سيناريوهات ثلاث للتخلص من البرادعي –
عمر عفيفي
Ýí
2010-02-18
لا شك أن ظهور البرادعي علي المسرح السياسي المصري وإعلانه إعلاميا عن نيته للترشيح للانتخابات الرئاسية القادمة غير جذرياً من إستراتيجية وتكتيك النظام الحاكم في مصر نحو الفترة القادمة ، خاصة أن النظام الحاكم يتعرض حالياً لضغوط شديدة من رجال الأعمال اللذين صاروا يتحكمون في الاقتصاد المصري ويشكلون جماعات ضغط قوية علي النظام ذاته والذي أصبح يرتبط وجودهم وسلامتهم وسلامة أموالهم في استمرار النظام الحالي أو امتداده ، ورغم ما صرح به البرادعي من انه لن يحا&Oacutute;ب أحد في حالة وصوله للحكم إلا أن منظومة الحكم الكبيرة التي يشكل النظام الحاكم جزء منها باتت تشعر بخطر حقيقي منه ويرون أن المسألة أصبحت حياه أو موت بالنسبة لهم . وذلك ما دفع مؤخراً القيادة السياسية إلي نقل الملف جذرياً إلي أهم أعضاء الحرس القديم من أصحاب الباع الكبير في العمل المخابراتي بحكم عمله كضابط مخابرات سابق ، وتم تجنيب فريق جمال مؤقتا لإدراك الأب وبضغط من المحيطين به أن جمال وفريقه لن يكون قادراً علي مواجهة شخص بحجم وخبرة الدكتور البرادعي ، وهذا ما يفسر التقليل الواضح من ظهور جمال مبارك في الفترة الأخيرة وإلغاء رحلته للولايات المتحدة الأمريكية التي كانت مقررة في السابع والثامن من شهر ديسمبر الماضي . وما تم مؤخرا من اعتقال الناشط أحمد ماهر المنسق العام لحركة 6 ابريل وزميله عمرو علي إلا بداية لتنفيذ لتلك السيناريوهات الخبيثة لإرهاب الشباب من الخروج لاستقباله ولتأييده ولآن ذلك النظام لا يستطيع حتى الاحتفاظ بأسراره فقد تسربت بعض المعلومات عن سيناريوهات ثلاث مطروحة حالياً لمواجهة عودة البرادعي .
السيناريو الأول : التخلص من البرادعي نهائياً بطريقتين .
- التسميم طويل الأجل لينتهي البرادعي خلال فترة من ستة شهور إلي سنه علي أن تظهر وفاته أنها وفاه مرضية طبيعية علي طريقة ياسر عرفات.
- تفجير انتحاري يُقتل فيه منفذه الذي لا يعلم بأنه سيموت في التفجير ليدفن دليله معه ، ويتم إلصاق التهمه بالإسلاميين والإخوان والإرهاب وخلافه ، ويتم القبض علي بعضهم بعد أعداد أدلة مصطنعة لإدانتهم علي طريقة الحريري وبنازير بوتو، لتدخل المسألة أروقة المحاكم وتموت تدريجياً باستخدام عامل الزمن والتضارب الإعلامي .
و لاتزال الطريقة الأولي الأكثر ترجيحا لكن ما يعوق تنفيذ ذلك السيناريو حسابات ردود الفعل داخلياً ودولياً التي يتم تقيمها بشكل دقيق حالياً .
حيث يري معارضي ذلك السيناريو أن ذلك سوف يسئ إلي صورة النظام دولياً ، وربما قد يفتح الباب لتحقيقات دوليه ، وربما يولد رد فعل داخلي ويمكن أن يكون سبباً في انتفاضة شعبية.
أما مؤيدي ذلك السيناريو يرون أنه حل جذري يحقق هدفين في وقت واحد
- الأول هو الخلاص من البرادعي .
ثانياً إرهاب أي قوي وطنية أخري من مجرد التفكير في الدخول بشكل حقيقي في منافسة النظام وتهديد مصالح القوي الاقتصادية المحيطة به علي طريقة (أضرب المربوط يخاف السايب وأقطع عرق وسيح دمه) ، ويدحضون تخوفات الرافضين علي أساس أن البرادعي ليس مقبولا من قبل إسرائيل وبالتالي أمريكا ، وان أمريكا في الوقت الراهن لا تريد وليس عندها أدني استعداد أن تفتح أي مواجهه جديدة أكثر مما هي فيه حالياً وخاصة مع مصر ، وأكثر ما يمكن أن تفعله أن تشجب وتدين وتستنكر لكن لن تتدخل بشكل أو بأخر لأنها صديقة لأسرة مبارك كما قالتها صراحة هيلاري كلينتون أكثر من مره ، أما عن رد الفعل الداخلي فهم متأكدون ويؤكدون لمتخذ القرار أن الشعب المصري لن يثور أو يتحرك ويراهنون علي أنه ستسود حالة ذهول وصمت مقترنة بحاله من الخوف الفردي والانكماش الذاتي ، أما عن الجهات التي يمكن أن تتظاهر وقتياً مثل كفاية وشباب 6 ابريل وحزب الغد فيمكن السيطرة عليهم واحتوائهم أمنياً وإعلامياً وتوجيه ضربات وتوسيع حالات التهديد والاعتقال .
السيناريو الثاني : تدمير البرادعي إعلاميا وأمنياً من خلال أربعة محاور :
- إلصاق تهمة الموالاة وتلقي الدعم المالي من إيران والقوي الإسلامية واستثارة المجتمع الدولي ضده وخاصة إسرائيل وأمريكا لحرقه دولياً وتحجيم علاقاته واتصالاته بالمجتمع الدولي ، وإطلاق آلة الإعلام الإسرائيلية لترويج لذلك .
- استدراجه لصراعات جانبيه مع قوي المعارضة الشكلية الأخرى لإنهاكه وأستنزافه في معارك جانبيه ، لمحاولة التسفيه منه والتقليل من صورته في أعين الشعب .
- إجهاده وملاحقته أمنياً من خلال الأجهزة الأمنية ، والتضييق علي حركاته واتصالاته مع إثارة زوابع حول أسرته والمحيطين به ودس العملاء عليه لشغله وتشتيته وتدميره نفسياً للحد من تأثيره.
- إطلاق الشائعات ضده بالعمالة لقوي خارجية ، وعدم الخبرة السياسية ، والجهل بالحال المصري ، مع تسليط وسائل الإعلام الحكومية والغير حكومية التي قام النظام من الباطن بالسيطرة عليها تماما خلال الفترة الماضية عن طريق شراء رجال الأعمال لمعظمها ، مع استضافته في برامج معده جيداً لتسئ إلي شعبيته.
السيناريو الثالث : وإذا نجا البرادعي من السيناريو الأول وتحمل مشقة السيناريو الثاني فلا مناص من أحداث انقلاب عسكري من داخل النظام بالاتفاق مع النظام الحاكم نفسه وبدعم القوي الاقتصادية الموالية له ، ليكون امتداد طبيعي للنظام الحالي.
ويري مؤيدي ذلك السيناريو أنه في حالة فشل السيناريو الأول أو عدم إقراره في التخلص من البرادعي يتم افتعال انقلاب عسكري من أحد القادة الموالين تماماً للنظام ليسيطر علي مقاليد الحكم بالقوة العسكرية لاكتساب المزيد من الوقت وفرض الأحكام العسكرية بشكل صارم مع تأمين مصالح رجال الأعمال والاستعانة بالكثير من رموز النظام الحالي مع تغيير شكلي في مواقعهم ، مع تأمين أسرة مبارك وعدم المساس بهم أو بمصالحهم أو بمصالح القوي الاقتصادية المحيطة بهم والموالية لهم.
ويجد هذا السيناريو معارضه شديدة حيث يري الرافضون له ، انه لا توجد ضمانه في الشخص أو الأشخاص اللذين سيقومون بتمثيل ذلك الانقلاب الشكلي كما لم يستقر علي أسم الشخص المرشح للقيام به ، وهل يكون قيادة مخابراتيه لها خلفيه عسكريه ؟ أم تكون قيادة عسكرية حاليه معروفه مسبقاً للشعب ؟ أم شخصيه عسكرية غير معروفة بالمرة ؟ ويري المعارضين لذلك السيناريو انه ربما بعد أن تستتب الامور لقادة الانقلاب الشكلي يقوموا بإصلاحات حقيقية ويقدموا رجال الأعمال الفاسدين ورموز النظام الحالي لمحاكمات قضائية لاكتساب ثقة المواطنين وتأييدهم .
حتى ألان تلك هي السيناريوهات الثلاث المعدة لمواجهة البرادعي ولا يزال السيناريو الثاني هو الارجح تنفيذه بل بدأ تنفيذه بالفعل ، أما السيناريو الأول سيتحدد وفقاً لمدي نجاح الأمن والإعلام والعملاء والمعارضة الورقية في أجهاد وإجهاض مشروع البرادعي ولا يزال يلقي معارضه من البعض وليس من الكل لكنه محتمل تنفيذه أما السيناريو الثالث فهو أكثرها معارضه ويوضع كحل اضطراري أخير في حالة فشل السيناريو الأول والثاني .
يا تري هل أستعد البرادعي لذلك ؟ وما هي ضمانات سلامته حال عودته لمصر ؟
وهل سيحميه خلال أقامته في مصر الأمن المصري أم شباب مصر الشرفاء ؟ الذي ينبغي عليهم الالتفاف حوله وإفساد كل محاولات إيذاؤه وعلي باقي المرشحين الانضمام لتكوين تحالف لعدم تشتيت الناس .
اللهم فاشهد إني قد بلغت
عمر عفيفي
الباحث بجامعة جورج تاون بواشنطن
اجمالي القراءات
26673