ، فهل يعقل أن نضع الملائكة فى مثل هذا الموقف الذي لا نقبله نحن البشر على أنفسنا من منا يتحمل الجلوس مع الميت مهما كان حبيبه أو قريبه لمدة خمس دقائق ويقفل عليهما القبر .؟ هل يستطيع إنسان فعل هذا أو قبول هذا ، ورغم ذذلك يعتقد معظم المسلمين ان الملائكة ينزلون للميت بعد مغادرة الناس للمقابر ويجلساه ويسألاه الأسئلة المعروفة والمحفوظة ، ولكى يتغلبوا على الرائحة الكريهة للجثة يستخدمون كمامات .
كيف نتعامل مع المحتضر قبل موته ؟
1- توجيهه إلى القبلة بأن ينام على ظهره ورجله في إتجاه القبلة .
وعمل ذلك للمحتضر بإذن وليه من الإمكان وإلا فالأحوط الإستئذان من الحاكم الشرعي والأفضل أن يكون هذ الوضع بالنسبة إلى المحتضر هو نفسه في حالة غسله وتحنيطه وتكفينه ولكن عندما يصلي عليه يكون رأسه باتجاه يمين المصلي ورجله باتجاه يسار المصلي ويمين الميت يكون في اجاه القبلة .
2- يستحب تلقين المحتضر الشهادتين والإقرار بالأئمة الإثنى عشر صلوات الله وسلامه عليه أجمعين وسائر الإعتقادات الحقة بصورة يفهمها . ويستحب تكرار التلقين إلى أن يموت المحتضر .
3- يستحب قراءة دعاء العديلة عنده .
4- يستحب تلقينه كلمات الفرج وهي :
لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين .
5- يستحب تلقين المحتضر هذا الدعاء :
اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك واقبل مني اليسير من طاعتك .
ويقول أيضا :
يا من يقبل اليسير وعفو عن الكثير إقبل مني اليسير واعف عني الكثير إنك انت العفو الغفور . ويقول أيضا : اللهم ارحمني فإنك رحيم .
6- يستحب قراءة سورة يس والصافات عنده لتعجيل راحته وأيضا آية الكرسي .
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) سورة البقرة .
يتـــع
يتــبــع ...
وآية السخرة وهي :
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) سورة الأعراف
وقراءة آيات من آخرسورة البقرة وهي :
لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) سورة البقرة .
المكروهات المتعلقة بالمحتضر :
1- يكره مس المحتضر وهو في حالة النزع والذي قد يسبب الأذى له .
2- يكره حضور الجنب والحائض عند المحتضر .
3- يكره التكلم الزائد عنده والبكاء عنده .
4- يكره حضور عمال اموت عنده كالحفار والدفان وغيرهم .
5- يكره ترك النساء عنده خوفا من صراخهن .
6- يكره تركه وحده بعد موته .
المستحبات بعد موت المحتضر :
1- تغميض عينيه وغلق فمه وشد فكيه .
2- مد يديه إلى جنبيه ومد رجليه .
3- تغطيته بثوب .
4- توجيهه باتجاه القبلة ( الرجلين باتجاه القبلة ) .
5- تنوير المكان المظلم .
6- إعلام الناس بموته ليحضروا جنازته .
7- التعجيل في دفنه ولكن بعد التأكد من موته .
ورغم كل هذا الاهتمام بجثة لا قيمة لها من الممكن ان يعيش ويموت الانسان فقيرا ذليلا مريضا لا يحظى بجزء يسير من كل هذا التقديس والاهتما بجثة او سوأة أصبحت لا تساوى شيئا لكن هذه هي عقلية وثقافة وتدين معظم المسلمين .
الآية 97 من سورة النساء تتحدث عن نوع من الأنفس البشرية الذين توفتهم الملائكة ظالى أنفسهم ، وكعادة الإنسان دائما يحضر ويجهز مبررات يحاول من خلالها الدفاع عن نفسه أمام الناس أو حتى أمام الملائكة لحظة خروج النفس ، وحتى أمام الله جل وعلا يوم الحساب ، وهنا سوف اتحدث عن الحوار الذي يدور بين ملائكة الموت وبين الأنفس البشرية التى كانت مستضعفة فى هذه الدنيا أو بالتعبير القرآني (ظالمى أنفسهم) لأنهم كانوا مستضعفين ولم يفكروا فى الهجرة فى سبيل الله والبعد عن الظلم والقهر والذل ، واستسلموا واستكانوا ، ولكن يبدو لى من قراءة آيات سورة النساء من الآية ( 97: 100) أن الهجرة تعد فرضا على كل إنسان مستضعف وبتعبير أدق على كل رجل مستضعف لأن النساء والولدان سيعفو عنهم الله جل وعلا وسيغفر لهم عدم قدرتهم وقلة حيلتهم على القيام بهذه الهجرة التى تحتاج جهدا كبيرا ومواجهة صعوبات أكبر ، لكنها فى النهاية هجرة لله وفى سبيل الله تعالى ، وما اعظم هذه الهجرة أن تكون خالصة لله جل وعلا ، وليس وراءها هدف مادي غير الخلاص من الظلم والاستعباد والقهر والتوجه لمكان يتمكن فيه الإنسان من عبادة الله جل وعلا بلا شريك كيفما يشاء دون ان يتعرض للأذى ، ويجد فى هذا المكان حصنا منيعا يحميه من الظالمين والأعداء ، ولكى تتضح الصورة أكثر نقرأ معا آيات سورة النساء التى تتحدث عن الترغيب والتحريض على الهجرة يقول تعالى (( ((إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا ـ إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ــ فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ــ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا )) النساء : 97 :100 .
ومن سياق الآيات معا وبعد القرءاة بتدبر يمكن أن نستنبط عدة أشياء على شكل نقاط رئيسية للموضوع :
1ـ الإنسان الذي يعيش فى قومه مستضعفا يجب عليه الهجرة فى سبيل الله
2ـ الإنسان الذي يعيش فى قومه مستضعفا ويستسلم ولم يهاجر فى سبيل الله ويمت على ذلك فهو ظالم لنفسه
3ـ الهجرة فى سبيل الله فيها سعة من الرزق وحماية للنفس من الظلم والقهر والاستضعاف
4 ـ النساء والولدان المستضعفون سيعفو عنه الله ويغفر لهم قلة حليتهم وعدم قدرتهم
5 ـ الإنسان الذي يهاجر هجرة صادقة فى سبيل الله تعالى ويدركه الموت فإن أجره على الله جل وعلا .
والشيء بالشيء يذكر
وبعد هذا كله نجد كثير من علماء الأمة الإسلامية فى جميع أنحاء العالم يصفون الدكتور( أحمد صبحي منصور) بالهارب والمطرود والمفصول من جامعة الأزهر.
جزاك الله عنا خير الجزاء دكتور أحمد منصور بما تبديه لنا من نصح وتحاول إيقاظنا بين الفترة والأخرى من الغفلة والنسيان الذي يعترينا معظم الوقت فنحتاج لمثل هذه التذكرة المفيدة النافعة لنا في يوم العرض على الخالق الأعظم سبحانه وتعالى .
في حقيقة الأمر أن الذين يؤمنون بالخرافات واساطير الشفاعات لا يرجون لقاء الله تبارك وتعالى لأنهم اطمأنوا ورضوا بالحياة الدنيا ولا يرجون أكثر منها فهم الذين قال فيهم الله تعالى . {إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ }يونس7.
{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }يونس11.
نرجوا من الله العلي القدير أن نكون من الذين يرجون لقاء الله وأن نستعد له بكل ما نملك من قوة وعمل صالح وفعل الخيرات واجتناب المعاصي إنه نعم المولى ونعم النصير .
-حقا كذالك تخاصم اهل النار- وكما قال الدكتور مصطفى محمود رحمه الله تعالى ان الاجساد التي تختصم في النار لا يمكن
ان تكون اجسادا مثل التي لنا في هذه الدنيا -ولاول مرة اسمع هكذا تفسير فطيلة حياتي كنت احاول فهم كيف ان الناس تتخاصم في النار بهذه الاجساد التي نحن عليها في الدنيا ودائما ارجع واقول ان الله على كل شيئ قدير حيث ليست لي القدرة على تفسير القران الكريم
وليس بين يدي تفسير يفك هذا اللغز وهذا التسائل والحيرة كيف يقضف بجسد مثل جسد الدنيا في نار حتى ولو كانت تشبه نار الدنيا
ويستطيع هذا الجسد ان يتكلم ويجادل ويلعن من كان سببا في مصيره ذاك
ولقد كتب بعض العلمانيين قائلين -كيف سيحي الله تعالى الموتى كل واحد بجسده رغم ان الاجساد تتحلل وتصبح تربة وهذه التربة
تزرع وتاكل الناس منها لتتكون اجسادهم من بقايا مواد تربة الاجساد التي ماتت فكيف سياخذ الله تعالى مكونات جسد من جسد اخر
ليحي به جسدا اخر وهكذا فالعملية غير منطقية ومعقدة وهذا تفسيرهم ولكنهم لم ينتبهوا على ان الله تعالى على كل شيئ قدير هذا اولا
وثانيا كلامهم هو دليل على صحة ما فسره الدكتور احمد منصور وما قاله من قبل مصطفى محمود وكل من اجتهد لوجه الله تعالى
ان الاجساد يوم القيامة هي غير هذه الاجساد ودائما يبقى تفسير الدكتور احمد من القران وبالقران حتى يفحم كل من يجادل بالباطل.
اقول للاخوة الذين احسوا بالصدمة بعد قرائتهم لهذا المقال ليتنبهوا من الغفلة والتي تتمثل في الاعتناء بالجسد الفاني اقول لهم
ان هناك من الناس من ابتلاهم الله تعالى في هذه الدنيا سواء بالامراض او الاظطهاد من اخوتهم في الدين وحتى من اقرب الناس اليهم
يقضون حياتهم في الحزن والتفكير في ايجاد حل لخروجهم مما فيه ناسين الاعتناء بهذا الجسد فهناك من يكبر ويشيخ قبل الاوان
من فرط المعاناة حيث يعيش مهموما طيلة حياته وهم كثر في العالم الاسلامي سواء من الرجال او النساء ودائما نحن ننصحهم بالصبر
ونقول لهم ان الله تعالى ابتلاكم فاصبروا هؤلاء ليس لهم نصيب من الدنيا ليتمتعوا باجسادهم الدنياوية من اكل ولبس وزواج واستجمام
ورياضة وتجميل وووو سؤالي للاخوة واولهم الدكتور احمد هل المؤمن هذا الذي عاش مضطهدا طيلة حياته هل من حقنا ان نقول ان الله ابتلاه في الدنيا لان درجته في الاخرة ستكون اعلى واعلى ؟ ارجوا الاجابة وشكرا
والسلام عليكم
لقد تحدث القرآن الكريم واصفا هذا الجسد المؤقت بإنه سوأة وخاصة عندما يطاله الموت وتخرج منه النفس .. وهذا الجسد كونه سوأة هو عام على كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى سواء أكان نبي من أنبياء الله أو غيره ..
ولكن أصحاب الأديان الأرضية يصرون على أعتبار بعض خلق الله مثل الأنبياء أن الأرض لا تأكل أجسادهم ..
ولكن الله سبحانه وتعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ،سجل في كتابه القرآن الكريم ، أن أحد الأنبياء وهو داوود عليه السلام .. أنه مات ومع ذلك فإن الجن لم يعلموا بموته إلا بسبب دابة الأرض ـ التي تأكل أجساد البشر ـ حين أكلت منسأته ( أكلت بعض سوأته ) ..
كلمة منسأته هنا في القرآن الكريم تعني من سوأته .. ولكن الكلمتين دمجتا معا لتصبح كلمة واحدة هي ( منسأته) وهو وجه من الأعجاز القرآني نتمنى من الله العلي القدير أن يوفقنا جميعا للوصل إليه ..
أصحاب الأديان الأرضية هم وشياطينهم الذين يوحي بعضهم إلى بعض .. لم يرضيهم هنا أن تكون كلمة منسأته هي سوأته مع قربها وسياقها .. فذهبوا إلى أنها تعني عصاه .. مع أن العصا مذكورة في قصة نبي آخر من أجداد نبي الله داوود وهو نبي الله موسى عليه السلام ..
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة سبأ شارحا هذه المشهد ..
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ }سبأ 14 ...
ونفهم من الآية الكريمة أن النبي داوود عليه السلام كان جالسا على كرسيه وقضى الله عليه بالموت وظل جسده منتصبا كما هو إلى أن بدأت دابة الأرض (المخلوقات التي تحلل الجسد) بالتعبير القرآني تأكل من جسده الذي تحول لسوأة ..وكانت نتيجة بدأ التحلل أن تقل سوائل الجسم شيئا فشيئا إلى أن خرت جثة ( سوأة ) النبي داوود عليه السلام ..
وهذا الدليل الواضح من خلال القرآن الكريم على أن جميع الجثث سواء أكانت لأنبياء أو غير أنبياء يصيبها التحلل وتأكلها الأرض .. فهل القرآن كاف للمسلمين ؟؟؟ أم أن أنياتهم هي الكافية لهم ؟؟؟
هناك علاقة بين المنساة والسقوط -لما اكلت الدابة منساته وصلت الى مرحلة انها افقدت توازن الجسد الميت فعادة عندما يموت الانسان
يبقى على الوضعية التي مات عليها ويتيبس ثم يتحلل قد تكون الدابة اكلت من كرسي النبي سليمان فمال وخر اي سقط
اما ان تكون المنساة هي العصى فهو تفسير عجيب غريب ولا اعرف لماذا كان يتوكاء النبي سليمان على عصى
فنحن لم نعرف تفسيرا لكلمة منساة في اللغة العربية الى يومنا هذا
لم اتالم في حياتي كما تالمت للتي تمن على تغسيل سوؤة امراءة ماتت على معصية وتستفتي الشيخ حسان على الهواء
وتشهر باختها على اي خطيئة ماتت- ان الذين يغسلون الموتى يعتقدون ان لهم اجر ما بعده اجر ولا يعلمون ان السوؤة ليس علينا الا
موارتها تحت التراب لا اكثر ولا لقل
وشكرا
الجسد الذي يكرس الإنسان حياته في الاهتمام به ولإضفاء عمليات تجميل عليه، وشراء الملابس الفاخرة والطعام الشهي له والأثاث القيم كل هذا لراحة الجسد الفاني، مع عدم الاهتمام بالجسد الأزلي الذي يكون من خلال عمله ،و الذي يبقى للإنسان ويحدد مصيره ! الخطورة أن الإنسان في الدنيا لا يهمه إلا المتع الزائلة الفانية مع جسده الفاني وكأنه يكرر نفس قول آبائه "إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا " وقد حدد القرآن الكريم صفات كثيرة لمن ينكر البعث أبسطها انه لم يعمل لذلك اليوم ولم يقم بما يدل على انه يؤمن به، وإن كان يتحدث عنه صباح مساء ! لأن العبرة بالعمل وليس بالكلام . وأريد أن أسأل عن كلمة نورهم والتي وردت في القرآن أربع مرات هل تعني عمل الإنسان كما فهمت منها أم لها مدلول آخر في هذه الآيات :
1 - { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ } الحديد17
2 - { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } الحديد12
3 - { وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } الجديد19
4 - { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } التحريم8
أستاذنا الفاضل الدكتور أحمد منصور،
لقد قرأت مقالكم القيم عدة مرات ، ووجدت أن هناك بعض التساؤلات تطرأ لي بعد كل مرة. أرجو التفضل بتوضيحها:
- عند لحظة الموت ينكشف الغطاء عن الإنسان فيرى الملائكة ويتحدث معهم ويبشرونه بالجنة إن كان صالحاً ويؤنبونه إن كان ظالماً وقد يضربونه (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم). والسؤال كيف يضربونه وكيف يشعر بالألم وقد انفصلت النفس عن الجسد ؟ هل يحدث هذا قبل انفصال النفس أو بعده ؟ وهل الألم هنا حسي يتعلق بالجسد أم معنوي يتعلق بالنفس ؟
- إن ماهية الجسد الأزلي غير واضحة تماماً، فلقد فهمت أن هذا الجسد في الدنيا هو مجرد تشبيه بوعاء غير مرئي (مجرد تشبيه) وأن هذا الوعاء يملأ بأعمال الإنسان ويختم لحظة موته. وتمضي النفس إلى عالم البرزخ محملة بهذا الوعاء. إلى هنا أستطيع بناء تصور عن هذه المرحلة. أما الجزء الآخر من حياة الإنسان والذي يبدأ من يوم البعث ويستمر بدون نهاية فلم أستطع فهم ماهية الجسد الأزلي فيه، هل هو نفس وعاء الزمن الذي كان في الدنيا ؟ وبالتالي هل هذا الجسد يملك صفات الإحساس بالنعيم أو العذاب التي يمتلكها الجسد البشري ؟ وما هي القواسم المشتركة في صفات هذا الجسد مع الجسد البشري ؟ وكيف نستطيع على ضوء هذا فهم آيات القرآن العظيم التي تتحدث عن أشكال وأحاسيس أهل الجنة (وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة) وأهل النار (ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة) (تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون) ؟ إنني أحاول فهم ماهية جسد الإنسان في الآخرة على ضوء الأفكار المطروحة في هذا المقال عن الجسد الأزلي فأرجو التفضل بمساعدتي ولكم جزيل الشكر والعرفان.
والدليل أننى سأكتب ثلاثة حلقات إضافية للرد والتوضيح ، وأرجو أن أقتصر على ثلاث فقط .
أستاذي الدكتور أحمد صبحي أطال الله عمرك ومتعك بالصحة والعافية ..ودائما ما تنير لنا أشياء خفيت علينا في فهمنا للقرآن الكريم وآياته ...وعلى ضوء ما ذكرته حضرتك هنا لا أخفي أنه استشكل عليّ فهم بعض الآيات القرآنية , التي تحمل في معناها الظاهري أننا سنخرج إلى الله تعالى يوم القيامة بنفس أجسادنا التي متنا بها والله أعلم , ومن هذه الآيات قوله تعالى ((ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث الى ربهم ينسلون* قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون )) وقوله تعالى ((خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر )) ..((لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَ لا أُقْسِمُ بِالنّفْسِ اللّوّامَةِ (2) أَ يحْسب الانسنُ أَلّن نجْمَعَ عِظامَهُ (3) بَلى قَدِرِينَ عَلى أَن نّسوِّى بَنَانَهُ (4)))..(( يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا ))..(( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ))...((أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور )) ...وغيرها من آيات توحي ظاهريا كما ذكرت لك أننا سنبعث على هيئاتنا وربما احتاجت للإيضاحات منك لنفهما فهما عميقا ..ولك فائق الاحترام والتقدير
اسمح لى اخى العزيز ان اقول لك انه ليس هناك احد ظالم لنفسه بعدم الهجرة فى هذا الزمان الاغبر
فقل لى اخى الكريم كيف اهاجر وانتم للاسف وكل المتدينون من جميع الملل والاديان لا تعطون لعوائق الهجرة التى وضعها شياطين الانس حفاظا على طاغوت العصر الحديث المسمى الدولة الوطنية كتأشيرات الدخول والخروج والاقامات وتصاريح العمل وخلافه اى اهتمام وتدعون ليل نهار الى تكريس النعرات الوطنية والقومية وكأنها وهذه العوائق منزلة من عند الله وكأن تقسيم ارض الله" التى قدر للناس فيها اقواتها سواء للسائلين" الى هذه السجون الكبيرة المسماة دولا وما يسمى حدودها الجغرافية وكأنها منزلة من السماء
ما يفرق الانسان عن الحيوان هو حرية السعى فى ارض الله كما امرنا "الهجرة" كما ذكرت
اسمى قيم الانسانية والاديان هو الحرية واهمها حرية الانتقال والعمل والاقامة فى اى مكان يريده الانسان والا تحولنا كالحيوانات المقفول عليها فى حظائرها اضافة الى المساواة التامة بين البشر والعدل بينهم
ارجو ان تطلع على تعليقاتى بخصوص هذا الموضوع على موقعكم الكريم قبل ان ترد على وشكرا
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,871,497 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
مابين العلم والجهل وما بين العالم والجهلاء !!!!!
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْ
دعوة للتبرع
أريد أن أتعرّف: السلا م عليكم كنت اريد ان اتعرف على احد...
لماذا بنو اسرائيل ؟: في قصة ابناء ادم وبعد ذكر القصة يقول الله...
الانعام والوحوش: ما معنى الأنع ام ؟ وهل الحيو انات البري ة ...
عند كل مسجد: يقول الله عز وجل ... يا بني ادم خذوا زينتك م عند...
هداية متأخرة: أنا فى نفس عمرك تقريب ا . ولقد عثرت بالصد فة ...
more
أستاذنا الفاضل الدكتور أحمد منصور شكراً جزيلاً على هذه اللطمة التى لطمتنى بها على وجهى لتوقظنى واحب ان اقول لك اننى كنت مرتعد وخائف وانا أقرأ هذا التحليل
هذا لايعنى اننى لم اكن أعرفه من قيل ولكن شأنى شأن معظم الناس غرتنا الحياة الدنيا وأنشغلنا بها وبمشاكلها التى لاتنتهى
فمن منا ليس منشغل بالبحث عن المال والجاه والزوجه والأولاد هذا كفيا ان يشغلك عن انك ميت لا محالة
كلنا نعلم اننا سنموت ولكن النفس تمنى بطول الأجل ولسه بدرى وهنالك الوقت لسه طويل بس ركز انت فى ان تستقر حياتك أولاً وبعدين لما تستقر سيكون لديك الكثير من الوقت للتعبد والتفرغ لطاعة الله
ولكن تستمر دوامة البحث عن الإستقرار أولاً ولا تنتهى وينتهى العمر قبل ان يتحقق الإستقرار الذى تبحث عنه
الخلاصة
ياليت ان امى لم تلدنى ولم اتى الى هذه الدنيا الفانية لأن الأختبار صعب صعب صعب والله صعب
اللهم اشملنا برحمتك وادخلنا جنتك وارض عنا وثبتنا على دينك الحق فى هذه الحياة الدنيا
يا رب لم يكن لى اختيار ان اتى إلى هذه الدنيا وليس لى علم متى سوف أفارقها ... يارب ساعدنى ان يكون اختيارى لأتباع دينك الحق هو الإختيار الصواب ولا تجعلنا ممن ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً