التفاؤل والتشاؤم فى الإسلام
رضا البطاوى البطاوى
Ýí
2008-08-30
التفاؤل والتشاؤم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد :
هذا كتاب التفاؤل والتشاؤم فى الإسلام ..
ماهية التطير :
هو التشاؤم وهو أن تنسب ما لحق بك من ضرر أو أذى لغير فاعله الحقيقى بسبب كراهيتك للمنسوب له وقد ورد التطير فى القرآن فى عدة مواضع هى :
قوله بسورة الأعراف "فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون "فالله يبين لنا أن قوم فرعون إذا أعطاهم ا&il;لله خيرا قالوا لنا هذا ويقصدون بهذا أنهم السبب فى نزول هذا الخير ومن ثم فهو ملك لهم لا شريك لهم فيه وأما إذا ابتلاهم الله بسيئة أى ضرر فإن موقفهم هو التطير بموسى (ص)ومن معه أى التشاؤم بموسى (ص)وبنى إسرائيل والمراد أنهم ينسبون وقوع الضرر لوجود موسى (ص)وبنى إسرائيل أى السبب فى نزول الضرر هو موسى (ص)ومن معه .
قوله بسورة النمل "قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله "فهنا يبين الله أن ثمود قالوا لصالح (ص)اطيرنا بك وبمن معك أى تشاءمنا منك وبمن معك أى أصبنا بسببك وبسبب من معك فهم ينسبون المصائب التى حدثت لهم لصالح (ص)والمسلمين.
قوله بسورة يس "قال إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قال طائركم معكم "يبين الله لنا أن أصحاب القرية قالوا للرسل (ص)الثلاثة :إنا تطيرنا بكم أى إنا تشاءمنا منكم أى إنا أصبنا بسببكم وهذا يعنى أنهم ينسبون المصائب التى وقعت بهم إلى الرسل (ص)الثلاثة والملاحظ أن الرد على الأقوال الثلاثة هو طائركم عند الله أو طائركم معكم ومعنى الرد عملكم عند الله والرد الثانى عملكم عليكم والمراد بهذا الرد هو إخبار الناس أن بسبب عملهم أصيبوا بهذا الضرر والذى والدليل هو أن الكفار لما قالوا للرسول (ص)عند نزول الحسنات :هذه من عند الله وعند نزول السيئات :هذه من عندك يا محمد ،كان الرد الإلهى هو أن الحسنات والسيئات كلها من عند الله ثم أخبر رسوله (ص)أن أى سيئة أى ضرر يصيب الإنسان إنما هو بسبب نفسه أى بعمل نفسه وفى هذا قال بسورة النساء "وإن تصبهم يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله ".
ماهية التفاؤل :
هو نقيض التشاؤم فإذا كان التشاؤم هو نسبة ما لحق بالإنسان من أذى لغير فاعله الحقيقى فإن التفاؤل هو نسبة ما لحق بالإنسان من خير لغير فاعله الحقيقى وهذا يعنى أن التفاؤل والتشاؤم وجهان لعملة واحدة هى النسبة الخاطئة ولذا فإن كل من التفاؤل والتشاؤم أمران محرمان وأسباب الحرمة هى :
-أن كل منهما هو اتهام بلا دليل صحيح .
-أن كل منهما هو زور وكذب واضح والإنسان العاقل من لا يتشاءم بأى شىء وإنما يرجع كل أمر للسبب الحقيقى وهو إما طاعة الله وإما عصيان الله واللذين يصدران من النفس وذلك مصداق لقوله بسورة النساء "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك "أى ما أتاك من ثواب فمن طاعتك لله وما مسك من عذاب فمن عصيان نفسك لله .
التطير والتفاؤل فى الجاهلية :
الجاهلية فى الإسلام هى الكفر فى مختلف العصور وحديثنا هنا يقتصر على ما يسمونه جاهلية العرب قبل بعثة محمد(ص)وتشريعاتهم فيها هى حسب التاريخ الذى لا يعلم صحته من بطلانه سوى الله :
-أن الإنسان إذا أراد السفر ذهب لعش من أعشاش الطيور ثم يقوم بمضايقة الطيور حتى تطير فإذا طارت جهة اليمين فرح وتفاءل وقرر السفر وإذا طارت جهة الشمال تشاءم وعدل عن السفر .
-أن الإنسان إذا شاهد طيرا أتيا من جهة اليسار أى الشمال تشاءم وحزن وظن وقوع مكروه له وكانوا يسمون الطير الأتى من اليسار البارح وأما إذا كان الطير أتيا من جهة اليمين يتفاءل ويفرح ويظن وقوع خير له وكانوا يسمون الطير الأتى من جهة اليمين السانح وقد وضعوا هذا التشريع فى مثل هو من لى بالسانح بعد البارح .
ومما ينبغى قوله أن الأشياء التى يتم بها التفاؤل والتشاؤم متنوعة فهى ليست مقتصرة على الطير وإنما تشمل كل مخلوق يراه الإنسان ويعرفه .
هل الشؤم فى الدار والمرأة والفرس ؟
نسب للنبى (ص)فى البخارى أنه قال الشؤم فى المرأة والدار والفرس وفى رواية عبد الله بن عمر ذكروا الشؤم عند النبى (ص)فقال إن كان الشؤم فى شىء ففى الدار والمرأة والفرس وفى رواية سعد بن سهل قال (ص)"إن كان فى شىء ففى المرأة والفرس والمسكن "كما نسب له فى صحيح مسلم "لا عدوى ولا طيرة وإنما الشؤم فى ثلاثة المرأة والفرس والدار "وكلها أقوال منسوبة للنبى (ص)زورا والسبب هو أن يجد الناس فى النصوص المنسوبة للإسلام تناقض واختلاف شديد وهذا يؤدى بالناس لرفض الإسلام لأنه متناقض مختلف ومن ثم فليس هو الدين الصحيح وقد نفى القرآن التشاؤم والتفاؤل بالمخلوقات نفيا والمراد أن الله فى القرآن نفى أن يكون لغير المصاب بالشر أو بالخير يد فيما أصابه فقال بسورة النساء "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك "أى ما أتاك من خير فمن طاعتك لله وما أتاك من شر فمن عصيان نفسك لله وحتى يتضح الأمر نقول نسب القوم للرسول (ص)فى سنن أبو داود أنه قال الطيرة شرك وهى نسبة لم تصح كما نسبوا له فى صحيح البخارى زورا وبهتانا "لا طيرة وخيرها الفأل "كما نسبوا فى الصحيحيين وأبو داود زورا وبهتانا"لا عدوى ولا طيرة ويعجبنى الفأل الصالح والكلمة الحسنة "وهذه الأقوال تنفى وجود الطيرة كما أنها تثبت حرمة التطير بينما الأقوال فى الدار والمرأة والفرس تثبت إباحة التطير من الثلاثة وهو تناقض لا يمكن التوفيق بين طرفيه ويضاف لهذا التالى :
-أن الدار وجمعها الديار وهى الأرض كلها بركات بدليل قوله بسورة الأعراف لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"فإذا كانت الأرض كلها بركات عند الإيمان والتقوى فكيف يقولون أن بعضها شؤم ؟أليس هذا عجيبا ؟
-أن الخيل والفرس منها وصفها الله بأنها زينة أى متاع ونفع وجمال فكيف تكون عند الله زينة ثم يعتبرها البعض شؤم ؟أليس هذا جنونا ؟وفى هذا قال بسورة النحل "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ".
-أن المرأة شقيقة الرجل وقد جعلها الله كالنفس الواحدة فقال "ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة "فإذا كان كل منهما له نفس النفس فكيف يكون أحدهما شؤم والأخر ليس كذلك ؟أليس هذا جنونا ؟ثم إن الله مدح النساء المؤمنات فقال بسورة النساء "فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله "فهنا المرأة صالحة قانتة حافظة للغيب فكيف يتفق هذا المدح مع اعتبار المرأة شؤم ؟أليس هذا خبلا وكذبا على الله ؟
من هذا نصل إلى الحقيقة وهى أنه لا يوجد شىء فى الحياة يمكن أن يكون شؤما إلا النفس العاصية لله فمن عصى حكم الله فقد جلب الشؤم وهو الضرر لنفسه وقد أخبر الله المسلمين أن المصيبة فى أحد كانت من عند أنفسهم وفى هذا قال بسورة آل عمران "أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ".
التشاؤم والتفاؤل بالأعداد:
من الغرائب الإعتقادية أن كثير من البشر يعتقدون أن لبعض الأعداد دور فى حياتهم فمنها ما يجلب الضرر ومنها ما يجلب الخير ويضرب المثل بالعدد 13 فى النحس فهو يمثل ظاهرة عالمية حيث يعتقد الكثير من الناس أن اليوم أو البيت أو الشىء الذى يحمل الرقم يصاب فيه بالضرر الإنسان ويضرب المثل بالعددين 7و 10 فى التفاؤل فكثير من الناس يظنون أن هذه الأعداد تجلب لهم الخير فى صوره المتعددة ويقال أن السبب فى هذه الاعتقادات هو أن العاملين بما يسمى علم الفلك زعموا أن للأعداد التى تحددها حسابات الفلك تأثيرات مباشرة على الكائنات الحية وهذه التأثيرات تلازم الكائن الحى من مولده وتحدد له مجريات الأحداث فى حياته سواء فى طريق السرور والفرح إذا كانت أرقامه محظوظة أو فى طريق الحزن والتعاسة إذا كانت أرقامه منحوسة مشئومة وبالطبع الأرقام والفلك ليس لهما أى دور فى حياة الإنسان من حيث إحداث الخير أو الشر والدليل هو أن الله وحده هو المبتلى بالخير والشر وفى هذا قال بسورة الأنبياء "ونبلوكم بالشر والخير فتنة "إذا فالابتلاء سواء إكرام بالخير أو تضييق بالشر هو من عند الله وفى هذا قال بسورة الفجر "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربى أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربى أهانن "ويرجع إيمان الإنسان بهذا لواحد من الأسباب التالية :
-اعتقاده أن الشخص الذى قال له خرافة الرقم صادق لا يمكن أن يكذب عليه وهذا ما يسمى الإيمان بعقائد الأباء دون تفكير وفى هذا على لسان الكفرة بسورة الزخرف "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ".
-الربط بين الأحداث والمراد أن الإنسان إذا حدث له ضرر فى يوم ما أو فى مكان ما له رقم يحدث أن يتذكر أحداث متشابهة وفى أثناء هذا التذكر ربما يتذكر صدفة أن حدث ما حدث له فى نفس اليوم أو فى نفس المكان ومن ثم يربط بين الحدثين والرقم فيهما فإذا حدث له بعد ذلك حدث وتصادف حدوثه مع نفس الرقم فإن الإنسان يعتقد أن هذا الرقم هو رقم حظه أو نحسه كما يقال وربما ساعد الإنسان على هذا الاعتقاد ما يتذكره من أحداث تاريخية فيها الرقم ونعود للرقم 13 فنقول أن الذى ساعد على انتشار الاعتقاد بأنه رقم نحس ربما يكون الحكاية التى لا نعلم وقوعها من عدمه وهى أن قسطنطين الأول الرومانى الذى حكم بيزنطة كان عالما بعلم الفلك قد أجرى فى إحدى المرات حسابات فلكية للنجوم خرج منها بزعم أن الرقم 13 سيجلب على عاصمة ملكه القسطنطينية الكوارث ويقال أن السلطان محمد الفاتح قد فتح القسطنطينية فى عام 1453 م ويقال أن مجموع هذه الأرقام هو 13 ورغم أن هذه السنة ليس لها علاقة بالرقم 13 إلا إن المجموع اعتبر هو المقصود وحتى لو اعتبرنا ذلك صحيحا فإن التقويم الإلهى للسنوات ليس هو التقويم الميلادى وأيضا فالسنة عند الله هى السنة القمرية وليست السنة الشمسية المتبعة فى التقويم الميلادى وهذا يعنى أن كل العملية نصب فى نصب ويخيل إلى أن بداية ارتباط هذا الرقم بالنحس هو إنسان هو إنسان ما حدث له حدث مؤذى فى يوم يحمل رقم 13 أو فى مكان يحمل نفس الرقم ثم تصادف أن حدث له أحداث مؤذية فى تواريخ أو أماكن تحمل نفس الرقم ومن ثم وقر فى نفسه أن هذا الرقم هو رقم نحس ومن ثم تحدث مع الناس عنه وانتشر الزعم وساعد عليه أن الناس لا يذكرون إلا ما يريدون فإذا حدث لهم شر فى يوم أو مكان يحمل الرقم 13 ازداد اعتقادهم فى القول وذلك مع أن الشر يحدث فى أيام وأماكن تحمل أرقام أخرى .
التشاؤم من البوم :
البوم طائر وهو مخلوق حسن كأى مخلوق مصداق لقوله بسورة السجدة "الذى أحسن كل شىء خلقه "ومع أن البوم لا علاقة له بالأحداث التى تقع للإنسان فى حياته من خير أو شر إلا الإنسان جعل له علاقة بهذه الأحداث دون مبرر ويقال أن البوم فى المعتقدات الشعبية رمز النحس ومن أمثلة هذه الأحداث المرتبطة بالبوم أن أهل بلدة ويلز يعتقدون أن صوت البوم يكون نذير للفتاة بفقدان عذريتها وفى الصين يقال على صرخات البوم حفر القبور وفى استراليا أن أرواح النساء تحل فى البوم بعد الموت وفى الكتابات نجد أن فى مسرحية يوليوس قيصر يسبق مصرعه نعيق البوم وقد أسمى الشاعر المولود فى بريطانيا "سبنسر "البوم رسول الموت المروع ورغم هذه النظرة السيئة للبوم فإن هناك نظرة حسنة للبوم فقد اعتبره أهل أثينا رمزا للحكمة وفى أسطورة البوم والعندليب نجد البوم هو رفيق الحكماء والحق هو أن البوم طائر خلقه الله لنفع الناس وهو ليس رمزا حسنا أو سيئا والسبب فى اتهام البوم بأنه نحس هو أحد الأمور التالية :
-ما سمعه الإنسان من الآباء عن نحس البوم وهو اتباع الأباء ومن ثم صدقه لاعتقاده أن الأباء لا يكذبون .
-الربط بين صوت البوم أو رؤيته وبين الأحداث التى تحزن الإنسان وتؤذيه وهذا الأمر يحدث مصادفة وقد يتذكره الإنسان أو لا يتذكره فإذا تذكره أصبح اعتقاد راسخ فى نفسه أن البوم مرتبط بحدوث الأضرار .
-فزعه وخوفه من البوم خاصة أى عينى البوم لهما منظر غريب يخيف فى الظلام أو فى الضوء من لم يعرفه ونتيجة هذا الفزع والخوف يكره الإنسان البوم ومن ثم ينسب له الأحداث الضارة .
هل يوجد فأل حسن ؟
يقال أن الفأل الحسن هو الكلمة الطيبة وبما أن الضد يدل على الضد فإن الفأل السيىء هو الكلمة الخبيثة ووجود ما يسمى الفأل الحسن أو السيىء إنما هو ضرب من الخيال فالفأل الحسن هو كلمة تصدر من إنسان أخر فى وقت يكون الإنسان الأخر يتمنى شىء معين فتكون هذه الصدفة دليل كما يزعمون على التفاءل والحق هو أن الواقع يخبرنا أن كثيرا ما يحدث النقيض فبدلا من أن يحدث الخير يحدث الشر ولو كانت الأحداث تقع بناء على هذه الكلمات التى تكون صدفة لكان الكون مخلوق عبثا مع أن الأحداث تقع بناء على أمر الله وكل حدث منها إنما هو ابتلاء للإنسان وهذا الابتلاء للإنسان وهذا الابتلاء كما يكون بالخير يكون بالشر وفى هذا قال تعالى بسورة الأنبياء "ونبلوكم بالخير والشر فتنة ".
التشاؤم من الغراب :
يقول الجاحظ فى كتابه الحيوان "غراب البين نوعان أحدهما غربان صغار معروفة بالضعف واللؤم والأخر غراب يتشاءم منه وإنما لزمه هذا الاسم لأن الغراب إذا بان أهل الدار وقع فى مواضع بيوتهم يلتمس ما تركوا فتشاءموا به وتطيروا إذا كان لا يعترى منازلهم إلا إذا بانوا فسموه غراب البين واشتقوا من اسمه الغربة والاغتراب وليس فى الأرض بارح ولا قعيد ولا شىء مما يتشاءم به إلا والغراب عندهم أشأم منه "وما زال هذا الاعتقاد ساريا عند الناس والحق هو أن الغراب مخلوق حسن مصداق لقوله بسورة السجدة "الذى أحسن كل شىء خلقه "والغراب هو الذى علم ابن أدم قاتل أخيه الطيب الدفن وفى هذا قال بسورة المائدة "فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين "وكل شىء يقع للإنسان من خير أو شر هو من عند الله مصداق بسورة الأنبياء "ونبلوكم بالخير والشر فتنة "وليس بسبب غراب أو بومة أو غير ذلك .
أقوال حكيمة فى التشاؤم :
قال الماوردى فى كتابه أدب الدنيا والدين :
"اعلم أنه لا يخلو من التطير أحد لا سيما الذى عارضته المقادير فى إرادته وصده القضاء عن حاجته فهو يرجو واليأس عليه أغلب ويأمل والخوف إليه أقرب فإذا عاقه القضاء وخانه الرجاء جعل الطيرة عذر خيبته وغفل عن قضاء الله ومشيئته فإذا تطير أحجم عن الإقدام ويئس من الظفر وقدر أن القياس فيه وارد وأن العسرة مستمرة ثم يصير ذلك عادة فلا ينجح له سعى ولا يتم له قصد وأما من ساعدته المقادير ووافقه القضاء فهو قليل التطير لإقدامه ثقة بإقباله وتعويلا على مساعدته فلا يصده خوف ولا يكفه خور لأن الغنم بالإقدام والخيبة بالإحجام "وقال لبيد :
لعمرك ما تدرى الضوارب بالحصى ولا زجرات الطير ما الله صانع
وقال أحدهم :
الزجر والطير والكهان كلهم مضللون ودون الغيب أقفال
وقال بعضهم "ليس أضر بالرأى ولا أفسد للتدبير من اعتقاد الطيرة ومن ظن أن خوار بقرة أو نعيب غراب يرد قضاء أو يدفع مقدرا فقد جهل "وقيل فى منثور الحكم "الخيرة فى ترك الطيرة "وقال أحدهم إن التفاؤل والتشاؤم من صنع خيال الإنسان نفسه ولا صلة لهم بواقع حياته إذ أن أقدار الخلق بيد الخالق وحده هو كاتب الأقدار وهو وحده علام الغيوب .
أبراج الحظ :
تشيع بين الناس خرافة اسمها خرافة أبراج الحظ والمراد أن البروج وهى مجموعات نجمية عددها 12 برجا لكل منها حظ والمراد لكل مولود فى أيامها نصيب من الشر والخير ويتفاوت هذا النصيب كما يزعمون حسب الأيام والأرقام وغير هذا من التفاهات وهو غيب والغيب لا يعلمه إلا الله مصداق لقوله بسورة الأنعام "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو "ومن يسمونه الفلكى يقول للناس فى وسائل الإعلام جملة عامة لا تتحقق غالبا وتكون سبب فى تعاسة أسرة أو سعادتها لمدة يوم أو أكثر وهذه العملية ليست سوى تفاؤل أو تشاءم بلا سبب سوى سوى تصديق الفلكى الكاذب.
أمثال عن التشاؤم والتفاؤل :
من الأمثال عن هذا "قيراط حظ ولا فدان شطارة "ويراد بهذه المثل أن العمل مهما كان كثيرا وعظيما لا يرقى مكسبه لما يسميه البعض ضربات الحظ السعيد وهى الأمور التى لا يد للإنسان فيها مثل وراثته لقريب أو لقيانه لكنز وأيضا "المتعوس متعوس أى المنحوس منحوس ولو علقوا فى رأسه فانوس ويراد بهذا المثل أن الإنسان الذى يصاب بالضرر يستمر فى إصابته بالضرر حتى ولو عملوا له البدع لكى يتخلص من الضرر ويقال فى الأمثال أشأم من البسوس ويراد به أن الإنسان أو الإنسانة أشد نحسا من البسوس وهى ناقة حدثت بسببها الحرب المسماة حرب البسوس بين كل من بكر وتغلب ويقال أيضا كان يوم شؤمه يوم ما شفتك يا دقمه ومثله اصطبحت بوش مين النهارده ويقال وشك أرشم ويقال جتنا نيله فى حظنا الهباب وكلها أمثال محرمة .
أسباب التشاؤم :
1-الأمور التى علمها الأبوان للإنسان عن الأشياء وهذه الأمور هى اعتقادات خاطئة وهذا السبب هو تقليد الأباء وفيه قال على لسان الكفار بسورة الزخرف "إنا وجدنا أباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ".
2- الخوف والفزع من الشىء فكثير من الناس يخافون من بعض الكائنات ويتسبب ذلك الخوف فى كراهية الناس لهذا الشىء ومن ثم ينسبون إليه ما يحدث لهم من ضرر.
3- الصدفة ونعنى بها حدوث ضرر عدة مرات مع ارتباطه عشوائيا بشىء معين مما يجعل الإنسان يربط بين الشىء والضرر فينسب الضرر إلى هذا الشىء .
4-الحلم ونعنى أن الإنسان قد يحلم بشىء معين يتسبب فى الحلم فى إلحاق ضرر به فإذا وجد هذا الشىء أمامه فى صبيحة ليلة الحلم تشاءم منه واعتقد أنه نذير شؤم مع أنه قد يحدث النقيض فيكون مصدر خير للإنسان .
أسباب التفاؤل :
1- الحلم والمراد أن الإنسان يحلم أثناء النوم بشىء معين يتسبب فى إلحاق خير به فإذا صحا ووجد هذا الشىء أمامه تفاءل به ومن ثم اعتقد أن هذا الشىء هو السبب فى حصوله على الخير .
2- تقليد الأباء حيث يعلمون الأبناء أن شىء ما هو مصدر للخير ومن ثم يرسخ فى نفس الابن أن هذا الشىء جالب للخير ومن ثم يتفاءل به .
3- الصدفة وهى أن يربط الإنسان بين شىء معين وحدوث خير له نتيجة تكرار حدوث الخير مع وجود هذا الشىء رغم أن ذلك يحدث دون اتفاق مسبق وإنما شىء نسميه خبط عشواء .
4- الحب والمراد أن الإنسان يحب شىء معين فإذا حدث خير له نسب مجىء هذا الخير إلى حبه لهذا الشىء .
تميمة الحظ :
يلبس بعض الناس التمائم والأحجبة ويقول بعضهم هذه التميمة جالبة للحظ ويقصد أن السبب فى سعده هو وجود التميمة معه كما يقول أنا أتفاءل بوجود هذه التميمة معى وكثيرا ما حدث لى سوء لما تركتها والحق هو أن هذا الكلام كفر للتالى:
-أن التميمة لا تجلب الحظ أى لا تجلب الخير ولا تدفع الشر وهى كما قيل لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا .
-أن العمل وحده هو الجالب للخير أو للشر وفى هذا قال بسورة النساء "وما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ".
-أن الاعتقاد فى أن التميمة تعمل ضرر أو نفع للإنسان إشراك بالله فالمعتقد يكون قد جعل مع الله إلها أخر هو التميمة .
آثار التشاؤم :
1- اغتمام المتشائم وحزنه مما يجعله طوال الوقت فى حالة سيئة قد تستمر أياما حتى يحدث شىء ينسيه .
2- انتقال الغم والحزن من المتشائم لأقاربه وأصحابه وذلك كنوع من المواساة له.
3- انتقال اعتقاد التشائم من المتشائم لغيره ويكون له أسوأ الآثار .
4- أن يقوم المتشائم بإيذاء من حوله نتيجة تضايقه وغضبه فيضربهم أو يفعل بهم أى شىء ضار وهذا قد يحدث أو لا يحدث .
5- أن يتوقف المتشائم عن العمل فى يوم حدوث التشاؤم ومن يعطل مصالحه وهذا يحدث أو لا يحدث .
آثار التفاؤل :
1- فرح المتفاؤل وسروره مما يجعل فى حالة طيبة طوال اليوم وقد يستمر الوضع لعدة أيام .
2- انتقال الفرح والسرور من المتفاءل لأهله وأصحابه وذلك من باب المشاركة فى الفرح .
3- انتقال اعتقاد التفاءل بالشىء إلى أهله وأقاربه وهو أسوأ الآثار.
4- أن يعمل المتفاءل بقوة أكثر من ذى قبل حيث أن التفاءل يعطيه قوة أعظم يستغلها فى مصلحته .
5- أن يقوم المتفائل بإشاعة جو من الفكاهة والمرح حوله والآثار الأربعة الأخيرة قد تحدث وقد لا تحدث .
أقوال عن التشاؤم والتفاؤل :
- لا تتشاءم من شىء ولا تتفاءل بشىء واعمل صالحا كل يوم .
- لا تصدق اعتقاد متشائم وكذب اعتقاد كل متفاءل .
- لا تقل لعب الحظ دوره وقل لعبت أنا دورى وغيرى دوره .
- لا تشرب كأس الحظ واشرب كأس العمل .
- التشاؤم عدو والتفاؤل عدو لذا كن منهما على حذر .
- للتشاءم أثار ضارة على الكثيرين .
- للتفاؤل أثار ضارة وأثار نافعة فهو يشبه الخمر والميسر فيها منافع وفيهما مضار وفى النهاية الكل محرم .
- إذا سمعت صوت حيوان ليلا أو نهارا فافهم أنه لا يخاطبك وإنما يخاطب حيوان من نوعه أو من نوع أخر غير النوع الإنسانى .
- لا تصدق اعتقاد فى التشاؤم أو التفاؤل وتوكل على الحى القيوم .
- لا تتكل على تفاؤل فإنه مركب الحمقى يحملهم وقتا ثم يغرقهم أخر الوقت .
- لا تنزل بحر التشاؤم فهو واسع والنجاة منه ممكنة إذا لم تغص فى أعماقه .
اجمالي القراءات
126330
اخي رضا ولو ان الرد متاخر الا انني ا رى في ما كتبت اهمية كبيرة وعالجت معضلة جسيمة تمس حياة الناس كل يوم ويتعامل بها المسلمون منذ الجاهلية حتى يومنا هذا فكان لا بد من طرق هذا الباب وفتحه على مصراعيه لنرى ما بداخله احسنت الكتابة والتعبير في احد المواضيع الدينية المهمة شكرا اخي رضا ثم شكرا اخي رضا