الدين لله والوطن للرئيس،

ابراهيم عيسى Ýí 2010-01-11


نسمع مسئولين في الحزب الوطني والحكومة يرددون الآن شعار «الدين لله والوطن للجميع»!

كويس والله، ده من إمتي؟!

الحاصل في فهم الحزب الوطني وساداته وقياداته أن الدين لله والوطن للرئيس، لا يوجد أي دليل من أي نوع علي أن الحكم في مصر وزبانيته وزبائنه يؤمنون بأن الوطن للجميع، فالوطن والوطنية ملكية خاصة للنظام الحاكم ولمن يرضي عنهم من معارضيه المروضين المستأنسين منتظري فتات مائدته العامرة، أما المعارضون لسياسات النظام الذي يختلفون معه في منطلقاته ng; وتصرفاته، فإنهم مطرودون من رحمة الوطنية ومتهمون بأنهم يعملون ضد الوطن؛ لأن الوطن بتاع حضرة سعادة ضباط الأمن والإعلام والحزب الحكومي وليس وطنًا للجميع!

أما في الشارع حيث المواطن اللي في حاله وفي نفسه فإن الدين بتاعه هو شخصيًا، والمسيحي أو الشيعي أو البهائي كافر، أما الوطن فللرئيس ونجل الرئيس وإحنا مش قد الحكومة يا عم!

لقد سلَّم المسلمون في مصر عقولهم ووعيهم لشيوخ ودعاة السلفية والوهابية الذين يكفِّرون كل من يخالفهم من أصحاب العقائد أو المذاهب الأخري من أول المسيحيين وحتي الشيعة مرورًا طبعًا باليهود والبهائيين وكمان العلمانيين!! وغزا التدين السعودي مصر، وهو نوع من التدين لا يطيق المختلفين معه ويكفِّر كل من يخالفه الرأي أو يختلف عنه في طقس أو شعيرة في الدين، حتي لو كان مسلمًا موحدًا بالله وهو تدين سعودي بدوي يغطس في القشور والشكليات والتوافه والصغائر، وها هو يرفع راية نصره فوق كل بيت وشبر في مصر، ومن ناحية أخري سلَّم الأقباط أنفسهم للكنيسة ومباحث أمن الدولة، فقد صارت الكنيسة هي حزبهم السياسي والبابا شنودة قائدهم الوطني الأعلي وليس رمزهم الديني، وتحول خوف الأقباط من المد الإسلامي إلي ذعر مرضي أدي إلي ارتماء منفلت في حضن الدولة والحزب الوطني، وليس خافيًا أن مباركة توريث الحكم لم تصدر إلا عن البابا شنودة، معتقدًا أن في هذا أمانًا للمسيحيين في مصر وتأمينًا لحقوقهم، وهو موقف لم يكن يجرؤ عليه أي بابا للكنيسة إلا في عصر تحولت فيه الكنيسة إلي حزب سياسي وليست مؤسسة دينية!

وهذا الوضع مرشح للاستمرار طويلاً، الدين لم يعد لله في مصر، الدين صار للذين يعتقدون مؤمنين أنهم يملكون مفاتيح الجنة من وعاظ الجوامع والفضائيات ومن قساوسة ومطارنة الكنيسة!

والمدهش أن كليهما الشيوخ والقساوسة لا تسمع من واحد فيهم كلمة حق في وجه سلطان جائر، فليس هناك أكثر من المدح الرخيص الذي تسمعه من شيوخ حين ينافقون الرئيس وحكومته، وتري هذا الخوف الرعديد من أي مخبر أو ضابط، بينما يطالبوننا بألا نخاف إلا الله فإنهم يرتعبون علي أنفسهم من المأمور أو مقدم أمن الدولة لما يكلمهم في التليفون يطلب يشرب قهوة معاهم، وعلي الناحية الأخري فإن قساوسة الكنيسة يعظون في شعب الكنيسة كأن فيهم بثًا من المسيح المخلص، فإذا بهم خارج أسوار الكنيسة وفي الفضائيات وفي اللقاءات مع السيد اللواء المحافظ أو الإخوة من أعضاء مجلسي الشعب والشوري يتحولون إلي نماذج للقبطي المذعور الذي يخفي غضبه بمزيد من المراءاة ويحمي خوفه بمزيد من المداراة!

وفي الوقت الذي يبدو فيه المصريون قد تخلوا عن أن يكون الوطن للجميع إذا بهم ينهالون علينا هيامًا وغرامًا بالإعلان علي الفاضية والمليانة بأنهم يحبون مصر!

والواحد يسأل نفسه: من الذي أقنع المصريين بأنهم الشعب الوحيد الذي يحب بلده؟

حد ضحك علي الشعب المصري وقال له إن الشعوب الأخري العربية والأجنبية تكره بلادها مثلا ومش طايقة العيشة فيها، بينما الشعب المصري دونًا عن بقية خلق الله هو الذي يهيم غرامًا في حب بلده؟ فلماذا يلح المصريون هذه الأيام علي إعلان حبهم لمصر كأن الحب إعلان!! فقد تحول إلي لافتات وملصقات وإعلانات تليفزيونية وتصريحات وأغنيات وكأن المصريين اكتشفوا أنهم الشعب الوحيد الذي يحب بلده فقرروا أن يذلوا مصر بهذه المشاعر النبيلة الاستثنائية التي تظهر كم أنهم شعب أصيل، بينما كل شعوب الأرض في منتهي الندالة، تخلوا إذ فجأة عن حب بلادهم!

أرجو فقط أن يقتنع المصريون بأن أي شعب في الوجود يحب بلده، لا هي نادرة ولا معجزة، ثم هي تحتاج إلي دليل أكثر من الأغاني وإعلانات شركات المحمول ومن مكالمات بلهاء في البرامج!

اجمالي القراءات 13461

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   نعمة علم الدين     في   الخميس ١٤ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[44928]

التركيز على حب مصر .. يعني ان هناك مشكلة في هذا الجانب

التركيز على حب مصر .. يعني ان هناك مشكلة في هذا الجانب  .. عندما يقول الزوج لزوجته في الرايحة والجاية أنني أحبك .. فإن الزوجة الحصيفة لابد أن تبحث وراء زوجها لأنه من المؤكد أنه يريد أن يداري على فعلة كبيرة قد فعلها .. وهذا بالضبط هو ما يحدث في مصر هذه الأيام فإن قادة حملات حب مصر هم في حقيقة الأمر السارقين والناهبين لمصر .. وهم يحبون مصر لأن مصر لا تسجنهم أو تسحلهم .. بل ولا تمنعهم من السرقة بل على العكس يعتلون أعلى المناصب بل أيضا فإنهم يصلون إلى أعلى كرسي .. ولن يكتفوا بهذا بل دخلوا دائرة التشريع مثل أحمد عز وغيره ..


2   تعليق بواسطة   سوسن طاهر     في   الخميس ١٤ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[44930]

حب مصر ليس بالأغاني ولكن بالوقوف ضد الظلم والإستبداد ..

حب مصر ليس بالأغاني ولكن بالوقوف ضد الظلم والإستبداد .. هكذا يكون الحب مثمرا .. ينبغي أن يكون هذا الحب في القضايا المهمة وليس في التعصب الأعمى والأحمق لكرة القدم مثلا .. ولكن ينبغي للحب أن يظهر في إقرار العدل والمساواة لكل المصريين .. ينبغي أن يظهر هذا الحب في عدم التمييز وعدم الرضا على إحتكار السلكة والثروة في يد حفنة صغيرة وحرمان الغالبية منها .. هذا هو الحب المثمر الذي يرفع ..


3   تعليق بواسطة   ايناس عثمان     في   الإثنين ٢٥ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45250]

المهم أنهم يمتلكون الصحة

الجميل في هذا المقال  أنه اكتشف أنأغلب  المصريين لا يمتلكون شيئا على الإطلاق  كانت المقولة قديما إن الدين لله والوطن للجميع بمعنى أن الكل يشترك في الوطن يعيش مسالمين معا في الوطن مراعين حق المواطنة، أما اختلافاتهم الدينية فمردها لله يحكم فيها  ،أما الآن فأصبحت الاختلافات يحكم فيها الشيوخ الآن وكأن معهم الصكوك التي تخص الجنة والتي تؤدي للنار لامفر وليست لأحد غيرهم تحكم فيها  ، فلا مجال لمختلف معهم ولا حياة أيضا ،


4   تعليق بواسطة   الشيماء منصور     في   الخميس ٠٨ - سبتمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[60020]

حب مصر

لن ازايد علي وطنية احد ولكن حب مصر ليس كلاما او  مجموعة من الاغاني و الفيديوهات المنافقة  التي يتغني بها الكثير من المنافقين  ولكن حب مصر يعني تحرير مصر من الدائرة المغلقة التي ندور بداخلها دون اي تغيير ففعل الحب هنا معناة تغيير حرية عدالة اجتماعية و ها نحن اسقطنا النظام و لكن الثورة مستمرة و لم تنتهي بعد فمن يحب مصر علي حق  يبدأ بتغيير نفسه اولا ومحاولة تغيير من حوله ان امكن  و تعلوا المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة تحيا مصر و يحيا شعبها الوطني الحر


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-09-16
مقالات منشورة : 93
اجمالي القراءات : 1,059,185
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 88
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt